الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الاستدعاءات الأمنية للضباط السنّة، التحقيق والانشقاق من قاعدة حميميم 4

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:49:11

أثناء الثورة السورية وأثناء اندلاع الثورة في حمص في حي الخالدية، كان الحي متوترًا جدًا وعملية الدخول والخروج إليه صعبة جدًا، وخاصة بالنسبة لي كضابط، ولكن لأن العائلة موجودة في المنطقة ولها انتشار عددي، وكان معظمهم من الثوار، فكانت عملية الدخول والخروج بالنسبة لي سهلة جدًا، ولم تشكّل أي عائق رغم أن كل العائلة تعرف أنني ضابط، وأسكن في هذه المنطقة. وطبعًا، هذا أثار الشكوك لدى الاستخبارات وأجهزة الأمن، وبالتالي عندما التحقت بالقطعة طُلبت من قبل المخابرات الجوية، فطلبني قائد المطار، وقال: توجد لديك مهمة لصالح فرع التحقيق في المخابرات الجوية، ويجب أن تكون غدًا موجودًا عندهم.  فسافرت، ودخلت إلى الديوان من أجل تسليم المهمة، وكان هناك عدد آخر من الضباط من صنوف أسلحة أخرى وقطعات أخرى، وسألت المساعد: متى يأتي دوري للتحقيق؟ فنظر إلي، وقال وهو غير متشجّع: لماذا أنت مستعجل على الموضوع؟ فقلت له: أنا جئت من السفر. فقال: خيرًا، تفضل سيادة المقدم، واسترح، حتى نرى متى سيقابلك اللواء.

في هذه الأثناء، رأيت في الاستراحة وفي البهو... حيث كنت أتمشى مع الضباط الذين تمّ استدعاؤهم إلى التحقيق، وكانوا من عدة أماكن: من تلكلخ، ومن اللاذقية، ومن حمص، ومن الشام. وكنا ندردش، ومعظمهم يبدو عليهم التوتر والخوف، وعندما سألتهم: لماذا تعتبرون مجرد القدوم إلى هنا إدانة؟ وطبعًا، القاسم المشترك بينهم أنهم سنة وجميعهم من الرتب العالية بين عقداء وعمداء. فقالوا: لأنه عادة الذي يتمّ استدعاؤه إلى التحقيق قد يُحال إلى الاعتقال، وقد يكون هذا آخر يوم ترى فيه أهلك. فقلت: لماذا؟ فقال: لأنهم أحيانًا على شبهة الانشقاق يتمّ الاعتقال. فقلت له: وكيف عرفت؟ فقال: أنا جئت قبل هذه المرة، وحققوا معي، وصرفوني، ثم تمّ طلبي مرة ثانية. وأنا خائف أن أكون مطلوباً من أجل التوقيف (الاعتقال). وقال: ستقابلك لجنة وليس شخصًا واحدًا. يعني اختلف الوضع بالنسبة لي، وأنا كنت أظن أن الموضوع هو عبارة عن أسئلة وشيئًا روتينيًا؛ لأن منطقتي متوترة. وأنهم سيسألون بعض الأسئلة.

