الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

إرهاصات الثورة والمظاهرة الأولى في حمص والتحضيرات لجمعة العزة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:27:43:13

[انتهينا] عند الإرهاصات أو المقدمات التي أدت الى اندلاع الثورة على مستوى المنطقة التي كنت فيها في حمص شيء على مستوى القهر والظلم المتراكم وعلى المستوى العام وعلى المستوى الشخصي وأنا ذكرت أنني كنت أتشوق إلى هذه اللحظة التي يمكن نحن كشباب أن نحدث تغييرًا ما رغم أنه كما ذكر سابقًا ربما كانت أوضاعنا الشخصية وأمورنا على مستوى الأفراد وأغلب الناس الذين أعرفهم في تلك الفترة كانت أمورهم جيدة قبل الثورة، ولكن مستوى القهر الموجود جعلنا نتوق كشباب لا يملك ويحلم ويتطلع لشيء من الحريات وشيء من وقف أشكال الاستبداد التي كانت، وأنا كنت على قناعة أنه لم يكن هناك دولة في منطقتنا يعني وربما ثورات الربيع [العربي أسقطت] أكثر من حاكم وأنا كنت على قناعة أنه لا يوجد استبداد وظلم كما هو موجود في سورية حتى مقارنة بالأنظمة الأخرى التي قامت عليها نفسها الثورة في فترة الربيع العربي، يعني كان يوجد هامش كبير أو فارق كبير بيننا وبين مصر مثلًا أو بيننا وبين تونس والقمع هناك موجود ومستبدون وظلمة، ولكن سورية كانت أضعافًا مضاعفة من هذا القهر والظلم المتراكم لسنوات.

كشاب عمري في 2011 لم يتجاوز 22 عامًا لم أصل إلى عمر 23 أنا عشت الأحداث السابقة وقرأت للجميع يعني قرأت عن طريق الإنترنت الذي توفر لنا في تلك الفترة قبل الثورة قرأت لأكثر من جهة وجميعهم أشخاص كانوا يكتبون ضد النظام وأكثر من تيار ولم أنتم إلى أي تيار ولم أتأدلج لفكر سياسي معين ولكن قرأت للجميع ووصلت إلى نتيجة أن الظلم كان على الجميع والاستبداد الذي وصل له نظام البعث وحافظ الأسد ثم بشار الأسد لم يصل له أي نظام آخر من الأنظمة الوظيفية الموجودة عندنا في المنطقة وبالتالي كنت دائمًا أحس أنه يوجد شيء ناقص ينقصني على المستوى الشخصي وبعدها عرفت أو فهمت أن هذا الشيء كان فقط أن أقوم بأمر أو أقوم بشيء ما ضد هذا الظلم. ولم أكن أو لم أتأدلج وأصبحت أحمل فكرًا سياسيًا معينًا رغم كل القراءات التي قرأتها في عمر مبكر، ولكن بنفس الوقت حملت الكثير من الشوق حتى أكون جزءًا من مواجهة أو تحدٍ لهذا الظلم الواقع الحاصل في البلد لأنه اذا لم ينكسر حاجز الظلم هذا فلن تقوم للبلد قائمة ولن يصلح حاله بأي شكل من الأشكال وانا أعتبر أن الاستبداد هو رأس كل فساد وكل الفساد الذي كنا نراه بتفاصيله وعلى كل المستويات كسوريين أصله كان أن النظام هو نظام ظالم ومستبد وبالتالي مواجهة الظلم كانت على المستوى الشخصي هي الدافع الأكبر وحتى عندما كنا نرى أنه يوجد معارض ما أو شخص ضد النظام قتلوه أو هرب خارج البلد أو أيًا يكن كان الظلم الذي يمارس حتى على ذويه وأقربائه كان شيئًا فظيعًا جدًا وبغض النظر عن الشخص أهله وأولاده وزوجته ووالده وأمه وأقرباؤه ما هو ذنبهم؟ فكان الظلم الذي يعمم حتى على كل من يجرؤ أن يواجه النظام من أي تيار كان ومن أي فكر كان فقط لأنه معارض ووضع عليه خط أحمر كانت العائلة كلها تبتلى وتعيش من الظلم الكثير، يعني أنا أذكر الأحداث كيف أنه يعني مثلًا كانت الوظائف ممنوعة على أقرباء الناس المعارضين وحتى في فترة من الفترات أصبح يوجد ترخيص أسلحة ومسدسات شخصية عندنا في الحي وكان بالذات الذي لدى أقربائه شبهة سياسية فهذا الشخص ممنوع والوظائف نفس الأمر فكان الموضوع بالنسبة لي هو مواجهه الظلم وأنا بغض النظر عن تقييم الصراع السياسي بين التيارات ولكن أهل هذا الشخص ما هو ذنبهم حتى تكون العقوبة جماعية بهذه القسوة المفرطة وطبعًا تراكم هذا الظلم كان دافعًا لي على المستوى الشخصي حتى أنتظر أي فرصة حتى أكون جزءًا منه وأشارك فيها.

بالنسبة لي كانت الشرارة الأولى كانت هي ثورة تونس وكانت ثورة تونس عبارة عن إشعار لنا جميعًا أنه يمكن لهذه الشعوب المسحوقة المظلومة المقهورة أن تنتفض ضد الجلادين والظلمة والمستبدين وأشعلت فينا شيئًا من الأمل ولكن كنا ننتظر ونتابع بشغف وأنا تابعتها بدقة وتفاصيل وما يحصل من تطورات في تونس وهي لم تأخذ وقتًا كثيرًا، ولكن بوعزيزي وإحراق نفسه ثم انتفاضة هذه الجماهير كانت تعطينا أملًا رغم الفارق، ونحن السوريون النظام لدينا تجاوز الأنظمة بالظلم والاستبداد ولكن هناك أيضًا الأنظمة مستبدة والشعوب تعيش قهرًا كبيرًا وبالتالي انتفاضتهم كانت رسالة لنا جميعًا أنه يمكن أن يحصل هذا وهناك أمل كبير بالإضافة إلى أن الطريقة التي خرجوا فيها ربما لم تخطر على بالنا وأن يخرج الناس الى الشوارع ويهتفون. والناس كانوا يفكرون بطريقة تنظيم أنفسنا وماذا يمكن أن نفعل كأفراد أما أن يخرج الشعب إلى الشوارع ويفجر شلالات وأنهار منها الناس المحتجون والناس المظلومون والمقهورون الذين يصرخون في الشوارع، ربما لم يخطر هذا الأمر على بال الناس أنه يمكن أن يحدث تغيير بهذه الطريقة بسبب القمع الكبير الذي كان يمكن أن يمنع حصول هذا الشيء وبالتالي كانت شرارة تونس هي الأمل الذي أعاد إحياء نفوسنا أنه يمكن أن يحصل شيء.

تابعنا ثورة تونس في نهاية عام 2010 ثم انتقلت الشرارة فورًا إلى مصر، ومصر كانت دافعًا من خلالها أكبر وأكبر ربما لعدة أسباب مرتبطة بالقرب أكثر بينما تونس كانت أبعد قليلًا، وقد يكون الوضع عندهم مختلفًا وهي منطقة بعيدة وأما مصر وسورية (الشام) عبر كل التاريخ كانوا دائمًا قريبين من بعضهم في أمور التغيرات السياسية والتغيرات التاريخية في المنطقة وتجد أنه يوجد تناغم بين مصر والشام (بر الشام الكبير) في كل الأحداث التاريخية الكبرى التي مرت على المنطقة وبالتالي عندما انتقلت إلى مصر وهنا أصبح يوجد تأكيد أن جذوة الشعلة التي أشعلوها في تونس بدأت تنتشر وتتناقلها الشعوب العربية بين بعضها وانتقلت إلى مصر وتابعها ربما كل السوريين تابعوا أحداث مصر لحظة بلحظة وكيف يتم رش المتظاهرين بخراطيم المياه وكيف حصل قتلى في المظاهرات، وأذكر في تلك الفترة كان يوجد اهتمام كبير من كل الناس وكل الشرائح بما يحصل في مصر لأنه يوجد شيء مشترك وتاريخ مشترك بين البلدين أقوى ربما من تأثير تونس على الواقع السوري.

في تلك الفترة وخصوصًا أنه هرب زين العابدين ثم اندلعت الثورات في أكثر من دولة في ليبيا واليمن وغيرها وأذكر أن سورية تأخرت فيها عن باقي الدول العربية وهي كانت الأجدر أن تقوم بالثورة وأخذت في وقتها فترة لتراقب ما حصل في تونس ومصر حتى انتفض السوريون في 15 آذار/ مارس [2011]، ولكن تحليلها فيما بعد أنا وصلت إلى أن السوريين كانوا يعرفون أنهم عندما يأخذون هذا القرار فسوف يكون قرارًا لا رجعة عنه وقرار سوف يدفع ثمنه الكثير، وبالتالي ترووا قليلًا حتى يأخذوا هذا القرار التاريخي لأنه في دول عربية أخرى ظهر حراك معين ثم انطفأ هذا الحراك وانتهت الأمور وفي دول أخرى حصلت ثورة في فترة وجيزة وانتهت أما في سورية فإنهم يعرفون ما هي الضريبة فهم معاشرين النظام (لديهم تجربة معه) ويَخبرونه تمامًا ويعرفون معنى أن ينتفضوا وأذكر أنه عندما دخلنا في [العام] 2011 أصبحنا كل وقتنا نتابع هذه الثورات. وأنا كنت أداوم في الوظيفة والجامعة في تلك الفترة وأنا بحكم عملي في مقهى الإنترنت أجلس فترات طويلة على الإنترنت وبدأت تظهر الصفحات المعارضة والمعادية للنظام والتي تدعو للثورة فكان يوجد دعوة أولى في شهر شباط/ فبراير [2011] للخروج بمظاهرات وسموه "يوم الغضب".

 وفي شباط/ فبراير جاء الموعد ولم يخرج أحد في ذلك اليوم وعندما لم يخرج أحد يعني ربما أحبطنا قليلًا ونحن ننتظر وأنه حصلت دعوة في اليوم الفلاني وسوف نخرج كما خرجت باقي الدول، ولكن جاء اليوم الفلاني ولم يخرج أحد وأذكر أنه كان يوم جمعة ونحن في الغرف [على الفيسبوك] مباشرة وضعنا أسماء وهمية وأصبحنا ندخل ونناقش ونسمع وحتى ضمن مقهى الإنترنت أنا لا أخبر أقرب الناس حتى لا يعرفوا الصفحات التي أدخل إليها، ولكن تم إنشاء عدة صفحات [على الفيسبوك] ومن بينها صفحة "الثورة السورية ضد بشار الأسد" وعدة صفحات أخرى بدأت تدعو لخروج السوريين إلى مظاهرات وتمت الدعوة الأولى في شباط/ فبراير ولم يخرج أحد، وبالتالي أحبطنا قليلًا وأذكر في يومها كان يوجد مطر شديد فقلنا: إنه قد يكون بسبب المطر أو أنه يوم جمعة ولا يوجد الكثير من الناس في الشوارع وسوف يتم كشف الناس الذين يخرجون، ولكن تجددت الدعوات وهنا طبعًا كانت تحصل إرهاصات كثيرة في سورية وكانت تزيد الدافع والأمل والناس تزداد جرأتها تدريجيًا وحصلت الحادثة التي حصلت في الحريقة بين شرطي وأحد الناس وضربوا الشرطي ومظاهرة الناس وهذا المقطع المشهور في الحريقة وقالوا: "الشعب السوري ما بينذل". ونحن لم نعتبرها شرارة، ولكن لم تكن لتحصل لو أنها حصلت قبل ثورات الربيع العربي، ولكنها حصلت عندما شرطي ضرب أحد أبناء التجار في تلك المنطقة في دمشق وخرج الناس وجاء وزير الداخلية (سعيد سمور) و[قال] كلمته المشهورة وقال لهم: "هيك أبصير (جملة "هذا لا يمكن" باللهجة العلوية) يا شباب هذه اسمها مظاهرة". وكان النظام يترقب وخائف من هذه الكلمة كثيرًا أن تحصل والسوريون كانوا شيئًا فشيئًا تزداد جرأتهم وأملهم وثقتهم المطلقة أن ما يخشاه النظام هي المظاهرات وسوف تحصل.

أذكر أنني خرجت من الدوام وكانت الثورة المصرية مشتعلة وواضح أن الأمور ذاهبة باتجاه أن حسني مبارك بدأ يفقد زمام السلطة والسيطرة وكنا عائدين من الدوام ومعي صديقي وهو من ريف حمص، وكنا في باص المبيت الذي يأخذنا إلى الوظيفة ويعيدنا وسألني وقال: انظر ما حصل في مصر وعيناه تدمع أملًا واختلاط مشاعر وهل من المعقول أن يحصل عندنا نفس الأمر وأنا أذكر أنني أجبته وقلت له: أنا متأكد أنه سوف تخرج عندنا وسوف تقوم الثورة. وأنا كنت أملك من اليقين أن مستوى هذا الظلم الذي حصل للسوريين ومهما حاولنا أن نقول إنه لن يحصل حراك فهذا مستحيل والناس سوف تخرج لأنه لا يوجد حل إلا هذا الحل وأذكر أنني أعطيته من الثقة وعيناه بدأت تدمع من الفرحة لأنني أعطيته هذا الأمل وأنه سوف تخرج وفي مصر كانت ذروة الاحتجاجات وقلت له سوف تخرج عندنا فدمعت عيناه أملًا وفرحة وقال: إن شاء الله.

بعدها الأحداث بدأت تتطور كإرهاصات للثورة السورية وبدأت الكتابات على الجدران والأحداث بدأت تتناقل والصفحات بدأت تذكر هذه الأمور بشكل متواتر وكنا على يقين أن القرار على مستوى الناس وشريحة واسعة من الناس اتخذ هو بقي فقط تحديد الموعد.

تم تحديد موعد على الصفحات نفسها في 15 آذار/ مارس [2011] وأذكر أنهم عندما حددوا الموعد كنا نتناقش أن يكون الموعد في اليوم الفلاني فاتفقوا أن يكون في يوم الثلاثاء في 15 آذار/ مارس عام 2011 كون الذي يمكن أن يخرج في يوم الثلاثاء في أيام الأسبوع يمكن أن يختبئ بين الناس فتضيع القضية لأنه في الموعد الذي سبق ولأنه يوم جمعة والذين سوف يخرجون قلة فسوف تكون ملاحقتهم أسهل من قبل الأمن، فقالوا: إن يوم الثلاثاء يكون يومًا مزدحم في الأسواق وشخص يمكنه أن يهتف في السوق وصيحات الثورة وهتافات الثورة ويمكن أن يكون الأمر أسهل وبالفعل هذا ما حصل.

 وفي يوم الثلاثاء في 15 آذار/ مارس وقبله بليلة جلست مع الوالد وقلت له: ما رأيك وقد وضعوا موعدًا ثانيًا؟ وسألته: هل سوف يخرج الناس؟ وهل سوف يحصل شيء؟ وكنا نتناقش فكان الوالد محبطًا وربما هو من جيل أصيب بخيبات كبيرة وإحباطات متتالية ووصل إلى قناعة أنه من الصعب تغيير هذا النظام ودائمًا كانوا يقولون لنا: أنتم لا تعرفون هذا النظام ونحن الذين نعرفه. وهو لم يكن لديه أمل، وأنا كنت كلي أمل وجيلي في بداية شبابه تواق بشكل كبير جدًا للحرية ورفع هذا الظلم، وأثناء نقاشي مع والدي قلت له: سوف يخرجون وسوف يحصل حراك معين وسوف تخرج مظاهرة. وفي يومها نحن لم ننسق لأجل تاريخ 15 آذار/ مارس، ولكن كنا ننتظر ماذا سوف يحصل في اليوم التالي وهو يقول: كلا. وأنا أقول له: إنني متفائل وهو متشائم وخصوصًا أنه توجد تجربة قديمة سابقة ولم يخرج الناس.

