الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

قصص عن المحاكمات الميدانية في سجن تدمر-1

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:16:06

من خرج إلى حبال المشانق وأُعدم خلال تلك الفترة، فترة سجني التي انتهت عندي في عام 92 وقد توقفت الإعدامات في الـ 90 تمامًا، وكانوا قد أعدموا كلَّ من يريدونه أن يُعدم حسب قانونهم وقرارهم، وأعتقد [أنه] تجاوز 25 إلى 30 ألف شاب، وأنا شاهد على الكثير من المجازر في الفترة التي كنت أعمل بها في السجن ضمن الندوة التي سأتكلم عنها، وضمن المهجع الذي كنت مقيمًا به -مهجع 26-، والذي هو من مهاجع الباحة الـ6 -باحة الإعدامات-، وبالتالي كنا نسترق السمع ونختطف أيضًا البصر من أجل أن نرى كيف يتم تنفيذ هذا الأمر، والأعداد كانت كبيرة وفاق هذا العدد 30 ويمكن [أن يكون] 35 ألفًا، ولا أبالغ [في ذلك].

 وقد يقول قائل: سجن تدمر لا يتسع لهذا العدد، وهذا كلام صحيح لذلك أنا سأعرج على هذا الأمر أنَّ سجن تدمر كان مبرمجًا على أنَّ [هناك] تصفيات جسدية في دفعات الإعدام وفي ساحات التعذيب، ولكن في دفعات الإعدام كانت التصفيات كبيرة -كما قلنا-، وفي اليوم الثاني مباشرة لدينا دفعات داخلة؛ إذاً دفعات خرجت من السجن من حبال المشانق إلى المقابر أي أُفرغ عدد من السجن، ودفعات في اليوم الثاني سوف تتقدم لتمارس عليها حفلات التعذيب والمحاكمة وهكذا، وما بعد "حفلات الإعدام" كان لدينا "المحاكمات الميدانية"، وهي مرتبطة بالإعدامات وكل يوم لديك حملة إعدام، معنى ذلك حين ينتهون من جريمتهم وحملتهم وحين يخرجون هذه الجثث إلى حيث لا ندري، وقتها يأتي مباشرة الساعة 10:00 بنفس اليوم أو الساعة 11:00 بنفس النهار يأتي 300 اسم لمحاكمتهم، ورئيس المحكمة الميدانية آنذاك اللواء سليمان الخطيب -قاتله الله-، وكان أيضًا حسن كنعان من اللاذقية وسليمان الخطيب من دريكيش والقعقاع من اللاذقية وأعتقد [أنه] يمكن أتى معهم فايز النوري وهؤلاء الأشخاص الذين كنا نعرف أسماءهم من خلال معارفهم، وخاصة سليمان الخطيب ذلك الرجل المجرم والقصير القامة، ولكن يبدو من قسمات وجهه الغلظة والإجرام والإفساد والقتل والحقد الدفين.

 طبعًا كانت المحاكمات في الباحة أو باحة الذاتية، وهي باحة فيها المكاتب للشرطة ومدير السجن والقائمين على السجن حيث يُخرجون هؤلاء الشباب حين تصدر أسماؤهم، ولا بد من تجميع هؤلاء الشباب بطريقة [من] أصعب ما يكون، وأكاد أن أقول أنَّ الخروج إلى باحة المحاكمة أثناء المحكمة كانت أصعب من التنفس بكثير لأكثر من سبب؛ لأنَّهم سيجمعون هذه الأعداد من كل مهجع 10 أو 20 أو 30، وفي مهاجع سجن تدمر -ما بين مرقم وغير مرقم- حوالي 50 مهجعًا، من سبح باحات، وحين يجمع [الشرِطة] هؤلاء الشباب [يكونون] في حالة خوف وترقب، لأنَّ هؤلاء الشباب الذين سيُحاكمون الآن يدركون تمامًا أنَّ هذه العصابة من الشرِطة ومن قادة السجن كانوا يقومون بتنفيذ الإعدام قبل ساعة، وبالتالي يمكن أن يكون هناك ردة فعل عكسية وينقضون على الشرِطة وبالتالي يأخذون احتياطاتهم، ويأتون بأعداد كبيرة من أجل تجميع هؤلاء الشباب وبأيديهم السياط، ويمارسون عليهم القتل والتعذيب والركل واللكمات وجميع أنواع التعذيب حقيقة حين يخرجونهم من مهاجعهم إلى باحة المحكمة، وأقول من مهاجعهم إلى باحة المحكمة يعني بعضهم سيتجاوز 3 أو 4 باحات؛ فالذي آت من الباحة الـ7 إلى باحة الذاتية وباحة الذاتية عند الباحة الـ1، سيمر بالباحة الـ7 والباحة الـ6 والباحة الـ3 والباحة الأولى وباحة الذاتية وبالتالي أنت تمشي وأنت عمليًّا مطمش (مغمض العينين) ممنوع أن تفتح عينيك لأنَّك إذا فتحت عينيك ستتعرض للقتل، وبالتالي أنت في وضع صعب للغاية ما بين السياط، وما بين جميع أنواع القتل والعشرات من الكلاب الضالة التي تأتي لتقتلك، وأنت تخرج في جو إذا ما وصلت إلى باحة المحاكمة باحة الذاتية سيجلس الجميع ويُحشرون في زاوية من هذه الباحة وأيديهم وراء ظهورهم، ورؤوسهم بين أرجلهم، والسياط تلعب في ظهورهم ريثما يصدر اسمه من أجل أن يتقدم ويدخل إلى غرفة المحاكمة، وإذا ما تقدَّم إلى غرفة المحاكمة سيرى ذلك الرجل المجرم ومن قسمات وجهه علامات الإجرام بادية عليه، وبجانبه معاونوه وهي اسمها حقيقة محاكمة لكنها محاكمة هزيلة من أجل إبلاغ الحكم لهؤلاء، وأطول محاكمة كانت قرابة 3 دقائق، وليس لمن سيقف أمام الحاكم أن يدافع عن نفسه، ولكن سيسألك [عن] اسمك واسم أبيك وأمك، وأنت عملت كذا أو لا، ومن أنكر فالسياط بجانبه، ويُقتل وهو أمام القاضي، ومن سكت: ابصم يا كذا [والحكم] إعدام يا كذا، فإذًا كان يلقنه حكمه، وغالبًا ما كان يلقن أحكام الإعدام أنني سوف أعدمك، أو من خلال بعض الكلمات التي يمكن أن يوجهها لذلك السجين الضعيف، وحين يدخل وكأنه يدخل إلى غرفة سجان لعين بغيض، وهذا ما يُسمى بالمحكمة، وأغلب المحاكمين كانوا يذكرون دقيقة واحدة، وأنا مازلت أذكر حين دخلت إلى هذا المجرم في 23/ أيار/ مايو عام 1984، وكان قد عُدِّل القرار 49 -وسنتكلم عنه إن شاء الله تعالى-، وكانت محاكمتي دقيقة واحدة فقط؛ أنَّه لماذا كتبت على اللوح "فاصدع بما تُؤمر"؟ ومن أمرك؟ ولماذا كتبتها؟ وماذا كنت تعني بها؟ ومن كلَّفك بها؟ ولا تعدها، وانقلع إلى الخارج، ولم آكل قتلة (ولم أُضرب) وكنا أطفالًا في الحقيقة 17 أو 18 سنة و20 سنة كحد أعظم، بينما غيرنا ممن ثبت عليه التنظيم المسلح أو له وضع معين كان يغرق في القتل أمامه عندما يخرج، ومازلت أذكر أحد الكبار وكان اسمه إبراهيم بدوي -على ما أعتقد- وكان من بلدة منبج، وكان رجلًا كبيرًا في السن، وكان عمره آنذاك يناهز 70 سنة حين تقدم إلى المحكمة، وكان منظمًا، وقال له: هل أنت منظم؟ قال: بلى أنا منظم، وقال: لماذا أنت منظم؟ قال: لأعرف أمور ديني، وتلك الجرأة حين تخرج من هذا الرجل فهو موقف كبير جدًّا في الوقت الذي يتهرب الكثير من التهم الموجهة إليه أو يعتذر أو كذا، حتى لا يطاله العذاب الأليم في الباحة أو حين رجوعه.

وهذه المواقف التي تحصل في المحاكمات أيضًا لم تكن المحاكمات مبنية على أسس ومعايير منضبطة، وإنما كانت أقرب ما تكون إلى المزاجية؛ يعني على سبيل المثال حين يدخل إلى المحكمة أخ أو أخوان مع بعضهما -أخ وأخوه- فيقول لهما: أنتما لا ينبغي أن تعودا إلى بيتكما في المستقبل لا بد أن يُعدم شخص منكما، واختارا أحدكما، فيتبرع أحدهما ليكون هو الشهيد وينقذ الآخر.

وحقيقة سأتكلم عن هذا الأمر بشكل كبير جدًّا، ولا زلت أذكر أحد الإخوة الذي يعمل في مجال البيطرة، وكان طبيبًا بيطريًّا، وكان يبدو [أنه] قريب من قرية هذا المجرم سليمان الخطيب، ومرة استدعاه من أجل أن يطبب بقرة عنده، وإنما تقادير الله عز وجل أنَّ البقرة ماتت على يد هذا الطبيب -كما يزعم سليمان الخطيب-، فقال له بالحرف الواحد (الكلام حرفيًّا دون تغيير): قتلت بقرتي! وسأقتلك أنا، وحقيقة حكمه إعدامًا وقتله! وأعتقد [أن] أحد شبابنا عرضوا اسمه في بعض كتبهم، لأنَّهم كانوا معه في نفس المهجع.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/01/10

الموضوع الرئیس

الاعتقال قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/159-28/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-سجن تدمر

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

سجن تدمر

سجن تدمر

المحكمة الميدانية العسكرية - نظام

المحكمة الميدانية العسكرية - نظام

الشهادات المرتبطة