الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الحالة الفكرية لأهالي مدينة داريا وإرهاصات الثورة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:26:21:00

في الحالة الفكرية للمدينة والتعليمية كان لدى أهل داريا تعاطف كبير مع القضية الفلسطينية، ونحن نشأنا فعليًّا على حب "[حركة] حماس" و"القسام" والانتفاضة وفلسطين، ودعوات "اللهم ارجع لنا فلسطين" وحتى أهلنا الذين لا يعرفون شيئًا نهائيًّا كانوا إذا أرادوا أن يدعوا عليك [يقولون]: "الضريب يأخذ اليهود" و"الضريب يأتي إلى إسرائيل" يعني هذه الحالة كانت جماعية كبيرة، وهذه الحالة فعليًّا أثرت في الثورة كثيرًا وأثرت فينا كثيرًا في الثورة يعني أنا رُبيت [على ذلك].

أنا لا أتذكر أن أحدًا تأثر في عائلتي مثل تأثري بالرنتيسي، وأنا إلى الآن شخص نظرتي ليست فقط إيجابية عنه وهذا شخص أُغرمت به وأنا صغير، يعني الرنتيسي وأحمد ياسين [معجب بهما] وأنا منذ أن كنت صغيرًا حتى الآن أحفظ كل أناشيد "حماس" وأنا لا أتكلم عني كفرد ولكن أتكلم عن مجموعة وحالة عامة، كان يوجد تعاطف كبير مع حركة "حماس" وكان يوجد تعاطف مع حزب الله في حرب لبنان، ونحن أي شيء يوجد فيه طرف [ضد] إسرائيل كان يوجد تعاطف معه يعني أنت في حالة مواجهة، وأنا كان عندي أمنية أن يصبح عندنا حرب مع إسرائيل يعني أتخيل أن تكون الحالة السورية مثل حالة القسام.

وهذا الأمر عندما أنا لم أكن أعرف ما هو الوضع، عندما كنت في الصف الخامس والسادس والسابع وكانت تربيتنا في المساجد على [حب] "حماس" و"القسام" ولا يأتون على سيرة فتح ويتكلمون عن أسماء فصائل أخرى، واسم الجهاد الإسلامي من المفترض أن يكون بالنسبة لي جذابًا أكثر أو جذابًا للناس أكثر أو كتائب شهداء الأقصى، لا، ولكن كان يوجد تنشئة على [حب] "حماس" ويوجد تيار في [مدينة] داريا [يقولون] إنهم حمساويون، وحتى إنني في إحدى المرات سألت أحدهم عندما استلمت "حماس" وحصل اقتتال في غزة، قلت له: نحن مع من؟ قال لي: نحن مع الحق، وهو كان شخصية معتبرة وقلت له: من هو الحق وهو لم يكن يجرؤ أن يتكلم، قال لي: نحن مع الحق قال لي: لا أعرف ماذا أقول لك، أنت مع من ترى الحق؟ هل مع ياسر عرفات أم أحمد ياسين؟ وأنا مباشرة فكرت من هو ياسر عرفات أمام أحمد ياسين ولو أن الشخص كان مناضلًا، وأنا لا أعرف ياسر عرفات بالأصل ولكنه أعطاني خيارين ويعرفني ماذا سوف أختار فقلت له: أحمد ياسين، فقال: إذًا معه الحق، كان هذا اتجاهنا. 

نحن هكذا نشأنا نشأة فكرية كاملة وأنت تُزرع على حب الأقصى والجهاد وحب "حماس" ولكن أهلنا لم يكن يوجد عندهم مشايخ يربونهم على هذا الشيء، وتجد أنهم نفس البيئة والأناشيد التي كنا نسمعها في المنزل -التي يسمعها والدي-، وهي كلها عن فلسطين، ولأبي راتب وأبي الجود: "ذا موطني"، "أرسل النداء من يجيب ندا الوطن"، ودائمًا يوجد شيء في أناشيدنا عن نداء الوطن، وفعليًّا أنا كنت متحمسًا إلى درجة لا تُوصف وأنا أسمع لأبي راتب وأبي الجود يعني هؤلاء الذين يعطون أناشيد فلسطين "للأحباب أغني أغنية الأمجاد، من هناك أتيت إليكم أحمل بين ضلوعي إليكم أشواقًا تزداد" وأنا فعليًّا أشواقي تزداد إلى فلسطين وأنني في يوم من الأيام سوف أصل إلى هناك.

