أنا هنا في دمشق، رجعت ونمت ليلةً في التضامن، وأمّن شاب من القريتين منزلًا لي، وهو من ضمن مجموعة الـ 25 وهو كان شقيقًا لأبي عليّ الفريح، وأبو عليّ الفريح هنا كان معتقلًا عندما ذهب إلى يبرود ونزل من يبرود إلى القريتين، فتم اعتقاله، ولا أذكر التفاصيل بدقة، وحتى إنهم اتهموني في وقتها أنه أنا من قام بتسليمه مع أنه كان عندهم، وأنا كنت في دمشق وهو كان عندهم في يبرود، وذهب من يبرود إلى القريتين، وقالوا: أبو علي هو الذي سلمه -أستغفر الله-، وأنا كنت في داريا في تلك الأثناء. ووصلت هنا إلى مرحلة أن هؤلاء الجماعة مفسدون بكل ما تعنيه الكلمة.

في التضامن استطاع شقيق أبي علي تأمين منزل لي حتى الصباح، وفي الصباح عاد وأمن لي بيتًا آخر في حي الزاهرة، وهو منزل لشاب من القريتين، كانت عائلة أخيه قد غادرته فصعدت وسكنت في الشقة التي فوقه.

تحدثت مع فراس الفلسطيني الذي أخبرتك عنه قبل قليل كان موجودًا في جرمانا ويعمل معي، وهنا تحدثت مع فراس وسألته عن الوضع والأمور، فقال: إنه يوجد بعض الأدوية ونقوم بترتيب الأمور، فتحدثت مع مأمون ومع الشباب فقالوا: إن الوضع مكهرب (ليس جيدًا)، ولكن فراس طمأنني، فقلت يكفي لنذهب إلى فراس، وأنا أيضًا كنت أحتاج إلى المال وفراس سيؤمنني هناك، فذهبت مشيًا حتى وصلت إلى كراج الست (السيدة) زينب عند الصناعة في دمشق، واخترت حافلة يكون جميع ركابها من البنات، فذهبا إلى جرمانا وحتى الحافلة عطبت عجلتها بالقرب من فرع فلسطين عند المتحلق، وعدنا وانتقلنا إلى حافلة أخرى.

 ودخلنا إلى جرمانا، وعلى مدخل الحاجز ولأن السرفيس كان كله نساء لم يدقق فسمح لهن بالمرور، فتكلمت مع فراس وقال لي: انزل بعد الحاجز فورًا، فنزلت، ولم تكن معه سيارته، وجاء بسيارة تاكسي عمومي، وقد حلق شعره على الصفر، وأنا تفاجأت من منظره، فقلت له: يا فراس شكلك يشبه شكل الشبيحة، وأنا أمزح معه، فقال: يا أبا علي فعلت هذا حتى أستطيع تسيير أموري، أعمل مثلهم، فركبنا بالسيارة ومشينا تقريبًا 30 أو 50 مترًا، وعند النوافير والنافورة تقع في أول جرمانا لم أر إلا أنهم قد اجتمعوا حول السيارة، وبدأوا يصرخون: انزل ولاك هويتك، هويتك، وهذا فراس مطلوب لنا هيا انزل، فقلت لهم: إذا كان فراس مطلوبًا لكم فلماذا أنزل أنا؟ وأنا أحسست أنني وقعت في كمين، فقال لي أحدهم: كذا وكذا من والدك (شتيمة وإهانة)، ونحن ننتظرك منذ الظهر ، والآن قد شرفت وهنا أيقنت أنني انتهيت، وطبعًا أنزلوني وبدأوا يضربونني، وأنا لا استوعب ماذا يحصل، ولكنني أسمع صوت صراخ النساء والعويل، يعني: الرعب الذي حدث في الشارع والناس تملكهم الرعب مما يحصل معي، وأخذوني إلى مزرعة، وبقيت عندهم 6 ساعات تحقيق، وهذه الساعات الستة وكأنها كانت 6 آلاف سنةً -وهذا رقم قليل-، وضربوني ضربًا مبرحًا، وأسناني هذه كلها تكسرت، وضربوني على فمي بالقنبلة وبكعب المسدسات، والضرب لم يكن ضربًا عاديًا، إذ لا يوجد إنسانية ولا واحد من مليون ولايوجد أخلاق، وكانوا مجردين من كل شيء، وأنا سمعت [صوت] فراس (يتظاهر بأنهم يضربونه) يقول لهم: يا سيدي، إنه ليس لي علاقة، فجاء إلي فقلت له: أنا لي عنده 50 ألفًا وأتيت لآخذها، وأنا لا أعرف أي شيء عنه، وطبعًا هنا للأمانة يوجد شخص منهم خدمني خدمة من هؤلاء الشبيحة، وأنا كان معي تلفون نوكيا عادي، وكان معي آيفون 3، وكنت في تلك الأيام أصور به، ويوجد في الآيفون مليون مصيبةً، وتعلم أن الآيفون لا يفتح رمزه، وأغلب الظن أن أحد العناصر استحلاه فأخذه، فاختفى الآيفون، وعندما تأكدت أن الآيفون اختفى أنا أصررت على كل شيء بقوة؛ لأن الهاتف الجوال كان هو الدليل القطعي علي، وعندما سرق الجوال أنا أصررت على موقفي وأن هذا الكلام كله كذب، وطبعًا هم ألبسوني قميصي برأسي، ونحن كنا في فصل الصيف وهذا بعد رمضان وبعد قدومي من القريتين ب 10 أو 15 يومًا، يعني في شهر آب/أغسطس عام 2012، ووضعوا القميص على رأسي وأنا أرى فراس من خلال القميص؛ لأنه صيفي ورقيق، وأحضروه حتى تتم مواجهتي معه وأحدهم يضربه على يده، ويقول: ماذا يا فراس، هيا تكلم، وفراس يقول له: يا سيدي هو، وأنا ليس لي علاقة به، وأنا فهمت بأن فراسًا أصبح معهم، وأوقعني بالكمين، وتحولت من المزرعة بعد 6 ساعات موت (تعذيب) وأخذوني إلى المخابرات الجوية في مطار دمشق الدولي.