اسمي أمين الحويش: من مدينة العشارة في محافظة دير الزور، أحمل إجازةً في الحقوق من جامعة دمشق، وطبعًا عملي قبل الثورة كنت طالبًا جامعيًّا، وأمارس عدة هويات أبرزها كرة القدم، وأنا خطاط أجيد الخط العربي بأنواع الخطوط السبعة، وأنا كأي إنسان عادي قبل الثورة، ولكن صراحةً كنت شابًّا مميًّزا؛ علاقاتي الاجتماعية كبيرة جدًّا، ومع بداية الثورة 2011 كان لدي عدة نشاطات، عملت بداية الثورة في العمل الإغاثي، ثم انتقلت إلى أمين سر في المجلس المحلي، وكنت رئيس تجمع شباب التغيير، وهو عبارة عن مجموعة من الشباب الجامعيين من أطباء وصيادلة ومهندسين، وبعدها عملت إعلاميًّا في جبهة الأصالة والتنمية، وفي عام 2017 عملت في المجال القانوني كمستشار قانوني. 

درست الابتدائية في المدرسة المحدثة في مدينة العشارة، وودرست المرحلة الإعدادية والثانوية درستهما في مدرسة العشارة للبنين، ومن المعروف في أيام الابتدائي أن الإنسان ينضم لشبيبة الثورة ((تصحيح هنا لطلائع البعث وليس للشبيبة))، وفي الصف العاشر ينضم لحزب البعث، وطبعًا أنا كنت رافضًا الانضمام لحزب البعث، ولم يكن دافعًا سياسيًّا أو معارِضًا أو أن أحد الأشخاص أوصاني ألا تنضم، حتى تلك اللحظة لماذا كنت رافضًا؟ لا أذكر، ولكن كنت رافضًا رفضًا قطعيًّا، ولكن كان يوجد موجّه أو أستاذ العسكرية -لا أذكر بالضبط- بالحيلة (احتال علي) أخذ مني صورةً عن دفتر العائلة، وهي بمثابة الهوية، وضمّني لحزب البعث، وطبعًا لم يكن لدي أي نشاط أو اجتماعات نهائيًا، وكان يوجد اجتماعات دورية كل يوم خميس للأعضاء المنضمين للحزب، أنا لم أكن أذهب أبدًا، كل خميس يذكرونني بالاجتماع، وأنا كنت أطنش (لا أهتم)، ولم أكن أحضر اجتماعات نهائيًّا لحزب البعث.

طبعًا في فترة الانضمام لحزب البعث كان بعض الطلاب يناقشون المعلمين، لماذا نحن ننضم لحزب البعث؟ ولماذا هذا الانضمام إجباري؟ وكان المعلم أو المدير أو مسؤول الحزب داخل المدرسة يُقنع الطلاب بأنه لا يوجد وظيفة إلا للمنتسبين للحزب، وهذه كانت أكثر طريقة تقنع الطلاب للانضمام للحزب.

أذكر أن أحد الطلاب كان رافضًا الانضمام للحزب، وحصل تهديد من قبل المعلم أنَّه يجب أن تنضم، أو نعاقبك ونفصلك من المدرسة، وفي اليوم التالي أتى الوالد، وصارت مشكلة، وصار هناك عياط (صراخ) بينه وبين الإدارة، وهذا الموقف الذي أذكره لأحد أولياء الأمور الذي رفض أنَّ ينتمي ابنه للحزب، بعدها ما الذي حصل؟ والله لا أعلم، ولكن أذكر أنَّه لم ينضم للحزب. 

في عام 2000 حين مات حافظ الأسد أنا كنت في ملعب كرة قدم كنا نلعب مباراةً، وفجأةً أحدهم صرخ، وقال: يا شباب، يا شباب، مات حافظ الأسد، وأنا كشخص لم أعطِ أهميةً للخبر، وتابعنا المباراة بشكل طبيعي. كان هناك موقف طريف، فقد كان هناك عرس لأحد أقاربي، وفجأة أتت دورية الشرطة، وأخذوا العريس إلى المخفر، لماذا؟ قالوا: مات حافظ الأسد، وأنت عامل (تقيم) حفلةً، وبقي يومين في المخفر وأخرجوه. 

طبعًا، خبر موت حافظ الأسد لم يكن له هذه الأهمية الكبيرة، أو ردة فعل، وكان كأنَّه شخص عادي متوفٍّ، يعني لم ألاحظ أنَّ هناك حزن أو كلام في الشارع، لم يكن له أهمية نهائيًّا كان موتًا طبيعيًّا وعاديًّا، وخبر كان أقل من عاديٍّ أيضًا.

في 2003 دخلت الجامعة كلية الحقوق جامعة دمشق، وطبعًا حياة الجامعة تختلف اختلافًا جذريًّا عن الأيام التي قبلها، والإنسان يرى أناسًا لها آراء مختلفة، ولها توجهات مختلفة، وصراحةً أغلب الطلاب كانوا حريصين جدًّا على ألا يصرحوا أين اتجاههم، وأين انتماؤهم، يعني معارضون لسياسة الحكومة أو معارضون للحكم، لم يكن أحد يتكلم. وأذكر بين عام 2004 و 2005 في الجامعة كان لدينا دكتور، هو دكتور في الشريعة، الدكتور: حسان عوض، يدرّس قانون الأحوال الشخصية، والذي هو يختص في التركة أو الوراثة بين العائلة، فسألته سؤالًا وهرب مني، صراحةً لم يتوقف ولا دقيقةً بجانبي، سألته: دكتور لماذا قانون الأحوال الشخصية مأخوذ من الشرع؟ لماذا نحن لا نطبق الشرع؟ وطبعًا لم يكن لي أي دوافع أخرى، وإنما كان مجرد سؤال أتى على بالي، وسألته للدكتور، والدكتور مباشرةً هرب، ولم يجب على السؤال، وحتى صار يركض قليلًا، ونحن نقول: فتح خطوة.