 وأنا في الصف السابع سألت صديقي وهو كان فلسطينيًّا قلت له: هل تذهب إلى فلسطين؟ فقال: لا، وأنا عبت عليه هذا الشيء، وأنا لا أعرف أنه لا يستطيع الذهاب لأنه مهجر أو نازح، وأنا لم أكن أعرف فلسفة القصة أبدًا ولا أعرف فلسفة الأشياء، وأنا أعرف أنك فلسطيني فيجب أن تكون هناك، وأنا لا أعرف أنني سوري في اسطنبول يجب أن أكون في سورية، وكلما يكبر الشخص كانت تتوسع مداركه ووعيه، ولكن كان يوجد حالة جعلت المواجهة وصمودنا يصبح مسارًا معينًا على غرار مسار الشباب في داريا الذين رُبوا عليه والذي لم يُربَّ على حب "حماس" وفكريًّا يقول: أنا رُبيت على حب فلسطين.

يعني نحن في أول الثورة كان طريقنا الثاني هو فلسطين، ونحن كنا مقتنعين فعليًّا بهذا الشيء يعني أنا كان عمري 19 أو 20 عندما بدأت الثورة، ولكن فعليًّا كان الهدف هو القدس ولم يكن عندي هدف سورية أبدًا في أول الثورة، والكلمة الموجودة دائمًا في رأسي والكلمة التي أنا مقتنع بها ودرستها وطُبعت في رأسي هي كلمة مفهوم الأمة وإحياء مفهوم الأمة، ومفهوم عندك وطن وعندك عروبة وإسلام، وعندك وطنية وأنت تحارب من أجلها، ولا تحارب من أجل سورية هذا القطر الصغير وأنا لست قطريًّا، يعني أنا سوري وأتبع أجدادي الآشوريين أو الكلدانيين أو هذا الكلام الفارغ، وأنا فعليًّا وكل المجموعة كان عندنا [نفس التوجه].

وأنا أذكر في داريا في بداية الثورة كانوا يقولون شهرين فقط مؤازرة لأجل درعا؛ يعني أكيد توجد ثورة، ولكن أنت لماذا خرجت؟ وأنا لا أنسى أنه فعليًّا كان يوجد شباب يبكون عندما خرجنا في المظاهرة ولا يبكون لأجل الثورة، ولكن يبكون أنه يوجد أشخاص في درعا يموتون ويُقتلون وهذه هي الحالة الفكرية، وأنا ذكرت كيف كانت الحالة الخيرية وهي كانت مضرب مثل غير موجود في أية منطقة أخرى أبدًا، وأنا بحثت عن الموضوع منذ فترة ولكنني أجد أن نموذج داريا في العمل الخيري لم ينفذه أحد غيرها، وربما كانت توجد مشاريع ضخمة في دمشق ولكن على مستوى المدن الصغيرة والأرياف لم ينفذ أحد كما نفذت داريا حتى بدأت تعطي المناطق الثانية يعني مثلًا يوجد مناطق تأتي إلى "جمعية  الشفاء" لأنه لها مخصصات حتى لو لم تكن من داريا، وكانوا مهتمين بالدرجة الأولى بأهل المدينة كثيرًا، وكان يوجد برنامج متكامل في العمل الخيري والكشف على الحالات والزيارات المتكررة ويرون ما هي حاجتك وماذا تريد؛ يعني مثلًا تقدمت عائلة "للجمعية الخيرية" وهو ليس اختصاصي وقاموا بتحويلك إلى "جمعية الشفاء" وهذا العمل فعليًّا أثر بنا في تنظيم المدينة فيما بعد وهذا الكلام في عام 2007 وكان يوجد عمل مؤسساتي في العمل الخيري، والعمل الخيري كان قائمًا عليه متطوعون يعني ثقافة التطوع كان قائمًا عليها متطوعون أساتذة وكبار يعني دكاترة، والدكتور لن يأخذ من الناس ولم يكن يوجد تفكير أن يكون له راتب من هذه الجمعية، والأمر ليس مثل المنظمة أنا عندي ساعتين أو 3 أفرغهم لهذا الأمر وربما أنا عندي في الأسبوع 4 ساعات أفرغهم لهذا الشيء فقط.

كان يوجد خير في المدينة بين أهلها ويوجد حالة من الود والخير، وحالة من النسيج الاجتماعي متين السبك والمترابط بشكل كبير، يعني رب العالمين وصى بالجار السابع ولكن أهل داريا أخذوا بالجار الـ 40، وأنت في الحارة الجميع يعرفون بعضهم وأي شخص يسكن حديثًا لا يوجد حديث بينك وبينه، ولا بد كان يوجد حالة مشكلات دائمًا، ولكن بشكل عام الصورة العامة كان يوجد حالة من النسيج الاجتماعي أيضًا مميزة، التي هي بشكل أو بآخر تشبه حالات الغوطة الشرقية وهي فعلًا -حالة الغوطة الشرقية والغربية في موضوع النسيج الاجتماعي المترابط- مختلفة عن باقي المناطق كما رأيتها.

لا أحد يذكر أنه يوجد حي مسيحي [يقولون مثلًا]: مررت من شارع المسيحيين وذهب لشارع المسيحيين، ولكن نحن في داريا يوجد مشكلة كبيرة بين المسيحيين والمسلمين وحتى إنه حصلت مشكلة وسقط قتلى وحُرقت محلات وأرزاق وتدخل الفاتيكان وأنا لا أذكر التاريخ ولكن كان في التسعينات واعتُقل على أثره الكثير من الشباب وتدخل في وقتها حافظ الأسد والفاتيكان بشكل كبير، وبعد هذه المشكلة لم تحصل مشكلة أبدًا حتى أعتقد بعد هذه المشكلة لم تسكن باقي الطوائف في داريا، يعني كانت داريا سنية بشكل كامل ماعدا هذا الحي المسيحي، وأنا أذكر أن العلوي لا يقترب من داريا أو الدرزي وباقي الطوائف لا تقترب من داريا ولو أنه لن يحصل شيء أكيد.

كان يقترب الشيعة ويدخلون في زيارات إلى سكينة (مقام يُنسب لسكينة بنت الحسين) وطبعًا هذا كان عقدة عند أهل البلد -سكينة- من يوم إنشائه لم يكن أحد راضيًا عنه ومن يوم إنشائه كان عند أهل البلد نقمة عليه، ومن يوم إنشائه يوجد حالة غليان، ولكن لا أحد يستطيع الكلام، وهذا الشيء أدى في الثورة إلى معارك في مقام سكينة "معارك الـ 60 نفق" (معارك مع النظام من خلال الأنفاق) وهذا سبب حالة توتر كبيرة في البلد، وأنت خرقت النسيج الاجتماعي يعني أنت تفرض شيئًا ويتم إدخال مواكب الشيعة، وهذه الأمور نحن لسنا متعودين عليها أبدًا وهو يُعتبر مركزًا من مراكز المدينة وأصبحت باصات الشيعة والإيرانيين والعراقيين واللبنانيين والأفغان تذهب وتأتي، وحتى أحمدي نجاد زار داريا -الرئيس الإيراني- وأيضًا هاشمي رفسنجاني زار داريا على هذا المقام، والمسؤولون الإيرانيون دائمًا يأتون الى هذا المقام وزرعوا جسمًا لهم في داريا كما زرعوا الكثير من الأجسام في المدن السورية ولا أحد كان راضيًا عن هذا الشيء أبدًا، وهو فعليًّا مقام سكينة لا يوجد قبر لسكينة في هذا المكان وإنما تم زرع هذا المقام وأنه يوجد مكان للشيعة في هذه المنطقة في داريا وخاصة هي كانت تُعتبر أيام الثورة قلعة أهل السنة.