انا أسهر في المحل كل الليل وأداوم في فترة الليل وأخي يداوم في النهار فسهرت حتى الساعة 7:00 صباحًا ومحلات الإنترنت كانت مفتوحة في الليل حتى الفجر فسهرت حتى صباح 15 آذار/ مارس ثم عدت الى المنزل ومنزلي قريب من المحل في نفس الشارع فنمت واستيقظت بعد وقت خروج المظاهرة التي خرجت في دمشق وعندما استيقظت لم أتجرأ على سؤال والدي: هل خرجت أم لم تخرج؟ وهل حصل شيء وهل سمعت خبرًا أنه خرج أحد في مكان ما، ولم أتجرأ على سؤاله خوفًا أن يقول لي: كلا. وأنا لم أحب أن أسمع شخصًا يقول لي: كلا. ولم يخرج أحد في هذا التاريخ وأذكر أنني استيقظت وغسلت وذهبت إلى المحل لأن الإنترنت في المحل أقوى وسريع ولم أسأل والدي وهو كان موجودًا فذهبت إلى المحل وكان الخبر الذي كان بالنسبة لي هو أجمل خبر سمعته في حياتي، وأنه أخيرًا خرجت الهتافات الأولى وهتف بضعة شبان وشابات في دمشق في ذلك اليوم للحرية ومشوا لمسافة، والمقطع كان مصورًا وهو مقطع مشهور وبما أنه وُضع موعد وخرج أشخاص في هذا الموعد بغض النظر عن عددهم، ولكن هذا الشيء نسِّق له منذ عدة أيام وحدث فهو كان انطلاق صافرة البداية ولم يعد هناك رجعة.

الأمن في تلك الفترة شدد عندنا في حمص بشكل كبير وسيارات الأمن كانت تتجول بشكل أكبر فهم يرون ويتابعون هذه الدعوات وهم متحسبون ومترقبون لحصول هذا الأمر وكثفوا من الأمور الأمنية وعندما ننزل إلى السوق كانت السيارات منتشرة بشكل كبير والأمن مترقب وينظر في عيون الناس والمارة تحسبًا.

في حمص لم يحصل شيء في تاريخ 15 آذار/ مارس في يوم الثلاثاء، ولكن مباشرة تم التنسيق والدعوة إلى مظاهرات في تاريخ 18 آذار/ مارس الجمعة الأولى من جمع الثورة السورية وهي "جمعة الكرامة" وتم وضع موعد لهذه الجمعة وتم تسمية الجمعة وكان يوجد تشديد أمني كبير جدًا قبل يوم الجمعة وأذكر أننا نزلنا إلى السوق حتى نرى ما الذي يتغير وأذكر مشهد سيارات الأمن التي تضاعفت أعدادها بشكل كبير قبل يوم الجمعة.

في يوم الجمعة كان يوجد دعوة عامة على مستوى البلد وتحققت بشكل بسيط في تاريخ 15، ولكن في تاريخ 18 نحن لم نكن نعرف كيف سوف يكون شكل الخروج وكيف سوف نخرج ومن أين سوف نخرج والناس لا تعرف كيف تبدأ بهذا الأمر، فصلينا الجمعة عندنا في الحي وقلنا: إنه في أي مكان سوف يكون هناك صيحة سوف نذهب ونلتحق بها. ولا أحد يعرف أين هو هذا المكان والنظام كان مشددًا في قلب المدينة ومركز المدينة والمساجد الكبرى وفي يومها حتى موضوع خروجك من المسجد لا أحد يتوقع أن الخروج سوف يكون من المسجد لأن مظاهرة 15 آذار/ مارس لم تخرج من المسجد وخروجها الأساسي لم يكن من المسجد، ولكن في 18 آذار/ مارس ونحن لم نكن نعرف أنها سوف تخرج من المسجد الفلاني ولو عرفنا لكنا صلينا به وأذكر أن مظاهرة 15 آذار/ مارس كانت قريبة من المسجد الأموي وكان المسجد الأموي له رمزيته الخاصة، وأذكر ابن عمي فايز وابن عمتي صالح -تقبلهما الله- ذهبا وصليا الجمعة في تاريخ 18 آذار/ مارس في المسجد الأموي وبعد الصلاة خرجت مظاهرة من المسجد الأموي وفي تاريخ 18 آذار/ مارس خرجت أربعة مظاهرات، وفي درعا وبعد تراكم الأحداث فيها وبعد أحداث أطفال درعا اندلعت الاحتجاجات عندهم بشكل واسع وخرجت بنفس اليوم في بانياس و[الجامع] الأموي [في دمشق] وحمص، ولكن في [الجامع] الأموي كان ابن عمي وابن عمتي موجودين هناك وقالوا لي: سوف نذهب حتى نرى ماذا سوف يحصل هناك. وحضروا في الأموي وفي يومها تم ضرب المتظاهرين داخل ساحة المسجد وأغلق باب المسجد الأموي، وحصلت أحداث في المسجد ويوجد مقطع مشهور لضرب المتظاهرين في باحة المسجد الأموي في دمشق ونجاهم رب العالمين فعادوا وذكروا لنا ما حصل.

 وفي ذلك اليوم نفسه نحن لم نكن نعرف من أين سوف تخرج من حمص ونحن صلينا الجمعة وانتظرنا ومباشرة جاءنا خبر على أنه خرجت مظاهرة من مسجد خالد بن الوليد وطبعًا مسجد خالد بن الوليد قريب منا، وأنا أسكن في دير بعلبة ويوجد حي بجانبنا اسمه البياضة والخالدية وهي أحياء متصلة ببعضها يعني أنا إذا ركبت بالباص فإنه خلال عشر دقائق سوف أصل إلى مسجد خالد بن الوليد، وعندما وصلنا هذا الخبر مباشرة أنا ومجموعة من الشباب من أصدقائي وأقاربي ركبنا بالباص وذهبنا إلى مسجد خالد وهذه المسافة البسيطة حتى وصلنا إلى المسجد، وعندما وصلنا وجدنا أن الأمن قام بتطويق المسجد ويوجد انتشار أمني كبير ولا يوجد مظاهرة. والذي حصل أنه خرجت مظاهرة من مسجد خالد بن الوليد مع خروج الناس من صلاة الجمعة وهتفوا: "الله سورية حرية وبس". وهتفوا للحرية في يومها فجاء الأمن وقمعها مباشرة وضربهم واعتقل وضرب الناس فانتهت خلال دقائق ولم تستمر إلى وقت طويل وحتى إنه يوجد مقاطع وثقت ويوجد مقطعان موجودان يوثقان تلك اللحظة في 18 ونحن عندما وصلنا لم نجد شيئًا ورأينا أن الأمن يطوق المنطقة وقمع المظاهرة فعدنا. وبما أنه خرجت المظاهرة من المسجد فهذا يعني أن الشرارة الأولى على مستوى حمص حصلت حتى لو خرج الناس لمدة دقائق ولم تطل المظاهرة وحصلت اعتقالات وقمعوا مباشرة، ولكنها حصلت يعني انكسر الحاجز الأول وعندما عدنا ورأينا الأخبار في [الجامع] الأموي وبانياس، وكانت ضخمة في بانياس، وفي درعا بأعداد كبيرة وطبعًا كان يوجد شهداء يعني شهداء الثورة الأوائل في محافظة درعا الجوابرة (محمود الجوابرة) وعياش (حسام عياش)، وأصبحت توجد أربعة محافظات انطلقت في ذلك اليوم في 18 آذار/ مارس، وهذا يعني أن الثورة انطلقت ولم يعد هناك رجوع والأمر أصبح أوسع من أن يحصر في مكان واحد أو محافظة واحدة.

خلال هذا الأسبوع بعد 18 آذار/ مارس كنا ننتظر الجمعة القادمة وأننا سوف نخرج من المساجد في الجمعة القادمة وسوف نخرج، وطبعًا الخروج من المساجد لم يكن مخططًا له أساسًا، ولكن الناس كانت تبحث عن مكان حتى تحتمي ببعضها والمسجد كان عبارة عن أن الناس ربما يحمون بعضهم بكثرتهم من محاولات القتل المباشر والاعتقالات التي يمكن أن تحصل لشخص يهتف ضد النظام في الشارع فكان المسجد له هذه الرمزية والمسجد أيضًا. والناس عندما كانت تفكر بالخروج في هذه المظاهرة كانت بمثابة أنها تعلن أنهم مشروع شهادة أو أن الموت على بعد لحظة منها، هكذا كان إحساس الناس ولم يكن القرار سهلًا أبدًا. وبالتالي ربما الإنسان عندما يحس بهذا الخطر فإنه يلجأ إلى الشيء الذي يشعره بالأمان والشيء الذي كان بالنسبة للناس هو رب العالمين فكان خروجه من المسجد يعطيه نوعًا من أنواع الأمان الذاتي وحتى وهو يهتف فإنه كانه يستنجد برب العالمين وأنني مقدم على خطوة هي الأكثر خطورة في حياتي وهو يخرج من المسجد ولديه إيمان بسبب قربه الشديد جدًا من الموت في تلك اللحظة وبنفس الوقت تجمعات ضخمة كانت تحصل ولا يوجد مجال آخر سوى المساجد تضم هذه الأعداد الكبيرة التي يمكن أن تشعر الناس بالأمان وحماية بعضهم.

بما أنه خرجت المظاهرة من مسجد خالد وخرجت حتى في بانياس من المسجد وفي المسجد الأموي في دمشق فهذا يعني أن الجمعة القادمة سوف تكون من المساجد. وانتظرنا لأيام وخلال هذا الأسبوع تطورت الأحداث بشكل كبير جدًا في درعا وكنا متابعين لحظة بلحظة لذلك وما يحصل في تلك الأيام وفي درعا حصلت أحداث المسجد العمري حوصر المسجد وحصل دخول الأمن عليه والشبيحة [وادعاءاتهم:] وجدنا أدوية ومستشفى ميدانيًا، وتطور الأحداث كان متسارعًا جدًا خلال هذا الأسبوع وأذكر أننا في ليلتها لم ننم في ليلة اقتحام المسجد العمري في درعا، أنا أذكر أننا لم ننم وجاء إلي أقاربي الذين شاركوا في مظاهرة المسجد الأموي وخالد بن الوليد وقالوا: ماذا حصل في درعا؟ ونحن كنا نتابع الأربعاء المؤلم الذي حصل في درعا وعدد الشهداء والقمع الذي تعرضت له وأخذنا قرارنا أنه في يوم الجمعة القادمة سوف نخرج في الجمعة الثانية من جمع الثورة السورية وهي "جمعة العزة" في تاريخ 25 آذار/ مارس 2011 وهي كانت على المستوى الشخصي مشاركتي الأولى ليس بالتظاهر وإنما بالتحضير لمظاهرة 25 آذار/ مارس 2011 "جمعة العزة". وبعد انتهاء الأربعاء بدأت التحضيرات، وفي يوم الخميس ظهرت بثينة شعبان وألقت خطابها وحاولت وبدأت تقول: إننا سوف نجري إصلاحات بسبب تسارع الأحداث في درعا، ونحن كنا نجتمع في ذلك الوقت في ليلة الجمعة ونخطط من أين سوف نخرج.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/09/16

الموضوع الرئیس

البدايات الأولى للثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/161-02/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

شباط وآذار 2011

updatedAt

2024/09/02

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-جامع خالد بن الوليدمحافظة حمص-مدينة حمص

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد - شبكة الثورة السورية

صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد - شبكة الثورة السورية

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الشهادات المرتبطة