الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الاعتقال في فرع أمن الدولة بدير الزور لمدة شهر ونصف

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:10:20

وبعدها ذهبت إلى دمشق كي أنهي بعض الأعمال التجارية، ولم أذهب بسيارتي، وإنما ذهبت بواسطة الباص، وحذّرني بعض الناس، وقالوا: أصبحت هناك حواجز في تدمر، ولا تذهب بسيارتك. فذهبت بالباص، وبقيت 3 أيام في الشام، ثم عدت، وأثناء عودتي من الشام (دمشق) وعلى دوار البانوراما، صعد بعض العناصر إلى الباص إلى مقعدي بالذات، وأنا كنت أجلس في وسط الباص تقريبًا، فقال: أعطني هويتك. فأعطيته هويتي، فقال: تفضل معي. وأنزلني من الباص، فعرفت أنه يوجد مخبر في الباص أخبر عني أنني أجلس في المكان الفلاني؛ لأن العنصر دخل إلى وسط الباص، ولم يخرج أي شخص من الباص إلا أنا، فانزلني إلى الأسفل، وقال: أنزل حقيبة سفرك. فقلت له: لا يوجد عندي حقيبة سفر. فقال: أنت تكذب. فقلت له: لا، لا أكذب. فقال: حسنًا، لينزل الجميع وعلى كل شخص أن يُنزل حقيبته معه، فعطّل سفر الباص حوالي الساعة، وأنزل كل شخص ومعه حقيبته، وفي النهاية، اتضح له بأنني لا أحمل حقيبة سفر، وإنما أحمل حقيبة صغيرة في يدي فيها بعض الأوراق من الفواتير التجارية وغيرها، وكنت أعمل في الشام، فأخذني، وزجّ بي في سيارة، وأتذكر أن السيارة لم تعمل؛ لأن أضواء السيارة الأمامية كانت تعمل لإنارة الحاجز، فأخذ العناصر بدفع السيارة، ولم تعمل، وأحضروا سيارة ثانية، ولم تعمل أيضًا، فأوقفوا سيارة ثالثة من دورياتهم، وأخذوني إلى فرع أمن الدولة في دير الزور [تاريخ الاعتقال 11 نيسان]، وأخذوني مباشرة إلى مكتب العميد دعاس دعاس، وكما هو حال ضباط الأمن السوري كان إنسانًا قذرًا، ويتكلم مع الإنسان على أنه هو الراعي ونحن الأغنام، ودعاس دعاس ذو بنية جسمانية ضعيفة جدًا، يعني لا يعطي هيبة الضباط، وكان يلبس اللباس المدني وليس العسكري ومكتبه طويل جدًا، وهو يجلس في مؤخرة المكتب على طاولة فخمة وأمامه ملفات، وعندما دخلت إليه قال: أنت همام زعزوع؟ فقلت له: نعم. فأخرج ملفًا وفيه صورتي، وقال: ملفك عندنا. فابتسمت، وقلت له: الأمر عادي، وأنا لا يوجد عندي أسرار. وهو أخذ التحقيق شخصيًا، ولم يحقق معي محقق آخر، وهو من حقق معي، وأبقاني واقفًا على قدمي ولم يُجلسني، وأخذ يكيل الاتهامات لي، وأول اتهام وهي الكلمة المشهورة لدى الأمن: أنتم تريدون تخريب البلد. فأخذت أجادله، وقلت له: ماذا لدينا حتى نخرب البلد؟ وأنتم من يستلم البلد. وكانت عندي جرأة لم تكن عندي قبل ذلك ولا بعده مع الأمن، وأنا عندي تجارب سابقة مع الأمن من خلال توقيفي عدة مرات، وبصراحة لم تكن لديّ هذه الجرأة بأن أردّ على الأمن، ولكن خروجي في المظاهرات وتذوقي لطعم الحرية جعلني أجيبه على سؤاله بجواب قوي. وهو قال: أنتم تريدون تخريب البلد. فقلت له: نحن لا نخرب البلد، ونحن ليس بيدنا شيء، وأنتم من يستلم البلد، ونحن شعب أعزل. فقال: من الذي يحرضكم؟ فقلت له: لا يوجد أحد يحرضنا. [وسألني]: من هو قائدكم؟ فقلت له: لا يوجد عندنا قائد. فقال: أنتم تحركون الشارع بأوامر خارجية. فقلت له: لا والله. فقال: أنت حجي(حاجّ) وأنت تخاف الله ولا يجب أن تحلف كذبًا. فقلت له: لا والله، وأنا لا أحلف كذبًا. وبعد نقاش طويل معه وهو كان مجرد صراخ، ولم يكن تحقيقًا بمعنى التحقيق، [بدأ يقول]: أنتم عملاء وتريدون تخريب البلد. وقال: من أين أصلكم؟ قلت له: نحن من قبيلة عنزة وأصولنا من الجزيرة العربية. فقال: لا، أنتم أصلكم من العراق وسوف نعيدكم إلى العراق. فاشتطت غضبًا، وقلت له: كل يعرف من أين أصله، وأنت من أين أصلك؟ فجن جنونه، وقال: خذوه وارموه في السجن، والله لن ترى الشمس. وزُجّ بي بمنفردة في السجن، وأخرجني في اليوم الثاني (العميد دعاس) إلى مكتبه، وقال: ألم يلن رأسك؟ فقلت له: ماذا تريد مني؟ فقال: أريد منك أن تخرج، وتسكت، وتلتزم منزلك. فقلت له: إذا خرجت كل الدنيا فهل توقف الأمر عندي، وكل شباب البوكمال خرجوا. فقال: أريد منك تهدئة الناس. فقلت له: لا أستطيع، وهم ليسوا أولادي حتى أستطيع تهدئتهم. وكذلك بدأ الصراخ بيني وبينه، وللأمانة أنا كنت محظوظًا أن دعاس هو الذي يحقق معي، يعني أمن الدولة وليس الأمن العسكري؛ لأن هذا الأمر كان محرمًا عند جامع جامع (أن يجادله أحد في التحقيق)، وجامع جامع معروف ببطشه أكثر من دعاس دعاس، وكان الذي يذهب إلى الأمن العسكري كان يرجع بحالة مزرية، بصراحة، لم أتعرض للضرب في أمن الدولة، وكان الأمر هو مجرد بقائي في منفردة، فأخذ يهددني ويقول: سوف أقلبها سياسية، ويجب أن تسكت. وبعدها قال: ما هي مطالبكم كمتظاهرين؟ فقلت له: مطالبنا هي الإصلاح السياسي للمنظومة الحاكمة في سورية من أكبر رأس في سورية إلى أصغر موظف وصولًا إليك، وأنت كذلك مشمول بهذا الإصلاح، ونحن لا نريد التسلط على رقابنا. وتكلمت معه بجرأة، فقال: يعني هل تريدون إزالة الرئيس؟ فقلت له: الشعب هو الذي يقرّ إن كان الرئيس يبقى برضا الشعب فسوف يبقى أو سوف يذهب الرئيس، أليس الرئيس من إرادة الشعب وبقاؤه وذهابه من إرادة الشعب؟ فحكّ رأسه، وقال: ارموه. ولم يحقق بعدها معي، وبقيت في أمن الدولة تقريبًا ما يقارب 20 يومًا، ثم سمعت أنهم بدؤوا يُخرجون [المعتقلين ب] المنفردات الأخرى، ثم أخرجوني إلى الشرطة العسكرية، وعندما ذهبت إلى الشرطة العسكرية تفاجأت، كنت أظن أنني سوف أخرج، ولم يبق عليّ شيء؛ لأن الناس كانوا يأتون لمدة يوم أو يومين أو أسبوع، ويخرجون، وأما أنا بقيت أكثر، فأخذوني إلى الشرطة العسكرية، وفي الشرطة العسكرية، كانت الشرطة العسكرية ممتلئة، سجن الشرطة العسكرية كان يغص حتى آخره.

لم يحققوا معي في الشرطة العسكرية نهائيًا، وإنما أخذوني إلى قاضي الفرد العسكري، وعرفت اسمه فيما بعد: حكمت حبوش لاطة، وهو من ريف إدلب، والرجل كان متعاطفًا جدًا، وكان مدركًا لهذا الأمر، وانشقّ فيما بعد، جزاه الله خيرًا، وأوجّه له كل التحية، وأخذ يقرأ عليّ التهم التي وجهت إليّ من قبل العميد دعاس دعاس، وأول تهمة هي: محاولة قلب نظام الحكم. والتهمة الثانية هي: استخدام السلاح ضد الدولة. والتهمة الثالثة: ربيع دمشق. والتهمة الرابعة: هي تيار إسلامي متشدد. كانت 9 تهم، فأخذ يسألني عن هذه التهم واحدة واحدة، وأول تهمة سألني عنها هي محاولة قلب نظام الحكم. فقلت له: يا سيادة المحقق، وأنا كما هو مكتوب لديك أقيم في مدينة البوكمال ومحاولة قلب نظام الحكم أي تغيير رئيس جمهورية. فقلت له: في البوكمال، لا يوجد عندنا رئيس جمهورية، وإنما يوجد رئيس بلدية ورئيس نقابة ورئيس جمعية فلاحية ورئيس نادي، ولا يوجد رئيس جمهورية حتى نزيله، فضحك، وشطب هذه التهمة مباشرة.

التهمة الثانية: كانت التسلح أو تسليح المتظاهرين أو العصيان المسلح، فقلت له: البوكمال حتى الآن لم يطلق فيها نار. فقال: صحيح. وقلت له: انظر إلى تاريخ توقيفي، وإذا كان أثناء توقيفي تم إطلاق النار فليس لي علاقة، فشطب التهمة الثانية.

التهمة الثالثة هي ربيع دمشق، وقلت له: أنت قرأت عليّ التهم، اقرأ التهمة التي بعدها. فقال: تيار ديني متشدد. فقلت له: لا تلتقي هذه مع هذه. يعني كيف ربيع دمشق وتيار ديني متشدد؟ فضحك وشطب التهمتين وإلى ما هنالك من التهم. وأتذكر التهمة الأخيرة هي الخروج بمظاهرات بدون ترخيص، فقلت له: نعم، لقد خرجت في مظاهرتين. فقال: لقد صدر بحقها عفو، وسوف تخرج. وهذا طبعًا بعد عدة جلسات مع قاضي الفرد العسكري، وليس في جلسة واحدة، وفي الجلسة الأخيرة وبعد أن شطب كل التهم، قال لي: ستخرج اليوم. فخرجت، واستقبلني على باب السجن، و أخذوني إلى الأمن الجنائي، وفي الأمن الجنائي، تم تصويرنا من عدة جهات، وتفييش (فحص البصمات) الأصابع الـ10، وانا استغربت لأنني توقفت كثيرًا لدى فروع الأمن، وأول مرة أعرف انهم يحولون الموقوف من المخابرات إلى الأمن الجنائي ويتم التفييش بشكل رسمي لأصابعنا الـ10، وتصورنا من عدة جهات، وبقيت لمدة ساعة من الزمن في الأمن الجنائي، فخرجت، وعلى باب الأمن الجنائي، كان أقربائي ينتظرونني السيارة، وعندما خرجت أخذوا يتكلمون لي عن وتيرة المظاهرات في البوكمال، وكيف أصبحت المظاهرات حالة شعبية في البوكمال، وشاهدت مقطعًا على هاتف أحد أقربائي كيف يقومون بإنزال خطيب الجمعة المنافق الذي نافق للنظام كيف أنزلوه من المنبر، وكل هذا الأمر حدث في غيابي الذي استمر حوالي شهر ونصف، وخرجت بعدها من السجن، والتحقت مرة أخرى بالمظاهرات، ولكن بقيت على خوف من اعتقال ثاني.

التحقت بالمظاهرات، ورأيت في المظاهرات وجوهًا جديدة، ورأيت هتافات منمقة وجيدة، وسمعت أغنية: "يا حيف"، وتأثرت بها جدًا، وكان الشباب يأتون بمكبرات الصوت ويضعونها في وسط ساحة الفيحاء، ويشغلون أغنية يا حيف في بداية المظاهرة، فرأيت شيئًا قد تغيّر وشيئًا لم نعهده في الجمعتين اللتين خرجنا فيهما مظاهرات، كان هناك شباب بالآلاف ومتحمسون، ويحملون هتّافًا واحدًا بهتاف موحد، واشتهر الهتاف في البوكمال: "إيدك فوق (والجميع يرفع يده) استعد.. أسقط.. الشعب يريد إسقاط النظام".

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/07/16

الموضوع الرئیس

الاعتقال خلال الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/134-13/

أجرى المقابلة

بدر طالب

مكان المقابلة

الباب

التصنيف

مدني

المجال الزمني

نيسان 2011

updatedAt

2024/03/21

المنطقة الجغرافية

محافظة دير الزور-مدينة البوكمالمحافظة دير الزور-مدينة دير الزور

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

فرع أمن الدولة في دير الزور 327

فرع أمن الدولة في دير الزور 327

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة