الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الاعتقال في فرع الأمن السياسي باللاذقية بسبب توزيع منشورات مقاطعة البضائع الدنماركية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:09:22

كان أول استحقاق على المستوى الشخصي أو أول تحدٍ، وطبعًا حركة شباب التغيير لم تعش كثيرًا؛ لأنه كان أول عمل ميداني عندما صدرت الصحيفة الدنماركية، وكان فيها رسوم مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، هنا بدأنا بأول خطوة عملية، وكيف تقوم بواجبك تجاه هذا الحدث، وأنا كشخص جالس ليلًا أمام الكمبيوتر، وأتصفح الإنترنت، وقرأت أن هناك رسومًا مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وطبعًا هذا على الإعلام الرسمي لم يكن موجودًا، وإعلام التلفزيون السوري لم يكن يتحدث عنه وحتى الإعلام العربي، ولم أجده على القنوات الرسمية أو غير الرسمية؛ وبالتالي كانت صدمة بالنسبة لي، وبحثت أكثر، رأيت فعلًا أن هناك اعتداء حقيقيًا تجاه رمزنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف يمكنني أن أعبر عن رفضي لهذا الشيء؟ فبدأت الفكرة بأنني يجب أن أقوم بحملة في البداية لإخبار المجتمع السوري داخل مدينة اللاذقية، وكان عندي طموح بأن يكون أشمل من ذلك، ولكنني أريد البداية في منطقتي، وكيف يجب أن يعرف الناس ماذا تفعل الدنمارك أو تأثير الصحافة الدنماركية تجاه رمزنا؟ 

فطرحت على الشباب أن نبدأ بالتحرك، وقلنا: علينا صياغة الأفكار، وما نريده، وكيف علينا مواجهة هذا الشيء؟ ويكون ذلك عبر البدء بمسارين: مسار المقاطعة (مقاطعة المنتجات الدنماركية) وكذلك مطالبة الحكومة السورية والنظام بشكل عام بطرد السفير الدنماركي. وأعتقد أن هذه كانت خطوة سياسية أو مطلبًا سياسيًا، ولكنني أعتقد أيضًا أننا نجحنا في الصياغة، وطبعنا منشورًا، والصياغة كانت تدلّ على أن هؤلاء الشباب لديهم فكر سياسي، ولم نتهجم على السلطة، بل على العكس تمامًا كانت من خلال منطلق وطني، وكنا نناشد الحكومة وشخص "الرئيس" بشار الأسد هكذا حرفيًا بتلبية رغبتنا ومطلبنا بطرد السفير الدنماركي كخطوة سياسية. وعددنا المنتجات الدانماركية التي يجب علينا مقاطعاتها، وبداية المنشور كانت تتحدث وتشرح ما حصل؛ لأن الناس لا يعرفون أن هناك رسومًا مسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام، وصغناها بشكل متقن، وقلنا: كيف سننشرها ونوزعها؟ 

وبدأنا نفكر، فقلنا: نستطيع طباعة هذه المناشير وتسليمها باليد إلى الناس؟ فتباينت الآراء، البعض قال: لا مشكلة. ولكننا لا نعرف ما هو رد فعل النظام، وكيف الأفرع الأمنية ستتقبل هذه الفكرة؟! وحتى لو لم يوجد في المنشور أي كلمة تسيء للدولة أو للحكومة والنظام، بل على العكس تمامًا. ولكن في النهاية توافقنا على ضرورة أن تكون الخطوة الأولى سرية وغير معلنة، وبدأنا كل يوم الساعة في 1:00 ليلًا بعد أن طبعنا تقريبًا في الليلة الأولى 150 منشورًا بواسطة طابعة خاصة. وبدأت مع شخص آخر فقط، فلم نكلف جميع أعضاء المجموعة أو فريق العمل. وفي الليلة الأولى، بدأت أنا وأحد الشباب، والطموح الأولي كان توزيع 150 منشورًا حتى نرى رد الفعل، وكانت ليلة خميس، وكان هذا مناسبًا لنا، وقررنا نشر هذه الأوراق على أبواب المساجد؛ لأنه في اليوم الثاني هناك صلاة جمعة، وأكبر عدد ممكن سوف يقرأها، والأحياء التي اخترناها من أجل توزيع المنشورات هي أحياء السنة بطبيعة الحال؛ لأنها أحيائنا. 

وفعلًا، وزعنا في الليلة الأولى 150 منشورًا على جميع أبواب المساجد في أحيائنا، وانتظرنا بحماس كبير كيف سوف يكون رد الفعل، وبعد الانتهاء من صلاة الجمعة، خرج الناس وبدؤوا يقرؤون الأوراق على أبواب المساجد، وكان رد الفعل محفزًا جدًا بالنسبة لنا، وكان حماسيًا جدًا، وتفاعل الناس بشكل كبير جدًا، والإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم استفزت الناس، وكنت موجودًا بين الناس حتى أرى رد فعلهم، وقام أحد الآباء، وكان ابنه يقف بجانبه، فقال له: يا بني، ما هي المنتجات الدانماركية حتى لا ندخلها إلى منزلنا؟ وهذا بالنسبة لي كان إنجازًا، وأصبحت مباشرة أنتقل من مسجد إلى آخر حتى أرى، وأقرأ ردود الفعل فكانت ردود الفعل إيجابية جدًا، ولم أجد أي رد فعل غير إيجابي، بل على العكس، الجميع كان متشجعًا، وكانوا يريدون فعل شيء، والناس كانوا يتساءلون: من الذي وضع هذه الأوراق؟ وطبعًا نحن لم نشر إلى حركة، وكانت ورقة تشرح حدثًا ما فقط ولها جملة من المطالبات، فقررنا في نفس الليلة استهداف فئات أخرى من المجتمع، فقد استهدفنا فئة المصلين، ويجب علينا استهداف باقي الفئات، وقررنا زيادة عدد المنشورات إلى 300 منشور، ونشطنا بهذا الشكل على مدار 7 أيام، وكل يوم كنا نزيد عدد الأوراق التي ننشرها، ونبدأ كل يوم من الساعة 1:00 ليلًا حتى صلاة الفجر، وكانت ردود الأفعال إيجابية دائمًا، وهذا الشيء كنا نلمسه حتى عندما كنا في الليل نقوم بلصق الأوراق على الجدران، كان هناك أشخاص، ومن الأحداث التي لا أنساها كان هناك رجل مع زوجته، حيث كانا يمشيان خلفنا، و بعد اليوم الثاني، قمنا بإدخال باقي مجموعة العمل، والجميع بدأ ينشط، ولكن بحذر.

كان رجل مع زوجته يمشيان خلفنا، وعندما اقتربا مني قالت لي المرأة: الله يحمي البطن الذي حملك. وهذه الكلمة بالنسبة لي كشاب وهذا قراري، فأنا لأول مرة في حياتي أضع بصمة في قضية تخصّ رمزًا دينيًا، وهو رمز كبير بالنسبة لنا، كان هذا عاملًا محفزًا. وبعد اليوم السابع، تم اعتقالي أثناء نشر الأوراق في الطريق، وأوقفتني الشرطة المحلية، وسألوني: ماذا تفعل؟ فقلت لهم: كما ترون. فقال: لا توجد مشكلة. وقرأ المنشور، وقال: نحن منذ زمن نبحث عنكم. وقال: هيا، تعال معي باتجاه المخفر، مخفر الشيخ ضاهر. واعتقلني أنا وصديقي، ونظرت إليه، والورقة لا يوجد فيها شيء فعلًا، وقال لي: تعال معي فقط حتى تسجل أنك أنت من يقوم بهذا الأمر، ولن يحصل لك شيء. ودار نقاش بيني وبين 3 عناصر تقريبًا، وقلت لهم: هل يمكنني عدم الذهاب؟ فقالوا: لا، يجب عليك الذهاب معنا. وكنت أحاول أن أبحث عن صيغة للتهرب، وكنت أسألهم: هل هذه الأوراق فيها صيغة خاطئة؟! فقالوا: لا، ولكن يجب عليك الذهاب معنا إلى المخفر فقط. وحدث ذلك في الساعة 3:30 ليلًا، ورأتنا المجموعة الأخرى من بعيد، وكانوا تقريبًا 3 أشخاص أيضًا، وكنت أنا مع شخص آخر نقف مع الشرطة، وهناك 3 أشخاص يقفون خلفنا من بعيد، وعندما رأيت الشباب من بعيد كان عندي هدف هو: ماذا أفعل كي يعرف الشباب من بعيد أنه لا يجب عليهم القدوم باتجاهنا؟ وقررت الذهاب مع الشرطة، ولا أريد أن يأتي الشباب، وأنا أفهم عقلية الشرطة، فهو يقول لك: تعال. وحتمًا لن ينتهي الموضوع. 

ومشينا قليلًا إلى الإمام، وحاولت أن أشير إلى المجموعة بعدم متابعتي، والحمد لله فهموا عليّ، وذهبنا باتجاه المخفر، وفي المخفر، بدأت التحقيقات، وسألوني: من أين أحضرت هذه الأوراق؟ وحاولت ألا أقول: نحن [من طبعها]. وحاولت أن أجد صيغة حتى أتهرب منها، وأننا لسنا من طبعها؛ لأن الارتباك في عيون الشرطة بدا واضحًا، فهم كانوا يرون أن هناك مشكلة، المكتوب في الأوراق هو ليس مشكلة، فلا توجد هناك مساءلة قانونية، ولكنهم يرون أنني أحدثت مشكلة. وبدأت أبحث عن صيغة حتى أتهرب من هذا الموضوع، ولا أقول لهم: نحن من طبعها، وأنها ليست من أفكارنا، وبدأ رئيس المخفر يشدد باتجاهي، ويقول: أنتم تتحملون مسؤوليتها إذا لم تعترفوا من أين أحضرتم هذه الأوراق. فقلت له: هذه الأوراق أنا رأيتها على باب مسجد صوفان وهو من أشهر المساجد في محافظة اللاذقية، وقلت له: وأنا تطوعت لنشر هذه الأوراق؛ لأنها أعجبتني. وكانوا يحققون معي في مكان والشاب الآخر كان أصغر مني بـ4 سنوات، كانوا يحققون معه في مكان آخر، وشعر الضابط المحقق أن الروايتين مختلفتين؛ لأننا لم نستطع صياغة رواية نتفق عليها. وقال لي: أنت كذاب، وعملك ليس عندي. وسوف أقوم بتحويلك إلى الأمن السياسي، وهنا كانت صدمة، وأنا سابقًا لم أدخل إلى سجن أو مخفر أو معتقل، ولا أريد أن أمدح نفسي، ولكن يمكنني أن أقول: إنني تربيت جيدًا، أهلي تعبوا جدًا في تربيتي؛ حتى لا أكون شخصًا لديه مشاكل، ولا يكون عندي أصدقاء زعران (أخلاقهم سيئة)، أي شخصًا بيتوتيًا (يفضل البقاء في البيت) جدًا، وهناك فكرة في ذهني بأن الأمن السياسي يعني أنني سوف أغيب خلف الشمس (تعبير يستخدم في سورية للتعبير عن حالة اختفاء الشخص بعد اعتقاله أو دخوله طوعًا إلى مقار الأجهزة الأمنية). وفعلًا بعد ساعتين تقريبًا، جاءت سيارة الأمن السياسي؛ حتى تأخذني، وبدأ الإرهاب من لحظتها، منذ أن دخلوا إلى النظارة، وطبعًا هنا أحضروا الشاب الآخر، ووضعوه معي لمدة 10 دقائق تقريبًا، وبعدها جاءت سيارة الأمن السياسي ودخولهم إلى مخفر الشيخ ضاهر وأخذنا من النظارة وتعاطيهم مع عناصر المخفر كان كفيلًا بأن يظهر لنا أننا سنذهب خلف الشمس، وتعامل عناصر الأمن مع عناصر المخفر كان شيئًا من الرعب، وكل المخفر كان يخاف، وكيف نحن سنتعامل مع الوضع؟ وكل أهل سورية يعرفون سيارة "الستيشن" الخاصة بالأمن، وبمجرد أن تمر من أمامك فإنك تخاف. وفعلًا أخذونا، ووضعونا في صندوق السيارة الخلفي، وأخذونا باتجاه فرع الأمن السياسي، وطبعًا قاموا بتغطية رأسي بالجاكيت بهذه الطريقة المعروفة عند السوريين، ووضعونا في صندوق السيارة، وأخذونا باتجاه فرع الأمن السياسي، ووصلنا إلى باب الفرع، وبدأ الضرب والشتم بدون أي سؤال، ومباشرة أخذونا باتجاه المنفردات، وكنت لأول مرة أتعرف على هذه المنفردات، وسابقًا كنت أسمع من خلال بعض آباء أصدقائنا الموجودين في صيدنايا والموجودين في فرع فلسطين والموجودين في سجون أخرى في تدمر، عندما تتناقل الأخبار عن حالات السجن وشكل السجن والمنفردة والذي قرأناه في الكتب، وكان هذا أول لقاء بيني وبين المنفردة التي مساحتها متر مربع واحد طولًا ومثله عرضًا، ووضعونا فيها لعدة ساعات بدون أي سؤال، وفي المساء أخذونا باتجاه التحقيق.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/23

الموضوع الرئیس

الاعتقال قبل الثورةالنشاط قبل الثورة في اللاذقية

كود الشهادة

SMI/OH/61-02/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-الشيخ ضاهرمحافظة اللاذقية-مدينة اللاذقية

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

فرع الأمن السياسي في اللاذقية

فرع الأمن السياسي في اللاذقية

حركة شباب التغيير_ اللاذقية

حركة شباب التغيير_ اللاذقية

الشهادات المرتبطة