الحالة في داريا كانت غريبة عن باقي المدن فكريًّا وثقافيًّا وتعليميًّا، حالة المدينة كانت مميزة بأشياء معينة وأنا تكلمت عن الفلاحين ونحن كنا مشهورين بالعنب كثيرًا، وحتى الشيخ علي الطنطاوي يتكلم أنه قد حضر مهرجان عنب في داريا عُرض فيه 70 صنفًا من أصناف العنب وعرائش العنب والكروم التي لدينا، وحالة الفلاحين بشكل عام جدًّا جميلة ويوجد فيها تعب كثير وكانوا يزرعون الكثير من العنب؛ محاصيل كاملة تخرج من المدينة ويوجد تعب كبير -أكيد- عند الفلاحين وأبناء الفلاحين، ولكن إذا نظرت إليها من الخارج مثل شخص كاتب أو أديب يشرب فنجان القهوة ويقرأ الفلاح وهذه الأشياء وكان يوجد خير في الأراضي وكان يوجد عمل كبير في الفلاحة في داريا.

هذه هي الحالة الاجتماعية التي وعيت عليها منذ عام 2000 أو من عام 2003 حتى عام 2008 وهذا تطور سريع في كل الحالات، يعني حتى حالة الفلاح كانت مختلفة عما قبل؛ حالة عمله وآلية العمل والأشياء كلها مختلفة.

في عام 2009 وما بعد فعلًا كانت توجد حالة وعي بدأت تنتشر بين الشباب يعني أنا في عام 2009 حضرت نقاشًا بين أصدقائي صديق شهيد اسمه أسامة الشيخ يوسف -رحمه الله- وهو الشهيد الأول في العمل المسلح في داريا، وأحد أصدقائنا -حتى الآن موجود- اسمه رامي أبو محمد كانوا يتكلمون: أنه هل في يوم من الأيام سوف يسقط النظام أم لا يسقط؟ وهذا الكلام سمعته في عام 2009 وكان رامي يتكلم بنفَس إيجابي وأنا كنت مستغربًا ولا أفهم ماذا يعني سقوط النظام، وأنا كنت أظن أنه سوف يتغير بشار (بشار الأسد) وهم كانوا يتكلمون بثقة والشخصان عندهما معطيات وفعليًّا يتكلمان بأريحية تامة عن الموضوع في الجامع، ولو سمعهما الشيخ الكبير لكان طردهما، وفتحا نقاشًا في وقتها وتطورت الأشياء وبدأنا نتكلم ونناقش.

وحتى في المدرسة أنا كنت شخصًا مواجهًا في الموضوع، يعني أصدقائي يقولون إنني إخوان [مسلمين]، ولكن لا أعرف لماذا يقولون لي إخوان! وأن أي شخص في الحياة معارض لهذا النظام فهو إخوان [مسلمين] لأنه يتكلم عن أمور غير صحيحة في النظام! وأنا هذا الأمر تعلمته من إخوتي في هذه المرحلة من أخي الكبير، وأخي كان يقول: أنا لا أحب بشار الأسد وأنا كنت أعيب عليه هذا الكلام وأقول له: هذا رئيسنا، ولكن في عام 2009 أنا بدأت أقول هذا الكلام، وحتى في يوم من الأيام أنا كنت أجلس في أحد الأماكن وحصل انقلاب على رئيس موريتانيا ربما كان اسمه محمد ولد الطايع حسب ما أذكر  وقلت لشخص بجانبي: يا رب، عقبى لنا. وهذه الكلمة كان والدي سوف يضربني لأجلها لأن الشاب الذي كان بجانبي قال: أنا حزبي (منتسب لحزب البعث) ولا أرضى أن تقول هذا الكلام، وأنا فعليًّا خفت وقلت لوالدي هذا الكلام وانزعج وبدأ يؤنبني، ويقول: كيف تقول هذا الكلام؟ وما هي علاقتك؟ وسوف أمنعك من مشاهدة الأخبار وأنت سوف تأتي بآخرتنا ومن هذا الكلام.. وبدأ يصبح لدي حديث في الأخبار السياسية وأنا أحسست أنه يمكنني الحديث بالسياسة، ولكن يوجد لها مخاطر كبيرة ولكن حتى الآن لا يوجد بوادر لحصول تغيير على مستواك الشخصي، أن تصبح جيدًا ماديًّا وهذا كان أكبر تغيير يطمح له الشاب السوري.

أنا أذكر تمامًا أنني كنت أجلس مع والدي أثناء ثورة تونس، وعندما سقط [زين العابدين] بن علي كانت مفاجأة كبيرة وحتى نحن لم نكن نواكب أحداث الثورة التونسية، يعني يقولون: إنه يوجد مظاهرات في تونس ولكن أنا كنت أظن أنها مظاهرات مثل أي بلد تحصل فيه مظاهرات في أوروبا، ويقولون: إن تونس يوجد فيها مجال حريات أو هي قريبة من أوروبا، ولكن عندما سقط بن علي، ونحن كان عندنا بقالية وكان والدي يجلس ويشاهد التلفاز يعني هو كان مذهولًا من الذي يحصل، وأنا أقول له: الأمر عادي وهو يقول: الأمر ليس عاديًّا، وأنا في اليوم الثاني ذهبت الى الجامع والجميع كانوا يتهامسون أنه سقط بن علي وأنا فعليًّا أصبحت مدركًا [معنى] أن يسقط النظام، يعني عندما والدي شرح لي أن هذا مثل الذي عندنا، أصبحت مدركًا أنه من المستحيل أن يحصل عندنا، ولكن يوجد حراك سياسي في الدول العربية وأنا لم أكن واعيًا أن هذا حراك ثوري وليس سياسيًّا، وأنا كشخص لا أعتبره سياسيًّا وأعتبره احتجاجًا كبيرًا أسقط رئيسًا، وفي النهاية يصبح سياسيًّا، ولكن في البداية كان حراكًا ثوريًّا كبيرًا، وهنا بدأت الأشياء تتضح أمامنا أنه في يوم من الأيام ستصل الأشياء والعجلة سوف تدور، ولكن في يوم من الأيام ولكن متى  بعد 10 أو 20 أو 30 أو 50  سنة -الله أعلم-.

وفي وقتها كنت أقرا كتابًا في السياسة أخذته من مكتبة الجامع التي يوجد فيها الكثير من الكتب أنه يتبدل الحكام مهما بقوا، وأنا هنا بدأت أفكر متى يمكن أن يسمع الشخص باسم مختلف عن بشار الأسد، وأنا فعليًّا أصبح عندي شعور داخلي أن أي رئيس قادم سيأتي سيقول: فلان الفلاني رئيس "سورية الأسد"، وهذه كانت قناعة عندي في عام 2007 ولكنني لا أستطيع أن أفكر أنه سوف يكون هناك رئيس حاكم لسورية إلا "سورية الأسد"، وأحيانًا أتخيل خطابات الرئيس الجديد وهو يقول: أحيي "سورية الأسد"، يعني يوجد ارتباط في الذهن والأشياء أنه مستحيل أن يذهب.

فعليًّا النقلة الكبيرة في المجال الثوري أو مجال التفكير أنه فعلًا يوجد شيء قادم هو مصر، وتابعنا مصر أنا وأهلي، أو أنا والحارة وكل داريا وكل الناس، وكنا نريد التمسك بقناة "الجزيرة" وحصل تشويش على قناة "الجزيرة" في أول الأيام، ونحن كان عندنا إنترنت ودخلت إلى "الجزيرة" المباشر على الإنترنت وعندما رأى والدي أن الإنترنت يمكنه الوصول الى "الجزيرة" مباشر اقتنع بشيء اسمه إنترنت، وفي وقتها اقتنع أن الإنترنت هو شيء جيد، وليس شيئًا سيئًا، وبدأت المظاهرات ورأينا كيف أخذت منحًى متسارعًا، والناس بدأت تتكلم ويقولون: سوف يسقط حسني مبارك أو لا يسقط، وإذا سقط سوف تفرط السُّبحة؛ يعني تذهب إلى أماكن أخرى، ولا أحد كان يفكر أنه ستذهب إلى أماكن أخرى يعني سورية، وفعليًّا الثورة كانت تتطور في مصر والناس ينجذبون أكثر إلى قناة "الجزيرة" وحصل هناك تفكير في العقل عند كل شخص أنه يمكن أن تصل إلينا بل أكيد.

وفي هذه الأوقات عندما سقط حسني مبارك في الليل أنا ذهبت إلى الجامع وكان يوجد حالة صمت مهيبة أو هكذا أنا أحسست أو كان يوجد حالة صمت مهيبة، وفي وقتها صلوا العشاء وأغلقوا، وعادة لا يغلقون إلا بعد ساعة ونصف أو ساعتين، وأنا ذكرت أن الحراك المسجدي في داريا في السنوات الأخيرة كان في أوجه؛ يعني الجامع لا يُغلق وتبقى الناس تقرأ وتحفظ وإذا أُغلق يكون هناك أشخاص موجودون في الداخل بشكل متخف، وكان يوجد حالة صمت مهيبة والشيخ قال: أغلقوا الجامع بعد صلاة العشاء ولا تتركوا أحدًا في المسجد أبدًا، وأنا عدت وأسمع في الحارات كلامًا عن قناة "الجزيرة" وأسمع أصواتًا وذهبت وكان والدي في المحل مع بعض الجيران ويتكلمون عن سقوط حسني مبارك، ودائمًا كنا نتعود في تلك الفترة كلما يسقط رئيس يقولون: كم هي ثروته؟ [مثلًا يقولون:] سبعة مليار وأرقامًا وليته تركهم لبلاده.. وبدأت تتفرغ النقمة على حسني مبارك، ولكن لا أحد يقول العقبى لرئيسنا أو أحد يفكر أنه متى سوف يحصل عندنا، وهل سوف تصل، وكان يوجد تفكير ولكنه ليس جريئًا إلى هذه الدرجة، وبعد سقوط حسني مبارك حصلت كتابات في داريا على الجدران طبعًا بالتزامن مع أحداث درعا وأنا أذكرها جيدًا وكانت في شهر شباط/ فبراير.

في أحد الأيام وُزعت علينا دعوات للثورة؛ أوراق أنا رأيتها لكن أعتقد أنه [كُتب فيها]: في تاريخ 20 نيسان/ أبريل علينا أن نخرج بالثورة والشعب السوري الحر ، وأنا أذكر هذا المنشور وكان هذا المنشور قبل شهر آذار/ مارس يعني لم يتم الحديث عن هذا الأمر كثيرًا لأن المخابرات كانت تجمع هذه الأوراق، والأوراق تتكلم أن الشعب السوري الحر سوف ينتفض بتاريخ كذا و"سوف نحطم الأغلال" ومن هذه الأشياء وأنا أذكر أنه جاءت المخابرات إلى أحد أصدقائي إلى منزله وكانوا يسألونه عن الورقة، فقالوا له: هل نستطيع نحن معرفة من وضعها؟ -في وقتها جاء إليهم ضابط كبير-، وهذه كلها مقدمات وأيضًا كان يوجد بخ على الجدران.

وأنا في يوم من الأيام كنت في الجامع أدرس في الصباح وكان هذا الأمر ممنوعًا، وبالأخص في هذه الفترة قبل شهر آذار/ مارس كان الأمر ممنوعًا، لأنه يوجد توتر كبير وكان واضحًا أنه يوجد علامات لشيء [مرتقب] وإذا لن يحصل شيئًا ولكن كان يوجد توتر كبير، ووقتها أخذ بشار الأسد يزور الجامع الأموي و[ويقول] أن الذي حصل هناك أكيد لن يصل إلينا. 

حصلت كتابات على الجدران ولكن لم يتم اعتقال أحد، كانوا يكتبون على المدرسة وكانت تأتي المخابرات بعدها بشكل مباشر وتمحو الكتابات، حتى نحن لا نجرؤ على الذهاب إلى الجدران حتى نرى ما هو المكتوب ولا نجرؤ على المرور من هناك.

ليس خوفًا، ولكن يوجد ترقب كبير، وبدأت [الثورة] في ليبيا، وأذكر أنه يوجد صحيفة كتبت أنه بعد ليبيا سيأتي دور سورية واليمن وبدأت في اليمن فعليًّا وليبيا ومسار الأحداث كان يتطور.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/10/22

الموضوع الرئیس

إرهاصات الثورة السوريةمدينة داريا قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/103-02/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/25

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-منطقة داريامحافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

حزب الله اللبناني

حزب الله اللبناني

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

حركة المقاومة الإسلامية حماس

حركة المقاومة الإسلامية حماس

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الشهادات المرتبطة