محاولة سحب الاعترافات من خلال المخبرين في المخابرات الجوية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:16:39:11
نزلت إلى القبو، وأخذوني إلى الزنزانة، ثم أخرجوني بعد فترة قصيرة -بعد عدة ساعات-، ونقلوني إلى الجماعية، ودخلت، ويوجد شخص من المعضمية، وهو رئيس الجماعية في المهجع، وهو حذرني أنه يوجد مخبرون، وشخص من القصير وشخص من بابا عمرو دخلوا إلي، دخل إلي الشاب الذي من القصير، وكان الشخص الذي من بابا عمرو ينتظر في الخارج عند باب الحمام ، حتى ينبهنا إذا جاء أو انتبه أحد من المخبرين، وحذروني، ثم خرجت من الحمام، وبعد قليل جاء، ولم يكن نائب رئيس المهجع موجودًا، فدخل، ومباشرةً رحب بي، وقال: أهلًا وسهلًا، وأنت مريض، وطبعًا أنا هنا كليتي مصابة، -الكلية اليسارية متأذية-، وحمض البول بدأ يُخزن في قدمي اليمين، ويوجد انتفاخ في قدمي، ولكنني أستطيع أن أمشي عليها، وقال: أنت مريض، وأجلسني بجانب المرضى، وأحضر لي تفاحةً، يعني كان اهتمامًا كبيرًا جدًا، وفي المساء جلس معي، وبدأ يسأل: كيف حال الشباب في الخارج؟ وكيف حال الوضع؟ وكيف الأمور؟ وطمئني عن الشباب، وإن شاء الله (أرجو ذلك) يعملون؟ فقلت له: عن أي شباب (تتحدث)؟ فقال: الشباب في الخارج، والمظاهرات والثوار، وأنا مباشرة قمت بصده، وقلت: أنا ليس لي علاقة بهذه الأمور، ولا تقترب مني بهذه الأشياء، وأنا شخص أينما وُجدت سهرة، ووُجد فرح (أكون موجودًا)، وأنا ليس لي علاقة أبدًا، وهو حاول، وطبعًا تعرف علي، وسألني: أين تسكن؟ في دف الشوك؟ وهو على أساس (يدعي أنه) يسكن في دف الشوك، ولديه بنت، وابنته لم يرها، يعني دخل معي بأمور كلها إنسانية، ولكن كان الصد مني نهائيًا، واختلفت معه، وقلت له: لا تقترب مني، وبما أنك من هؤلاء الإرهابيين والمتظاهرين والثوار لا تقترب مني نهائيًا، وأنا ليس لي علاقة بهذه الأمور أبدًا، وطبعًا شتمت وتكلمت عن الثورة والإرهاب، لأنني أعرف أنه مخبر، لأنه قد نبهني منه رئيس المهجع -جزاه الله خيرًا- وشباب حمص، فلم يأخذ مني حقًّا أو باطلًا.
وبعد قليل جاء شخص عمره 40 سنةً تقريبًا، له لحية، وهو أسمر البشرة، والجماعية يوجد فيها ضوء، ورئيس المهجع تحرك قليلًا حتى أنتبه عليه، فجلس معي، وسألني: كيف حالك يا أخي؟ وماذا أصابك؟ ونحن خرجنا، ونحن ظُلمنا، والنظام ظالم، وأنا مباشرةً قمت بصده، وقلت له: اذهب من هنا، ولا تتحدث معي بهذه الأمور أبدًا، وأنا ليس لي علاقة، وأنا لي مع شخص 50 ألفًا، وفعل بي هذا الأمر، وأنا ليس لي علاقة بهذا الأمر، ثم جاء الشخص الثالث أيضًا نفس العملية؛ يعني تمت المحاولة معي أكثر من 10 مرات من خلال المخبرين، ولم يأخذوا مني أي اعتراف، وفي الصباح بعد الفطور تم استدعائي، وخرجت، وإذ يوجد محققان لأول مرة أراهما، وهما قيداني إلى الأمام، يعني يوجد معاملة مريحة قليلًا، وسألاني: كيف حالك؟ وما هي أخبارك؟ يعني يتحدثان معي بأخلاق وبإنسانية، فقلت لهما: الحمد لله، فقالا: يا أبا علي لماذا لا توفر على نفسك العذاب والقتل؟ ولماذا حتى تتحدث في المهجع؟ ولماذا لا تتحدث لنا؟ فقلت لهم: من هو أبو علي؟ وماذا يحصل معكما؟ فقالا: أنت اعترفت على كل شيء في المهجع، وسوف نواجهك، وقالا: انتظر سوف نحضره، وأحضرا نائب رئيس المهجع، وأنا معصوب العينين، وسمعت صوته فعرفته، فقال لهما: هذا هو أبو علي القريتين، وكان موجودًا في دمشق، وبدأ يتحدث بأمور لم أقلها، ولم تحصل معي، فقلت لهما: هذا كاذب، فرفعا الطماشة (غطاء العينين)، وقالا: هيا واجهه، ونحن لا نريد أن نظلمك، وهنا قلت له: أنت قلت أنه لديك بنت، وأنت تخاف الله، وبدأت أتكلم معه كلامًا، وهجمت عليه حتى أضربه، لأنني مقيد إلى الأمام، وأمسكته من حلقه، ووقعت معه على الأرض، وأصبح تحتي، وحاولت أن أعضه أو أؤذيه بأي شكل، وهنا ضربوني، وقالوا: عاملناك بأخلاق، وأنت لا تستأهل لا تستحق هذه المعاملة، وبدأوا يضربونني، ثم قيدوني إلى الخلف، فقلت: كل هذا الكلام غير صحيح، وأنا لم يحصل معي هذا الكلام نهائيًا، وبعد 10 دقائق أعادوني إلى الجماعية، وهو لم يأتِ إلى الجماعية، فأخذت أتكلم أمام الجميع في الجماعية: إن فلانًا -وهو من دمشق- هذا هو مخبر، والجميع كانوا يقولون: نحن نعرف، ولكنني أحببت الإشهار علنًا، وبعد قليل جاء السجان، وذاع الأسماء كلها حتى يتفقد الموجودين، فقال: من الذي لم أذكر اسمه، فقلت له: أنا، فقال: اخرج، فخرجت، فأعادني إلى الزنزانة إلى أبي عمار وأبي عدي، وهنا قال لي الشباب: كنا نظن أنك خرجت، ثم جلست وارتحت، وطبعًا أنت تجلس، وترتاح لمدة ساعتين، وبعدها يوجد بديل، وتحدثت مع الشباب، وقالوا: يا أبا علي أنت جئت من الجوية من مطار دمشق؛ من الزنازين القديمة إلى الجديدة إلى القبو، وأمرك محسوم، وارض بأمر الله، وطبعًا نحن هنا كلنا في مرحلة دعاء، وعندما نُطلب للتحقيق، وكنا نوصي بعضنا أنه إذا خرج أي شخص إلى التحقيق، نرجو الدعاء له لعله لا يعود- يعني يموت-، ويكون أكثر شيء مريح هو الموت، وكنا نسمع أصوات الضرب، وأنا هنا في القبو، لم أذهب إلى التحقيق بعد، وهيأني الشباب -جزاهم الله خيرًا- نفسيًا، وقالوا: إذا ذهبت إلى التحقيق، قد يموت أشخاص، ويحصل أذًى، وترى أشخاصًا يموتون أمامك، ويمكن أن يتم وضعك بجانب الجثث، فيجب أن تكون جاهزًا، فقلت لهم: إلى هذه الدرجة! قالوا: نعم.
طلبوني إلى التحقيق، وخرجت، وهنا في القبو الطماشة (عصابة العينين) مشدودة بشكل محكم، فأخرج إلى التحقيق، وأنا مقيد بالحديد، فذهبت إلى التحقيق، وسألني: هل أنت أبو علي القريتين، فقلت: لا، وهل أنت لك علاقة بالأدوية، فقلت له: لا، وأنكرت كل شيء، فقال: حسنًا، حتى لا نأخذ ونتكلم معك كثيرًا، أنت تتحمل مسؤولية كلامك، فأعطى أمرًا بتعليقي، وكان يوجد شابان بالسخرة يعلقان المعتقلين، وكلاهما من داريا، أحدهم كان مؤذيًا جدًا، وتشعر بأنه أخطر من عناصر الجوية، وعمره تقريبًا 17 سنةً! وعندما يقيدني فإنه يشدها كثيرًا، والآخر كان يضعها بطريقة يضع تحتها خرقةً، يعني يحاول ألا يسبب الأذى، المهم علقوني، وعندما يدفع السطل (الدلو) من تحت قدمك وتسقط، أنت تشعر -حاش لله- أنك وقعت من السماء السابعة إلى الأرض، وبدأت أصرخ، وتفاجأت أنه أثناء صراخي يتم ضربي بشكل مؤذ جدًا على الرأس والوجه بالأنبوب الأخضر، وأنا أصرخ: يا الله، يا رب، وهم يكفرون! ويقولون: دع الله ينفعك، ومن هذا الكلام، وأنا أجيب وأقول: إن الله ينفع الجميع، فيزداد الضرب، فأسكت، يعني أحاول أن أصمت حتى يخف الضرب.
كانوا قد آذوني في الزنازين الجديدة في قدمي تعرضت للكهرباء، وهذا في الزنازين الجديدة حيث وضعوا الكهرباء في السرير، وأنا لا أعرف، وهو مثل شريط الغسالة، وأوصله بالكهرباء، ورفع عني الطماشة، وأوصل كبل الكهرباء أمامي، وقيدوني مع السرير، وسكبوا علي قنينة (قارورة) ماء، وقال لي: أنت حر، هل تريد إيصال الكهرباء؟ وهل رأيت المنظر؟ ثم وضع الطماشة، وقال: عليك الإجابة، وهذا أثناء (السؤال عن) الحواجز، وأنا كنت أقول أنني لم أستهدف الحواجز، فأوصل الكهرباء على السرير، وبدأنا نطير أنا والسرير وأنزل؛ يعني فقدت الوعي عدة مرات، ففقع مكان في قدمي؛ يعني يبدو أن اللحم انفجر، وبدأ هذا المكان يصيبه الدود، ولكن في الأعلى كان عندي وضع خاص تقريبًا مع أبي ليلى، يعني كنت أذهب إلى الحمام، وأعقم الجرح وأغتسل، وأحضر قطعة قميص داخلي، يعني أبقى مهتمًّا بالجرح حتى يلتئم، ولكن في القبو وبسبب الضرب فتح الجرح مجددًا، وبدأ يصيبه الدود.
عندما تم تعليقي قاموا بوضع الأنبوب الأخضر داخل الجرح، ويقوم بتحريك الأنبوب، وفركه داخل الجرح، وأصبت بشبه الإغماء بسبب شدة الألم، ثم أنزلوني وسألوني: هل أنت أبو علي القريتين؟ فقلت لهم: لا، فقالوا: خذوه، وقالوا: سوف تبقى تذهب وتعود، وإما أن تموت، أو تكون أنت أبا علي القريتين، وأخذوني من غرفة المحقق، فكان يوجد شخصان في الأرض، -أحدهم عمره تقريبًا 18 سنةً، والآخر تقريبًا 30 سنةً- ميتان، وأنا رأيتهم لأنهم أوقفوني، ورأيتهم من أسفل الطماشة بجانبي، وأنا عندما نظرت إليهم، كنت أظن أنه مغمًى عليهما، فسمعته يصرخ وينادي على السخرة، ويقول له: يا ابن الكذا (يشتم والده)، ألم أقل لك أن تأخذ الذين فطسوا (ماتوا)، وتسحبهم إلى الخارج، وهنا تذكرت فعلًا كما قال لي الشباب في الزنزانة، قالوا: سترى الموت أمامك، أشخاص يموتون بكل بساطة، يعني لو كان طير حمام أو دجاجة سوف ترأف بها، فأعادوني، والشباب لم يقصروا، وعالجوني، وقالوا: يا أبا علي إنهم يضربونك حتى تصل إلى مكان الكرسي، ويجب ألا تصل إلى الكرسي، فسألتهم: ما هو الكرسي؟ فقالوا: هو عبارة عن كرسي خيزران -خشب قديم- ليس له مقعد، ويتم تقييدك وتثبيتك على الأرض، ويقومون بإدخال الكرسي من قدميك، فتصبح قدماك عند رأسك، وبنسبة كبيرة سوف ينكسر ظهرك، وبنسبة كبيرة قد تُقتل أو يصيبك الشلل، ويجب أن تكون صاحيًا لهذا الأمر، يعني الشباب لديهم خبرة، وأنا شخص بدين قليلًا، فقلت لهم: هل هذا معقول؟ فقالوا: نحن نوجهك حتى لا تصل إلى هذا الشيء.
أخذوني إلى التحقيق عدة مرات، وبنفس المبدأ كنت أتعرض للضرب، وكل يوم أتعرض للضرب، وكل يوم يوجد عندنا موت، وكان يوجد مكان يتم فيه حلاقة شعرنا، ومن يموت يتم رميه في هذا المكان، وهم يتقصدون إحضارنا إليهم، وهم يعرفون أننا نرى من تحت الطماشة، فيجعلوننا نراهم؛ يعني يجعلك ترى الميتين، والأشخاص الذين يموتون، يعني كان رعبًا بشكل كبير.
هنا كان يوجد فقط وجبة طعام واحدة، ويمكنك أن تذهب إلى الحمام مرةً واحدةً، ولا يوجد علبة للماء أو للبول، ويمكنك التبول على نفسك، ونحن ندخل إلى الحمام بشكل جنوني، لأنه يقوم بالعد، وعندما ينتهي من العد، ولم تخرج من الحمام، فسوف تتعرض للضرب بشكل مخيف، يعني نحن ندخل إلى الحمام 6 أو 7 أشخاص مع بعضنا، حتى نستطيع قضاء حاجتنا، والخروج قبل أن ينتهي من العد، يعني إذا انتهى من العد ولم تخرج، فسوف تقضي حاجتك على نفسك، ويجب عليك أن تخرج، أو يجب أن تستعد للضرب بالأنبوب الأخضر 30 مرةً أو 40 مرةً، وقد يتدرب عليك كاراتيه، يعني لا تعرف ماذا سوف يخطر في رأسه!
الوضع كان يزداد سوءًا بالنسبة لي، وحمض البول بدأ يُخزن في قدمي، ولم أعد أستطيع المشي على قدمي أبدًا، وجاء أحد المحققين، وقال: خذوه إلى مستشفى 601 أفضل، لأن لديه أذًى، ويجب معالجته، وأنا فرحت، فعدت إلى الشباب، وقلت لهم: كذا وكذا حصل معي، فقالوا: إياك أن تذهب إلى مستشفى 601، فسألتهم: لماذا؟ وإذ بأحد الشباب بدأ يبكي، وقال: إياك أن تذهب، وأنا ذهبت، ولكن الله أعادني، وقال: في المستشفى 601 يتم تقييدك على السرير، وتكون معصوب العينين، والممرض أو الممرضة يدخلون، ومعهم أنابيب ويضربونك، ويوجد حمام ممتلئ بالجثث، فقال: إذا عرضوا عليك الذهاب إلى المستشفى، قل لهم: إنني بخير، وإياك أن تذهب، فقلت: وماذا لو أخذوني غصبًا؟ فقالوا: في ذلك الوقت لا حول ولا قوة إلا بالله.
في مساء نفس اليوم، جاء الطبيب للتفقد، ويسأل: من يريد الذهاب إلى المستشفى؟ فنادى على اسمي، فقلت له: لا أريد الذهاب، فأعطاني إبرةً، وبدأت أرجوه، وأحاول التحدث معه بإنسانية، وأنت ملاك الرحمة، وقلت له: لا أريد الذهاب إلى المستشفى، وهو بدأ يشتمني، فقال: إلى جهنم، وأنا لن أرسلك، ولتمت هنا أفضل من أن تموت هناك.
بدأوا يأخذونني إلى التحقيق، ولا أستطيع المشي، فيقيدون يديّ، ويقوم السخرة بسحلي في الممر، أو يسندونني، واستمر الأمر هكذا لمدة أسبوع، يعني وصلت إلى مرحلة لم يعد عندي مقاومة حتى أقف على قدمي، حتى الكلام بتّ غير قادر عليه.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2023/04/06
الموضوع الرئیس
الاعتقال خلال الثورةكود الشهادة
SMI/OH/157-14/
أجرى المقابلة
منهل باريش
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2012
updatedAt
2024/06/14
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-مطار المزة العسكريشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
مطار المزة العسكري
مشفى المزة العسكري 601