الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مرارة نوم المعتقلين في المهاجع في سجن تدمر

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:12:02

المحطة الأخيرة من يوميات السجين في سجن تدمر وهي النوم والحرس الليلي، وهذه مرحلة صعبة جدًّا، ويظن الكثير من الناس أنَّ الإنسان بعد تلك المحطات اليومية التي كانت متتالية، وكل واحدة منها أقسى من الأخرى، وتقول أنَّه جاء النوم حتى تستريح، وحقيقة النوم لم يكن أقل قسوة وإيلامًا من النهار، ونظام النوم في سجن تدمر هو من الـ 06:00 مساءً إلى الـ 06:00 صباحًا؛ يعني في الصيف أنت ستنام قبل المغرب بساعتين، وطبعًا هناك نظام للنوم، فالمهجع طوله تقريبًا 18 مترًا وعرضه 5 أمتار، فيه 200 شخص، وحصة الإنسان منه شبر وإصبعان، وعلى ظهرك لا تستطيع أن تنام [فذلك] ممنوع، وستنام مسيفًا مثل ما يقولون (على جنبك)، وسيكون رأس من هنا والرأس الثاني في الطرف الآخر، وأنت محاط بين قدمين وقدمين، وإخوانك على نفس المبدأ حتى يستطيعوا [أن] يناموا وينزلوا على سيفهم (جنبهم)، وهناك مهاجع وأنا جلست فيها وآخر شخص سينزل حقيقة يُضطر رئيس المهجع أن يقف عليه ويكبسه، ولا يبقى له محل، وهذه الحالة في النوم كانت صعبة للغاية، وأنت [من] الممكن [أن] تستطيع أن تنام في ساعة و2 و3 ولكن آخر الشي [الأمر] 12 ساعة لا تستطيع، وأنت مجبر [على النوم] وممنوع الحركة، وفيما لو تحركت أنت معرض للعقوبة، ويعطيك رقمًا أنَّك كنت تتحرك، وبالتالي أنت مستيقظ إضافة لهذا الأمر لدينا نظام الطماشات (قطعة قماش توضع على العيون)، وكل واحد سيصنع قطعة من القماش ويربطها بمطاطة من أجل أن يطمش نفسه بها، والويل لمن ليس مطمشًا أو كان نائمًا وزحطت (تحركت من مكانها) تلك الطماشة، وأتى الحرس ورأى ليس عليه طماشة، وهذا يناله عقاب ليلي، وهذا غير العقاب النهاري، والنهاري هناك كرباج، أما في الليلي فهذا نموذج آخر، ولدينا النومة القاسية للغاية، [والنوم] على ظهرك لا يوجد، وإذا طلعت (نمت) على ظهرك وأنت مرتاح قد تتعرض للخطر، والنوم يجب أن يكون على سيفك (جنبك) رأس ورجل، وحركة لا يوجد نهائيًّا، والطماشة إياك أن تُزاح عن وجهك وهذه تعرضك للخطر.

 والحقيقة هذا الأمر قاس للغاية أمام 200 شخص وممنوع الخروج إلى الحمام، وهنا الحرس الليلي يجب أن يكون موجودًا، وكل واحد [يقف] باستعداد على باب الحمام، ولا يجوز أن يعلو بنظره إلى الأعلى، حتى إذا ما كان الشرطي تسلل خفية إلى شراقة (فتحة صغيرة) السطح ونظر إليك هنا صارت ذريعة لعقوبته، وهو يجب أن يقف دومًا باستعداد ونظره إلى الأمام عند قدميه فقط، أو أنَّه ينظر إلى الأمام إلى الناس النائمين، وهذا ليس له مهمة، واسمه حرس وفيما لو سأله وجاءه الشرطي ليلًا وسأله: من لديك في الداخل؟ وإذا كان لديه واحد فهو معرض للعقوبة، لأنَّه ممنوع الدخول إلى الحمام ليلًا مهما كان السبب، والمرض ممنوع، وهذا نظام، وشبابنا لم يكونوا يلتزمون بهذا الأمر وهناك حالات مرض لا تستطيع [الانتظار إلى الصباح]، وهذا يكون خفية.

 وأحيانًا يكون بعض السجانة الذين يتساهلون إلى حد معين وليس هناك أوامر كثير بالضرب فقد يغضون البصر، ولكن هناك سجانة من أقذر البشر وكانوا يتسلون بالناس فيراقب كم شخص دخل، ويرى الأمر، وكانت مهمة الحرس الليلي من أصعب المهام، وهذه كانت تحتاج لرجال سوف يضحون بأنفسهم، وهذا كل يوم وأنت في كل يوم تحتاج إلى 6 شباب، وهؤلاء الشباب من الحرس الليلي من الـ 6 إلى الـ 8 ينتهي ويذهب لينام، وسيخرج واحد من الـ 8 إلى الـ 10 ومن الـ 10 إلى 12، ومن الـ 12 إلى 2 ومن الـ 2 إلى 4 ومن الـ 4 إلى 6، وعندك من الـ 4 إلى الـ 6 يكون لدينا صلاة فجر، وهذه نقطة أحيانًا الشباب سيصلون الفجر ولكن ممنوع الصلاة، -وسنتكلم عنها إن شاء الله-، ولكن هناك بعض الشباب الذين يحرصون على الصلاة وإن كان في التيمم، وإن استطاعوا أن يدخلوا إلى الحمام خفية، وبمساعدة الحرس الليلي الذين يغامرون أحيانًا في مساعدة إخوانهم، وهذا يمكن أن ينجو، وممكن حقيقة [ٍأن] يكون أمام عقوبة قاسية جدًّا بالنسبة له، وضُبطت لدينا حالات كثيرة للغاية، ونتكلم عن بعض الحوادث التي حصلت معنا، والمهم هذا الحرس مهمته من أقسى المهام، وليس لدينا من حرسٍ وإلا ويكون مجهزًا نفسه للعقوبة في اليوم التالي، إما دولاب أو فلقة (أسلوب عقابي) أو سيأكل قتلة (سيتعرض للضرب)، وخاصة الحرس في الساعات الأخيرة من الـ 2 حتى الـ6، وأيضًا يتعلق بحسب الشرطي الموجود فوق (في الأعلى) وهو ودناءته ووساخته ويمكن [أن] يتذرع لمعاقبة هؤلاء الشباب.

 على كل حال هذه الجولة أو الغزوة [التي] نتكلم عنها أو المحطة كانت قاسية للغاية لطول مدتها وقساوتها وضيق المكان، ولقذارة الشرطة الذين يراقبون هذا الأمر، وهنا يُلاحظ على الحرس الليلي أنَّ له حصة كاملة من العذاب، وهذا الوقوف في الدرجة الأولى هو نموذج من العذاب، والعذاب الآخر هو في اليوم الآخر غالبًا سيأكل قتلة خاصة إذا لوحظ عليه أي خلل أو مخالفة.

والأمر الآخر حين تقع مخالفة عند أحد الشباب فطماشته انزاحت عن وجهه أو تحرك دون أن يعلم، وهنا حدِّث ولا حرج عن العقوبات التي سيتسلى بها، وغالبًا ما تمتاز بقضية أن يسكب عليه ماء، وبالتالي يأتي ببدون (وعاء) مياه ويسكبه على هذا الذي تحرَّك.. هذا الكلام معناه أنَّه إذا رمى بيدون مياه على واحد، ومعنى ذلك الذين بجانبه كلهم مياه والبطانية (الدثار) كلها مياه، وممنوع [أن] يتحرك، فما بالك إذا كانت في الشتاء! هذا إذا أبقاه على ما هو عليه في مكانه ولم يخرجه إلى الحمام أو المطبخ والذي سيشلحه (سيجعله يخلع) [ليبقى مرتديًا فقط] الشورت، وسيسكب عليه من بدونات المياه الكثيرة جدًّا مع القسوة والضرب، وهم يتفنون في عذاب هؤلاء الشباب.

وعندنا أيضًا في تلك الفترة حين يكون هناك مطر والأمطار حين كانت تنزل من الشراقة (فتحة صغيرة)، فهؤلاء ليس لهم مكان إلا أن يبقوا تحتها، فأنت لا تستطيع أن تتحرك أو تأتي بأية حركة، وستنال من المطر الغزير، ومن شدة قساوة هذا المجرم الذي يراقبك في الدرجة الأولى، وكثيرًا ما كان يتسلل هؤلاء ليعملوا العقوبات الجماعية وخاصة الحاقدون منهم على شبابنا، والذين هم حقيقة كانوا يتناوبون عليهم بشكل كثيف للغاية، وطبعًا إذا نجوت أنت من الحرس الأول وهم أيضًا الشرطة يتناوبون كل ساعتين حرس، وقد يكون يوصي أن عاقب شخصًا في المهجع الفلاني، ويأتي الحرس الآخر ويتسلل ليرى هل هذا مازال موجودًا في العقوبة أم أنه عاد، وإذا عاد فالكارثة وقعت عليه مرة ثانية وتضاعفت عليه العقوبة في اليوم الـ 2 في الباحة .. أمَّا إذا كان موجودًا فقد يتابع في تعذيبه وقد يكون اكتفى بهذا العذاب، وينتقل إلى مهاجع أخرى.

وفي الحقيقة وباختصار أستطيع أن أقول لك أنَّ المحطَّات اليومية في سجن تدمر إذا أردت أن أختصرها في عبارات مختصرة ومعبرة، كانت تبدأ بالاستيقاظ والتهيؤ لمزيد من الإرهاق والتعب النفسي والجسدي لليوم الجديد، وبعد ذلك يأتي الإفطار والغداء والعشاء الذين تكلمنا عنهم، والذين هم بكمياتهم على مبدأ شم ولا تتذوق (كناية عن قلتها) وفي كيفية إدخالهم على مبدأ لقمة مغموسة بالدم إن لم تكن هي الدم كله حقيقة.

وأمَّا كما تكلَّمنا عن التنفس وشبهناه بأنَّه أشبه بغزوة ما بين طرفين طرفٌ معزول ليس معه سلاح من شباب أطهار كالملائكة، وطرف مجرم خبيث مدجج بالسلاح وكأنهم كالشياطين والخنازير، وأيضًا يأتيك التفقد لتكون لقمة سائغة بين أنياب الكلاب أو فريسة سهلة بين مخالب الذئاب، ثم يأتي كما قلنا الحرس الليلي وتكلمنا عنهم هؤلاء الحرس الليلي والنوم لتسير جولة جديدة في آلام ونموذج آخر من العذاب والتعب النفسي والجسدي، والحمد لله على كل حال لأنَّه قدر الله سبحانه وتعالى علينا أن قوانا وثبتنا حتى تجاوزنا تلك المرحلة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/12/11

الموضوع الرئیس

الاعتقال قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/159-17/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-سجن تدمر

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

سجن تدمر

سجن تدمر

الشهادات المرتبطة