الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الواقع التعليمي في سورية قبل الثورة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:15:42:18

مجد شربجي ناشطة ثورية من مدينة داريا ومعتقلة سابقة في سجون النظام السوري وأم لثلاثة أطفال وزوجة شهيد تم اعتقاله وتصفيته في سجون النظام وحالياً المديرة العامة لمنظمة بصمات من أجل التنمية، وهي منظمة لتمكين النساء السوريات في لبنان وسورية وتركيا، ولتعليم الأطفال، وأريد أن أتكلم عن تجربتي وعن شهادتي كمواطنة سورية أولًا وكثائرة وكل الأحداث التي عشتها في الثورة وما قبل وفي مدينتي وخارج مدينتي.. 

أنا أساسًا أنحدر من عائلة عانت من النظام السوري في أحداث الـ 81 (1981) وخرجنا من سورية في تلك الأحداث وكان عمري 6 أشهر خرجنا إلى فرنسا لمدة 12 سنة أنا ووالدي ووالدتي وأخي، وأنا لم أعش طفولتي في سورية وكنا نرى سورية عندما نأتي إلى سورية في أشهر الصيف فقط لشهر أو شهرين، وكانت سورية بالنسبة لنا وبسبب ارتباط الوالد بها بشكل كبير كانت تعني لنا على الرغم من الفرق في مستويات المعيشة الكبير بين سورية وفرنسا ولكن كان بالنسبة لنا كنا نحلم متى يأتي الصيف لنذهب إلى سورية. 

أحب كل شيء في سورية وداريا صدقًا، وكنت أشتهي حتى القمامة التي في الطرقات، وأشعر أنَّ الشيء الذي استفقده (أفقده) في بلدك فأشعر أنَّ حاويات القمامة وصوت الشاحنة كنت استفقده وكثيرًا من الأشياء وحين كنا في فرنسا كنا نحنّ لهذه الأمور، وحالياً في غربتي أشعر أنَّني أحن لداريا وسورية لجامعتي وللمزة والمناطق العالقة في الذاكرة. 

وأنا من مدينة داريا، وهي قريبة من دمشق كثيراً  تبعد عنها من 2 الى 3 كم، وهي مدينة كبيرة ولكن صغيرة، كبيرة من حيث مساحتها وعدد سكانها وهم أكثر من 250000 نسمة ولكن صغيرة لأنَّ الكل يعرف بعضهم البعض ولا يوجد شيء يخفى والخبر إذا وصل لشخص من الممكن أن يصل لمئتين وخمسين ألف شخص، والناس تعرف بعضها هنا، وهي مدينة حنونة للغاية ومتربطة ببعضها، والعائلات متداخلة بزواج وقرابة وربما بمشاكل، وكل حارة لها قصة وحكاية وكان فيها نسبة لهم داريا كان بالنسبة لهم قريبة من دمشق ولكن أسعارها رخيصة من حيث الآجارات  فكان الكثير من أهالي دمشق يسكنون داريا ففيها نسبة كبيرة من خارج داريا  أظن أكثر من 75000 نسمة كانوا  موجودين من خارج داريا وبالنسبة لي داريا هي الوطن، وتُعتبر اقتصادياً مدينة قوية وأهلها يعملون في نجارة الخشب والزراعة، ونوعاً ما هي مدينة مرتاحة مادياً وأغلب أهلها مرتاحين على المستوى المادي وفيها حركة صناعة كبيرة وخاصةً أن تجار دمشق أغلب مستودعاتهم ومحلاتهم كانت في داريا بسبب قربها من دمشق لدرجة أنَّهم صاروا يقولون بعد أن خرج أهالي المدينة منها أنَّ الشبيحة أصبح معهم أموال من وراء داريا من كثرة الخير الذي فيها وفيها أمور...

أهالي المدينة أغلبهم متعلمون ومثقفون، ولكن أغلب الناس كانوا يدفنون ممتلكاتها وأموالها تحت الأرض وحين خرجوا من المدينة تركوا كل شيء هناك، لماذا؟ لأنَّهم سيرجعون والناس مرتبطة بالمدينة لدرجة تركت أموالها فيها فأخرجوا الذهب بشكل غير طبيعي من أراضي داريا فقط بعد فترة خروج الأهالي منها والذهب الذي خرج كان بالأطنان، وهي مدينة أهلها مرتاحين ويعملون بالزراعة وهو جو يخيل بأنه جو مدينة حنونة للغاية.

بالنسبة لموضوع النساء أنا أرى بأنه مثل كل سورية كان هناك ظلم للنساء في داريا مثل ظاهرة الزواج المبكر الموجود في كل سورية وأن المرأة تُحرم من أن تكمل تعليمها، ولكن حتى على مستوى النساء ذوات التعليم الجامعي عندنا عمل المرأة في داريا لا يجوز وأنَّ المرأة تعمل فهذا يعني أنَّ والدها لا يُطعمها أو أن زوجها لا يصرف (ينفق) عليها كفاية، وكان عمل المرأة بالنسبة لنا حتمًا أنَّ هناك مشكلة في الرجل لذلك تعمل المرأة وليس لأنَّ المرأة يجب أن تعمل وحتى النساء الجامعيات كان موضوع العمل غير وارد إلا ما رحم ربي إلا فئةً قليلة جدًا، ولا يوجد لدينا نساء عاملات وهذه إحدى المشاكل التي واجهتها المرأة بعد الثورة، وهي بعد أن أصبح عليها مسؤولية بعد  فقدان الزوج وفقدان الأب فأغلب المسؤولية أصبحت على النساء ونساءنا لم يكن لديهن خبرة في سوق العمل وكيف يتعاملون مع المحيط من الرجال أو النساء من غير مجتمعات لأنه دائماً المرأة مهما كانت متعلمة وصاحبة شهادات  إذا نزلت إلى سوق العمل لا يكون لديها خبرة، وهذا ماكنا نفتقده ونادراً ما ترى واحدة من نساء داريا تعمل.

قبل الثورة أنشأت مدرسة خاصة في مدينة داريا، ولكن رغم أنَّ المحيط عندي مثقف جدًا، والدي وإخوتي لم أفكر بالعمل عند الآخرين، لم تكن الفكرة واردةً، ولكن استطعت أن أعمل عملًا خاصًا بي وبقيت في المدرسة لخمس سنوات من 2007 حتى 2012 حتى حدثت حركة التهجير من داريا وخرج الأهالي وحتى تم استخدام المدرسة بعد تهجرنا للناس والنساء والأطفال الذين بقوا في داريا لفترة الحصار. 

طبعاً عانينا صعوباتٍ كبيرة في سورية من الموافقات الأمنية وليس من ناحية الأمور القانونية أو التراخيص المتعلقة بالتربية لأنَّه في سورية إذا أردت أن تفتح كولبة فلافل (دكاناً صغيراً للفلافل) فيجب أن يكون هناك موافقة أمنية، والموافقة الأمنية عانينا منها كثيراً وجاءت بالرفض لأكثر من مرة، وتقدمت باسمي وجاءت  بالرفض بسبب والدي الذي خرج في أحداث الـ 81  (ما يعرف بأحداث حماة) خارج سورية علماً أنَّ والدي لم يكن إخوانيًا (منتميًا للإخوان المسلمين) ولكن هو في ذلك الوقت كان ملتزمًا دينياً، وفي ذلك الوقت ووقتها كانوا يعتقلون كل الأشخاص الملتزمين خاف وهرب ولم يكن ينتمي لجهة ولكن لأنَّه خرج من سورية في الـ 81 فأصبح عليه إشارة استفهام. 

وحين قُدمت عن طريقي تم رفضها وقدَّم زوجي باسمه لأنَّ عمه كان نفس الموضوع تم رفضها و آخر الشيء قدمنا باسم شخص بعيد جداً حتى جاءت الموافقة الأمنية فقد عانينا كثيرًا من هذا الموضوع، وموضوع أننا كمدرسة أنَّنا خمس سنوات لم نضع صورة الرئيس (بشار الأسد) لا في إدارة ولا شيء وكنا نضعها للضرورة بحيث إذا جاء أمن أو أي جهة رسمية نضعها ونرفعها في هذا الوقت فقط، وكنت أضعها فوق الخزانة، ولكن لم أكن أحب موضوع تمسيح الجوج (مثل شعبي يعبر عن النفاق) وحتى في احتفالات المدرسة لم نقم بتحية القائد المفدى وقد ذقنا الويلات، ولم نرَ ماذا قدم هذا القائد في موضوع التعليم وبالعكس التربية كانت مزرعة وكلها رشاوي وكان وزير التربية يطلب أشياء والمؤسسة التعليمية في سورية كلها رشاوي وفساد وكانوا يطلبون أشياء كثيرة رشاوي لتمرير أمورٍ بسيطة فيما تخص لوائح الطلاب، وكان لدينا تجارب كبيرة مع الدولة في هذه المواضيع لدرجة فعلاً أصبحنا نرى أنَّ هذه البلد بحاجة إلى ثورة، وبقيت المدرسة تعمل الى وقت تهجير الأهالي. 

التعليم في سورية.. حين اعتُقلت  كان أكثر شيء يتفاخر به النظام هو موضوع التعليم، وأشعر بأنه أسوأ شيء، وربما مئة مرة قالها لي المحقق: ماذا تريدون أحسن من ذلك؟ لديكم تعليم مجاني، ونحن مضروبين بمنية من النظام أنّ المدارس مجانية والجامعات مجانية، وهذا الكلام ولكن واقع التعليم كمناهج موجودة ليست مناهج تستطيع أن تُخرج جيلًا واعيًا وهي مناهج للتكرار لا أكثر، وليست مناهج فيها موضوع تفاعلي مع الطفل وأنا كنت قد فتحت تعليمًا للأعمار الصغيرة روضة وما فوقها فكان ينقصها الجانب العملي من التعليم وكلها نظري، وهناك كمية ضغط كبيرة على الطالب بالمعلومات وكانت المدرسة الأنجح التي تعطي واجبات أكثر فيوجد مشكلةٌ حقيقية في موضوع التعليم في سورية ككل، وموضوع النظام القائم للتعليم ولا يوجد مساحة صغيرة للطفل في عقله لأن يفكر في شيء أو يفكر باختراع شيء دائماً هناك حشو معلومات وليس هناك مساحة في دماغه ليُفكر بشيء آخر أو يبدع فيه، وهذه المشكلة الأساسية في سورية والمشكلة الثانية التي نُواجهها الآن كما سابقًا هي موضوع اللغة الثانية اللغة الإنجليزية عندنا ضعف كبيرٌ بمناهج الدولة في هذا الجانب حتى عندما أردنا أن ندعم مناهجنا كمدرسة بمناهج إنكليزية مضافة، ولكن هناك مشكلة في المدرسين الذين لغتهم ركيكة  فكانت هناك مشكلة لا يمكن حلها إلا بمثل مدارس الشويفات التي تعتبر عالميةً قليلاً، لكن يوجد هناك تقصير.

لدينا مجتهدين ومتميزين في اللغة العربية حقيقة يُوجد لدينا تميز، ولاحظت بأن الطفل في الصف الأول يعرف كيف يعرب، وهذه الأمور غير موجودة في غير بلدان مقارنة بلبنان مثلًا هناك الكثير من الضعف، ولكن هل هي نقطة قوة في تعليمنا أنَّنا نُهمل اللغة العالمية وهي لغة التواصل فلا أعتقد ذلك فأشعر أنَّ موضوع التعليم يُخرج شخصًا ذكيًا جداً ومجتهدًا، ولكن ليس لديه مهارات تواصل وليس لديه إبداع، وهذه مشكلة التعليم وكأنَّ النظام  من خلال نظام تعليمه يُريد أن يُخرج الناس مجرد قطيع وهذه رؤيتي للتعليم، وكنا نُحاول قدر المستطاع أن نُغير، ولكن لا يوجد مكان أنا أتحدث عن مدرسة 150 طالبًا، ومهما حاولت أن تغير فهناك نظام يجب أن تمضي به مع البقية.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/10/09

الموضوع الرئیس

مدينة داريا قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/118-01/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/17

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

بصمات من أجل التنمية

بصمات من أجل التنمية

الشهادات المرتبطة