الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

اسعاف الجرحى في "جمعة أطفال الحرية" في مدينة حماة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:46:20

نحن خرجنا، ودخلنا في سوق برهان، أحد الأسواق التراثية القديمة في الحاضر، هو سوق مسقوف ومحمي بحكم الأبنية من مصادر النيران في مبنى الحزب، ودخلنا إلى هناك، وركضنا بعد قليل في الأزقة عند شارع السفاف والأميرية، وجلس الناس هنا ، وبدؤوا يلتقطون أنفاسهم، ويستوعبون ما حصل كأنَّه زلزال حصل أول الأمر، التقطنا أنفاسنا، حاولنا أن نستوعب ما حصل، بدأنا لأن هناك مصابين، وهناك أشخاص يزحفون، وهناك أشخاص يبتعدون، وهناك أشخاص استشهدوا، نريد أن نسحب جثثهم، بدأنا المحاولات والشوارع مكشوفة، وهناك أشخاص سقطوا ضحايا أيضاً أثناء إسعاف المصابين؛ لأنَّ الشوارع مكشوفة، ولم يكن هناك أي شيء يوقف إطلاق النار، ولكنه أصبح متقطعاً بعدها، وكل شخص أو إنسان حاول أن يدخل إلى الشارع، ويحاول أن يسحب جثة أو شخصًا مازال متمسكاً برمق الحياة يضربون عليه، وهنا سوق خضروات وسوق شعبي فجررنا العربات التي يضعون عليها الخضار، صرنا نجرها إلى الشارع، وأحضرنا حاويات القمامة لنحرقها من أجل أن نغطي قليلاً بالدخان أو أي شيء، نريد ساتراً لنستطيع الوصول إلى الشارع، والذين كانوا في الأسفل في نهاية شارع سعيد العاص لم نستطع أن نصل إليهم؛ لأنه يجب أن نمشي مسافة طويلة تحت مدى القناصين، ولكن القريبين نحاول أن نسحبهم، كنا على موتورات (دراجات نارية) نسعف الناس أو بسيارات أو أي شيء متوفر، مجزرة بكل معنى الكلمة، [ننظر] إلى الناس، نعبر ببرك الدم، كان المشهد الدموي الأكثر الذي كنت أراه في ذلك الوقت والصدمة والحقيقة الماثلة أكثر، رأينا النظام، كنا ونسمع عن النظام، وخبرنا من خلال المظاهرات والقمع وما شاهدناه في حمص وبانياس ودرعا، ولكن في وقتها كان: "أنا نظام الأسد الذي حكوا أهاليكم عني" هذا عنوان المشهد الدموي و الحقد، لا أعرف هل هذا حقد لأشخاص نحن نهديهم ورداً؟ والأطفال يعطونهم ورداً، ويضربون الرصاص عليه، ما هذا التكوين الإنساني؟ أنا لا أعرف ما هو شكل هذا الإنسان الذي استطاع أن يضرب على هذه الجموع هكذا. لاحقاً، فُسّر الكثير من الظواهر، ورأينا أكثر في ذلك الوقت، والمشاعر كانت مختلطة، كانت مشاعر غضب كبير. كانت أقرب مستشفى في منطقة الحاضر هي مستشفى البدر ومستشفى العموري والمستشفى التخصصي، هؤلاء في البداية، وبعد ذلك امتلأت، وكلما يمتلئ مستشفى يأخذون إلى المستشفى الأبعد قدر الإمكان، مستشفيات حماة امتلأت كلها، من جهة الحاضر تقريباً بقينا في مناوشات، وبقي إطلاق الرصاص حتى الساعة 7 مساءً لأنَّ الاشتباكات بقيت، وتم إطلاق النار على الناس الذين جاؤوا من الأحياء الجنوبية من شارع العلمين، وتوزعت، وصار فيها شهداء، وأسعفوا من استطاعوا إسعافه، حجم الدم والقتل الذي حصل أيضاً من جهة شارع المرابط كان مهولاً، الناس صاروا يسعفون بعضهم، لدي صديق كان لديه سرفيس (حافلة صغيرة) للنقل الداخلي، فكانت حافلته قريبة، وكان قد ركنه بالقرب من مكان المجزرة؛ لأنَّه ركنه، ونزل مع الناس، فركض إلى الحافلة مباشرة، وصار يدخل، ودخل إلى المناطق فيها ضرب رصاص، يخفض رأسه، ويدخل، صاروا يضربون على حافلته، ومعه شابان كانا يتوقفان، و يحملان الناس إلى الحافلة ، ويخرجان مباشرة إلى مستشفى الحوراني أو مستشفى الحكمة أو دار الشفاء، وهي مستشفيات مختلفة في حماة، أي مكان نستطيع أن نصل إليه، ويأتي الناس إلى المستشفى تريد أن تسعف من عند الباب، يقولون: لم تبق أماكن لدينا. الأسرّة على الأرض امتلأت، والأعداد كبيرة، وكانوا يضعون على أرضية الحافلة جلداً مدوراً معروفاً عند السوريين الذين يعانون من المواصلات، يضعون أرضيات جلد، كانت كلها دم والكراسي كلها دم، أسعفت الناس، وركضت إلى المستشفيات، الإسعاف مستمر من جهة الحاضر، وسحبنا الذين استطعنا أن نسحبهم، ولاحقاً، أقمنا سواتر، وصرنا نضرب رجال الأمن، الناس نوعاً ما استماتوا في التعبير عن الغضب، ربما الغاية لم تكن أن نصل إلى ساحة العاصي بعد المجزرة التي حصلت، ولكن كان هناك غضب يتحكم بنا كلنا، صرنا نضرب حجارة، هناك أبنية في الحاضر لونها أحمر معروفة، هناك مبنى بجانبه تتجمع فيه أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية في مشهد كاريكاتوري جداً، تشعر أن النظام هو من رسمه تقريباً هكذا تشعر، هناك بناية فيها 4 طوابق و 8 شقق، في كل جهة لافتة: حزب الاتحاد الاشتراكي و الوحدوي الاشتراكي و حزب العهد و الحزب الشيوعي، وهذه أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية في مبنى واحد وشكلها كاريكاتوري جداً، والشباب المتظاهرون بسبب غضبهم توجهوا إلى هذا المبنى، ودخلوا إلى المكاتب، وبعثروا كل شيء موجود (المكاتب والأثاث والأوراق) بعثروها في حالة من حالات التعبير عن الغضب، واستمر ذلك إلى اقتحام مبنى الحزب الذي خرج منه إطلاق الرصاص، بالرغم من وجود القناصين والعناصر المسلحة التي تضرب على الناس فالناس أصبحوا يريدون أن يقتحموا هذا المبنى كنوع من الانتقام للشهداء الذين سقطوا، وكيف سيقتحمون بصدورهم العارية؟ بعد إطلاق الرصاص، انتشر الأمن في الشارع، وصار يضرب، ويحاجر(يرمي الحجارة)، ويضرب بالغاز تجاه المتظاهرين، ورغم تسلحه هجم الناس هجمة واحدة، وأعادوهم إلى قلب المبنى بالحجارة وبصدورهم العارية بمشهد بطولي فعلاً، دخلوا، وصلوا إلى الأبواب، والمتظاهرون حاولوا أن يكسروا الأبواب من أجل أن يدخلوا إلى الداخل، ويمسكوا عناصر الأمن الذين أطلقوا النار، وصار هناك رشق رصاص على الناس، وصار هناك شهداء خلال الاشتباكات، واستشهد أشخاص، واستمرت الاشتباكات بهذا النمط حتى الساعة 7 مساء. في الساعة 4 عصرًا، وأنا كنت في الحاضر، قلت لك: صديقي الذي كان يسعف الناس في الحافلة أتى إليَّ بعد أن أنهى إسعاف الناس من جهة المرابط، وذهبنا إلى المستشفيات، ولم نعد نعرف من استشهد من أصدقائنا ومن بقي، كانت حالة صعبة، وأهالي حماة كلهم نزلوا إلى المستشفيات وأهالي المتظاهرين الشباب ليروا ماذا حل بأولادهم، المدينة كلها استنفرت في هذا اليوم، كانوا في الشوارع ينادون في مآذن المساجد عن زمر الدم، وصارت هناك حاجة لكل أنواع زمر الدم، فهناك فقد نتيجة الإصابات الكبيرة لدى الناس والنزيف، فاستنفر البلد كله، كل البلد[في حالة] وجوم في مجزرة تحصل، هناك إطلاق رصاص، خرجنا باتجاه مستشفى الحوراني، كان مليئاً بالناس ومليئاً بالمصابين، طبعاً، امتلأت كل المستشفيات في حماة، سابقاً حين يحصل إطلاق نار في المظاهرات، ويكون هناك مصابون أو شهداء في الحقيقة ليست كل المستشفيات تستقبل، فبعض المستشفيات كانت تخاف أن تستقبل مصابين من المظاهرات؛ لأنَّ النظام كان يعاقبهم بشكل أو بآخر، فيخافون من رد فعل النظام تجاههم، فكانت بعض المستشفيات محددة، نحن نسعف المصابين لها سابقاً، في ذلك الوقت، لم يعد هناك مجال لأن يستقبل هذا المستشفى أولا خوفاً من النظام، أي مستشفى أو مستوصف أو نقطة طبية يكفي أن يكون فيها مواداً طبية بسيطة (معقمات وشاش) لاستقبال هؤلاء الناس، وذهبنا إلى مستشفى الحوراني، كان هناك الكثير من الناس متجمعين حول المستشفى، ويوجد الكثير من الأهالي حوله و[هناك حاجة] لزمر الدم، ونحاول أن نحصي الأعداد، وكم كل مستشفى دخل إليه مصابون، وكان الإحصاء صعباً جداً، وهناك أشخاص أخذوهم إلى خارج المدينة إلى مناطق أخرى في ريف حماة الشمالي يوجد بها مستشفيات وتلك المناطق أكثر أماناً للمصابين، وكان هناك تخوف أن يأتي الأمن، ويعتقل المصابين، فكان يوماً خطيراً، أحد المشاهد التي رأيتها أمامي، ولا تنسى و تشكل نقطة في الذاكرة: عائلة الشهيد عبيدة أرناؤوط كانوا جالسين- كما روي لنا لاحقاً أنا رأيت المشهد، ولكننا فيما بعد عرفنا التفاصيل التي أرويها الآن- في بيوتهم مثل كل الأهالي في حماة، كان يوم جمعة وهم جالسون، وابنهم في المظاهرة، حين سمعوا أنهم ينادون في الجوامع، يريدون زمر دم، ويتابعون على الأخبار، والأخبار بدأت تصل إلى التلفزيونات (الجزيرة والعربية وأورينت)، كل القنوات التي تنقل المظاهرات في ذلك الوقت، ولم يكن الإنترنت له شعبية كبيرة، فسمعوا، وقال لزوجته: قومي نذهب إلى مستشفى الحوراني إذا كانوا بحاجة إلى دم فنتبرع لهؤلاء الشباب وابننا أحد هؤلاء الشباب ليحميه الله ، ويسلمه. ونزلوا، فتفاجؤوا في المستشفى بأن ابنهم كانوا قد أخذوه إلى المستشفى إسعاف، ولكن يبدو أنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا له شيئاً، فاستشهد في وقتها المهندس عبيدة أرناؤوط، وعندما أخرجوه على العربة إلى بيته أو إلى شخص يعرفه، كانوا قد أخرجوهم من أجل ذويهم ليتعرفوا على الشهداء والباقي في الداخل في غرف العمليات، وبينما كانوا يخرجونهم فإذا بالرجل قادم مع وزوجته، شاهدوا السرير مسجّى ففتحوه هكذا، رأوا ابنهم، وصرخت الأم صرخة كبيرة جداً، هذا الذي رأيته، رأيت أماً تصرخ بتفجع: "يا ابني". والأم صارت تبكي والأب صار يبكي، هذه المشاهد أنا رأيتها، والكثير من الناس كانوا هكذا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/03/02

الموضوع الرئیس

محافظة حماةجمعة أطفال الحرية

كود الشهادة

SMI/OH/35-17/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

حزيران 2011

updatedAt

2024/03/21

المنطقة الجغرافية

محافظة حماة-مدينة حماة

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة