الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

النقل إلى السجن المدني في مدينة محافظة اللاذقية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:09:21:11

 وصلنا إلى السجن المدني -وطبعًا رافقنا الأمن السياسي إلى السجن المدني، وهو في الأصل يجب على الشرطة أن تأخذك، بمعنى أن الأمن مهمته أن يوصلك إلى المحكمة، ويتركك، وبعدها فإن الشرطة تأخذك إلى السجن المدني، ولكن الأمن استمر في مرافقتنا حتى وصلنا إلى السجن المدني- وعندما دخلنا تفاجأنا، حيث كان في استقبالنا تجار المخدرات والحشيش والزعران (أشخاص سيئون) وأشكال مقرفة، وكانوا يستقبلوننا بالعصي والأحزمة، وبدؤوا يضربوننا، [ويقولون:] أنتم أعداء الوطن ونحن الأشخاص الصالحون. وقام هؤلاء بجمعنا، وأحضروا السجناء حتى يستقبلونا بهذا الشكل، فتخيل أن المتعاطي وتاجر المخدرات والموقوف بجرم القتل وأصحاب السوابق هم أنفسهم بدؤوا يعلموننا الوطنية، ويعلموننا كيف يجب أن تكون وطنيًا ومخلصًا لبلدك، وتعرضنا للضرب منهم لمدة ساعة تقريبًا بالعصي والأحزمة، وبعدها جاء عناصر الشرطة، وأخرجوا السجناء الآخرين، وقالوا لنا: أخرجوا ما في جيوبكم، واخلعوا كل ثيابكم. وفي التسجيلات السابقة، ذكرت أنه عندما طُلب مني هذا الأمر في أول مرة كان فعلًا بالنسبة لي شيئًا كبيرًا جدًا، ولولا تعاطف أحد عناصر الأمن معي فإن هذا الشيء كان سوف يحصل. وفي السجن المدني، كان هذا الأمر بالنسبة لهم قرارًا محسومًا، ولا يوجد شفقة أو رحمة أو رجعة عنه، والمؤلم أكثر هو أن المجموعة التي كنت معها والمكونة من 50 معتقلًا أو أكثر فإن الجميع يخلع ثيابه بشكل كامل، فلا يجب أن يبقى على جسمك أي قطعة ثياب، يعرون الجميع، ويوقفونهم، وأنت فيما بعد تفهم أنه يريد أن يكسرك، ويكسر نفسيتك، وبعدها حلقوا شعرنا، وبعد ذلك يبدأ الفرز باتجاه المهاجع، وعندما يأخذونك من مكان الحلاقة إلى المهاجع فإن هذا كله يكون بالضرب، لأنه كانت هناك أقسام، وفي كل قسم يوجد عدد من الشرطة، وبالتالي الذي يعذبك أول مرة يسلمك إلى الفريق الآخر، والفريق الثاني سوف يضربك أيضًا، والفريق الثالث سوف يضربك أيضًا، كان هذا في الاستقبال، وفيما بعد عرفت أنهم يقومون بهذا الأمر بتلك الطريقة.

فعلًا، وصلنا إلى مرحلة التوزيع إلى المهاجع والدخول إلى السجن، الآن أنت يجب أن تتعايش مع أجواء جديدة، وفرزوا الشباب الذين وصلوا قبلنا، ووزعوهم على هذه المهاجع، ويجب أن تتعايش وتتعامل مع عكيد السجن (رئيسه)، وعكيد السجن هو الذي يكون حكمه أكبر، وقد يكون مجرمًا، وأنت يجب أن تلتزم بأوامره، وطبعًا هؤلاء الأشخاص كانوا يحاضرون عليك بالوطنية، وكانوا يسموننا: جماعة الشغب.

أيضًا من المصادفات هناك أن الغرفة التي فرزت إليها وطبعًا من الأشياء الجميلة التي تراها في السجن أن شباب الثورة الذين وصلوا قبلك يحاولون أن يقوموا بالواجب تجاهك، على اعتبار أنه أصبحت لديهم معرفة في السجن، فيحاولون البحث عن طريقة حتى تهدأ فيها وتنسى العذاب الذي مر عليك؛ لأنهم مروا به قبلك من خلال تجهيز الحمام والثياب داخل المهجع والطعام، وهذا الشيء حصل معي، ولكن ربما حصل باهتمام أكبر، بمعنى أنني حصلت في فرع الأمن السياسي على نوع من الشعبية من الشباب، والتفوا حولي، وعندما سمعوا أنني وصلت كان هناك اهتمام، وهذا الاهتمام لفت انتباه ضباط الشرطة في السجن والمساجين الموجودين (القدماء)، فما هي هذه العلاقة بين هؤلاء الشباب؟ كان واضحًا من أشكالنا أننا جميعًا قد تربينا في منزل أهلنا ولسنا زعرانًا (أشخاص سيئون) هذا الأمر بدأ يكون له تأثير، بمعنى أن رئيس المهجع طلبني، وكان علويًا من عائلة بركات، وأذكر اسمه؛ لأن هناك أيضًا شاهد آخر فيما يخص هذا الموضوع، عندما سألني: ما هو جرمك؟ وحتى وصلت إليه الشباب حاول الشباب أن يقولوا لي: لا تذكر أنك كنت في المظاهرات، يعني أذكر أي جرم آخر، ولا تذكر جرمك الحقيقي. فلا تقل: شغب لأنه إذا كان جرمك سرقة أو احتيال أو نصب فيكون هذا الأمر أهون، وعندما طلبني رئيس المهجع سألني: ما هو جرمك؟ فقلت له: أنا متظاهر. فقال: يعني شغب. فقلت له: أنا متظاهر. فقال: اجلس، ما هي قصتك؟ وهو كان يجلس على السرير وأنا على الأرض، وبدأت أتحدت عن قصتي، وما فعلناه في الخارج، وطبعًا كنا جالسين لوحدنا، وبعد أن انتهيت، قال لي جملة هي: لو أن جميع هؤلاء الناس الذين يأتون إلينا يحملون نفس الإرادة وهذه العقلية التي أنت تحملها وابن أخي معك كنتم استطعتم القضاء على بشار الأسد. وهو علوي وابن أخيه علوي هو علي بركات، وهو أيضًا من الشباب الذين سوف أذكر تجربتنا معه، هو أحد الشباب العلويين الذين كانوا مشاركين في الثورة، وكان له حضور، وهو من آل بركات، وهي عائلة عريقة وكبيرة من العوائل العلوية، وطبعًا رئيس المهجع كان يهتم بي، وقال لي: غدًا سوف تتعرف على ابن أخي، وتغير كل أسلوب الحديث. وفعلًا في اليوم الثاني، عرفني على علي، وطبعًا علي هو شخص "ملحد"، ولكنه يؤمن بقيم ومبادئ الثورة وضرورة التغيير في سورية وإنهاء نظام بشار الأسد، ومن المفارقات التي حصلت عندما أصبحت أنا وعلي أصدقاء كنا نخرج كل يوم إلى التنفس صباحًا باتجاه ساحة السجن فطلبونا في مفرزة الأمن السياسي إلى التحقيق (أنا وعلي)، ومن الأسئلة التي طرحها علينا مسؤول الأمن السياسي في السجن: يا رجل، أنت سلفي وهذا الشخص ملحد لا يعرف الله، ما هو الشيء الذي جمعكم؟ لأنهم كانوا يراقبوننا كل يوم عبر الكاميرات في الساحة، وكنا نبقى مع بعضنا، وهو بالفعل شاب لديه فكر ومدرك تمامًا لما يريده، فقال بسخرية: ما هو الشيء الذي جمعكم؟ فقلت له: أنتم جمعتمونا. فسكت، وقال: أنا أحذركم، وأنتم هنا تحت العين ( تحت المراقبة)، ولا أريد رؤيتكم معًا، وهم كانوا يحاولون تربيتك في السجن المدني بطريقة وبشكل آخر.

استطعنا في السجن التعرف على أشخاص جاؤوا من جبلة ومن بانياس ومن مناطق الساحل وأشخاص من جبل الأكراد ومن جبل التركمان، وهنا بدأت شبكة العلاقات تتوسع، وتجلس مع فلان وفلان، وتستعد للمرحلة التي ستخرج فيها من السجن؛ لأننا سنكمل...، ومن الشيء المؤلم أننا كنا مجبرين على مشاهدة قناة الدنيا، وكانت دائمًا موجودة على التلفزيون، والنظام كان يحاول أن يجعلك تشاهد كل يوم هذه الرواية، وباقي المساجين بمختلف جرائمهم كان منهم من هو إلى حد كبير مقتنع برواية النظام، والبعض الآخر بدأ يتفاعل معنا بشكل إيجابي، وأنها قد تكون فرصة للتغيير في سورية، ولكنه لا يستطيع أن يخدمك بأي شيء؛ لأنه مسجون أما أنت فسوف تخرج، وهو يحاول أن يأخذ دور الناصح، ويقول: افعلوا كذا وكذا. وهذه فترة الاعتقال الثالثة في السجن المدني في مدينة اللاذقية.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/27

الموضوع الرئیس

الاعتقال خلال الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/61-26/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آب - أيلول 2011

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-مدينة اللاذقية

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

فرع الأمن السياسي في اللاذقية

فرع الأمن السياسي في اللاذقية

سجن اللاذقية المركزي

سجن اللاذقية المركزي

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة