الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

وصف الأوضاع في مدرسة عبد الرحمن الكواكبي في حي الميدان بدمشق

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:15:02

** **[مدرسة عبد الرحمن الكواكبي] بين "أبو حبل" ونهر عيشة، أول مرة أدخل إليها كان...، كانت المدرسة عندنا في الضيعة صغيرة، والطلاب الموجودون فيها هم أبناء أهل الضيعة، فهذه ابنة عمي وهذه...، وكانت مختلطة، وكان أمراً عادياً، جميعهم أقاربنا أو جيراننا، ولا توجد حساسية، و جميع الطلاب أقارب، وحتى إن الصف التاسع كان شعبتين، وكان الصف العاشر شعبة واحدة والحادي عشر شعبة واحدة، فلم يكن هناك الكثير من الطلاب، ولا توجد أعداد كبيرة في الضيعة، ولكن في مدرسة عبد الرحمن الكواكبي كانت المدرسة كبيرة جداً، وأعداد الطلاب كانت ضخمة، وكان جميعهم ذكوراً، و هذه أول مرة أدخل إلى مدرسة للشباب فقط، وفي الضيعة، كان الطلاب والأساتذة محافظين قليلاً، فلا ترى الفساد داخل المدرسة، مثلاً: لا ترى السجائر داخل المدرسة، و تسمع كلمات سيئة (نابية)، في مدرستنا، لم يكن هذا الشيء، وعندما دخلت إلى مدرسة عبد الرحمن الكواكبي كانت سيئة جداً جداً في ذلك الوقت.

كان صهري أستاذ مدرسة، فنقل أوراقي إلى مدرسة عبد الرحمن الكواكبي، وكان ينبغي عليّ أن أداوم في أول من المدرسة، فقد جربت شعور أنني لا أعرف أحداً، ولا أعرف الأساتذة ولا نظام التدريس، ودخلت إلى مدرسة عبد الرحمن الكواكبي، وكانت أعداد الطلاب كبيرة جداً عندما دخلت من الباب، و هذه أول مرة أرى عدداً كبيراً من الطلاب الذكور هكذا، وعادة عندنا في الضيعة أعداد الشباب قليلة، وكانت مختلطة، ودخلت إلى المدرسة، ورأيت الباحة ممتلئة بالطلاب والضرب و المزح الثقيل، ومنهم من يلعب كرة القدم، و جلست وحيداً في الزاوية، كنت أنتظر أن يرن الجرس، ولا أعرف كيف هو النظام عندهم، وأنا أنتظر ماذا سوف يحصل. وفعلاً، رنّ الجرس، والأستاذ كان يتعامل معك بطريقة محترمة في الضيعة، ولكن هناك كان الأستاذ يشتمنا، وكنت لأول مرة أسمع الأستاذ يتكلم بشكل غريب، وحتى طريقة النظام كانت بشكل عشوائي، وأسمع الطلاب يقولون: جاء أستاذ العسكرية. وأنا منذ فترة طويلة لم أحضر تحية العلم، عندنا المناطق محررة، وفي الأصل لا يوجد علم حتى نحييه.

وجاء أستاذ العسكرية، وأنا كنت أسمع من الطلاب، وهو كان ضابطاً، ولكنه موظف في نفس الوقت في المدرسة، وكان مسؤولاً عن اللجان الشعبية (الشبيحة). وفعلاً، الطلاب كانوا يخافون منه، ومن كان يتحرك أثناء تحية العلم ليكن الله في عونه، وكنت أقف في الصف الأخير، وكان هناك صفوف، وسألوني عن وضعي، قلت لهم: أنا جديد. وسألوني: إلى أي شعبة فرزوك؟ قلت لهم: الشعبة الرابعة. فقالوا لي: هناك صفك. فتوقفت في الصف الأخير، وأنا لا أعرف أحداً. وفي تحية العلم، لا يجب عليك التحرك، وكان الجميع يقف باستعداد، ويرفع رأسه، ولا يجب عليك التحرك أبداً، وكانوا يضعون الجزء الأخير من نشيد العلم، وبعدها كان هذا الأستاذ يردد الشعار (أستاذ العسكرية)، وبعدها نذهب إلى الصفوف، والذهاب إلى الصفوف كان بشكل فوضوي، فالمهم أننا قمنا بتحية العلم بطريقة منتظمة، ولا يهم كيف نذهب إلى صفوف.

