الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

علاقة محمد العبدة بالمدرسة السلفية والمسيرة التعليمية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:36:23

طبعًا، هذا كلام مهم؛ لأن والدي [محمد العبدة] فيما بعد أصبح من الوجوه الأساسية في المدرسة السلفية في سورية والعالم الإسلامي، وسألته مرة عن هذا الموضوع، وكنت أسأله دائمًا فيما سبق، كان يقول لي: إنه في فترة شبابه كان دائمًا يشعر بأن عنده رفض لبعض الممارسات التقليدية التي كانت عندنا في مضايا، يعني الممارسات التي يمارسها بعض المشايخ التقليديون الصوفيون التي يوجد فيها نوع من الخرافة ونوع من القصص التي كان واضحًا أنها تفتقد للمنطق كثيرًا، ودائمًا كانت لديه إشكالية فيها، وحتى إنه في إحدى المرات قال لي: إنه أثناء فترة الوحدة (الوحدة بين مصر وسورية) خطب في المسجد، وفي يومها تكلم عن هذه القصص، وسببت إشكالية؛ لأنهم كانوا لأول مرة يسمعون كلامًا كهذا، لأنهم متعودون على بعض الخرافات ومتعودون على بعض الأمور التقليدية التي يعتقدون بأنها جزء من الدين بينما هي في الحقيقة لم تكن جزءًا من الدين، مثلًا: عندما يتوسلون ببعض العلماء وبعض الصالحين من أجل أن يرضى عليهم الله، أو يذهبون إلى قبور بعض الصالحين، ويقدمون قرابينًا أو يصلّون عندها؛ حتى يغفر الله لهم. وهذه من الأمور التي كان يراها والدي أنها غير منطقية ضمن فهمه للإسلام، فالإسلام بشكل أساسي يربط الشخص بربه بشكل مباشر، فلا توجد واسطة، وهذا الشيء الذي كان يراه كان يجعله يشعر بأن هذا أولًا- سيضرب هذا الركن الأساسي وهو العلاقة المباشرة بين الشخص وربه، وأيضًا يسبب نوعًا من التعطيل لأفهام الناس؛ لأن الذي يصدق قصصًا كهذه يصبح من السهل عليه أن يصدق قصصًا أخرى تتعلق بالعمل العام، وهي منهجية التفكير في النهاية.

والدي درس بعد الثانوية، وذكرت قبل قليل أنها ثانوية جودت الهاشمي، وكان فيها مدرسون من الطراز الأول، درس الحقوق في جامعة دمشق، هذه الأحداث كانت تقريبًا في عام 1961، وعندما أقول: جامعة دمشق كلية الحقوق كان والدي يذكر بأنه على الأقل كان ثلاثة أو أربعة مدرسين يقومون بتدريسه في الكلية، ولكم أن تتصوروا ماذا يعني أن يدرسه هؤلاء الناس. مثلًا: معروف الدواليبي كان يدرّسهم في كلية الحقوق في جامعة دمشق، ومصطفى البارودي، ومعروف أن الدواليبي كان في وقتها في منصب رسمي وكان يدرسهم في كلية الحقوق، ومصطفى البارودي كان وزير الإعلام في وقتها وكان يدرّس في كلية الحقوق، ورزق الله أنطاكي كان وزير التجارة وكان يدرسهم في كلية الحقوق أيضًا، وفي ذلك الوقت، كان الشيخ مصطفى الزرقا وزير العدل ويدرّسهم عددًا من المساقات في كلية الحقوق. فهذا يعطينا انطباعًا عن مستوى كلية الحقوق، سواء كمنهج أو كأشخاص يدرّسون هذا المنهاج، وهذا أيضًا كان يربط [والدي] بالعمل العام؛ لأن الذين يدرّسونه لا يعطونه من ناحية أكاديمية فقط، وكانوا يعطونه كشيء له علاقة بالخبرة التي لها علاقة بإنشاء الدولة ولها علاقة بمؤسسات الدولة.

خلال الفترة الجامعية، كان والدي لديه فرصة أن يقرأ كتبًا لعدد من الذين أسسوا المدرسة السلفية، سواء ابن تيمية أو ابن القيم وابن حجر، وجميع هؤلاء القدامى الذين بدؤوا هذا الشيء، وكان أيضًا على علاقة قوية بشخص من المشايخ المعروفين اسمه الدكتور أمين المصري في دمشق، وكان مستقلًا، ولكنه كان من المدرسة السلفية، ولكن المدرسة السلفية على الطريقة الشامية، يعني ليس مثل المدرسة السلفية على الطريقة الشديدة.

يوجد انطباع عام بأن المدرسة السلفية تنحو منحى من التشدد سواء في المعاملة أو في شرح الفكرة أو في إيصال الفكرة أو التعامل مع الناس، ولكن العامل الشامي جعل تغييرًا حقيقيًا في هذه المدرسة، بمعنى أن طريقتها أصبحت في تناول الفكرة ونقل الفكرة والحديث عن الفكرة متأثرة بالجو الشامي الذي يميل أكثر نحو التوافق وشرح المفردات بالكلمات الطيبة، وهذا جعل هناك أيضًا علاقة قوية ما بينه وبين المشايخ في ذلك الوقت، وكما ذكرت فإن أمين المصري كان له حضور كبير في دمشق مع بقية العلماء، ولكنه مستقل، فكان هناك علماء آخرون منظمون ضمن الإخوان المسلمين أو غيرهم، ولكن أمين المصري كان مستقلًا، وهنا أقول: إن هذا الجزء من نزوع والدي نحو الاستقلال أو أن يكون شخصية مستقلة أو أن يكون شخصًا مستقلًا سواء في تفكيره أو عمله، جعله أقرب إلى هؤلاء الناس المستقلين.

والدي في الفترة التي بعدها كان يقرأ كثيرًا في كتب ليس لها علاقة بالمدرسة السلفية وخاصة المتخصصين في قضايا الفكر العربي والعالمي، وهذا أيضًا جعل عنده مساحة اطلاع أكبر بكثير. وتخرّج تقريبًا في عام 1965، وأثناء الجامعة في ذلك الوقت، كان عندهم ما يسمى: وكيل معلم. يعني شخص يعمل في التعليم، ولكن قبل التخرج، ولأنهم في وقتها كانوا محتاجين فعلًا، وفي ذلك الوقت عندما يصل الناس إلى الجامعة يكونون فعلًا قد تأسسوا تأسيسًا قويًا وبإمكان الشخص التدريس، وكان [والدي] يدرس كوكيل معلم في مدرسة اسمها مدرسة اليرموك في حي العمارة، وذلك أثناء الفترة الجامعية. 

وتخرج في عام 1965، وانتقل إلى السعودية كمدرّس، وهنا تبدأ مرحلة جديدة من حياتنا، وكان هذا قبل ولادتي، وبعدها تزوج الوالد، ووُلدت في عام 1967، طبعًا وُلدت في دمشق، وعندما ذهبنا إلى السعودية كان عمري عدة شهور، ووالدتي كانت مدرّسة أيضًا، وكان وجودنا في السعودية بشكل أساسي، ووالدي ووالدتي مدرسان، وأنا في وقت تواجدهم في المدرسة أكون عند الجيران السعوديين في ذلك الوقت وخاصة الأمهات والجدات، وحتى الآن أذكر أنهم كانوا فعلًا يقومون برعايتنا، وأذكر الكثير من الذكريات الجميلة في تلك الفترة التي جعلتني أتعرف منذ أن كنت صغيرًا على الناس الذين كنا نجلس معهم. فنحن ذهبنا من سورية إلى السعودية، وصحيح أن البلدين ليسا بعيدين كثيرًا عن بعضهما، ولكن على مستوى المجتمع كان المجتمعان يختلفان عن بعضهما كثيرًا في ذلك الوقت، ولا شك أنه بالنسبة للوالد والوالدة كان تحديًا حقيقيًا أن يتأقلما مع هذا المجتمع الذي ذهبا إليه، وقرر والدي من البداية إجراء صلات قوية مع الناس الموجودين، وأن يستفيد ويفيد [الآخرين] أثناء وجوده هناك ليس كمدرس فقط، بل كانت له علاقات اجتماعية أيضًا في المنطقة التي كنا فيها، وهي منطقة القصيم، وتقريبًا هي في منتصف السعودية، وهذا رسم إلى حد كبير تأثر والدي بالمدرسة السلفية؛ لأنه جاء من سورية وله تأسيس بشكل صحيح في هذا الموضوع، وهناك أيضًا وجد نوعًا من القبول لمثل توجه كهذا. فبالنسبة لي صحيح أن والدي كان هكذا، ونشأت في بيئة محافظة، ولكنني لم أكن أشعر أن هذه المدرسة تلبي ما أطمح له، وكنت أستفيد من البيئة المحيطة حولي بما يتعلق بالجانب المحافظ منها، بمعنى أننا كنا نجري نشاطات ونذهب في رحلات، ولكن لم أكن أشعر بأن هناك جاذبية من جهتي نحو هذه المدرسة أو تعاليم هذه المدرسة، وكنت أقرب إلى أن أكون محافظًا؛ لأنني نشأت في هذه البيئة.

طبعًا، المدرسة السلفية مدرسة جذابة من ناحية الأفكار ومن ناحية الالتزام، وربما في هذا الموضوع لا تختلف كثيرًا عن باقي المدارس، ولكن فيها شيء مميز لأنها تحرر الشخص من أي وسائط بينه وبين ربه، بمعنى أن العلاقة تكون مباشرة، فلا تشعر للحظة أنك مضطر لأن تعتمد على شيخ معين أو فلان، وهذا الأمر استفدت منه في أمر آخر، فهذا الموضوع يعطي الشخص شعورًا بالثقة أكثر بأنني أستطيع أن أحصل على ما أريد من دون أن يكون هذا الشيء معتمدًا على أشخاص، أو أنني أحتاج إلى الأشخاص حتى أصل إلى الهدف. طبعًا، عندما كنا صغارًا كانت كل المدارس المحافظة الهدف الأساسي منها هو رضا ربنا (الله عز وجل)، وإذا كنت أستطيع الوصول إلى هذا الشيء بدون أن أعتمد على مشايخ وبدون أن أعتمد على الناس بشكل مباشر فهذا يعطيني قوة حقيقية، ويصبح فيما بعد ينعكس على قضايا أخرى لها علاقة بالحياة، سواء في العمل العام أو في الدراسة أو في العمل، فيصبح لدى الشخص ثقة أكبر بنفسه، فإذا استطعت أن تكون علاقتي مباشرة مع الله فإنه من باب أولى أنني لا أحتاج إلى أحد في هذه الدنيا؛ حتى أصل إلى الهدف الذي أريده، وهذا الذي استفدته، ولكن ما عدا ذلك الشيء الذي كان فيه الكثير من التقعيد إن صح التعبير وأفكار والتزامات كنت أرى أنني لست مضطرًا له و غير ملزم به.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/01/22

الموضوع الرئیس

سيرة ذاتية

كود الشهادة

SMI/OH/129-03/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/17

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مضايا

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جامعة دمشق

جامعة دمشق

ثانوية جودت الهاشمي

ثانوية جودت الهاشمي

الشهادات المرتبطة