الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

دفن ضحايا مجزرة البيضا ببانياس في مقبرة جماعية

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:07:59:23

في اليوم الثالث (4 ايار 2011)، بعد أن عادت سلفتي، وحكت لنا عن الأعداد الهائلة التي رأتها في الطريق، في الصباح الباكر أيضاً في نفس المهلة التي كان النظام قد أعطاها أتى أبي، وكان قد قضا الوقت في مكتبه، وليس في البيت، وأتى زيارة كي يطمئن عليّ، ويراني، وكانت لحظة صعبة أن أرى أبي في هكذا موقف، واحتمال أن نُقتل بعد قليل، وهو عندي سمعنا صوت ولد يصرخ بشكل قوي، فخفنا جداً، وصرنا نسأل: ما هذا الصوت؟ والكل خرج إلى الخارج ليرى، وأنا لم أتجرأ أن أخرج، بقيت مع أبي، وبعد قليل يأتي أحد (ولد صغير)، والأولاد كانوا غريبين، وهم متحمسون لشيء جديد لا يعرفون عنه شيئاً وفي ذات الوقت خائفون بسبب خوف الكبار، سيقتلون، وسيذبحون، وهناك إطلاق رصاص ودبابات.. فأتى ولد صغير وقال: "عم يذبحوا العالم برا". هو قال ذلك حرفياً، الكل انهار، لم أستطيع أن أنظر إلى والدي في تلك اللحظة، وبعد قليل ونحن ننتظر، ولم نعد نعرف أين سنذهب بحالنا (بأنفسنا)، ويأتي رجل كبير من الخارج، ويقول: "لا يوجد شيء، هذا أب يصرخ على ولده". وهذا شيء من الرعب الذي خلقته أصلاً الحالة العامة. فالكل مرعوب من لا شيء، والأب خائف على ابنه؛ لأنَّه خرج خارج البيت، والطفل خاف من أبيه؛ لأنَّه سمع صوتاً فجائياً، وهذا الشيء سبّب حالة خوف عند الكل. في هذا اليوم بعد أن انتهت تلك المهلة، ورجع الانتشار والاعتقال لمن يرونه في وجههم.

وفي رأس النبع، صار هناك حرق للبيوت وسرقات بالجملة ونهب وقتل أيضاً، ولكن بشكل عام بما أنهم كانوا قاتلين الكل في اليوم الأول والثاني، كان أقل تقريباً، ولكن الحالة الأكثر هي حرق البيوت والسرقات، في وقتها بدأنا نسأل أكثر: أين ذهبت خالتي هالة؟ أين ذهبت خالتي لبنى؟ أين اختفوا؟ لم نعد نسمع أكثر، ونتأكد أكثر من الأشخاص، وصلنا خبر عن صباح، من صباح؟ هل هي الحفيدة أم الجدة؟ وعرفنا فيما بعد أنَّها لم تمت، وعرفنا عن أشخاص آخرين قتلوا في الأحراش، وهؤلاء كانوا غائبين.

وبعد ذلك سمعنا أن الهلال الأحمر بإشراف أمني مع مشايخ من بانياس أخذوهم (جثث القتلى). وطبعاً، شيخ البيضا قُتل، رغم أنَّه من الموالين للنظام وحزب البعث وإلى آخره، ولكنه استشهد، وحتى أن صورته انتشرت وهو بدمائه، كان مذبوحاً، وأخذت قوات الأمن[أشخاصاً] من مشايخ بانياس إلى الضيعة حتى يدفنوا الجثث، ودفنوهم بشكل جماعي وحفروا حفرة كبيرة جداً، كما قال الذي رأى، وبعد ذلك بالجرافات يشيلون (يحملون) الشهداء، ويضعونهم، وبعد ذلك أصبحوا يغسلون الشوارع بصهاريج المياه حتى تعود الحياة الطبيعية.

لا أذكر ما هو اسمه (الشاهد)، ولكنه كان قد ذهب مجبراً، وبالنهاية، يريد أم لا يريد سيذهب إجباري (رغماً عنه)، ودفنوهم بتلك الطريقة، وغسلوا الشوارع من الدم وإلى آخره. وفي اليوم الرابع [حدث] نفس الشيء، أتى الهلال الأحمر والصليب الأحمر وفريق أمني أيضاً، كان هناك متطوعون من بانياس، ومن بينهم سلفي يوسف-رحمه الله- كان معهم في حملة دفن الجثث وتعدادها وإحصائها، والذي يعرفه يكتب اسمه، والذي لا يعرفه يكتب مجهول، وفي وقتها صوّر سلفي (قريبي) صوراً كثيرة، وكانوا قد ألبسوه روب(ثوباً)، وحين أتى إلى زوجة عمي قالت له: أنت لا تدخل إلى البيت، أنت لمست الجثث. فصار يرينا الصور من بينها صور لطفلة رضيعة محروق الجزء الأوسط من جسدها كله، وهناك الكثير من صور أرانا إياها، لم نستطع أن نستوعب كيف استطاع أن يراها، وقال لنا: الشهداء أكثر بكثير مما تم عده، ويوجد أشخاص كثيرون لم نكن نستطيع معرفتهم. و[حدث] نفس الشيء أيضاً [عندما] صار هناك تنظيف للشوارع بالصهاريج ودفن جماعي.

وفي اليوم الخامس (6 أيار 2011)، أُجبر الناس على الرجوع إلى الحياة الطبيعية، وأتى الإعلام إلى "البيضا" يقول: "نظفناها من الإرهابيين ". أجروا مقابلة مع أشخاص أرجعوهم (إلى البيضا)، رغم أنَّه لا يوجد بيوت أصلاً، أجبروا الطلاب الباقين على قيد الحياة والمعلمين أن يداوموا في المدرسة، وكانت صدمة كبيرة جداً، وفي وقتها قالت خالتي: "إن جيل ابني -ابنها نجى معها- كله مات، فعندما يدخل الطالب على المدرسة لا يشاهد طلاباً ولا يشاهد أساتذة".

المستوصفات عادت للعمل أيضاً، وهناك دوائر فيها سنة وعلويون مختلطون ومع ذلك عادوا، ولكن العلويين عادوا بحذر، وكان ابني لديه لقاح، وكانت هناك حالة خوف كبيرة، وأنا خفت أن أعطي ابني لقاحاً، وأعرف أنه في المستوصف الذي سيتلقح فيه يوجد أشخاص علويون، ورأيت أنهم قبل يوم كانوا يقتلوننا، اتصلت مع طبيبة الأطفال، وسألتها: هل من الآمن أن أعطي اللقاح لابني؟ هل يعقل أن يضعوا به شيئاً؟ لا تستطيعي أن تعطي اللقاح بدلاً منهم. فقالت: اللقاح يأتي دائماً جاهزاً ومغلفاً. وأعطتني اسم ممرضة، وقالت لي: هذه ثقة. ولكن بشكل عام حين ذهبت إلى المستوصف رأيت كل الناس ذاهبة، كل الذين مازالوا عايشين (أحياء)، صار هناك إجبار، والرجل الذي قتلوا ابنه كان عند بيت خالي، وهو والد الطفل الذي يرتدي ملابس برشلونة، اسمه أبو ممدوح، وابنه الثاني ممدوح تم تعذيبه، وقلعوا عينه في العسكرية (التجنيد الإجباري في الجيش)، واستشهد تحت التعذيب بعد فترة من المجزرة، وهذا الشخص (أبو ممدوح) أيضاً، كان أحد الذين رجعوا ليرى ما بقي في بيته، وكانت امرأته على قيد الحياة وابنته، فحظي به الإعلام، وأصر عليه أن يتكلم، فهو تكلَّم الكثير من الكلام (جرائد)، وأخذوا منها مقتطفات، وأجبروه أن يقول: أدعو الناس أن تعود للقرية لأنَّ القرية لم يعد فيها شيء. ووضعوا المقطع الصغير على الإعلام، وكانت ابنته وهي زوجة خالي معنا حين رأينا اللقاء، وقالت: هذا أبي ومن كل الحكي (الكلام) الذي حكاه اقتطعوا هذا (عرضوا هذه المقطع).

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/01/13

الموضوع الرئیس

مجزرة بانياسانتهاكات النظام في بانياس

كود الشهادة

SMI/OH/57-16/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

أيار 2013

updatedAt

2024/03/20

المنطقة الجغرافية

محافظة طرطوس-مدينة بانياس

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الهلال الأحمر العربي السوري

الهلال الأحمر العربي السوري

الشهادات المرتبطة