انتظرت تقريبًا أربع ساعات، ثم جاء دوري، وأدخلوني بعد العصر، دخلت إلى مكتب، وعرفوني بأنفسهم، وكان هناك أربعة ضباط، وكان اللواء [عدنان] الطويل نائب مدير إدارة المخابرات الجوية في حينها، وكان هناك ضباط من الأمن العسكري، وكان هناك ضباط من أمن الدولة، وكانوا يحاولون أن يكون اللقاء إلى حدّ كبير مطمئنًا ومريحًا، بحيث لا يحصل عندي أي نوع من ردّ الفعل. فجلست على كنبة، وكانوا على كنبات أخرى في الجهة المقابلة لي، وقاموا بخفض صوت التلفاز، وكانوا يشاهدون قناة الجزيرة، وكانوا هادئين، وسألوني: ماذا تشرب؟ ثم قال لي: تفضل. وطبعًا يتحدث معي اللواء الطويل، وقال: هل تعرف لماذا أنت مطلوب إلى هنا؟ فقلت: لا، جاءتني مهمة إلى المطار، وجئت. فقال: أليس لديك أي نوع من الهواجس؟ ولماذا أنت مطلوب؟ فقلت: قد يكون زميلنا الرائد حسن عبد العال، وهو انشقّ، وأصبح خائنًا للوطن، وأعتقد أنه تمّ طلبي؛ لأنه كان صديقي، وأعرفه، وتريدون أن تسألوا شيئًا عن هذا الموضوع. فقال: لا، نحن لا نهتم بهذا الموضوع، ونحن نعرف مدى علاقتك به، ونعرف ردود فعلك. وقال: أنا أريد أن أسألك كيف ترى الوضع عندك في الخالدية؟ فقلت له: في الحقيقة، المظاهرات كثيرة، والناس الذين يخرجون الغالبية منهم من المتظاهرين من العوام، ولكن ليس جميعهم عوام، ويوجد نخب وواجهات ضمن المتظاهرين. فقال: باعتقادك إلى أين سيصلون؟ وماذا يريدون؟ فقلت: هم في البداية بدؤوا يطالبون بتغيير المحافظ (محافظ حمص إياد غزال)، ويبدو أنه هناك بعض الأشخاص من التجار المتضررين من مشروع محافظ حمص، والذي هو "حلم حمص"، فهؤلاء هم الذين حرّكوا الأمور.  فقالوا: وهل يمكن أن تشرح لنا عن [مشروع] "حلم حمص". وطبعًا، كل هذه الأسئلة التي يسألونها هم يعرفونها بدقة وعمق، ولكنهم يريدون أن يعرفوا ما هي نظرتي تجاه هذه المشاريع، وبالتالي أنت عندما تحدد نظرتك وتتحدث من زاوية معينة، فهم يستطيعون أن يكشفوا ما هي أغوارك؛ لأنهم في الحقيقة مخضرمون بالتحقيق، وأنا أعرف معنى التحقيق وضباط التحقيق؛ لأن هناك دورات حضرتها للتحقيق،  توجد دورات يخضعون لها لدرجة أنهم يسايرون الشخص ويحدثونه، فيعرفون اتجاهاته إذا كان سلفيًا جهاديًا أو سلفيًا مدخليًا أو سلفيًا دعويًا أو صوفيًا أو صوفًيا من طريقة ما، وبدون أن يسألوه، يعني من طريقة كلامه وأجوبته وسؤاله، وأنا حضرت  دورات كهذه كمتدرب.

 كنت متيقنًا أنهم يسألون حتى يعرفوا كل هذه الأمور، وأنا حاولت في الحقيقة أن أتكلم بكل شفافية وفق ما أنا مقتنع به تمامًا. فقلت: إنه كانت هناك معاملة خاطئة من قبل بعض أجهزة الأمن، وموضوع ردّ الفعل الذي حصل بسبب وجود القتلى بين المتظاهرين، والاستفزاز الذي كانت تقوم به أجهزة الأمن، وإرسال أشخاص إلى منطقة مثل الخالدية ويتكلمون بلكنة ساحلية، وهذا بحدّ ذاته استفزاز كبير جدًا للمتظاهرين، وهذا الشخص مهما تحدث معهم وبأي طريقة كانت فهو يستثيرهم، ولا يهدئهم. فقال: وماذا تنصح؟ فقلت أنا أنصح بالتالي: إذا أردتم إرسال شخص من أجل تهدئة المتظاهرين والكلام معهم أن يكون من نفس الشريحة، يعني يجب إرسال شخص من ضباط المدينة، حتى لو كان سنيًا. وهو تفاجأ لأنني تحدثت بطائفية، وقلت له: حتى لو كان سنيًا، ولكنه من الريف، فلن يجد قبولًا في الخالدية بين أهل المدينة؛ لأن هذه النعرات موجودة، ومن الممكن أن يأتي شخص، ويتكلم بطريقة معينة، فيقولون: تفضل (انظر)، لقد جاء من المكان الفلاني حتى يعلمنا الحضارة والإتيكيت (السلوك بالغ التهذيب). فقلت له: هذه الأمور عادة يجب عليكم مراعاتها.

