الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

التحويل من الأمن السياسي باللاذقية إلى دمشق والاعتقال لمدة سنتين

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:15:19:02

هذا الصراع بالنسبة لنا كشباب مسلم وخصوصًا في فترة الاعتقال -إلى حد ما ومن خلال الفترة اللاحقة- تشعر بأن معظم الشباب المسلم كانت هذه التساؤلات في أذهانهم، وكانت تجول في خواطرهم؛ لأن أول محاكاة أو مراجعة وأول تحٍد يمكن أن يعيشه الإنسان بينه وبين نفسه، لأنك دائمًا تطرح سؤالًا في فترة الاعتقال: الذي اعتقلت لأجله أو هذه القضية التي أحملها والأفكار التي أؤمن بها أين هي موجودة؟ وهذا التساؤل كان موجودًا عند مصطفى سيجري، أنه [لأجل] الله سبحانه وتعالى. ومن أجل نبي الإسلام خطوت هذه الخطوات، ومشيت في هذا الطريق، هل هو تخلى عني، وتركني الآن أواجه مصير الاعتقال؟ وطبعًا الاعتقال هو شيء صعب على الإنسان بغض النظر إذا كان مؤمنًا أو غير مؤمن، والاعتقال بحد ذاته شيء مزعج ومؤلم جدًا؛ وبالتالي بدأت أعيش هذه الحالة، وأفكر، وبدأت أطلب من الله سبحانه وتعالى، [بمعنى] إذا كان الله موجودًا فيجب أن أشعر بوجوده وأن أخرج من المعتقل، وإذا سألتني: كيف سوف أخرج من المعتقل؟ فأنا لا أعرف، وهذا ليس عملي، وهذا الشيء معنيّ به الله سبحانه وتعالى. 

عشت 30 يومًا في هذه الحقبة، و الصراع الداخلي كان حاضرًا، وخصوصًا أنني كنت ملتزمًا بالصلاة والصيام كل يوم اثنين وخميس، وبعد 30 يومًا، كان عندي هذا التحدي، وهو أنني أريد إجابة، وطلبت من الله سبحانه وتعالى أن أخرج، فقد اختنقت، ولم يعد بإمكاني التحمل أكثر، وأذكر أنه كان يوم اثنين، وكنت صائمًا، وقبل الإفطار، وذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن دعوة الصائم لا ترد حتى يفطر، فوقفت لصلاة المغرب قبل الإفطار، وطلبت من الله سبحانه وتعالى أن أخرج، وأنني لا أستطيع التحمل أكثر، وقد دخلت المعتقل لقضية أؤمن بها، وقلت: إذا أنت موجود يا الله يجب أن تساعدني بالخروج. وطبعًا، هذا الكلام عمره سنوات، وأعتقد أنه إذا لم يتجرأ أحد على قوله، ولكن حتمًا عاشه، وأنا أرى أنه يجب علينا دائمًا المصارحة وألا نخفي هذه الأمور، وكل شاب يجب أن يعيش هذا الصراع الداخلي، وبالتالي وأنا في موقف الصلاة، وأطلب من الله سبحانه وتعالى، وأعيش هذا القرب إلى حد ما، ولكنني أحتاج اليقين، وخصوصًا في أول تجربة اعتقال، وبعد لحظات، فُتح باب المنفردة على غير العادة، ولا أعرف لماذا، ولكنني شعرت أنه بدأ شيء من التعاطي الإيجابي أو رد الفعل الإيجابي، لا توجد معلومة، ولكن فُتح باب المنفردة على غير العادة، وكنت في لحظة أدعو فيها، وأطلب من الله سبحانه وتعالى، كنت واقفًا في الصلاة وفُتح الباب، والسجان على غير العادة كان قد وقف وقفة احترام لأنك تصلي، وتركني حتى انتهيت من الصلاة، ونظرت له نظرة حتى أرى عيونه، وهل سأخرج إلى تحقيق جديد وعذاب جديد أم أنه يوجد شيء آخر؟ وكانت ملامح الارتياح والهدوء واضحة، وفعلًا ذهبت باتجاهه، وأخذني باتجاه رئيس قسم التحقيق، وعند أول نظرة لرئيس قسم التحقيق كانت عيوني تسأل: ماذا؟ وخصوصًا أنني قلت في الفترة السابقة: إنه كان رجلًا محترمًا إلى حد كبير، وتعاطف معي، وشعر بأن الذي قمت به هو حالة طبيعية لا تستدعي العقاب القاسي من قبل الدولة، وأنه يجب أن يتعاطى (يتعامل) معي بسياسة معينة، وبالتالي نظرت هذه النظرة التي تعني أنه ماذا هناك؟ فابتسم، وهز برأسه، فقلت له: هل سوف أخرج؟ فقال: نعم، أنت ستخرج. 

ومن مكان التحقيق إلى مكتب رئيس الفرع كانت هناك 3 طوابق، وتصعد إليها بالمصعد، وخلال الصعود في المصعد، لم أعد أفكر بالخروج بقدر ما أفكر بالاستجابة التي حصلت في الصلاة، والسرور ملأ قلبي، ودخلت على مكتب رئيس الفرع العميد نبيل دندل، وكان شيخنا الشيخ زكريا سلواية موجودًا، وكان هو مدير الثانوية الشرعية، وهو أيضًا عضو في مجلس الشعب، وكان هناك أيضًا ابن الشيخ زكريا، ومباشرة سلم علي الشيخ، وجلست، والعميد نبيل الدندل كان ينظر إليّ، ويستقرئ، وطبعًا هذا لم يكن اللقاء الأول، وكان هناك لقاء سابق، ولكنه كان سريعًا، وهو في بداية التحقيق طلبني، وبعدها أعادني إلى المنفردة، فجلست، وقال لي الشيخ زكريا سلواية وطبعًا حتى الآن، وأنا حزين جدًا لأن الرجل انحاز إلى طرف النظام مع انطلاقة الثورة السورية، ولكن في تلك الفترة كان واضحًا حرصه على الشباب السنة الموجودين في مدينة اللاذقية. وقال لي الشيخ زكريا، وكان سؤاله جريئًا ومباشرًا: إذا رأيت خمّارة هل تفجرها؟ وأنا لم أفهم هذا السؤال وسببه، فقلت له: بالتأكيد لا. وهو نظر إلى العميد نبيل دندل، وقال: هل ترى يا سيادة العميد؟ ابننا مصطفى هو من الشباب المحترمين، وهو ليس متطرفًا، ولا يحمل أفكارًا متطرفة. و كنت في موضوع وهم كانوا يتناقشون في موضوع آخر، وقال لي الشيخ زكريا: الآن سيادة العميد مشكورًا سيكسر العرف وسوف يخرجك على كفالته الشخصية. وأنا لا زلت في عالم آخر، وهو عالم الاستجابة، فكيف استجاب الله سبحانه وتعالى لدعواتي؟! و سوف أخرج من السجن بعد 30 يومًا في المنفردة، وكان معلومًا للجميع أنه من يدخل إلى الأمن السياسي لا يخرج أبدًا، وطبعًا تخيل حالتي بعد 30 يومًا في المنفردة، وكيف كان شكلي، ويبدو علي الإرهاق والتعب وبدون حلاقة، وكنت أقارنها بالفترة التي كنت فيها خارج السجن على اعتبار أن الشيخ زكريا هو شخص مقرب من عائلتي، وتوجد علاقة تربطنا، وابنه يعرفني سابقًا، و شعرت أن هناك نظرة ما بين الشيخ زكريا وابنه، وكأن الشيخ يقول لابنه: هل ترى الذي يسلك هذا الطريق كيف يصبح وضعه؟ وكأنه أحضره حتى أكون عبرة لابنه، هكذا شعرت، وقد لا يقصدها، ولكن هذا الشعور كان حاضرًا عندي. 

وخلال لحظة شعرت بالانهيار، وأصبحت أبكي، فقال لي الشيخ: لماذا تبكي يا مصطفى؟ وكذلك العميد نبيل دندل، واستغربوا من هذا البكاء؛ لأنني سوف أخرج، وكان رئيس قسم التحقيق يقف بجانب العميد نبيل دندل، وقلت له: أريد الكلام، هل يمكنني؟ فقال: طبعًا. فقلت له: يا سيادة العميد، أنتم لماذا تركتموني هنا؟ لماذا حتى الآن تركتموني هنا؟ وإذا كنتم تريدون إقناعي بأن الشيء الذي فعلته هو خطأ فأنا لم أرتكب خطأ، والدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليس خطأً. فقال لي العميد نبيل دندل: كما هو نبيك فهو نبينا أيضًا وبالتالي هذا الشيء غير مزعج بالنسبة لنا، ولكن أنت كان بمقدورك إحضار المناشير وطرحها علينا، ونحن ندققها، ونرى إذا كان فيها شيء يمس أمن البلد فنزيله، وإذا لم يكن فيها شيء نتركك، ونبيك هو نبينا يا بني. وأنا ابتسمت هذه الابتسامة التي فيها شيء من السخرية، وقلت له: يا سيادة العميد، أنت تطلب مني أن آتي بمنشور إلى فرع الأمن السياسي! وأنت تعرف أن الناس عندما يمرون من أمام باب الفرع لا يجرؤون على النظر إلى الفرع بسبب الخوف، وتريدني أن أحضر المنشور بيدي! فضحك تلك الضحكة التي فيها الكثير من الكُبر، وقلت له: إذا تركتموني حتى أقتنع بأن الشيء الذي فعلته خطأ فأنا لم أرتكب خطأ، ولكن إذا كان الأسلوب خطأ فهذا الشيء أنا فهمته من العم أبي سامر من أول 5 أيام، فقد أقنعني بأنه يجب أن يكون لي نظرة ثانية للسلطة، والسلطة ليست خشنة كثيرًا أو هي ليست مرعبة كثيرًا، فإذا كان الأسلوب خاطئ فقد اتفقنا، ولكن إذا تركتموني هنا حتى أكرهكم فثق تمامًا أنكم تمشون على الطريق الصحيح، وأعتقد أن هذه الجملة غيرت الموقف 180 درجة، فقام العميد نبيل دندل بتعديل جلسته، وتغيرت نظرته لي 180 درجة، وكأنه تفاجأ من هذا الجواب، وقال لرئيس قسم التحقيق: خذه إلى الأسفل، و بسبب هذه الجملة عشت على أثرها 5 أشهر أخرى في المنفردة في فرع الأمن السياسي في مدينة اللاذقية. 

وطبعًا، فيما بعد الذين كانوا يحضرون لنا الطعام من السجانين قالوا لي: يا مصطفى، أنت أخطأت. وكان منهم من هو متعاطف معي، وقالو لي: أنت أخطأت، وأجرمت بحق نفسك، وأنت كنت سوف تخرج، ما الذي قلته لرئيس الفرع؟ وطبعًا رئيس قسم التحقيق تعاطف معي بشكل كبير جدًا، وتأثر، وتضايق، ولامني قائلًا: لماذا فعلت هذا الأمر؟ وكان من الممكن أن تنتهي الأزمة والمحنة التي تعيش فيها، كان من الممكن أن تنتهي هنا. وبعد 5 شهور وبعد أن أتممت 6 أشهر، جاء قرار ترحيلي باتجاه شعبة الأمن السياسي في دمشق التي يرأسها اللواء محمد منصورة، وكان هناك اللقاء الأول مع العميد محمد مخلوف الذي هو مسؤول قسم التحقيق في شعبة الأمن السياسي في دمشق؛ وبالتالي دخلت مرحلة جديدة من فتح الأوراق وفتح الملف والتحقيق، ولكن تدخلت العائلة وبعض الأقارب وبعض الشخصيات، وبحكم أنني ابن مدينة اللاذقية فهناك هذه العلاقة الكبيرة مع السلطة من خلال الأعمام والأخوال والأقارب، وكان عندنا هذه العلاقة الكبيرة مع السلطة ومع رجال السلطة وآل الأسد، وبالتالي بعد ذهابي باتجاه دمشق وفترة تحقيق جديدة وتدخل العائلة- أعتقد في تلك الفترة في دمشق كان بعدها- كان من الواضح بالنسبة لي أن ملفي أصبح معقدًا بشكل كبير جدًا، و كما فهمت فيما بعد أنه في الشعبة السياسية يوجد 8 ضباط برتبة لواء وعلى رأسهم اللواء محمد منصورة، وأصر اللواء محمد منصورة على أن تكون إضبارتي تحت يده بشكل مباشر، ومنع أي ضابط آخر من التدخل فيها، وطبعًا كان ذلك سعيًا منه حتى لا يتم إخراجي بشكل أو بآخر، وبالتالي حتى في بدايات دفع المال من أجل خروجي لم تتيسر؛ لأن اللواء محمد منصورة كان قد وضع يده على الإضبارة بشكل مباشر، وكان يمنع أي ضابط آخر من التدخل فيها. 

والذي حصل بعد وصولي إلى دمشق في هذه الفترة وتدخل بعض الأطراف، وكان أكثر شيء يمكن الوصول له ويخدمك فيه ضباط الأمن في دمشق هو ألا تتعرض للتعذيب الزائد؛ لأن التحقيق بدأ من الصفر، وتم دفع بعض المبالغ المالية لبعض الضباط بحيث لا يحصل تعذيب كبير، وبعد أن أتممت سنتين، وكانت الفترة التي قضيتها في دمشق سنة ونصف، فبعد إتمامي لسنتين، خرجت من شعبة الأمن السياسي في دمشق، وعدت إلى مدينة اللاذقية، ولكنني أيضًا دخلت مرحلة جديدة وهي مرحلة المقاطعة الاجتماعية أو الخوف، والمجتمع أصبح يخاف والناس والأقرباء والمعارف؛ لأنه أصبح عندي ملف أسود لدى الدولة، وبالتالي هذه أيضًا كانت مرحلة فيها صراع داخلي كبير، ولم يكن أحد من الأقارب... حتى الذي يريد المباركة لي بالخروج كان يرسلها مع طرف آخر والجيران والمعارف والأصدقاء، وانقطع الناس كلهم بشكل كامل، فمن الحوادث التي أذكرها أنني كنت ذاهبًا للصلاة، فبعد أن خرجت من المعتقل، نزلت من البيت إلى المسجد، والجريء من أبناء المنطقة الذي كان يسلم عليّ عن بعد مترين أو 3، ويقول لي: الحمد لله على السلامة من بعيد. لأنه كان معروفًا بأنني سوف أبقى تحت أنظار الأمن. وهكذا عشت منذ عام 2008 حتى بداية عام 2011 قطيعة وعذابًا، كان هناك في كل 15 يومًا مراجعة إلى فرع الأمن السياسي في محافظة اللاذقية، وأضف إلى ذلك أنه لديك لقاءات مع فرع أمن الدولة وفرع الأمن العسكري، وهم يقولون لك: أنت دائمًا تحت عيوننا. وأحيانًا كل عدة أيام يتم طرق الباب، ويأتي موظف الأمن من أجل القيام بدراسة عني، ويطلب مني معلومات، وأنت كشاب تدمرت وضاع مستقبلك، ولا يجب أن تحلم بأي شيء في الحياة، وأنت عشت ضمن حالة من التضييق اللانهائي.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/24

الموضوع الرئیس

الاعتقال قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/61-05/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة اللاذقية-مدينة اللاذقية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الأمن السياسي في دمشق- مكرر

الأمن السياسي في دمشق- مكرر

فرع أمن الدولة في اللاذقية 325

فرع أمن الدولة في اللاذقية 325

فرع الأمن العسكري في اللاذقية

فرع الأمن العسكري في اللاذقية

فرع التحقيق في الأمن السياسي

فرع التحقيق في الأمن السياسي

الشهادات المرتبطة