الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تفاصيل مجزرة "جمعة أطفال الحرية" في مدينة حماة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:38:19

الناس كانوا قد نزلوا للتظاهر وهم متفائلون في يوم تظاهري كبير ويوم احتفالي بالوصول إلى ساحة العاصي مجدداً، وكانت إحدى المجموعات قد وزعت ورداً أبيض وأحمر على المتظاهرين، وحين وصلوا إلى مبنى الحزب صار الناس يهدون الورود لعناصر الأمن الواقفين عند مبنى الحزب، وأنا أقف عند صيدلية خطاب على زاوية الشارع هناك فشدني مشهد كنت سأصوره لأب انحنى هكذا، وهو يحمل طفله على أكتافه، وربما يكون عمر ابنه 4أو 5 سنوات، وانحنى لأنَّ الورد مع ابنه ليعطيه لعنصر الأمن، هذا المشهد بكل ما يحمله من معاني، وطبعاً، كانت الناس يهتفون: "الجيش والشعب إيد وحدة". تشجيعاً لعناصر الأمن أننا سلميون ولا نستهدفكم. وفي هذه اللحظة، كنت هنا لا أعرف بالتحديد الجموع التي كانت قد نزلت من الجهة الغربية من شارع المرابط أو من شارع العلمين أين كانت بالتحديد، ولكن يبدو أنهم كانوا قريبين، ويطرقون أبواب ساحة العاصي، كان الأمن متخذاً قرار المجزرة وموزعاً عناصره على السطوح، ويبدو أنهم كانوا متفقين على إشارة لبدء إطلاق النار على الناس؛ لأن طلقة واحدة خرجت من جهة ساحة العاصي سمعنا صوتها وبعدها سيل من الرصاص، الطلقة الأولى سمعنا صوتها، بعدها بأجزاء من الثانية بدأت أصوات إطلاق الرصاص علينا، من هول المشهد والمفاجأة، لم نتوقع أنَّ هناك مواجهات للأمن؛ لأنَّه كما جرت العادة حين يواجهنا الأمن، ويحاول أن يعيق وصولنا لساحة العاصي في مراحل متقدمة أو في أماكن أخرى، في بداية خروجنا من حي الحميدية وشارع سعيد العاص في بدايته هنا يكون الأمن متمركزاً، لا يتركنا نصل إلى هذه المنطقة بجموع كهذه، وحين سمعنا أصوات الرصاص وأنا واحد من الناس فصار الناس يتلفّتون كثيراً، التفتت إلى جهة ساحة العاصي، اعتقدت أنَّ بداية المظاهرة وصلت إلى ساحة العاصي، ويضربون ألعاباً نارية احتفالاً بالوصول إلى ساحة العاصي، وهو مظهر من مظاهر الاحتفال، وهذه كلها أجزاء من الثانية، ربما أول احتمال دار في عقلنا، التفتنا متفاجئين: ما صوت الرصاص هذا؟ حتى أدركنا الحقيقة حين رأينا الأجساد تتهاوى، والناس تقع على الأرض، وللحظات كان هناك شعور بالصدمة مما يحصل حولنا، مازال شعور الصدمة، إنما بدأت الغريزة هي التي تتحكم بالجسد، لم يعد العقل يعمل، أو يأخذ قرارات نهائياً، الغريزة هي التي تأخذ هذا القرار، وتجعلنا نركض بأي اتجاه لا نعرف، ولكن نهرب من هذا الصوت الذي كنا في البداية لا نعرف مصدره من أين. ابتعدنا عن الأمن، وصرنا نهرب باتجاهات بعيدة، هناك أشخاص هربت باتجاه حي البارودية، أغلبنا موجودون في شارع سعيد العاص، صرنا نحاول أن نرجع، كانت جموعاً بشرية، لا توجد مساحات نستطيع أن نركض فيها، وكنا نركض ببطء جميعنا، هذه اللحظة كمشهد موجودة على "الإنترنت" أثناء إطلاق النار والناس كيف تركض، كانت لحظة جنون، كانت لحظة من عدم معرفة ماذا يحصل، هربنا من الأمن كثيراً، وواجهناه ، ولكن كنا نأتي نراه أمامنا واقفاً يضرب رصاص تحذيرياً في الهواء وقنابل مسيلة للدموع، ويستخدم الرصاص بشكل انتقائي، ينتقي بعض الناس، وقد يضرب على الحاملين كاميرات والذين يهتفون ويشجعون الناس، ويحرضونهم أكثر، ربما ينتقونهم، ويضربونهم، ولكن في ذلك الوقت لم يكن هناك تحذير للناس بطلقات في الهواء، وإنما كان الضرب بشكل مباشر على الناس، فصار الناس يتهاوون والأطفال. وعادة حين نخرج نحاول أن نسحب أحداً، نحمل جريحاً، في وقتها، كان الخلاص الفردي هو سيد الموقف نظراً للموت القادم، وكان هناك موت ينتشر، ويتوزع على الناس. ركضنا، وابتعدنا، وتكلمنا، كان هناك كثير من التجهيزات للاحتفال في ساحة العاصي من أجهزة ولافتات ومجسمات.. كل شيء صار في الأرض، الناس تركوا، وهربوا مباشرة من وجه الموت الذي يحصد الناس، ولك أن تتخيل الأمن الذي يوجه الرصاص على الناس، لا توجد رصاصة تذهب هباء،[بسبب] كثافة الاحتشاد كانت كل رصاصة تستقر في جسد أو جسدين، وربما تعبر من جسد إلى جسد، وكان مشهداً دموياً، ركضنا، انحصرت[حركتنا] بالركض، لا أعرف كم...، كان تقدير الزمن صعباً؛ لأنَّها كانت لحظات مكثفة جداً من الشعور بالصدمة والمفاجأة والخوف والنجاة في الحياة و كل هذا، فلا أعرف كم دامت فترة الرصاص، توقف قليلاً فهجم الأمن، وصار يمسكون الناس القريبين منهم ومعهم عصي ويضربون، وهناك أشخاص وقعوا على الأرض، لم يكونوا مصابين، ولكن وقعوا من خلال الركض والازدحام، وصاروا يمسكونهم، ويضربونهم، وكأنه الرصاص توجه إلى الأبعد، تركوا المجال للأمن كي يمسك الناس، فالخوف كان مضاعفاً من القتل وأن نعتقل ومن الضرب، فتوجهنا. وكان هناك شيء لا أعرفه، لم أفهمه، و لم أستطع أن أفسره، يبدو أنه في مداخل صغيرة مثل مداخل البنايات أو أدراج صغيرة تؤدي من شارع سعيد العاص إلى شارع مواز في سوق قديم هو شارع البحصة أو جامع البحصة، وهو سوق قديم في حماة للفراء والصناعات القديمة، كان من الجهة الشرقية للشارع؛ لأن الشارع ينزل من الشمال إلى الجنوب، وكان في الجهة الغربية مبنى الحزب وقيادة الشرطة، وتوجد في الجهة الشرقية محلات وفيها أدراج ، اثنين أو ثلاثة تؤدي إلى هذا الشارع الذي هو محمي خلف البنايات من الرصاص ووصول الأمن، وتتدافع عند الأبواب الصغيرة، وهناك أشخاص قالوا: كانت بعضها مغلقة، هناك أدراج لها باب من حديد كانت مغلقة، أغلقها الأمن قبل نزولنا أو شيء أنا لا أعرفه، بعض الروايات قالت: إنَّ الأمن لحم الأبواب الحديدية، وقام بإغلاقها وإقفالها، ويبدو أنَّ هناك تخطيطاً كاملاً لحصر هذه المجموعة وارتكاب مجزرة وإبادة أكبر عدد ممكن من الناس النازلين إلى الشارع ليتظاهروا.

كانت الجموع ضخمة، وكانت بداية المظاهرة عند حديقة أم الحسن في بداية القناطر، توجد قناطر هنا على أبواب ساحة العاصي عملياً، نهايتها بحسب ما[قاله] الناس الموجودون والذين نتواصل معه؛ لأننا كنا نتوزع من بدايتها إلى نهايتها، لنعرف أين نهايتها، ونقدر العدد تقديراً، وكم يوجد أشخاص، كانوا عند دوار الملح، والناس التي لا تعرف حماة لا يمكن أن تقدره، ولكن الذي يعرف حماة ويعرف هذه المسافة له أن يتخيل أنَّ هذه إحدى المسيرات الثلاثة، وكان هذا العدد، وكان العدد هائلاً، وهؤلاء الناس فُتحت عليهم النار، طبعاً، ليس جميعهم، القسم الذي كان عند شارع سعيد العاص كاملاً من بداية سوق الحاضر إلى حديقة أم الحسن وبداية ساحة العاصي كلهم كانوا معرضين لإطلاق للنار، [كأنها] سيل بشري أو مثل حوامات في الجو، وتضرب النار على ملعب ممتلئ بالبشر، جهات إطلاق النار كانت متمركزة بشكل أساسي في الأبنية الحكومية التي هي مبنى الحزب وقيادة الشرطة من الجهة الغربية للشارع ومن الجهة الجنوبية هي أبنية ساحة العاصي، هناك أبنية باتجاه الشمال، ربما أقرب بناء يمكن أن يكون هو بناء مديرية الهجرة والجوازات والمتحف، هذه أبنية حكومية، ولكنها كانت بعيدة، ولم يكن عليها قناصون، ولم يكن هناك إطلاق نار منها، ، وبعض الناس قالوا إنهم شاهدوا بعض القوى الأمنية على مبنى النفوس الجديدة (مبنى الأحوال الشخصية) في حي البارودية في بدايتها، وكان هذا في شرق الشارع، من ثلاث جهات، كان الشارع محاصراً، ويُضرب النار على المتظاهرين، الناس تفرقوا في كامل الاتجاهات، والناس التي دخلت من جهة البارودية، واختبأت في الأزقة، وسقط الكثير من الشهداء والمصابين، لكننا استطعنا أن نخرج من بين الجموع، والكثافة حمت بعض الناس بأن ندخل باتجاه الحاضر، ونتوزع في الأزقة، وبعض المتظاهرين ركضوا باتجاه حديقة أم الحسن فقُتِلوا كلهم؛ لأنَّها كانت محاصرة، و لم يكن لها جهات، فمن جهة، كان شارع سعيد العاصي وهو مرصود بإطلاق النار، ومن جهة أخرى كان العاصي، وكانت إحدى البوابات تظهر أمام مبنى الحزب وقيادة الشرطة، ولا يستطيعون أن يركضوا إلى هناك فكلها عناصر أمن، ومن جهة أخرى العاصي، فكل شيء دخل إلى هناك قُتل، والبعض الآخر ربما اعتقل، في إحدى الروايات عن أحد الأشخاص أنه نجا من هناك، وتحدث أنَّ عناصر الأمن دخلت إلى الحديقة، وصاروا يضربون النار بشكل عشوائي أي أحد يرونه، وهو استطاع أن يقفز على العاصي، وسبح في العاصي، وخرج في حي الطوافرة القديم، وهنا اختبأ فترة من الوقت حتى هدأت الأمور، وقفز من داخل البيوت القديمة، قفز إلى الشارع، وهرب.

لاحقاً، حصلت أحداث، ونحن خرجنا، والمجزرة الأكبر من حيث العدد كانت للناس الذين جاؤوا من جهة شارع المرابط، كانوا محصورين أكثر في عدد الأبنية الحكومية في إطلاق النار ومسافة الأمان التي ركضوها كانت بعيدة كثيراً، حتى وصلوا، فصار هناك ضحايا أكبر، وكانت طلائع المسيرة قد وصلت إلى مبنى الحزب القديم، ولا أعرف لماذا هذا الحزب مرتبط بهذه الدموية (حزب البعث) من جهة حزب البعث الجديد بوجهه الجديد كبناء، صارت هناك مجزرة بوجهه القديم كبناء، حصلت هذه المجزرة، ووصلوا حيث كان هناك كان مطعم مشهور اسمه أبو راغب، عندها وصل الناس بينهم، وكانوا متمركزين في المبنى، وكانوا متمركزين في الخلف عند الملجأ، فانحصر كثير منهم، وصار هناك الكثير من الضحايا، لدرجة أن الشارع كان فيه الكثير من برك الدم، وبقيت لفترة طويلة ولعدة أيام بعدها آثار بقع الدم في هذه المنطقة، وهنا استشهد ابن عمنا **سعد ممدوح الشحنة**، استشهد عندما كان محمولاً على الأكتاف يهتف، [أصابته] طلقة قناص في رأسه، وكان مختصاً بتمزيق صور (رموز النظام)، وكان أحد الشباب الذين يخرجون أثناء حصار الحولة والرستن أثناء اجتياحات الجيش والحصار، كانوا يخرجون هناك على الموتورات (الدراجات النارية) والسيارات الصغيرة، يوصلون قطناً طبياً ومواداً طبية للمحاصرين هناك ،ويجلبون جرحى، هكذا كان دوره.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/03/02

الموضوع الرئیس

سياسات النظام الأمنيةجمعة أطفال الحرية

كود الشهادة

SMI/OH/35-16/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

حزيران 2011

updatedAt

2024/03/21

المنطقة الجغرافية

محافظة حماة-مدينة حماةمحافظة حماة-ساحة العاصي

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة