التفتيش الشهري وما يرافقه من تعذيب في سجن تدمر
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:08:28:20
المحطات الثالثة: المحطة الشهرية كانت هي محطة واحدة، وكنا نسميها محطة التفتيش، والتفتيش حقيقة هو أيضًا الحمد لله أنها لم تأت بالشهر إلا مرة واحدة، لأننا يعني كنا نحسب لها حسابًا كبيرًا جدًّا، طبعًا التفتيش الغاية منه -كما يدعي السجانة- هو الكشف عن أرضية وجدران المهجع على أنه لا يتم [بها] حفريات، علمًا أنهم يدركون تمامًا أنه لا يمكن لأحد من السجناء أن يفكر في هذا الأمر على الإطلاق، أو بداية لأننا لا نملك أية أداة حادة [فذلك] ممنوع في السجن، وحتى الإبرة ممنوعة في السجن، فلا توجد أية أداة حادة، ولا يمكن لأحد أن يستطيع أن يدخل معه أية مادة وبالتالي هذا أمر محسوم، لكنه الحقيقة هو نوع من أنواع العذاب الجسدي والنفسي.
طبعًا التفتيش يعني أننا في مهجع وهناك 200 رجل -200 سجين- وعلى كل سجين أن يحمل أغراضه ويجمع أغراض المهجع كلها في الوسط، فالأغراض الشخصية في وسط المهجع سواء كان من الأغراض الشخصية له، وسواء كانت من أغراض المهجع بالأصل التي هي البطانيات والعوازل العامة، طبعًا العدد عندما نقول 200 شخص يعني عدد كبير حقيقة، فهذا الأمر ستكون له تداعيات كثيرة جدًّا من الفوضى والخلل والاضطراب والصوت، وكل هذه الأمور التي هي تُعتبر من السبع الموبقات في السجن يعني إذا كان الواحد تمشى أو حمل أغراضه على مستوى فرد يُعاقب، فما بالك على مستوى 200 رجل، عندما يكونون يشتغلون بأمور كهذه، وإن كان هو عبارة عن أمر من هذا المجرم لكن لا ينبغي أن يكون هناك أي صوت ولا ينبغي أن يكون هناك أية فوضى، وكل هذه الأمور مدعاة لأن تتعرض للعقوبة.
على كل حال إذا ما حان وقت التفتيش، فنحن الحقيقة أمام غزوة وأمام اضطراب كبير جدًّا، فيقوم رئيس المهجع بإعطاء الأمر بأن تجمع كل الأغراض العامة للسجناء يعني البطانيات التي تُعد أحيانًا بالمئات 200 [أو] 300 [أو] 400 [أو] 500 بطانية وأيضًا العوازل التي كنا نفرشها في أرض المهجع فهذه لا بد من ضبطها ووضعها في منتصف المهجع، وأيضًا الأغراض الشخصية التي هي أيضًا كثيرة إلى حد ما، فكل شخص معلق أغراضه على جانب، فسيكون الحقيقة يوجد عندنا ارتباك وخلل.
طبعًا في هذه الحالات عندما يأتي هذا الأمر لا بد من تنفيذه ثم الخروج إلى الباحة، وحصر السجناء حقيقة في زاوية ضيقة جدًّا، وهنا طبعًا أصبحنا إذًا أمام مشهدين؛ مشهد أن المهجع في الداخل أصبح مكشوفًا لأن الأغراض أصبحت في وسط المهجع، وأصبحنا في الخارج عندما حوصرنا في الباحة في زاوية ضيقة، والزبانية أصبحوا يتسلون في أجسادنا ضربًا ولكمًا ورفسًا وتعذيبًا بكل أنواع التعذيب، وفي هذه الأثناء إذًا السجانة يضربوننا، ويدخل رئيس الدورية عادة إلى المهجع من أجل أن يأخذ نظرة على أنه [أن] يطمئن على أنه لا حفريات هناك، وأحيانًا كما لاحظنا أنه كانوا يسرقون مما يرون من أمور قد تعجبهم، فيعني بعض الرقباء والعرفاء الذين دخلوا كانوا يسرقون من أمتعة المساجين كونه داخلًا لوحده، أو داخلًا ومعه عنصر أو عنصران فقط، وأحيانًا كانوا يعني يدخلون بعض الشباب أو رئيس المهجع أو معاون رئيس المهجع معه من أجل أن يدلهم على أمر معين ومن أجل أن يسألوه عن أمر معين للاستفادة والابتزاز، وغالبًا ما تنتهي هذه الجولة يعني بعقوبة رئيس المهجع الذي سيناله من الطبيعي النصيب الأكبر فضلًا عما سيترتب على إخواننا القاعدين أو المحصورين في زاوية ضيقة، وما زال السجناء أو ما زالت الزبانية تتسلى وتعذبهم في هذه الساعة.
على كل حال كل هذه الفترة -التفتيش- كانت تأخذ منا يعني تقريبًا حوالي نصف ساعة للمهجع الواحد، طبعًا عندما تنتهي هذه الجولة ومن الممكن أن تأخذ حوالي النصف ساعة تقريبًا لكل مهجع، والنصف ساعة طبعًا كافية لأن تقتل 10 أو 20 أو 30 أخًا من شبابنا أو من كل مهجع -إضافة إلى رئيس المهجع- وهنا كان لا بد من الدخول إلى المهجع بعد انتهاء مهمتهم، والدخول بحد ذاته كما الدخول من التنفس، يعني هو أيضًا مشكلة لأنك ستخرج إلى الباحة تحت الكرابيج، وستدخل إلى المهجع أيضًا تحت الكرابيج، ومن لم يطله عند الخروج نصيبه من الكرابيج على الغالب سينال نصيبه عند دخوله، لأن وقوف الشرطة حقيقة كانوا يقفون بشكل كما يُقال: زكزاك (متعرج) فإذا نجا من أول شرطي فالشرطي الثاني غالبًا سيكون له بالمرصاد أو الشرطي الثالث وهكذا يعني، حتى إذا ما دخلنا إلى المهجع فنحن [الآن] أمام أيضًا طامة ثانية وأمام آلام ومصيبة كبرى أن هذه الأغراض التي عملنا على وضعها في منتصف المهجع؛ سواء كانت من البطانيات أو العوازل أو غيرها أو من الأغراض الشخصية الآن كيف سنعيد نعيدها إلى ما كانت عليه؟؟ وكل واحد أين سيجد أغراضه الآن؟؟ وهم لـ 200 شخص فأين سيجدها؟؟ فالحقيقة أنت أمام وضع مربك قليلًا، سواء كان من الفوضى سواء كان من الصوت سواء كان من الخلل سواء كان من فقدان الأشياء التي يمكن أن يكون قد تغير مكانها من مكان إلى آخر، وبالتالي أيضًا سيكون في انتظارنا على الشراقة (نافذة صغيرة لمراقبة السجناء) على السطح الشرطي الذي سيراقب الخلل أو الفوضى أو الصوت حتى ينزل فينا العقوبة التي يراها مناسبة إما منبطحًا ساعة أو ساعتين حتى تنتهي نوبته أو إما واقفًا على رجل واحدة ورافعي أيدينا أيضًا ساعة أو ساعتين حتى تنتهي نوبته وهكذا، يعني نرى أن هذه المحطة أيضًا كلها تعذيب بتعذيب، والحمد لله أنها لم تأتنا إلا في كل شهر مرة واحدة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/12/28
الموضوع الرئیس
الاعتقال قبل الثورةكود الشهادة
SMI/OH/159-22/
رقم المقطع
22
أجرى المقابلة
خليل الدالاتي
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-سجن تدمرشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة

سجن تدمر