الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

آليات التعذيب أثناء الخروج "للتنفس" في سجن تدمر

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:09:04:09

ما إن ينتهي الإفطار حتى تأتينا في الحقيقة الجولة الثانية، والتي هي أيضًا أصعب من الجولة الأولى وهي غزوة التنفس، وهي كانت بعد الساعة الـ 7:00، وبين الإفطار والتنفس كان كلّ منا يترقب، يدخل إلى المطبخ يتوضأ يصلي ركعتي الضحى وركعتي قضاء الحاجة ويدعو الله سبحانه وتعالى، وبعد أن ينتهي من أذكاره الصباحية وورده القرآني يبتهل إلى الله سبحانه وتعالى ويباشر بقراءة سورة ياسين، لأننا نعلم أنَّ ياسين لما قُرئت له، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، منهم من يقرؤها مرة ومرتين و3 و4 و5 و7 حتى يأتي التنفس وهو يبتهل إلى الله بالدعاء لأنَّه يدرك أنه قادم إلى غزوة قد لا يعود منها.

حين نخرج إلى الباحة الحقيقة كانت ساعات صعبة وحرجة ومؤلمة لأنَّك تدرك تمامًا أنَّ التنفس لا مفرَّ منه ولا مهرب، فكنا ننتظر ونترقب متى سيأتي هذا الشرطي، ومتى سنسمع كلامه؟ والآن دخل، مترقبين و[نحن] في حالة ترقب كامل حتى إذا ما كانت الساعة الـ 9:00 تقريبًا أقبل الزباينة المجرمون [ونعرفهم] من خلال كلامهم والشتائم التي نسمعها منهم، ونحن ندعو الله سبحانه وتعالى [أن يخلصنا] مما نحن إليه قادمون، ومن الإجرام الذي سنلاقيه بعد دقائق.

الحقيقة ولا أخفيك في كل باحة، المهجع الأول من كل باحة قد يكون له نصيب كبير لأنَّه سيتفاجأ بالدورية التي ستأتي إليه، هل هي من الدوريات المجرمة؟ وبعض الرقباء كانوا أكثر إجرامًا من غيرهم، من خلال تعرفنا عليهم في السجون، فالمهجع الأول حين كان يخرج [فإن] بقية المهاجع الحقيقة تكون في حالة ترقب، حتى إذا ما انتهى غيره، ومن كان قبله من المهاجع سيكون هو جاهزًا، وإن كان التعذيب على قدم وساق، والإجرام قائم، يخرج المهجع الثاني أو الـ 3 أو الـ 4 أو الـ 5 منهارًا نفسيًا لأنَّ سماع الأصوات بشكل دائم سواء كان من سماع أصوات الكرابيج التي صداها الحقيقة يملأ الفضاء، أو [من] سماع الأصوات، أصوات الآلام من إخواننا الذين يتلوّون من تلك الكرابيج والركلات التي هي مستمرة بشكل دائم، والحقيقة لا نصل إلى دورنا في التنفس إلا ونحن في حالة انهيار كبيرة جدًا.

 وطبعًا في السنوات الأولى لم نكن على خوف كبير جدًا لأنَّ الشباب مازالوا بأجساد قوية وإيمان عميق ويدركون أنهم أمام مسؤولية وينبغي أن يصبروا ويتحملوا، وهذا من قدر الله وقضائه عليهم، وبالتالي كانت العزيمة والإرادة والهمة والجسم القوي تساعد على هذا الأمر، ولكن مع تقدم السنوات واستفحال القتل بشبابنا والتفنن بأساليب التعذيب سنة بعد سنة ولمدة 12 عامًا، تلك السنوات التي عشتها في السجن لم ينقص العذاب وإنما زاد وزادت فنونه أكثر وأكثر، في كل عام يزداد، وكل شرطي جديد يكون له أنواع من التفنن في القتل، ما أن يُفتَح باب التنفس حتى الحقيقة -طبعًا نحن تكلمنا كيف يفتح الباب- يردد مباشرة رئيس المهجع الشعار أو "استرح استعد" (التنبيه العسكري): "المهجع جاهز للتفتيش حضرة الرقيب"، وهذا التنبيه لا بد من ترداده، فيما شباب المهاجع يكونون قد وقفوا ووجوههم إلى الحائط وأيديهم وراء ظهورهم، يفتح [الزبانية] الباب، و[يقولون]: أخرجوا أيها المجرمون في كلمات نابية لاذعة قذرة بلهجتهم النصيرية (العلوية)، حين يخرج لا بد من الخروج غزوة لا يمكن الهروب منها ولا المفر منها نهائيًا، الزبانية يحملون كرابيجهم، وينادي رئيس المهجع: اثنين اثنين للخارج، ومن لم ينله شيء حين خروجه من الكرابيج لا بد أن يناله في التنفس. وكانت حالات التنفس على حالتين، حالة الجلوس وحالة المشي، وحالة الجلوس غالبًا ما يحاصروننا في زاوية ضيقة 200 شخص ممكن [أن] يضعوننا في  5×5 5 أمتار بحيث أن تكون ملاصقًا للأخ الذي بجانبك 100% لا يمكنك التنفس أو الحركة ولا يمكن لك أن ترفع رأسك وغالبًا ما كان التنفس عاري الصدر، ويدك وراء ظهرك، ورأسك في الأرض، وممنوع الحركة، فيما أرض التنفس كانت مدببة، و[ممتلئة] بالبحص المدبب، والجلوس عليه بدون قتل هو عبارة عن عقوبة كبيرة جدًا، فما بالك أنت ستجلس عليها ويديك وراء ظهرك ورأسك وراء قدميك وعاري الصدر! وهذه الجلسة لم تكن تطل جدًا -الحمد لله- كانت تقريبًا ربع ساعة وأحيانًا نصف ساعة، وهي كفيلة بأن يُكسر فيها 5 أشخاص ويُشوه فيها 10 ويُقتل فيها العشرات من الشباب لأنَّها غزوة للقتل الحقيقة، وصحيح أنها تحت اسم تنفس، وعندما نقول أنه [وقت] التنفس أعتقد كانت تُعتبر أمنية عند السجناء الذين يريدون أن يستنشقوا الهواء الطلق، ولكن سجناء تدمر الحقيقة لم يكونوا يريدون تنفسًا ولو غاب عنهم سنة أو سنتين وكانوا يدركون [أن] هذا التنفس هو المشقة والتعب والهلاك والقتل وهو كل أنواع الإجرام الذي سيمارس عليهم في النصف ساعة أو ربع ساعة، وهي كفيلة الحقيقة في جولة عصيبة جدًا لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم وإنما يجدون أنفسهم فريسة بين أسود جائعة مجرمة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/11/24

الموضوع الرئیس

الاعتقال قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/159-11/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-سجن تدمر

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

سجن تدمر

سجن تدمر

الشهادات المرتبطة