الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تفاصيل الاعتقال في فرع الأمن السياسي باللاذقية والإفراج بعد العفو

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:11:06:15

بطبيعة الحال، في اللحظة التي دخلت فيها المعتقل والمنفردة، حتمًا تذكرت فترة الاعتقال السابقة التي سبقت الثورة؛ لأنني عدت إلى نفس المكان، وهي المنفردة رقم 7 في فرع الأمن السياسي في اللاذقية، وتُركت حتى المساء تقريبًا. وفي المساء، بدأت جلسات التحقيق كالعادة، وطبعًا لم أستطع في البداية أن أعرف من يوجد في المنفردات المحيطة؛ لأن المشهد كان فيه رعب وإرهاب أكثر من فترة اعتقالي السابقة. وأذكر أنه في الاعتقال السابق لم يكن هذا الإرهاب الحاصل، وكان الشباب يجلسون في المنفردات، وفعلًا كان هناك خوف كبير جدًا، وبطبيعة الحال، كان هذا الاعتقال الأول بالنسبة لهم جميعًا، وفي الليل، تم إخراجي إلى التحقيق، ولكن الجديد في هذه المرة أيضًا هو موضوع عصب العينين والتكبيل، وكانت هناك محاولة حتى لا تعرف من يحقق معك، وهذا الموضوع كان فاشلًا؛ لأنني كنت أعرفهم من أصواتهم بحكم الاعتقال السابق، وبمجرد أن وصل إلى المنفردة قال: وجهك نحو الجدار. وكنت أسمعه، وأعرفه، وفعلًا أخذني إلى التحقيق، وكان هناك ضرب وشتم، وكان هناك تعمد لإهانتك وكسر نفسك. 

وفي التحقيق، بدأت الأسئلة والتي كانت: ما هي الدوافع والأسباب التي دفعتكم؟ [ويقولون لنا:] أن هذا الأمر خيانة للوطن، وحتمًا يخدم الأجندة الأمريكية والإسرائيلية، كنت أعرف المحقق سابقًا من صوته، وكان من القسم نفسه، ولكنه كان يحاول أن يوهمني بأنه شخص آخر، وكأنني أمام أشخاص آخرين، قلت: نحن الآن أمام مرحلة جديدة. وقلت: الشعب السوري يجب أن يتخذ قراره، ونحن كشباب سوري الحقبة السابقة لم تعد مرضية بالنسبة لنا، والتغيير أصبح أمرًا واقعًا، والتغيير تخطى حدود جغرافية سورية، والآن العرب بطبيعة الحال كلهم ذاهبون باتجاه التغيير الكامل. هم لم يكونوا جاهزين حتى يتفهموا هذا الكلام إطلاقًا، وبدأ الشتم والسب والضرب والإهانة، وقال: أعده باتجاه المنفردة مره ثانية. بمعنى أنه لم يشعر بأن بإمكانه الوصول معي إلى نتيجة، وفعلًا بقيت عدة ساعات، وعند صلاة الفجر، أخذوني، وكان هناك شخص آخر يحقق معي، وتعود أيضًا على سياسية الشتم والضرب، وأضف لها موضوع الصعق بالكهرباء والشبح.

فترة الاعتقال هذه لم تكن طويلة؛ لأنه بعد أسبوع صدر عفو عام بعد أحداث بانياس ورد الفعل الغاضب من الشعب السوري، وعرفت فيما بعد أن مجموعة الأصدقاء الذين كانوا ينشطون معنا في الحراك والمظاهرات رفعوا لافتات تطالب بفلان، وكلما جاء مسؤول ليلتقي مع الشباب كان الاسم حاضرًا و[يقولون]: نريد فلانًا، وأصبح اسمي من ضمن الأسماء التي يُطالب بها بخلاف الفترة السابقة التي كنت فيها أرفع أسماء حتى أطالب بأشخاص موجودين في المعتقل، والآن أخذت موقعهم، وأصبحت أنا الشخص المطالب به.

في هذه الفترة، والملفت للانتباه في فترة الاعتقال الأول هو حالة اضطراب ضباط الأمن، والبعض يرى أنه يجب أن يتم قمعها، والموقف يتطلب المزيد من الإرهاب، وأنهم سيقضون علينا، وهذا الشيء تشعر به من الصيغ والمصطلحات التي كانوا يستخدمونها معنا.

 بعض الشخصيات من ضباط الأمن الذين كان بيني وبينهم معرفة سابقة وبحكم الاعتقال السابق كانوا أحيانًا يذهبون باتجاه ممارسة دور الشخصية الواعية، ويحاولون توعية الطرف الآخر [قائلين]: يا مصطفى ويا شباب، بشكل عام أنتم إلى أين تأخذون البلد؟ وأعتقد أيضًا أنه قد يكون هو رئيس الفرع؛ لأنني في هذه الفترة لم أكن أعرف من هو رئيس الفرع، ولكنني كنت معصوب العينين، ومن خلال تعاطي (تعامل) مجموعة الضباط أثناء التحقيق مع شخصية من رتبة أعلى فإن ذلك يوحي لك بأن هذا الشخص من الممكن أن يكون هو رئيس الفرع، والكلمة التي كان رئيس الفرع يحاول أن يقولها لي: أنتم إلى أين تأخذون البلد؟ والى أين تريدون أن تأخذوا سورية؟ فقلت له: باتجاه الديمقراطية، ونحن سوف نأخذ بلدنا بالتأكيد باتجاه الخير، ونريد إيجاد حياة سياسية، ونريد أن تكون لدينا حريات. واستمع حتى النهاية، وفي نهاية النقاش المطول، وطبعًا كان يحاول إقناعي أن هذه مؤامرة إسرائيلية وأمريكية، ونظام الحكم في السعودية هو الذي يدفع هذه الأموال، ولا تظن أن هذا الحراك الذي يحصل في سورية بإرادة داخلية، وقد يكون ذلك يا مصطفى نابعًا منك بشكل شخصي، ولكن تأكد أنه ليس كذلك، وحتى تعاطي (تعامل) الإعلام العربي والدولي مع القضية الثورة السورية وكأنها جزء من المؤامرة بمعنى أنه بمجرد أن تعرض القنوات المشاهد في سورية فهذه مؤامرة، ولكن ما هو البديل؟ وهل يجب عدم عرض القنوات لهذه المشاهد حتى نعتبرها جزءًا من المؤامرة مع النظام أو أنها اصطفت مع النظام؟ لأننا عندما كنا نتابع القنوات الإعلامية والقناة التي لا تعرض مظاهراتنا وحراكنا كنا نعتقد أن هذه القناة قد اصطفت مع الأنظمة العربية، بخلاف القنوات التي كانت تسلط الضوء على الحراك في سورية، وبعض الضباط أخذوا هذا المنحى كمحاولة لممارسة سياسية التوعية تجاه المتظاهرين، ولكن بالمقابل كان هناك بعض الضباط الذين كان الواحد منهم بمجرد أن يدخل وبحكم الاعتقال السابق يقول: السيجري هنا! بمعنى: هل عدت إلينا؟! وبالتالي [يقولون:] أنت شخص لن ننتهي منك، وأنت شخص لا نرتجي أملًا منك.؟! فكان يمارس سياسية الضرب والشتم. وهذا كنا نلاحظه، وحتى الضباط وعناصر الأمن والرتب ما بين العنصر والضابط والمساعد أول - وهي كانت الفئة الأكبر الموجودة التي كانت تتعاطى (تتعامل) معنا بشكل مباشر- فكنا نرى هذا الانقسام بشكل واضح، بمعنى أن البعض يرى بأنه يجب علينا ألا ندفع باتجاه التصعيد، والبعض الآخر كان يرى بأنه يجب قمع هؤلاء الشباب، وأنت تلمس هذا الشيء من خلال الضرب والشتم، وهذا هو الذي حصل في فترة الاعتقال الأول.

في ليلة الخميس بعد أسبوع تقريبًا، أرسلوا في طلبي، وكنت معصوب العينين أيضًا، وقالوا لي: الآن يا مصطفى إذا خرجت ماذا ستفعل؟ فصمتت. فقال: السيد الرئيس وبمكرمة منه قد تخرج وقد لا تخرج، وهذا الشيء يقرره موقفك الآن. وقلت له: كيف بمكرمة؟ هل يوجد عفو؟ فقال: إذا كان هناك عفو فماذا سيكون موقفك غدًا؟ -طبعًا كانت ليلة خميس، واليوم الثاني هو الجمعة، فحتمَا سوف تكون هناك مظاهرات- فقلت له: المواضيع لا يتم حلها بهذه الطريقة، والقضية ليست أنك ستأخذ كلمة الآن من مصطفى سيجري، وبعدها سينتهي الموضوع، والقضية أكبر من ذلك، فأنا عندما جئت إلى الفرع جئت من أجل النقاش، ولكن حصل العكس، وأنتم حاولتم أن تُسمعوني فقط الذي تريدونه، واستخدمتم معي الضرب والشتم؛ والآن تريد مني كلمة! فقلت له: القرار ليس عندي، وأنا لا أعرف، ولا أريد أن أكذب عليك، ولكن لا أستطيع أن أعطيك الآن موقفًا واضحًا وصريحًا. فقال: أتمنى أن تعتبر من هذا الأسبوع الذي مكثته عندنا وأن تعيد حساباتك، والآن صدرت مكرمة من السيد الرئيس، وسوف تخرجون، وتعودون إلى بيوتكم، ولكن سوف تكون تحت العين (المراقبة). وطبعًا، كنت لا أزال معصوب العينين، ولكنني أعرف مع من أتحدت، والشخص الذي جئت بناء على اتصاله هو رئيس قسم المتابعة، فقلت له: هل هكذا انتهت القضية؟! هل قمتم بحلها بهذا الشكل؟! وأنا أقصد بهذا الكلام أن الموضوع ليس إعطاء تعهد فالذي يحصل في سورية هو أكبر من ذلك، ويُفترض أن تسمعونا، ويفترض أن يكون هناك قرارات، ولكن كل هذا الكلام كان من الواضح [أنه يذهب أدراج الرياح]...، وحتى هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يحققون معك وهؤلاء الضباط ليسوا أصحاب القرار -أنا لا أبرؤهم فهم مارسوا التعذيب والقتل بشكل مباشر فيما بعد، وتورطوا وأصبحوا جزءًا من هذه الجريمة الكبيرة- ولكن القرار ليس عندهم، وفعلًا خرجت في الليل وأنا معصوب العينين وقّعت [على ورقة ما]، وربما يكون هذا تعهد، وذهبت باتجاه المنزل.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/27

الموضوع الرئیس

الاعتقال خلال الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/61-20/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

نيسان 2011

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-مدينة اللاذقية

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

فرع الأمن السياسي في اللاذقية

فرع الأمن السياسي في اللاذقية

الشهادات المرتبطة