طبعًا، كان الحديث طويلًا، وسألوني عن عدة أمور، وفي النهاية، قال لي: بماذا تنصح في العمل مع المتظاهرين والأعداد الكبيرة التي تكثر ولا نستطيع ضبطها؟ فقلت له: يجب أن تجدوا لهم وجهاء وتسيّدوا لهم أشخاصًا أو تظهرونهم. فقال: كيف هذا الأمر؟ فقلت له: الآن إذا حصلت عملية اعتقال فأنتم يجب أن تعطوا وجاهة مثلًا: للمشايخ أو عائلة محددة أو شخصيات محددة، وهؤلاء يكونون قادرين على إخراج المتظاهرين من داخل السجن، وبالتالي هذا الشخص يصبح له مكانة بين المتظاهرين، وعندما يعمل في هذا الموضوع فهو سيتحوّل إلى قيادي بينهم، وسيردون عليه، ويلجؤون له بأي مشكلة، وبالتالي هنا يصبح لديكم أشخاص تستطيعون التعامل معهم، وهم لهم تأثير. فالتفت اللواء إلى الضباط الذين خلفه، وقال لهم: في الحقيقة، هذه النصيحة في مكانها، ونحن يجب أن نعمل عليها. وقال لي: أشكرك، وأنا سمعتك، وأنا أقدر حجم اختيارك وحجم الضغط الذي تشكّله على نفسك من أجل اختيارك لكل كلمة؛ لأنه من الواضح أنك تخفي توترًا وخوفًا في داخلك، ولكن أنا أتحدث معك بكل صراحة، والأشخاص الذين مثلك نحن مازلنا نحتاجهم. وأنا مباشرة تدخّلت، وقلت: ما زلنا أم أنكم تحتاجونه؟ فقال: أنت ذكي جدًا. وقال: ما زلنا نحتاجه، وكان الكلام واضحًا أنه في هذه الفترة، ولكن بعد فترة أنت قد تكون خارج المعادلة. ثم قلت له: ما هو المطلوب مني؟ فقال المطلوب منك بنفس الوعي والهدوء الذي تكلمت به أن تتحدث مع أهل منطقتك وأهل حيّك والوجهاء الذين تعرفهم، وأن هذا ليس طريقًا صحيحًا، وفي المحصلة يجب أن تكون هناك طريقة للحوار وطريقة لرفع المطالب، وأما بالمظاهرات والمسلحين فهذا في الحقيقة ليس طريقًا صحيحًا، وأتمنى ألا تنخرط، وحاول أن تثني أقاربك المنخرطين عن ذلك، والآن سننهي مهمتك، وتعود إلى قطعتك، وأنت اليوم من الضباط القليلين الذين سيعودون إلى قطعتهم، وإذا احتجناك مرة ثانية حتمًا سنطلبك بدون أي تردد.

خرجت، وفي تلك الأثناء كان يوجد الكثير من أصدقائي قد عرفوا أنني طُلبت إلى هذا المكان للتحقيق، وكانوا يجرون الكثير من الاتصالات ولديهم هواجس، وعندما عدت إلى الديوان حتى آخذ هويتي وأنهي مهمتي، قال لي: اتصلت عشرة شخصيات كبيرة في دمشق من أجلك، ولكن سوف أقول لك أمرًا: لو اتصل 10 أشخاص آخرين أيضًا غيرهم فإنهم لن يفيدوك لو قررت اللجنة في الداخل إيقافك، ولكن الظاهر أنه لا يوجد عليك شيء.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/04/22

الموضوع الرئیس

الانشقاق عن النظام

كود الشهادة

SMI/OH/115-18/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

عسكري

المجال الزمني

2012

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة اللاذقية-مطار حميميم العسكريمحافظة حمص-الخالديةمحافظة حمص-مدينة حمص

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

قاعدة حميميم العسكرية الروسية - مركز العمليات الروسية

قاعدة حميميم العسكرية الروسية - مركز العمليات الروسية

إدارة المخابرات العامة / أمن الدولة

إدارة المخابرات العامة / أمن الدولة

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

فرع المخابرات الجوية في دمشق

فرع المخابرات الجوية في دمشق

فرع الأمن العسكري في دمشق / فرع المنطقة 227

فرع الأمن العسكري في دمشق / فرع المنطقة 227

الشهادات المرتبطة