الخروج من سجن عدرا ووصية الثوار: لا حوار مع النظام
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00;08;08;57
في 6 (أيار/ مايو) 2011 مساءً، فُتح باب المهجع [في سجن عدرا المركزي]، وإذا بصديقنا رياض سيف يدخل إلينا وعلى قميصه بقع دماء من الذي تعرَّض له، فيحكي رياض سيف لنا قصته، وأنَّه كان مع المظاهرات في أحد المساجد في حي الميدان، وأنَّ الأمن كما هو متوقع يترك الآخرين ويتقدَّم نحو السياسيين المعروفين من أجل إبعادهم عن هذا الحراك الشعبي. ونقلوه مباشرًة إلى سجن عدرا، وكانت المفاجأة لنا أن يأتينا أخونا رياض ونحن بهذه الحالة، ولكن المفاجأة الأكبر كانت بالنسبة لنا أنَّنا كنا نعرف بأن الأستاذ رياض بعد خروجه من عام 2010 من سجنه الأطول ترك العمل السياسي واستقال من مهامه كرئيس للأمانة العامة "لإعلان دمشق"، وكان في حالة من اليأس وافتقاد الأمل من إمكانية التغيير بسبب الظروف الدولية والإقليمية، وأنَّ النظام لايزال بألف خير، والوضع الدولي مازال يصب الماء على يدي النظام. وكانت مفاجأة لنا، وسألنا أبا جواد (رياض سيف): يا أبا جواد، أنت لم ترجع عن قرارك فحسب، ولكنك داخل في سياق الثورة والمظاهرات! فكان أبو جواد الذي نعرفه سابقًا والذي قام في "ربيع دمشق" بخطوات شجاعة، وأقام منتدى وانضم "لإعلان دمشق"، وفضح أساليب النظام فيما يتعلق بملف الخليوي، وكانت سابقة كبيرة جدًا، والآن رأينا، وشكرنا الثورة لأنَّها أعادت مناضلًا مثل رياض سيف إلى مكانه الطبيعي بين الثوار، وأنَّ الثورة أعادت الأمل، وحتمًا ليس رياض سيف هو الوحيد الذي تجدد هذا الموضوع لديه. أتى رياض سيف في زحمة المهاجع، ولم يكن هناك مكان ليجلس وينام فيه، فكان لا بد أن يجلس وينام على الأرض، ولكن نخوة شباب الثورة لم تسمح بذلك، ففراس محيثاوي نزل عن سريره، وقال: رياض سيف لا يجلس على الأرض، رياض سيف يجلس مكاني. واعتذر أبو جواد، وكلنا قدّرنا ذلك الموضوع، فنحن نستطيع القيام بذلك، ولكن فراس وضع بطانيته على الأرض، واستلقى عليها، وترك سريره لرياض سيف. هذه الأشياء تذكّرنا كيف أن الثورة تستنبط من داخلنا الشيء الجميل، والشباب الذي قدّم التضحية وهو يخرج في المظاهرات ويقدّم روحه في أي لحظة، فلن يستكثر أن يقدم أشياء أخرى أقل بكثير، ولكن [تلك اللفتة] كانت مؤثرة وخاصة عند أخينا رياض سيف؛ لأنه سابقًا سُجن سابقًا في [سجن] عدرا، ولكنه سُجن مع الجنائيين الذين لا يقدّرون السياسي والثورة، ولكنه الآن سُجن مع شباب آخرين من نوعية مختلفة كليًا.
أمضينا في سجن عدرا شهرًا كاملًا، وأنزلونا أنا وفايز سارة إلى القصر العدلي [للمثول] أمام القاضي، ولم تطلْ المحاكمة، وكان هناك استجواب بسيط، ونحن لم نكن مرتكبين لأي عمل، وأنا لم أكن قد خرجت في أي مظاهرة؛ لأنها لم تكن هناك مظاهرات في بلدي (قطنا)، فقرروا إطلاق سراحنا، وإطلاق السراح يتم في منتصف الليل. فعدنا، ونحن نعرف أنَّنا سنخرج، وبدأنا نجهز أنفسنا للخروج، وهنا تبدأ التوصيات والعلاقة التي قد نقوم بها في الخارج لمساعدة السجناء الآخرين، ولكنني أذكر فيما أذكره بقوة أنَّنا بينما كنا نحمل الحقائب لنخرج، وبالرغم من أننا كنا قد تحاورنا كثيرًا بالموضوع، كان صوت زياد وضياء في أذني: أستاذ لا حوار [مع النظام].. لأنَّ نغمة الحوار كانت هي المطروحة من أطراف النظام على بعض المثقفين والسياسيين من أجل تفتيت جبهة الثورة، وكان صوت السجناء إلى الخارج يلاحقنا أنَّه "لا حوار بأي حال من الأحوال" والثورة مستمرة والقدرة على التضحيات قائمة.
جلوسنا هذا الشهر معهم جعل الثوار يكتشفون، وخاصة حين جاء سياسيون من أماكن أخرى، وشرحوا لنا كيف هي الخلافات التي بدأ يزرعها النظام داخل البيئة السياسية هنا وهناك، وأنا كنت من الملتزمين في خطنا -وشخصيًا- ضد أي حوار؛ ولذلك كان الشباب ملتفين حول هذه الأصوات التي ترفض الحوار، وهذه الأصوات التي تتمسك بالثورة دون أي حسابات على الإطلاق، وهذا الخط كان هو الخط السائد تمامًا؛ لأن الثورة لم يكن أحد قد تسلّق عليها بعد، ولم يكن قد ظهر عليها أي تشوهات، ومازال النظام يمارس عنفه في الشارع لمنع الحراك في الشارع، والآمال موضوعة ومحفوظة، ولذلك كانت الوصية الواضحة باستمرار أن نقف ضد الحوار، وهذا ما فعلناه.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/07/22
الموضوع الرئیس
البدايات الأولى للثورة السوريةكود الشهادة
SMI/OH/56-22/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
5/2011
updatedAt
2024/11/15
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-الميدانمحافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
سجن عدرا / دمشق المركزي
القصر العدلي في دمشق