أثر الربيع العربي وإرهاصات الثورة السورية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00;09;57;19
أُطلقت شرارة الربيع العربي من تونس، ولكن الحدث المصري في 25 (كانون الثاني/ يناير) [2011] في ساحة التحرير أوقد هذا الحراك ووضعه على سكّة التنفيذ، وهيّأه للانتقال إلى بقية أنحاء الوطن العربي، وانتقل سريعًا إلى ليبيا، وبدأنا في سورية نستشعر ملامح هذا الربيع من الشباب السوري. وفي شهر (شباط/ فبراير) 2011 برزت بعض الوقائع على الأرض تشي باستشعار أنَّ هناك شيئًا ما يدور في المجتمع السوري، وينتظر المرحلة المناسبة لتبلوره، وحدث ذلك في أحداث درعا عندما اعتقل النظام أطفال درعا وما ترتب على ذلك، وحدث ذلك في حادثة الحريقة. [وبخصوص] ما يتعلق بأطفال درعا، اعتقل النظام عددًا من أطفال درعا، وسجنهم، وأهانهم وأهان أسرهم، وطبعًا مجتمع درعا مجتمع أسري، ومازالت العشائرية موجودة فيه، فحدث ما يشبه الاستنفار الشعبي، والنظام لم يحرّك ساكنًا لمعالجة الموضوع، حتى الضباط المشرفون على عملية الاعتقال والتعذيب لم يقم [النظام] باستدعائهم أو بتغييرهم أو بمساءلتهم، وكان واضحًا من تعامل النظام مع حادثة درعا أنه جدار صامت أمام أي حراك، سواء تجاه الأطفال أو كان سلميًا، أو كان سياسيًا، أو من أي نوع [آخر]. وحين حدثت حادثة الحريقة في قلب العاصمة (مدينة دمشق) وهي حادثة جزئية وعرضيَّة، لم يكن مخططًا لها أبدًا، و[هي] مجرد نزاع بسيط بين شرطي وأحد أبناء التجار الذين يعملون في حي الحريقة التجاري في قلب العاصمة، ولكن كان تجمّع الناس سريعًا، و[كذلك] تضامنهم مع ابن الشعب تجاه السلطة التي يمثلها البوليس (الشرطة)، والملفت هو انتقال هذا التضامن إلى شعارات سياسية، حين كان الهتاف في أنحاء الحريقة في قلب تلك الساحة: "الشعب السوري ما بينذل". وهنا بدأنا نتكشّف نضوج السوريين نحو العملية السياسية أكثر مما لمسناه من نشاطات ربيع دمشق منذ عام 2000، وهنا يوجد تماس مباشر مع السلطة [عبر الهتاف] "الشعب السوري ما بينذل"، فمن يقوم بإذلال السوريين؟ مما استدعى وزير الداخلية شخصيًا "سعيد سمور" أن يأتي لقلب الاحتشاد في ساحة المنطقة في الحريقة، ويقول أمام المحتجين: هذا غير مقبول، هذه مظاهرة. وهذا دليل واضح على أنَّ النظام فهم ما يجري، وليس الشعب فقط يستشعر إمكانية انتقال ما جرى في مصر وتونس وليبيا إلى سورية، ولكن النظام أيضًا كان يستشعر ذلك، ويحسب حساباته، رغم أنه إعلاميًا كان ينكر، كان يقول: إن الشعب ملتفّ حول القيادة، وإنَ سورية استثناء لا يمكن أن يحصل هذا الشيء (الثورة) فيها بسبب التلاحم الشعبي مع القيادة. ولكن كل ذلك كان من الإرهاصات التي بدأت تُشعرنا أنَّ التفكير بانتقال الربيع العربي إلى دمشق ليس وهمًا وليس حلمًا، إنما من الممكن أن يتحقق بالفعل.
وفي هذا الشهر بالذات، بعض الشباب طرحوا على "الفيسبوك" دعوة لمظاهرة في يوم 5 (شباط/ فبراير)، وتجمّع للشباب السوري أمام البرلمان؛ للاحتجاج على سلوك السلطة والمطالبة بحريات ديمقراطية وإطلاق سراح السجناء السياسيين وإلى آخر القائمة من المطالب السياسية في سورية، وكانت هذه أول دعوة، وأنا شخصيًا أخذتها على محمل الجد، خاصةً أننا بدأنا نسمع عن النشاط "الفيسبوكي" للثوار المصريين وفي ليبيا وفي تونس، وأنا أخذتها على محمل الجد، ونزلت من مدينتي قطنا إلى دمشق، وركنت السيارة قرب الجامعة في مكان بعيد في الحلبوني؛ لأنني أعرف إذا حصل هذا التجمع كيف ستكون النتيجة، واستنفار النظام كان واضحًا لإلغاء أي أثر من هذه التحركات منذ بدايتها، كان تصميمه على القمع أكثر من واضح. ومشيت في قلب المدينة من بوابة الصالحية وساحة 29 أيار، ودخلت في شارع الصالحية، كان الوضع طبيعيًا تمامًا، وتعمدت أن أمشي على الرصيف الذي يمرّ من أمام البوابة الرئيسية للبرلمان، وكلما اقتربت من البرلمان بدأت أشاهد عناصر الأمن الموجودين على واجهات المحلات بحجة أنَّهم يتفرجون هنا وهناك، ومررت من أمام بوابة البرلمان، وكان كل شيء عاديًا، لا يوجد شيء غير طبيعي، وعلى الزاوية أمام تقاطع طريق الصالحية الذي هو أمام البرلمان مع شارع العابد، وهنا بدأت أرى بعض الشباب، و[بالإمكان] التمييز ببساطة بين الشباب القادمين على موعد وهم متخوفون وغير واثقين مما يحصل، وبين [عنصر] الأمن المنتظر لأي إشارة.
ودخلت من شارع العابد باتجاه اليسار، وفي الحديقة خلف البرلمان، كانت قوات الأمن وحفظ النظام موجودة هناك، وتملأ الحديقة. إذًا النظام حتى هذه الدعوة "الفيسبوكية" أخذها على محمل الجد. وانتهيت من شارع العابد، ودخلت من شارع الحمراء باتجاه اليمين، وحدث نفس الأمر فالذين مثلي من الشباب السوري الذين أتوا ليلبّوا هذه الدعوة بدؤوا يتوزعون على الأرصفة، ولكن بدون أي حراك، ثم وصلت إلى السبع بحرات، ودخلت من جديد في شارع العابد، وعندما وصلت باتجاه السبع بحرات في هذه الحارات الضيقة كانت مزدحمة بسيارات الأمن والجيش والسلاح فيها، والنظام كان قد أخذ الموضوع بشكل جدي، وكان القمع قرارًا مباشرًا لا يقبل التردد. وعدت من شارع العابد إلى أمام البرلمان، وكان الناس قد بدؤوا يتفرقون، ولم يحصل هذا التجمّع الذي تمّت الدعوة له، ولكن تكشّف لنا بوضوح أنَّ النظام لن يكون متهاونًا أمام أي حركة، وخاصةً أننا نتحدث عن العاصمة في قلب دمشق، وفي ذلك الوقت كانت هناك دعوة للتجمع والتظاهر، وبقيت دعوة على "الفيسبوك"، ولم تُنفذ.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/07/21
الموضوع الرئیس
إرهاصات الثورة السوريةكود الشهادة
SMI/OH/56-04/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011-2/2011
updatedAt
2024/11/15
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-الحريقةمحافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة درعا-مدينة درعاشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش العربي السوري - نظام
وزارة الداخلية - النظام
قوات حفظ النظام
مجلس الشعب - نظام