وهنا كنت أسمع الشتائم بين الطلاب والضرب والتدافع بين بعضهم، وكنت أسأل: أين الشعبة الرابعة؟ سألت رفاقي، ومشيت معهم، ووصلت إلى الصف، وكان الصف كبيراً، وهو أكبر من صفوفنا، وجلست في المقعد الأخير في الزاوية لوحدي، وأنا لا أعرف أحداً، والجميع ينظر إليّ لأنني طالب جديد، وأنا لم آت في بداية السنة، الجميع يعرفون بعضهم إلا أنا جلست في المقعد الأخير لوحدي، وأنا لا أعرف أحداً. ومرّ اليوم الأول هكذا، حتى إنه أمامي هناك مقعد فارغ، والذي بعده فارغ أيضاً، فكانت هناك مسافة بيني وبين الطلاب، واليوم الأول مرّ هكذا، كان هكذا، ولم أتعرف على أحد أبداً، وفي اليوم الثاني، حدث الشيء نفسه، وفي اليوم الثالث، جاء طالبان، وكانت هناك حصة تاريخ، والأستاذ كان درزياً، وأعطانا حصة قومية بغير اهتمام، وجاء طالبان لا يريدان الانتباه إلى الحصة، ويريدان أن يثرثرا، شخص اسمه مصطفى والآخر محمد، فمصطفى جلس بجانبي، والآخر جلس أمامي حتى يتعرفوا عليّ، وبدأا يسألاني داخل الحصة: من أين أنت؟ ولماذا أنت متأخر؟ وكم عمرك؟ فتعرفوا عليّ، وأنا كنت أجيب، لم أندمج بعد معهم، وكانا يشتمان بعضهما أمامي، وداخل الحصة كنت صامتاً، وهما يتحدثان معاً، ولأنني أجلس بينهما فالأستاذ قرر طردنا من الصف، وكنت في الصف الحادي عشر، وهذه أول مرة أُطرد فيها من الصف في حياتي، وقالوا لي: تعال، هذا أمر عادي. وأخذوني معهم، وكنا نتجول بين الممرات، وأنا أسأل: ألا يوجد هنا أساتذة وانضباط؟ وكان الأستاذ يراك، ولكنه لا يكترث، وسألنا ماذا عندكم: قلنا له: حصة قومية. وسألنا: لماذا طردكم؟ فنقول: لأننا كنا نتحدث. فنكمل الحصة خارج الصف، ولا يوجد عقوبة أو ولي أمر، وكان هذا أمر عادي، وبقينا نتمشى حتى خرج الأستاذ.

فأول صديقين تعرفت عليهما كانا مصطفى ومحمد من الميدان، أحدهما كان يعيش في نهر عيشة، ومحمد كان من "الميدان"، وحتى الآن أتواصل معهما، وأحدهما جاء إلى تركيا، كانا أول صديقين، وبعدها شيئا فشيئاً أدخلاني في شلتهم(مجموعتهم)، وفي داخل الصف، كنت أسمع الشتائم حتى لو كان الأستاذ موجوداً في مدرسة عبد الرحمن الكواكبي، وكنت أستغرب، وأنا لا أسب، وكنت أسمع الأستاذ نفسه يشتم، والطلاب يتحدثون أمام الأستاذ، كانت كل هذه الأمور تحصل بشكل طبيعي، ومثلاً: أثناء الفرصة، كان الطلاب الذين يريدون تدخين السجائر يدخنون داخل الصف، و كنت أخاف من العقوبة الجماعية؛ و[أقول في نفسي]:سيعاقبوننا جميعاً. لأنني كنت أظن أن النظام مثل عندنا في الضيعة، فقال لي صديقي: الأمر عادي. وفي إحدى المرات، دخل الأستاذ، فوجد الشباب يدخّنون، كانوا 4 أو 5 يدخنون، وبدأ الأستاذ يشتمهم، ويقول: إذا أردت التدخين فلا تدخن في الصف، انزل إلى الحمامات. هكذا كان يقول لهم الأستاذ، فقلت في نفسي: ما هذه المدرسة السائبة.

كان أغلب آباء الطلاب ضباط، والشابان اللذان تعرفا عليّ أحدهما كنت أشعر بأنه معارض، وهو في الأساس كان أصله من مخيم اليرموك، وأهالي المخيم كانوا مهجرين، وهو كان يعيش في الميدان، وكان يتحدث، ويقول: نحن كنا نعيش في المخيم، وقُصف، يعني أنا مثلك تم قصفنا، وخرجنا. هذا الشاب من المخيم مع أنه كان ميدانياً (من منطقة الميدان)، وتأقلمت معهما، وهما الوحيدان اللذان كانا أصدقاء لي، وبعدها تعرفت على شاب فلسطيني كان يعيش في (منطقة) المجتهد، وأصبحنا نحن 4 رفاق، وكانوا يمزحون مع باقي الطلاب، ولكنني لا أمزح مع باقي الطلاب، وعندما خرجت من المدرسة لم أتعرف على أحد إلا بعض الشباب أعرفهم معرفة سطحية، وكانوا يلعبون كرة القدم، ويقولون: تعال حتى تلعب معنا في الفريق. وأنا لم أكن أعرف أحداً إلا هؤلاء الثلاثة، ويقولون: تعال حتى تلعب بالفريق معنا. وحتى إنهم عندما يخرجون مشواراً بعد المدرسة كنت أخرج معهم، وهكذا قضيت فترة مدرسة عبد الرحمن الكواكبي.

الجميع كان مؤيداً، وحتى المعارض كان يجب أن يظهر بأنه مؤيد، وأذكر أنه كان يوجد شاب لا أعرف أصله، لا أعرف إذا كان علوياً أو سنياً، ولكنه كان يتكلم اللهجة العلوية، وكان يرسم على مقعد الدراسة، ويكتب: يا علي، و يا حسين، ويرسم سيف ذي الفقار، و هذا الشاب قدر المستطاع أتجنب الحديث معه، وحتى إنه يعرف أنني جئت من الكسوة، وكان معروفاً أن القادمين من مناطق القصف ربما يكونون معارضين، ولا هو يقترب مني، ولا أنا أقترب منه، وكان يوجد أكثر من شخص من نفس هذه النسخة في الصف، وأحدهم كان يرسم على يده يا علي، ويرسمها على المقعد، ويتكلم مع مجموعته من الزُعر، يقول: البارحة كنا نلبس الثياب العسكرية، وكنا نتحرش بالبنات، و لا أحد يستطيع الحديث معنا. هكذا كانوا يتكلمون بين بعضهم، وأحدهم كان يقول: البارحة تحرشت بفتاة، وهي لم تتكلم معي أبداً، وأنا كنت أرتدي الثياب العسكرية مع العساكر، أو كنت أحمل بندقية صديقي فلان. مثلاً: صديقه عسكري، وهو كان يرتدي الثياب العسكرية مثلهم فقط، ويحمل بندقية صديقه، كان هناك الكثير من هذه النماذج موجودة في مدرسة عبد الرحمن الكواكبي، مثلاً: أبناء الضباط، حتى الأستاذ نفسه لا يجرؤ على الحديث معهم. كان هناك شخص من بيت خلف، كان والده ضابطاً، ولا يستطيع أحد الحديث معه من الطلاب أو الأساتذة.

التأخير عن المدرسة في عبد الرحمن الكواكبي كان أمراً عادياً، قلت لك: إن المدرسة كانت في حالة سائبة جداً جداً، وكان صيت مدرسة عبد الرحمن الكواكبي في المنطقة معروف، كان يأتي الأستاذ والطلاب يشاغبون، وكان يشتمهم، ثم يقول لهم: اسكتوا.

في "الميدان"، كنت تحسّ أن هذا الشخص جاء من الريف، وهذا من الميدان نفسها، فالطلاب المهجرون مميزون، وحتى داخل الباحة كانوا بمفردهم، وعندما بدأت أتعرف على الشباب، مثلاً: هذا من جوبر، وهذا من داريا، وتشعر أن المهجرين لهم جروبات (مجموعات) خاصة بهم، وشباب الميدان أنفسهم لديهم جروبات (مجموعات) خاصة بهم، ولم يكن هناك اختلاط كبير بينهم، هم معارضون مع أنك لا تجرؤ، ولا تقول: إنك معارض. حتى هذا الشاب مصطفى الذي أخبرتك عنه كان والده شبيحاً، وهو لم يقل لأحد ذلك، وكان يقول: والدي حلاق. وفيما بعد اكتشفت أن والده مات في برزة، وهو قال: والدي أصيب هناك. وسألته: ماذا كان يفعل والدك في برزة؟ وهو لم يكن يثق بأحد، ويقول له بأن والده كان شبيحاً، وأصيب في بطنه بالرصاص، ولم يكن يتحدث لأحد عن هذا الأمر، وفيما بعد عرفت، وحمدت الله أنني لم أقل له شيئاً، وعرفت أن هذا الشاب كان والده شبيحاً، وهو كان من أعز أصدقائي، والشاب الثاني محمد كان معارضاً، وهو الآن موجود في تركيا، وهو الذي أخبرني عن والد صديقنا بأن والده كان شبيحاً، ومات في برزة.

من المستحيل في الشام أن تتحدث حتى مع نفسك بذلك؛ لأنه لا يمكنك الوثوق بأحد أبداً، وخاصة أنك ترى أن غالبية الطلاب يرسمون: يا علي، و يلبسون بعد الدوام البدلات العسكرية، كان من المستحيل أن تتكلم عن شيء كهذا.

كان الشاب في الصف الحادي عشر، يعني الشاب بدأت تظهر له لحية، وفي الشام، كان من الطبيعي أن تجد محلات، وخاصة بجانب القلعة، كانت هناك محلات تبيع الأحذية العسكرية والجعب العسكرية والبدلة العسكرية، وكان أمراً طبيعياً أن تشتري بدلة عسكرية في دمشق.

كان اللباس في مدرسة عبد الرحمن الكواكبي مدنياً، [كان النظام] هو أن ترتدي قميصاً أزرق عادياً وبنطالاً كحلياً، كان اللباس مدنياً فقط، ولكن في كفر سوسة كان اللباس المدرسي.

كانت هناك آنسة(معلمة) شبيحة، وهي الوحيدة التي كانت تعطينا الدروس، كانت تعطينا مادة القومية، كانت هي وهذا الأستاذ الدرزي، وأغلب الأحيان كانت تعطينا القومية، وعندما تكون غائبة فأستاذ التاريخ في المدرسة كان يعطينا الدرس، وكانت تشبح (تدعم) للنظام بشكل غير طبيعي، وحتى إنها كانت محجبة، ولكن حجابها لم يكن بشكله صحيح. وأحياناً، هذه الآنسة يخرج من لسانها كلام أخجل وأنا شاب أن أقوله، و كانت تتحدث داخل الصف مع أن الصف كله شباب، وهي الآنسة(المعلمة) الوحيدة، وكانت تحيّي الرئيس، وبعد الدوام، يأتي شبيح بسيارة مفيّمة (زجاجها مظلل باللون الأسود) ، وتركب معه، وفي كل مرة، تجدها مع شبيح مختلف بعد الدوام، وهي الآنسة الوحيدة التي لم نكن نستطيع أن نتحدث في حصتها؛ لأنها كانت مدعومة، وإذا كنت لا تحفظ الدرس فالويل لك، وهي لا تضربك، ولكنها ترسلك إلى أستاذ العسكرية، لأنها كانت صديقة أستاذ العسكرية، وأستاذ العسكرية كان شبيحاً، وكانت ترسلنا إليه، فإما أن يضربنا، أو يقوم بفصلنا، يعني مسموح لك أن تفعل أي شيء في باقي الحصص إلا في حصة هذه الآنسة؛ لأن لديها سلطة، وبعد أن خرجت من المدرسة سمعت أنها تعرضت لحادث فكسرت قدماها، ولم تعد تأتي إلى المدرسة، وأنا فرحت جداً؛ لأن جميع الطلاب كانوا يكرهونها، وحتى المؤيدون كانوا يكرهونها بسبب الشيء الذي كانت تفعله مع الطلاب.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/01/25

الموضوع الرئیس

النزوح إلى دمشق

كود الشهادة

SMI/OH/110-09/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2012

updatedAt

2024/03/27

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-الطيبةمحافظة دمشق-كفرسوسة البلدمحافظة دمشق-أبو حبل

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة