الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مجزرة جمعة أطفال الحرية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:26:59:02

جمعة "حماة الديار" بتاريخ 27 أيار/ مايو 2011، وأطلقت عليها أنا اسم "جمعة الفخ" بالنسبة لأهالي حماة، وأهالي مدينة حماة خرجوا ككل جمعة بوتيرة أعلى وبإصرارٍ أكبر والمضي في الثورة حتى إسقاط النظام وفي جمعة "حماة الديار" الناس كانت تنزل لساحة العاصي والاستعدادات كانت مسلطة أنَّه سيكون إما الأمن أمامنا أو مثل الجُمعات التي قبلها أنَّ الأمور سلسة، فكان هناك حذر من قبل المتظاهرين اتجاه تلك المنطقة ونزلنا إلى ساحة العاصي وبأعداد أكبر من الجمعة التي سبقتها في 20 أيار/ مايو. وساحة العاصي لم تكن منظمة كل جماعةٍ يهتفون لوحدهم والتنظيم للمليونيات التي رأيناها فيما بعد لم تكن موجودة، لأنه كان الهدف الأول الحفاظ على أمن وسلامة المتظاهرين من أي هجوم مفاجئ من الأمن. 

ونزلنا إلى جمعة "حماة الديار" وكانت الأمور سلمية بحتة نحن والشباب وقفنا أمام السرايا ممنوع دخول أي متظاهرٍ الى داخل المبنى، ووقفوا أمام البنوك حماية لها وللكواة المصرفية وممنوع أحد يفعل شيء أو يُؤذي أو يقوم بأي عمل يُمكن أن يستغله النظام ليُروج أننا مخربون أو إرهابيون، وهناك أمر مهم والإعلام كان يُروج أنَّ هؤلاء عصاباتٌ مسلحة ولم يكن أحد يحمل السلاح، وأنَّ هؤلاء متظاهرون ومعهم سلاح، فنحن كنا حريصين أشد الحرص نحن في مدينة حماة على أنَّ السلاح لا يُحمل بيد الناس، لأنه حين يُحمل السلاح؛ النظام يكون عنده ذريعة وقادر على حمل سلاحٍ متطورٍ أكثر، وأنت تحمل سلاح فرد (مسدس) أو بندقية صيد، ولكن مجرد أن تحمل هذا السلاح النظام سيستخدم الآلات الثقيلة كالدبابات والمدفعية، وهذا رأيناه في 1982، وأعود وأكرر بأن أكثر من يَخبَر النظام وألاعيبه هو الشعب الحموي من كثرة ما رأوا من حكم هذا النظام لسورية من 1964 إلى 2011. 

نزلنا إلى [مظاهرة] "حماة الديار" والمظاهرة سلمية وكانت الأمور طيبة والناس كانت تقوم بعملٍ تطوعي وتُوزع المياه وكانت تُوزع البسكويت في ساحة العاصي لسد جوع المتظاهرين، لأن ساحة العاصي بحاجة جهدٍ لأنك تمشي مسافاتٍ كبيرة وبحاجة شيء يعوضك سواء للمياه أو العصير، كان كل شابٍ حموي بشعر في نفسه بالمسؤولية تجاه القضية، فأنا كمتظاهر اليوم أمام مسؤوليةٍ لإيصال هذه المظاهرة في أحلى صورة لإيصال صوتنا بأصفى طريقة بدون شوائب ودون أي دعوات خارجة عن المحور الأساسي المطالب بالحرية والكرامة.

وهذا الأمر مهد لنجاح المليونيات في ساحة العاصي، ونحن كشباب ومتظاهرين حينما نزلنا الى ساحة العاصي رأينا بعد أن وصلنا إلى الهدف وهو الساحات العامة لنجعل منها ميدان التحرير لأنه حتى ذلك الحين لم يكن في سورية أي ميدان أو ساحة يشابه ما حصل في تونس أو مصر أو اليمن حيث كانت هناك الأعداد كبيرة. 

أولًا المظاهرات كانت قليلةً وليس هناك مساحات تستوعب المتظاهرين وفي حماة كنا نُحاول أن نجعل من ساحة العاصي هذا الميدان مستغلين هذا النزاع بين محافظ حماة (أحمد خالد عبد العزيز) وبين الأفرع الأمنية. جمعة "حماة الديار" زادت من عزيمتنا ومن إصرارنا ورأينا الناس في الجمعة التي قبلها كانت حذرة ومتخوفة هل سيكون هناك هجومٌ علينا أم لا؟ أما في "حماة الديار" كانت الأعداد أكبر فوضعنا خطةً بأن تكون الأعداد كبيرة وتنظيم أكبر وهتافات معينة، في جمعة "حماة الديار" حين وصلنا إلى ساحة العاصي كان هناك من يسجد شكرًا لله وأقيمت صلاة العصر في ساحة العاصي صلت بشكل سلمي، واستشعر الناس أنَّهم أحرار في بلادهم، و"جمعة حماة الديار" وهي بتعبيري الجمعة الفخ لأهالي مدينة حماة والشيء الذي وقعوا به في جمعة "أطفال الحرية" والتي هي بعد "حماة الديار" الناس رأت أنَّ الأمور سلمية في جمعة "حماة الديار" والنظام لم يتعرض لنا وعناصر الأمن بقوا في أماكنهم وثكناتهم، وأنا حين أرى المظاهرة سلمية ولا أحد يتعرض لي فالمخاوف التي كانت في الجمعة التي قبلها تبددت لم تعد موجودةً، وأنا في الجمعة السابقة أخرج وقد جهزت نفسي بالكمامات من أجل الغاز المسيل للدموع وبالخل للإسعاف وبالشاش وبكل الوسائل الإسعافية التي يمكن أن نستفيد منها في حال سقوط جرحى وشهداء، و"أطفال الحرية" لم يكن كذلك وهذه الجزئية وهذه المخاوف التي حسبنا حسابها في الجمعة الماضية لم تعد موجودةً لأننا لمسنا من عناصر الأمن عدم التعرض للمظاهرات التي حصلت كما حصل في الجمع السابقة. 

أول حركة عندما خرجنا من جامع المناخ قام بها الثوار النشطاء هي توزيع الورود على المتظاهرين لإظهار أنها سلميةٌ، توزيع حينها ما يقارب 5 آلاف زهرة طبيعية وليست صناعية على مدخل جامع المناخ بالإضافة إلى أغصان الزيتون. قبل [جمعة] "أطفال الحرية" حين رأينا في "حماة الديار" [الوضع] جيد وسلمية والأمن لا يتعرض لنا، حركة الثوار أصبحت أكثر وحصلت لقاءات مع الناشطين في حي التعاونية وحي البياض وحي جنوب الملعب وحي الصابونية ومعظم أحياء مدينة حماة حصل اجتماع في شارع أبي الفدا في مكتب الأستاذ محمد مخللاتي، وجلسنا كناشطين وتعرفنا على بعض، لا أريد أن أقول أننا توزعنا المهام لأنه كان الهدف واحدًا والكل يعمل لهذا الهدف ولهذا رأينا المليونيات ناجحة بشكلٍ كبير، كل أحد يعرف أنَّ هناك مهمة يقوم بها على أكمل وجه، ولكن كان الأمر هو تعميم هذا الفعل على كل أرجاء المدينة.

أول عمل قمنا به في جمعة "أطفال الحرية" (3 حزيران/ يونيو 2011 - المحرر) كأحياء هو توزيع الورود وأغصان الزيتون على المتظاهرين، وكان المسير بنسقٍ واحد مع حماية المباني الحكومية، وهذا رأيناه في مقاطع فيديو كيف أن الناس شكلت جدارًا عازلًا حتى لا يأتي شخصٌ طائش أو مدسوس من قبل النظام ويقوم بعمل متهور يُسيء لسمعة الثوار فكانت هذه النقاط الرئيسية التي عملت عليها في كل أحياء حماة وهذا في "أطفال الحرية"، وفي تلك الفترة قبل "أطفال الحرية" بدأت تظهر مجموعات فرقٍ وعملٍ مصغرة وظهرت كتلة "أحرار حماة" وكانت نشيطة جدًا في كتابة اللافتات وإيصال الرسائل السياسية والمطالب الشعبية إلى السلطة، ونشاطهم ومجهودهم كان واضحًا وجليًا، ومجموعة المنصة أو كانت معروفة بـ "شباب السيارة" بدأ حراكها يظهر سواءً في الهتاف وبكتابة الكلمات التي ستُلقى على الناس، وبعض المجموعات كانت تُحاول أن يخرجوا أحياؤهم مظاهرة بشكلٍ كبير ومرتب، وتلك المجموعات اجتمعت ووضعت النقاط وعملنا عليها في "أطفال الحرية" وفي "أطفال الحرية" خرجنا بأعدادٍ كبيرة وعدد سكان حماة في 2011 تقريبًا 700 ألف، فخرج من حماة ما يقارب 300-350 ألف متظاهر رجالًا ونساءً والشيوخ والشباب والصغار الكل خرج لأننا اطمأنينا أنَّه لا يوجد عنف ولا يوجد عناصر أمن لتُواجهنا فرأينا أن الأب يحمل ابنه بعمر سنتين على أكتافه ورأينا الأخ يمسك بيد أخيه الصغير ويمشي معه، ورأينا الرفقاء متكاتفين ينزلون كأنهم في نزهة. وفي حماة معروف في يوم الجمعة تصبغ حماة في الأبيض والناس كلها تلبس جلاليب بيضاء(لباس شعبي) والناس يلبسون الثياب البيضاء المرتبة كأنهم ذاهبون في نزهة منها يتظاهرون ويُوصلون مطالبهم ومنها يقومون بلوحة في ساحة العاصي يراها العالم أجمعه. 

وبدأت الأعداد تتجمهر وتزيد والناس بدأت تتجمع في حي الحاضر في الزاوية التي كنت فيها كانت نقطة لقاء أحياء الحاضر عند دوار الأعلاف في بداية طريق حلب نهاية حي الشمالية، وبدأت الناس تتجمهر وتنزل، أذكر إلى الآن أن أول المظاهرة كانت في ساحة العاصي وآخرها قرب المرور في طريق حلب، وتتكلم عن مسافة 3-4 كيلو متر وهذه كلها في شارع يقارب 36 إلى 50 متر، وهذه المساحة كلها متظاهرون وكلها ناس متجمهرة و يحملون اللافتات ويهتفون بأعلى صوتهم ضد النظام، وبعادتي -كمصور- دائمًا كنت متواجدًا في النقاط الأولى للمظاهرات لرصد الانتهاكات التي يقوم بها عناصر الأمن من حمل سلاح واستخدام العنف على المتظاهرين، في جمعة "أطفال الحرية" الأمور سلمية سواء أول واحد أو آخر واحد، ولكن كنت أبحث عن مكان لأُغطي أكبر عدد من الناس وكان مكاني في المظاهرة بين أول المظاهرة ومنتصفها أتنقل بينهم آخذ (ألتقط صور أو فيديوهات) للناس وهم يأتون وهناك من الناس من يمشي ويذرف الدموع لم يصدق أننا بعد 30 سنة من القمع والمجازر بحق أهالينا قادرين أن نخرج ونقول للنظام "لا"، فكنت أرى دموع الناس كيف تنهمر و[الناس] تهتف بأعلى صوتها، وبقلب محروق "الشعب يريد إسقاط النظام" هذه المشاهد حفرت في وجداني أننا في طريق يجب أن نُكمل به ولو فنينا أعمارنا لأجله. 

هذا المشهد كان في الحاضر وكان مثيله في جهة السوق، الناس خرجت من جامع المسعود وجامع السرجاوي، ومن جوامع منطقة السوق وبدأت تتحشد في ملجأ الأيتام و[شارع] 8 آذار ومنطقة الدباغة وهي متجهة إلى ساحة العاصي، فنحن الجمعة التي قبلها نزلنا إلى الساحة ولم يعترضنا أحد وهذه الجمعة كذلك ذاهبون إليها. والناس بدأت تنزل من جهة جنوب الملعب حيث صلى الناس في جامع الشهداء وفي جامع صلاح الدين وجامع الفلاح وجامع النور في منطقة السوق ومتجهين باتجاه ساحة العاصي من شارع العلمين، والأعداد الكبيرة في الحاضر جعلت الناس تصل قبل وقت إلى ساحة العاصي، وصلنا أول شيء شاهدناه كان هناك سدٌ من عناصر الأمن وخلف ظهورهم يوجد سيارتي شحن، نحن تحسبًا من أي شيء يمكن أن يحصل معنا في التظاهرات يوم الجمعة كان هناك إخوة ناشطون متفرغون يسهرون ليلة الخميس إلى ثاني يوم صباح الجمعة ليرصدوا أي حركة للأمن فيها ريبة وشك بأن النظام يُبيت لأمر ما ويخبروا الناشطين الذين يُديرون المظاهرات أن ينتبهوا أنه الأمن يبيت شيئًا ضدكم، وللأمانة لم تصدر ولا أي حركةٍ للنظام في ليلة جمعة "أطفال الحرية" ولم نرَ أي تحرك ولم نرصد أي سيارة أو دورية من عناصر الأمن. فنزلنا إلى ساحة العاصي مطمئنين أنه لا يوجد شيء مثل الجمعة الماضية وحين نزلنا إلى ساحة العاصي أنا كنت مازلت في نزلة الحاضر بناء قيادة الشرطة على يميني وساحة العاصي أمامي وأنا أقف والناس نازلة كالشلال لأن ساحة العاصي وادي والحاضر تلة، وأنا في منتصف الطلعة أرصد الناس النازلة وأناس أمامي تمشي على مد عيني (نظري) كان الناس ينزلون وأعود وأكرر للمرة المليون لأن النظام كان خبيثًا في تلك الجمعة وكان متجليًا في أعلى صور الإجرام في تلك الساعة، وكان يُروج أنَّ الناس مسلحون، أكرر أن الناس كانت تحمل الورود وأغصان الزيتون ولم يكن هناك ولا نية ولا أمر مُبيت وحتى النقافات والمقاليع (أدوات لرمي الحجارة) التي استخدمناها في الجمعة الماضية لم تكن موجودة [لأنه لا يوجد مقاومة من الأمن] فالخوف الذي كان لدينا تبدد ونحن متجهون بسلمية والأولاد قبل الرجال. 

وفي لحظة كانت فارقة في عمر الثورة السورية والحِراك الثوري في حماة، كانت الناس تقف في مقاطع فيديو موثقة وتهتف "سلمية سلمية" وعناصر الأمن يقفون تشعر وكأن في عيونهم الغدر والإجرام، كيف يريد قتلك ويُدمرك ويدوس عليك، والناس من عفويتها وطيبة قلبها تهتف "سلمية" ونريد النزول إلى ساحة العاصي والأمور تمام، وفي لحظة بدأ سماع إطلاق الرصاص باتجاه المتظاهرين مباشرة، أنا اليوم كمتظاهر أمامي عنصر الأمن وبيني وبينه متر وأحمل إبني وأهتف "سلمية سلمية" وسعيد وإذ بالبندقية تُوجه إلي وتسقطني قتيلًا شهيدًا وابني قُتل فوقي، الناس سمعت صوت الرصاص وهي متفاجئة، فأنت في منطقة في ساحة العاصي حصل إطلاق رصاص وأفواج المتظاهرين ينزلون خلف بعضهم، هناك أناس تنزل وبعضهم لم يسمع الصوت لأن المسافة كبيرة، وكان هناك أناس تنزل وأناس تهرب خوفًا من الإصابة، وكأنه يوم القيامة كان المنظر واللحظات التي حدثت غير طبيعية ومرعبة، من أين يخرج عنصر الأمن لا نعرف! السيارات الواقفة كسد كان هناك أشخاص داخلها مختبئين معهم سلاح ظهروا وبدأوا بإطلاق النار، والسماء كانت أعمدة دخان قنابل مسيلة للدموع، في الأخبار قبل الثورة في أخبار فلسطين كنا نرى الثوار الفلسطينيين يحاجروا (يضربون العدو بالحجارة) والإسرائيليون يضربون عليهم غازات مسيلة للدموع، كنا نرى شيئًا أبيض يطير، في ذلك اليوم جمعة "أطفال الحرية" الذي ضُرب أكثر من 50-100 قنبلة مسيلة للدموع في آن واحد، والمقاطع التي صورت آنذاك تشهد على هذا الموضوع، قنابل بالمئات ماعدا صوت الرصاص وكأن جبهة قد فُتحت. أنت تسمع رشقة رصاص ما بالك من جنازير (مخزن رصاص رشاش البيكيسي يكون عبارة عن حلقة متصلة من الرصاص ويسمى جنزير) وأعدادٌ كبيرة من الرصاص أُطلقت باتجاه المتظاهرين، واليوم المتظاهرون متجمهرون بجانب بعضهم وعنصر الأمن حين يضرب الرصاصة تلك الرصاصة ستُصيب حتمًا لأننا نتكلم عن حشود إن لم تصب أول شخص ستُصيب الذي خلفه، الناس تتساقط وحين ترى فيلم "لهوليود" أو "بوليود" (الأفلام الهندية) كيف الناس تقع في الشوارع، هكذا المشهد كان في جمعة "أطفال الحرية" الناس تتساقط وجرحى تصاب في قدميها فتُحاول أن تزخف زحفًا. المدينة دخلت في حالة غريبة فالناس ترى أولادها يموتون أمامها وأنت غير قادرٍ على فعل شيء، وهذا الأمر كان بالمقابل في جهة شارع العلمين وفي نفس الوقت في جهة المرابط، وأنا حين كنت أقف في مكاني وأصور الناس كيف يركضون بجانبي وكيف عناصر الأمن تلاحقهم وهذا يركض إلى حديقة أم الحسن وهذا إلى حي الحميدية وآخر الى حي الشرقية، الناس تريد فقط أن تهرب وضاقت الأرض بما وسعت، وأين المفر؟ لا يوجد مفر، والشهداء الذين سقطوا أسعفوا إلى المستشفيات القريبة مستشفى العموري والبدر في الحاضر، وفي السوق المستشفى الحوراني وهو الأبرز، ومستشفى الريس، وفي الصابونية كان هناك المركز الطبي، وأحد الإخوة المعنيين في الوضع الطبي كان مدير مستشفى الحوراني محمد السمان تحدث لنا عن الشيء الذي حصل في المستشفى يوم جمعة "أطفال الحرية" يتكلم ويقول: لا أبالغ إن قلت أن الدماء بسماكة من 3 إلى 5 سم داخل المستشفى من الكم الهائل من الجرحى والمصابين في المستشفى، وقال: نحن لدينا غرفة فيها مواد إسعاف أولية كانت خلال نصف ساعة خالية فأصبحنا نطلب من الأهالي ومن الصيدليات ومن المستودعات أن يأتوا لنا بما يملكون، ولم يكن هناك تقصير من أي مستودع أو صيدلية، وكادر المستشفى عددهم تقريبًا من 10-15 طبيبًا بالإضافة إلى الكادر التمريضي جميعهم منشغلون بالإضافة لأطباء متطوعون جاؤوا إلى المستشفى، وكان قرابة 100 طبيب داخل مستشفى الحوراني، وهي من ضمن المشافي الخمسة أو الستة التي كانت مشاركة في عملية الإسعاف. 

ويقول بأن الشهداء الذين كانوا في مستشفى الحوراني ما يقارب 100 شهيد وغرفة البرادات مُلئت على الآخر، وكان هناك شخصياتٌ غير معروفة، المصاب ببطنه أو برجله أو يده كان يُسعف بإسعافات أولية، يُلَف بالشاش يُوقفوا نزيف الدم فقط، ويأتوا بالأهم: من أُصيب برصاصةٍ في رأسه، ويقول: هناك ناس جاءت لم نستطع أن نُسعفها جاءت لنا ميتة وأناس أُسعفت في البيوت وهناك أناس أسعفت في صيدليات، والحصيلة كمراكز حقوقية وثقت هذا الأمر ما يقارب 163 شهيدًا موثقًا بالاسم وما يقارب 15-16 جثة مجهولة الهوية (70-80 شهيد حسب أغلب التقارير التي غطت الحدث- المحرر). 

وأمر آخر هو الأهم كان هناك جثثٌ لم تصل إلى المستشفيات وجثثٌ لم تُسعف وبقيت في الأراضي وهناك من هرب من المجزرة إلى حديقة أم الحسن، وهي الحديقة المجاورة لساحة العاصي وتفاجأوا بعناصر الأمن قد نصبوا كمينًا لهم ورشقوهم بالرصاص، الشيء الذي حصل في جمعة "أطفال الحرية" كان شيئًا رهيبًا ومرعبًا، الناس في الساحة حمّلوا "حسب الروايات" بالتركس (الجرافة) إلى سيارات الشحن التي كانت تسد الطريق، وأخذهم الأمن العسكري ودفنوهم بمقابر جماعية، وهذا الأمر الذي حصل كان أمرًا مرعبًا، ونحن كنا نعيشه إن لم يكن بشخصيتنا كنا نعيشه من خلال أهلنا [عبر] القصص التي سمعتها [عن أحداث عام] 1982 سمعتها من أمي وأقاربي أنَّ الناس تتكوم (تُجمع الجثث فوق بعضها) في الشوارع، ونحن هذا رأيناه من نفس النظام منذ [العام] 2011، وفي 1982 لم يكن هناك إعلام[ [بينما] في 2011 يوجد إعلام وإعلام بديل وكانت النتيجة واحدة وهي صمت المجتمع الدولي عن المجازر التي ارتكبها النظام بحق الأهالي. 

جمعة "أطفال الحرية" رسخت أنَّنا يجب أن نستمر في المظاهرة، مليون شهيد والنظام يجب أن يسقط، لقد قابلنا بالنار، وجئنا هذه المرة ونحن 200-300 ألف متظاهر سنأتي بـ 500 ألف متظاهر، وهذه الجمعة سقط مئتي شهيد، في الجمعة القادمة 500 شهيد سننزل الجمعة القادمة وجمعة "أطفال الحرية" مهما شرحنا ما حصل لا يمكن أن نقول ماذا حصل بها .

دخلت حماة حالة حزنٍ على أولادها الذين سقطوا ودخلت حالة إضراب شاملة في جميع الأسواق والمديريات والمؤسسات الحكومية، البلد تنظر لها تشعر أنها فارغة وصامتة وحزينة ومتألمة من هول هذا اليوم.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/05/09

الموضوع الرئیس

جمعة أطفال الحريةانتهاكات النظام في حماة

كود الشهادة

SMI/OH/83-06/

أجرى المقابلة

بدر طالب

مكان المقابلة

الباب

التصنيف

مدني

المجال الزمني

5-6/2011

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة حماة-حي المرابطمحافظة حماة-الحاضرمحافظة حماة-ساحة العاصيمحافظة حماة-مدينة حماة

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

فرع الأمن العسكري في حماة 219

فرع الأمن العسكري في حماة 219

مجلس محافظة حماة - نظام

مجلس محافظة حماة - نظام

كتلة أحرار حماة

كتلة أحرار حماة

الشهادات المرتبطة