رفض الوقوف دقيقة صمت، والاستدعاء للأمن العسكري
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:19:02:17
جاءت دعوة من مديرية الأوقاف لحضور ندوة في المركز الثقافي في دير الزور وهي خاصة لخطباء المساجد لتشجيع الناس على ترك التدخين بمعنى أنه يطلب من خطباء المساجد أن يكون لهم دور اجتماعي فضلًا عن دورهم الديني في قضية التدخين، وكانت هذه في أواخر أيار/ مايو 1999. وذهبنا كبقية الإخوة الحضور ولكن كان الملفت للانتباه الطريقة الفجة والمستفزة التي بُدأ بها الاحتفال وهي طلب القيام (الوقوف) دقيقة صمت على روح باسل [الأسد] طبعًا أنا في تلك اللحظة لم أفكر كثيرًا يعني كان لدي تصورات الآن سوف أطرحها وموقف وأما بالنسبة للتصورات فكنا في تلك الفترة في فترة التحولات الفكرية في التيار الإسلامي وصلنا إلى قناعة أنه أحد أهم النقاط التي ينبغي أن نعمل عليها في التحولات الفكرية وهي مسألة التأكيد على فكرة التوحيد وأن الخلل في التيار الإسلامي فيما يتعلق بالعقيدة جزء كبير منه هو عدم التوكيد على فكرة التوحيد ومن هنا كانت إحدى النقاط التي تعتمر ذهني خلال تلك الفترة أن الوقوف دقيقة صمت هو محاكاة لما كان يفعله اليونانيون في مسألة تقديس الآلهة وأنا كنت أعتبرها في تلك الفترة أنها نوع من أنواع الإشراك بالله، وأن تقف أنت دقيقة صمت على روح أي شخص كان هو تقليد فعلًا لما فعله اليونانيون وأصل الفكرة اليونانية هو هذا التقديس لآلهة الشمس وآلهة القمر وآلهة الريح وآلهة الأرض، [وهي] ذات منطلقات وثنية، فكان هذا القسم الأول أن هذه الفكرة من الناحية العقدية لا ينبغي أن تحصل بسبب ربطها بهذه القضية العقدية.
وكما قلت آنفًا إننا نحن كنا في تلك الفترة في مرحلة أنا وإخوتي من الشباب المجموعة في دير الزور كنا نعيد النظر في كل ميراثنا الفكري يعني ربما تصل المسألة إلى التبسم أنه تطرقنا لقضايا ربما لم تكن تخطر في بال الناس في ذلك الوقت وربما مرفوضة، مثال: إعادة النظر في صحة الكثير من الأحاديث وخصوصًا الأحاديث السياسية الأحاديث النبوية المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسها مثال حديث: "لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة"، فالقرآن الكريم يتحدث بوضوح عن بلقيس بإجلال كبير ويقول أنها هي التي أنقذت قومها من دار البوار فكيف أن القرآن الكريم يمدح بلقيس ثم تأتي عبارة منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم: لن و"لن" تعني الاستغراق ولن هذا يعني أنه لن يفلح قوم لا حاضرًا ولا مستقبلًا ولا ماضيًا بالنجاح فيما لو قادتهم امرأة، وهذا غير صحيح وهذا لا ينسجم مع العقل، فيا ليت لدينا قادة سياسيين وشخصيات سياسية مهمة مثل ميركل وتاتشر والكثير من الشخصيات من السيدات اللواتي جمعن ما بين الحزم وبين التعقل، فكن فعلًا كما كان يطلق عليهن نساء حديديات وضمن النموذج الديمقراطي فلماذا نحن نذهب لتصديق رواية رواها شخص واحد وهذا الشخص متهم في الرواية؟ وأنا هنا لا بأس إن أخذت شيئًا من الدقائق الإضافية راوي الحديث هو شخص واحد اسمه أبو بكرة وهو رجل من أهل الطائف سمي بأبي بكرة لأنه تدلى ببكرة من سور الطائف في يوم فتح الطائف وأسلم مع المسلمين وحسن إسلامه، ولكن يوجد حادثتان تخصان هذا الرجل وكان حوله مجموعة من النقاط بمعنى أن روايته لا ينطبق عليها بالضبط أعلى المعايير في صحة الأحاديث والروايات، الرواية الأولى أن عائشة -رضي الله عنها- أرسلت إليه يوم الجمل أن اخرج معنا وهو اعتذر إليها بهذه الرواية ولو كانت الرواية صحيحة عند عائشة رضي الله عنها لما خرجت. هذا منطقي يعني عائشة ترسل إليه وتقول له: تعال اخرج معنا في المعركة. وهو يقول لها: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، واستدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه نبأ تولي بوران عرش كسرى قال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".
أعود للقول: لو كانت عائشة -رضي الله- عنها تصدق هذه الرواية لانصاعت إليها ومعروف عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت دقيقة جدًا وأنا أذكر في شبابي كنت قد درست أحد الكتب التي راجعت فيها عائشة رضي الله عنها بالتدقيق الشديد كل روايات أبي هريرة وخرجت بنتائج أكثر من رائعة والحقيقة للإنصاف عائشة كما كان يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم: "خذوا نصف دينكم من هذه الحُميراء"، أي الشقراء. ففيما يتعلق بدقة اللفظ والرواية، كانت امرأة مذهلة وأنتم تعلمون أنه في الرواية أو في الحديث يشترط حتى تقبل الرواية أن يكون الشخص ضابطًا وعدلًا ومعنى ضابط هو متقن للرواية 100% وأن يكون عدلًا يعني مخلصًا وأن يجمع بين الإخلاص والصواب، ثم من النقاط التي كان يدقق عليها علماء الحديث مسألة زمن التحمل وزمن الأداء ومعنى زمن التحمل هي اللحظة التي حمل فيها الراوي هذه الرواية ومعنى زمن الأداء هو الزمن الذي نقله إلى شخص آخر. أنتم تلاحظون أنه إذا نظرنا -وهذا إشكال حقيقي- إذا نظرنا إلى الفروقات ما بين زمن التحمل وزمن الأداء مثلًا: عندما دون صحيح البخاري دون بعد 215 سنة تقريبًا من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كم عدد السلسلة؟ خمسة أشخاص أم سبعة أشخاص، هذا يعني أن الفرق بين زمن التحمل والأداء هو ما بين 25 سنة وال 40 سنة، وأنا لا أريد أن أتهم صحة الأحاديث، ولكن في بعض الروايات ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار أنه 25 سنة ليس بالضرورة أن يكون الإنسان دقيقًا 100% في الرواية، حتى لو كان عدلًا.
أبو بكرة هذا الرجل هذي هي الحادثة الأولى وأما الحادثة الثانية عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلده في حادثة اتهام المغيرة بن شعبة بالزنا، والمغيرة بن شعبة لم ينكر أصل الحادثة وقال: ولكنها زوجتي يعني هو فيه خباء هو وزوجته وجاء الهواء وأزاح الخباء ورآه الناس وهو أحد الأشخاص الثلاثة الذين اتهموه وعمر بن الخطاب قال لهم: إما أن يأتي شاهد رابع ويقول هي ليست زوجته أو سوف تُحد (تنفيذ الحد الشرعي) ثم أن القرآن الكريم يتحدث عن الشهادة ويقول فيما يتعلق بهذه القصة بالذات (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا) ورواية الحديث شهادة (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا) وأبو بكرة كان يصر طوال عمره أنا رأيت رأي العين ولن أغير شهادتي بمعنى أنه لم يتب إذًا كيف قبل البخاري روايته؟ يعني البخاري قبل رواية أبي بكرة ولم يقبل برواية المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-.
الشاهد في القصة أنه إذا الفكرة الأولى في مسألة رفض دقيقة صمت هو من منطلق عقدي والنقطة الأخرى هو رفضه من منطلق سياسي يعني بالنسبة لنا نحن تربينا تربية سياسية ولا أزعم أننا أكثر المطلعين على جرائم هذا النظام ولكننا من الذين تأذينا من جرائمه والذين تأذينا من ضغطه وكبته وبنفس الوقت نحن كنا في ثقافة معقولة بحيث نستطيع من خلالها تمييز طبيعة هذا النظام الذي يستخدم كل الأدوات الممكنة من أجل كتم أنفاس الناس وخصوصًا الطبقة المتوسطة المثقفة. إذا كان يوجد نوع من أنواع التحدي في تلك الفترة نحن في مطلع شبابنا لدينا الرغبة في التحدي وأحد أفكار هذا التحدي من أين جاءتنا؟ يعني من الأمور التي كان ينقلها إلينا الأستاذ جودت سعيد عام 1992 بعد أن انخرطنا في هذه المدرسة: في الوقت الذي لا يحق لك أن تحمل السلاح إلا أنه في الوقت نفسه لا يجوز لك أن تكتم الحق ولو مت دونه، وهذه نقطة مع الأسف الناس لا تفهم جودت سعيد من خلالها وتظن أنه رجل خانع ورجل ذليل ويقبل بالواقع المؤلم، بالعكس هو كان يعتمد على قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمامه فأمره ونهاه فقتله". فكان يعتبره سيد الشهداء وبالتالي بالنسبة لتلاميذه لم يكن يقبل أبدًا أنه أنت إذا كنت في الوقت الذي لا تذهب باتجاه العنف، ولكن بنفس الوقت لا يمكن أن تذهب إلى المنزل، ويجب أن تعمل وتواجه وتحارب فكريًا وسياسيًا وتدخل السجن، ما الضير في ذلك؟.
أنا كنت عند زاوية المدرج في الصف الرابع تقريبًا وعندما قاموا دقيقة صمت قام جميع الناس ثم رأيت الناس يلتفتون إلي لأنني بقيت جالسًا وكان ضميري مرتاحًا في تلك اللحظة. وفي ذلك الوقت كانت مجموعتي قد أقيلوا قبلي واحدًا خلف الآخر بدؤوا، وأحد الإخوة الذين لم يتم إقالتهم لم يحضر والبعض عتب علي قالوا لي: كان بإمكانك عدم الحضور، وممكن لو أني لم أحضر لما حصلت الحادثة، ولكن بما أنني حضرت في ظل هذا الظرف وأن يقال دقيقة صمت على روح باسل، فأنا أصبحت أمام الواجب لا يوجد مجال أن أجد لها فتوى يعني أنت وضعت أمام موقف يجب أن تكون صادقًا مع نفسك ومنسجمًا مع طروحاتك وأفكارك والناس بدؤوا يلتفتون وهم مستغربون. ومباشرة بعدها غابت القصة تقريبًا أسبوعين أو ثلاثة وبدأت الاستدعاءات الأمنية إلى فرع الأمن العسكري، وكنت أذهب وأعود إليهم على فترة طويلة، هم ماذا كانوا يفعلون بهذا الأسلوب البائس وكانوا يدعونني في وقت الدوام إلى العيادة 10:00 صباحًا ويتركونني عندهم حتى وقت الظهيرة ثم أغادر وأعود 5:00 أيضًا من الساعة الخامسة حتى الساعة العاشرة ليلًا.
كان يوجد عقيد اسمه أحمد قُتل فيما بعد في حادثة سيارة، وحتى إنني لا أزال أتذكر أنه بعد أن حصل النقاش بيني وبينه قال لي: يبدو أنك فرخ. يعني هو يعتبر أنه من أنت حتى تتجرأ وتقوم بمثل هذا العمل؟! وهو كان يضغط أنه لماذا
كانت توجد حيثيات [فقد] كنت طبيبًا مشهورًا في دير الزور ومن عائلة معروفة وبنفس الوقت في دير الزور بالذات يأخذون العامل العشائري بالإضافة إلى أنني كنت مشهورًا في دير الزور في تلك الفترة برفضي لفكرتين بوضوح: فكرة العنف وفكرة العمل السري، وبالتالي لا يستطيع إدانتي في قضية أنني من محرضي العنف لأنها من مبادئ مدرستنا، يعني أنا ذكرت من قبل أن مبادئ مدرستنا كانت هي: لا للعنف مطلقًا وإنما البديل عنها هو المجاهرة والصدح بقول الحق، وثانيًا: لا للأحزاب السرية مطلقًا ولا جماعة السرية مطلقًا وأن ما لدينا ما نستطيع أن نقوله تحت الشمس هو خير مما لا يقال تحت الشمس بمنتهى الوضوح، وبنفس الوقت هي وسائل إدانة بالنسبة لنا فيما لو أنت ذهبت باتجاه القضايا السرية دون أن تستفيد ونحن مهمتنا إنقاذ المجتمع وليس تشكيل كيانات صغيرة فيما بيننا. والنقطة الثالثة التي كنا نحن نسعى إليها هي ترسيخ الديمقراطية وأن الديمقراطية حل وعلى التيار الإسلامي أن يؤمن حقيقة بالديمقراطية انطلاقًا من فكرة التعايش بين الإسلام والعلمانية وصولًا إلى أن الديمقراطية هي أفضل منهج ابتكره البشر للصراع السلمي للوصول إلى السلطة، وإن كنا نحن شخصيًا لا نربط ما بين محتوى الديمقراطية وما بين العلمانية.
حتى أكون منصفًا أنا كان دفاعي خصوصًا في ظل أنه ثارت ضجة في ذلك الوقت وتدخل الأقرباء وبعض الأصدقاء أنه يا أخي لا وهو رغم أنه حاول أن يأخذ اعترافات وكانت من أسئلته: هل قدماك تؤلمانك لا تستطيع الوقوف؟ كانوا يريدون مني أن أقول: إن قدمي تؤلمني. ولكنني لم أقبل، ولكن للأمانة أنا كنت مركزًا على الجانب العقدي أن هذه النقطة تتعارض مع فكرة التوحيد وهي تقليد لما كان يفعله اليونانيين وذات فكرة وثنية وأنا وجدت أنه مرتاح ضميري لهذه النقطة وبنفس الوقت لا أريد الاصطدام معه مباشرة لأنني أبلغت أنه "رفع الاقتراح بإيقافك عرفيًا والسجن 45 يومًا وربما تتطور أكثر ولا تصعب هذا الموضوع ولا يوجد داع لتكبير الرأس (العناد) ودع الأمور تمشي الآن في 45 يومًا أفضل من أن تصبح سنينًا".
يوجد عدد من الحيثيات إضافة إلى تدخل بعض شيوخ العشائر وبعض الشخصيات المهمة في البلد لأن الموضوع طال القصة ذهابًا وعودة وهم بعد أن طال الموضوع أصبحوا يحسبونها من عدة حسابات أن اعتقال خطيب جمعة في ذلك الوقت معروف بانتمائه السلمي وبنفس الوقت بأنه رافض للعمل السري هذا سوف يثير ضجة خصوصًا أنني كنت أخطب في أحد أشهر خصوصًا إذا لم يكن هو أشهر مسجد في دير الزور وهو مسجد الحميدي الذي أسسه السلطان عبد الحميد في دير الزور.
هم في دير الزور بالذات باعتبار أنها منطقة شرقية كان لهم مجموعة من الاعتبارات فضلًا أنهم كانوا يعرفون أنني لا أحب صدام حسين وهذا أمر من الأمور يعني هكذا قناعتي لأن الأنظمة الدكتاتورية جميعها سوية (سواء) بينما عندنا في المنطقة الشرقية (يحبون صدام حسين) وهم لم يكونوا يتعاملون معي في تلك الفترة بالقسوة الشديدة، ولكن بالاستدعاءات تعال واذهب ويضغطون بشتى الوسائل وهذه ملاحظة كنا دائمًا نقولها لزملائنا وأصدقائنا: يا جماعة الخير لا تتورطوا في أي تنظيم سري لأنه سوف يتم اعتقالكم من أجله نحن بحاجة لكم في المجتمع زيدوا من تنميتكم الفكرية ولا تتورطوا في قضايا العنف ولا تتورطوا في قضايا ارتباطات ليس لكم فيها مصلحة الآن. نحن مهمتنا الآن كشباب إسلامي معتدل يؤمن بالديمقراطية في ذلك الوقت أن نزيد نسبة الوعي عندنا وأن نعيد النظر في ميراثنا الفكري وأن نسعى إلى تغيير الرأي العام وإنقاذ الناس من الأفكار التي يحملونها.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/02/23
الموضوع الرئیس
سياسات النظام الأمنيةكود الشهادة
SMI/OH/6-05/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/04/17
المنطقة الجغرافية
محافظة دير الزور-محافظة دير الزورشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
فرع الأمن العسكري في دير الزور 243
مديرية الأوقاف في دير الزور