كما قلت لك خرجنا من الجلسة الثانية [مع عمار داديخي] التي فهمنا منها الصفقة والمغريات والطلبات الدولية، ورأينا شخصًا أتى على موتور (دراجة نارية) واضح أنه أتى من الطرف التركي، وكان السياج أساسًا غير موجود بين سورية وتركيا، كان يوجد ساتر ترابي صغير فوصل إلى الساتر الترابي ونزل، وهو شاب كان مطقَّمًا (لباسه أنيق) ويلبس جمدانة (كوفيّة) ويحمل حقيبةً وتشعر أنه سائح -ونحن لا نعرفه- وجلس، وعند دخوله إلينا كان هنا إبراهيم سلقيني (الشرعي في لواء العاصفة) كان في تلك الفترة يبدو أول دخوله إلى [لواء] العاصفة، وكان موجودًا وهو الذي نسق مع عبد الوهاب ملا، وقال له: تذهب إلى المخيم ومن المخيم تطلب من أحد أن يوصلك إلى التيل (الشريط الحدودي) وأنا استلمك، والمخيم يبعد كيلو مترا بينه وبين معسكر عمار داديخي، وحمزة (الطبيب حمزة الخطيب) لأنه كان متابعًا أكثر للفيسبوك واليوتيوب، عبد الوهاب ملا كان قد أطلق سلسلته على اليوتيوب، فعرفه، فقال لنا حمزة: هذا طبوش، فقلنا: من هو طبوش لم نعرفه؟ فقال: عبد الوهاب ملا أبو صطيف شاب من حلب كان في السعودية يقوم بتنزيل مقاطع فيديو، فقلنا له: لم يصدف لنا أن نعرفه، وقال: لا والله أنا متابع له، وهنا كان يقترب عبد الوهاب وجلسنا والشاب فجأة بدأ يحيِّي الجيش الحر ويرقص، يعني نحن عندما دخلنا كنا خجلين إلى المنطقة ويوجد لها يعني حرمها وهيبتها، وعبد الوهاب دخل وكسر كل شيء بمعنى الكلمة، وكان شخصًا لا يستطيع أن يخفي سعادته أساسًا. 

جلس عبد الوهاب وجلسنا تحت شجرة زيتون ويوجد مقطع فيديو لهذه الجلسة، وبدأ يغني أغنية -هي أغنية للجيش الحر عن حمل السلاح-، وعرفنا هنا أن عبد الوهاب الآن قد وصل من السعودية وقرر النزول إلى سورية، ويعني فكرة أن شخصًا يترك عمله في السعودية و دول الخليج وينزل، وقدم من السعودية من دون أن يتلثم ومكشوف الوجه، ويخرج بسلسلة فيديوهات على يوتيوب يتكلم عن الذي يحدث أو يعطي نوعًا ما توعية ثورية، فتُعجب أنت فورًا بالفكرة، وما بالك أنك تُعجب بالشخص المرح جدًا وصوته فقط أيضًا هو عامل أنك تُعجب بعبد الوهاب، عبد الوهاب الذي لا نعرف هل نقول: تقبله الله أو الله يفك أسره؛ لأنه في النهاية اعتقلته "داعش" وانقطعت الأخبار عنه للأسف دون أي توضيح، رغم أنه كل شخص يخرج كنا نسأله عن عبد الوهاب أو هل رآه أحد، ولم نستطيع أن نصل إلى نتيجة واضحة أو إجابة واضحة، وعبد الوهاب أصبح من الشلة (المجموعة) من ذلك اليوم تمامًا، و أيضًا عندما فهم قصتنا أننا طلاب جامعة أتينا، ومستعدون لأي شيء نقدمه حتى لو تطلَّب الأمر حمل سلاح كنا مستعدين في ذلك الوقت، ولكن ليس ضمن أولوياتنا -لنحكي بصراحة-.

بالنسبة للجامعة لم يكن الشباب يأخذون الدراسة على محمل الجد، ونحن رأينا الموضوع وأكده لنا عمار داديخي وعبدالقادر الصالح: أنه نحن سننتهي من أعزاز؛ فقط لأجل أن ننزل إلى حلب، يعني: أعزاز تحصيل حاصل، وننتظر الظروف المناسبة لإكمال التذخير والتسليح حتى ننتهي من أعزاز، ونعرف أن شمالنا كله لنا وننزل إلى حلب، ونحن قلنا: إن الموضوع شهر أو شهرين وتنتهي أعزاز ويدخلون حلبًا، وحلب تصبح محررة، كنت أحاول في تلك اللحظة بهوس أن أتخيل المشهد في مدينة حلب وفق ما رأيته في مدينة حماة يعني؛ مدينة محررة بالكامل. 

مدينة حلب أصبحت في أوجها، تقريبًا كنا نحاول قدر الإمكان ألا نوفر أي مظاهرة (لا نتخلف عن أي مظاهرة)، وهنا عبد الوهاب من بعد هذا اللقاء ومن لحظتها بعد أن أنهينا جلستنا في المعسكر هو لم يطلب منا، ولا نحن قلنا له تعال، وإنما بشكل تلقائي عبد الوهاب صعد بسيارتنا وبدأ يمشي معنا، وجلسنا في الريف الشمالي حوالي أسبوع، وقضينا في أعزاز 3 أيام ضمن هذا الأسبوع.