الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

النزوح من الطيبة إلى حي الميدان بدمشق ووصف الوضع المعيشي فيه

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:07:39:08

كانت أول مرة نخرج فيها من المنزل، وتهجرنا، وأخذنا ابن عمي في ذلك اليوم، ولا يمكننا الذهاب إلى حاجز دنون؛ لأنه منطقة اشتباك، ويجب أن نلتف من خلف الضيعة، ونذهب إلى طريق "المقيلبية"، وكان هناك حاجز اسمه حاجز ال 75، وعندما وصلنا إلى هذا الحاجز كانوا قد وضعوا دبابات بجانب بعضها، وكانت كلها تقصف على "الطيبة"، وقال العسكري (المجند) الموجود على الحاجز لوالدي: ممنوع الخروج. وسأله والدي: لماذا؟ هناك قصف. قال: معنا أوامر بمنع الخروج من "الطيبة". فقال له والدي: كل الحارة وأهالي الطيبة خرجوا، لم يبق أحد غيرنا، كيف أخرجتموهم وتمنعوننا من الخروج؟! كانوا يريدون حرق أعصابنا(تخويفنا)، فقال العسكري : توقف على جانب الطريق حتى لا تغلق الطريق. وتوقفنا بجانب الطريق، وقال: ممنوع الخروج. سوف نرى الأوامر، وأثناء وجودنا على الحاجز كنت أشاهد كيف تقوم الدبابة بالضرب على ضيعتنا، وأنت تعيش القصف الذي يأتي إليك، ونحن نرى المكان الذي يقصفك، ونرى العساكر يصعدون الدبابة، ويقصفون بدم بارد دون أن يبالوا بأي شيء.

وأوقفونا تقريباً ساعة ونصف على الحاجز، وبعدها جاء العسكري، وكان قد أخذ الهويات من الجميع، وأعاد الهويات لنا، وقال: اذهبوا، يمكنكم المرور. وفي وقتها ذهبنا إلى دمشق، وكان كل حاجز في الطريق يسألنا: لماذا خرجتم؟ وكنا نقول: لأن البلد فيها مسلحون. وكانوا يقومون بتفييشنا (يتحققون من وضعنا الأمني)، ثم يعيدون الهويات لنا. ووصلنا إلى الميدان إلى منطقة أبو حبل، وهي المرة الأولى التي سأعيش فيها في حارة "أبو حبل"، ومررنا بالسوق، وكان في منطقة أبو حبل يوجد فرن الحمامي، نحن خرجنا من القصف والخوف والرعب، وكنت أرى الناس يمشون بشكل طبيعي، ويعيشون بارتياح، وكان السوق مكتظاً بالناس، وكان سوق أبو حبل معروفاً، ويوجد بائعو الخضار، وأرى حياة أخرى، وكأنك خرجت من جهنم ودخلت الجنة، كانت نقلة نوعية، فأنت تعيش في مكان آخر، وكان شعوراً غريباً، فهل من المعقول أن هؤلاء الناس لا يشعرون بالناس الذين يقصفون، وهؤلاء الناس يعيشون بشكل طبيعي، وكان شعوراً غريباً، وكنت منزعجاً فكيف تُقصف مناطق، ومناطق أخرى تعيش تحت ظل النظام بشكل عادي، وعندما دخلت إلى دمشق كانت جميع المحلات مطلية بعلم النظام، و كنت منزعجاً جداً، كنا نعيش في منطقة محررة، وأنت تحارب ضد النظام، والآن أنت جئت حتى تعيش في منطقة يسيطر عليها النظام، و أينما ذهبت تجد أعلام النظام والعساكر يمشون في السوق، وكانت الحياة طبيعية. كان الجو غريباً، وكنت منزعجاً وحزيناً أكثر من كوني سعيداً لأنني ذهبت إلى دمشق. وحتى إنني لم أتأقلم مباشرة مع العيش هناك، ولم أكن أريد التعرف على أحد، ولا أريد الخروج إلى "الميدان" مع أن "الميدان" كانت رائعة، وخاصة في الليل، ومع ذلك لم أكن أحب الخروج من المنزل، ولا أحد يأتي على ذكر الأحداث أو القصف، وكنا أحياناً نسمع صوت القصف على جوبر، ولكن هذا الأمر كان الناس معتادين عليه، كما نحن كنا معتادين على ضرب مناطق أخرى، و الصوت ليس مخيفاً كما لو كان القصف عليك، وكان الناس يعيشون حياة طبيعية جداً والأسواق .. هيك.

بقيت في حي "الميدان" مدة 7 أشهر تقريباً، عندما عشت في الميدان وبعد شهرين تقريباً...، عندما جلسنا في منزل الميدان كان المنزل مفروشاً نصف فرش (فيه بعض الأثاث)، كان فارغاً، وعندما جئنا لم يكن لدينا الكثير من الثياب، ولا يوجد معنا أغراض، وكانت هناك بعض الأدوات الكهربائية، والمنزل كان نصف مفروش (فيه بعض الأثاث)، و قرر والدي بعد شهرين- و الأوضاع هدأت في الضيعة- الذهاب لإخراج أغراض المنزل (الكهربائيات و الثياب)، وبالفعل ذهب مع ابن عمي، وقاموا بتوضيب أغراض المنزل، وتم تجهيزه بشكل كامل. وفي اليوم الثاني، كان أبي يريد الخروج، وكان يريد تجهيز أغراض المنزل ونقلهم إلى "الميدان"، ولكن في اليوم الثاني قالوا له: يوجد قصف على الضيعة، لا تذهب. وفي اليوم الثالث، قال له ابن عمي: تعال، لقد هدأت، تعال بسرعة من أجل أخذ الأغراض. فقال والدي: غداً سآتي حتى آخذ الأغراض. وذهب والدي إلى المنزل، وكان والدي يضع جميع الأغراض في كراتين(صناديق)، كي يحملها ويذهب، وعندما دخل إلى المنزل لم يجد شيئاً، وفي ذلك اليوم، اتصل بنا جيراننا، وقالوا لنا: كذا. ونحن لا نعرف ماذا حصل مع والدي، ولكن عندما دخل إلى المنزل وجد كل شيء مسروقاً تماماً، حتى إنهم سحبوا أسلاك الكهرباء من داخل الحائط؛ لأن والدي تأخر 3 أيام حتى ذهب من أجل أخذ الأغراض. وفي هذه الأيام، تم إفراغ المنزل، أصيب والدي بجلطة وهو في المنزل، ولا نعرف كيف خرج من البيت، وجده الجيران وحملوه، وأسعفوه إلى الكسوة، وفي ذلك اليوم، جاءت بنات عمي، وأخذن تاكسي (سيارة أجرة) من الكسوة، وأحضروه إلينا إلى "الميدان"، وكان والدي متعباً جداً في ذلك اليوم، وبقي تقريباً فترة شهرين حتى تعافى؛ لأنه أصيب بجزء من الجلطة، وليست جلطة كاملة بسبب الحزن، كما رأى آثار الدمار بسبب القصف على الضيعة، وهو أيضاً كان حزيناً بسبب الحالة التي رأى فيها الضيعة، وكان شعوراً مبكياً بصراحة، فقد قُصفت الضيعة، و خرج الأهالي، وسُرق منزلنا، فلم يبق لنا شيء في الضيعة إلا المنزل، وحكى لنا كل شيء، ورأى المنازل المهدمة، مثلاً: منزل فلان مهدم، و منزلنا أصيب بالشظايا، ومنزلنا لم يتعرض للقصف بعد، وقال: إن النوافذ كانت مكسورة بسبب إطلاق النار، والحارة كان شبه مقنوصة ( مرصودة بالقناصة)، ويجب عليك الدخول والخروج بشكل سريع.

والدي كان يعمل في منطقة ثانية في دمشق، كنت في الأول الثانوي، تأخرت بصراحة، وأنا لم أكن أريد الاندماج في المجتمع، كنا نعيش على أمل أننا سنعود، فتأخرت أسبوعين تقريباً، وكنت أرى كل يوم طلاب المدارس، وأنا لا أريد الذهاب والتسجيل في المدرسة، ولكن [أهلي] يريدون ذلك، وحتى إنهم سجلوني، وكان صهري أستاذ مدرسة، ذهب في ذلك اليوم، وأحضر أوراقي من المدرسة، ونقلوني إلى "الميدان"، وسجلت في مدرسة اسمها: عبد الرحمن الكواكبي، وهنا بدأت أتعرف على أهالي الميدان، فكنت طوال الوقت أجلس في المنزل، أفتح "اللاب توب"، وأتابع [صفحات]التنسيقيات، وما حدث عندنا في الضيعة والقصف والأشخاص الذين استشهدوا، وكنت طوال اليوم أفعل ذلك، وعملي الوحيد في الصباح والمساء هو متابعة الأخبار، فكانت أول مرة سوف أتعرف فيها على أهالي الميدان، وكان ذلك في مدرسة [عبد الرحمن الكواكبي] بكفرسوسة.

كان عندي حساب "فيسبوك" اسمه سالم هلال، وكان أمراً عادياً، ولم يكن مراقباً جداً، كنت أدخل، أتابع صفحات التنسيقيات، مثلاً منزل فلان قد صور وهو مهدّم، أو مثلاً: اليوم كان هناك قصف على المنطقة الفلانية، و كنت أتابع "تنسيقية الطيبة".

بصراحة، أصحاب المنزل الذي كنا نعيش فيه كانوا خائفين قليلاً، وفيما بعد قالوا لنا: نتمنى أن تخففوا. كان يعرفون لأننا كنا نسمع الأخبار من الإنترنت، ونحكي لهم، وهم يسألون: كيف تعرفون؟ فنقول لهم: نحن نتابع صفحات التنسيقيات. وفي النهاية، خافوا، ونصحونا بالتخفيف قليلاً لأننا لا نسكن في منطقة محررة والوضع مراقب. لكن عملياً لم يكن هناك شيء مراقب، وكان الناس ينشرون [على فيسبوك]، وأنا كنت مثلا أتكلم مع أصدقائي الذين بقوا في الضيعة، وأتكلم مع أقاربي الذين كانوا يعملون مع الثوار، وأتواصل معهم بشكل عادي، كنا نسمع أنه مراقب، ولكن لم يكن هناك شيء مراقب.

جيراننا أنفسهم الذين أعطونا البيت، وكان عندهم بيت مؤلف من طابقين في "الميدان"، وكانوا يسكنون في الطابق الأول، والمنزل الثاني كان فارغاً، وأعطونا المنزل الموجود في الطابق الثاني.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/01/25

الموضوع الرئیس

النزوح إلى دمشق

كود الشهادة

SMI/OH/110-08/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2012

updatedAt

2024/03/27

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-الطيبةمحافظة دمشق-جوبرمحافظة دمشق-الميدان

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

اللواء 75 دفاع جوي - نظام

اللواء 75 دفاع جوي - نظام

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة