الربيع العربي وإرهاصات الثورة السورية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:24:06:12
بداية المشهد العام الذي كان موجودًا أن هناك ثورات ربيع عربي، أصبحت موجودةً وحاضرة وشاغلة
لوسائل الإعلام كلها وشغلت كل العالم، والناس تنظر لها بأمل وبدأ الأمل يثمر بأنَّ ثورة تونس انتهت
سريعاً بهروب زين العابدين بن علي، وثورة مصر انتهت بشكل أسرع بتنحي محمد حسني مبارك،
والدول الأخرى أيضاً بدأت بها القلاقل والتحركات، وهذا الجو العام الخارجي، الجو العام الداخلي
حكينا بأنه بدأت تظهر تحركات، ويوجد طلائع تحرك، كتابة هنا وتحرك هنا، وإلى آخره، ولكن في هذا
الجو بدأت الناس تشعر بالإحباط، أنَّ التحرك في سورية تأخر ولم يُواكب التحركات الموجودة في
الدول الأخرى، والتي بدأت تُخرج بنتائج، وكان الخوف أنَّ ما حكم السوريين من خوف وضغط
واستبداد ومن قبضة أمنية خلال العقود الماضية، اليوم تحكم سيطرتها أكثر وبالتالي تمنع أي تحرك.
وكلنا نعرف أننا اليوم إذا سكتنا امتدت معنا لخمسين سنة أخرى، وهي فرصة ذهبية، خرجت فيها
الشعوب عن كل القيود الموضوعة أمامها، وأولى شعب أن يتحرك هو الشعب السوري لأنه نعم وحين
نُراجع الظروف التي عاشتها شعوب دول الربيع العربي، نعلم بأنها محقة بخروجها بسبب ما تعرضت
له من ظلم سياسي واجتماعي وأنظمة عسكرية قمعية مستبدة إلى آخره، ولكن إذا قارنا كل تلك الدول،
وكل ما عانت به شعوب تلك الدول مع الشعب السوري، نجد أولى منطقة ودولة وشعب بالتحرك هو
الشعب السوري، ولا يمكن مقارنة ما عاشته شعوب المنطقة من هذا الظلم السياسي أو الاقتصادي أو
الاجتماعي أو العسكري أو الأمني أو كل ذلك لا يمكن مقارنته مع ما عاشه الشعب السوري. لذلك بدأت
الهواجس دخلت إلى قلوبنا إذا ما تحركنا معنى ذلك راحت معنا خمسين سنة أخرى، هناك تحركات
ولكن تلك التحركات لم تصل لدرجة من الجدية التي نستطيع أن نقول فيها أنَّ سورية تحركت، وهؤلاء
الأشقاء التونسيين طووا الصفحة وبدأوا صفحةً جديدة، والمصريين طووا الصفحة وبدأوا كذلك
التحضيرات للمرحلة الجديدة، وفي دول أخرى بدأت تتحرك ونحن ما يزال حراكنا خجولًا.
وقبل شهر شباط [2011 - المحرر] كانت التحركات فردية وتحركات نائية، وتحركات محدودة الأجل،
يوجد ظاهرة معينة خرجت في منطقة معينة وانتهت في وقتها، وهذا الحراك لا بد في ذلك الوقت أن
يكون متصاعدًا حتى يصل إلى العتبة التي نستطيع من خلالها إطلاق شرارة الثورة بكل معنى الكلمة
وهذا للأسف الشديد ما جرى إلى أن وصلنا لشهر شباط، وهذا الشهر يمكننا أن نقول أنه بدأت تتبلور
حركات ضد النظام أوسع من الحركات الفردية، ولكن ما يسم تلك التحركات بأنها حركات غلب عليها
الطابع الافتراضي أكثر من العملي الميداني، وهذا له تبريراته لأنَّنا شعب حُكمنا بالحديد والنار لمدة لا
تقل عن خمسين سنة، وشعب ظهرت عنده بوادر تحرك سابقاً في الثمانينات والسبعينات وبعدها كذلك
في أكثر من مكان وكلها جُوبهت بالحديد والنار، وكان في هذا الجو لدينا عدة أحاسيس تختلج في
داخلنا.
أول تلك الأحاسيس أنَّه لا يوجد ثقة بين الناس ومثل ما كان يُقال: الحيطان لها آذان (كل ما يقال يصل)،
وهذا الهاجس الأمني منع الكثيرين من البدء بالتنسيق مع بعضهم، فمثلاً من كانت روحه ترقص داخلاً
لأحداث الربيع، كان يضطر إذا كان موجودًا في مكان فيه أشخاص آخرون مضطر إما ليسكت أو يتفوه
بعبارات ضد هذا الربيع، لأنه لا يعرف من الشخص الذي بجانبه وربما سيبلغ عنه أو يُعتقل، وإذا صار
اعتقالات جماعية ستجهض أي محاولة لحراك ربيعي في سورية وهذا الإحساس الأول.
والإحساس الثاني هو الخوف أنَّه يا جماعة ناس قبلنا جربت، والنظام السوري ليس كغيره من الأنظمة،
هو سُلطوي طائفي مافيوي، مرتبط إقليمياً ودولياً بشبكات العصابة والجريمة والمخدرات والقتل
ومتفاهم مع المجتمع الدولي في التنازل عن المقدسات والتي يعتبرها الشعب السوري مقدسات، في حين
هو يدعي المقاومة والممانعة، وكان يوجد خوف من المواجهة وكان هناك توقع أنَّ النظام يستبق أي
حراك في البلد من خلال تشديد القبضة الأمنية، هذا ما جرى وفعلاً بدأ يعمل مناوبات في الفرق الحزبية
والمراكز الحساسة في أي بلد أو أي مدينة أو مركز المحافظة، وهذا الشعور الموجود مع تأخر هذا
الحراك، أدى إلى أنَّ الناس بدأت تشعر قليلاً بالإحباط، وفي شهر شباط حين أتت الدعوات الافتراضية،
شعرنا بالأمل أكثر ولكن لم ينضج الأمل لأننا لسنا بحاجة لدعوات افتراضية، نحن بحاجة لدعوات
حقيقية، خاصة بأنَّ الحراك الذي رأيناه في المناطق الأخرى هو حراك ميداني ولم يكن افتراضيًا، ولنقل
بصراحة أكثر جموع الناس كانت تنتظر الحراك من المراكز الكبرى دمشق وحلب، ثانياً تستعد
للانخراط في هذا الحراك لحظة ظهوره وبالتالي نحن نريد أن تتحرك دمشق وحلب ونحن نشغل
السيارات كلنا ونذهب ونُشارك في هذا الحراك أو نُشارك في مكاننا، بحيث يصبح حراكًا ممتدًا على
كامل الجغرافيا السورية.
حين أقول نحن كأنا جزء من نحن؟ نحن مجموعة، ولكن المجتمع امتلأ مجموعات وكل مجموعة،
وواثق وهذه بينته الحقائق لاحقاً أن كل مجموعة منفصلة عن الأخرى ولا أحد يجرؤ بأن يتكلم أمام
الآخر، عما حصل في مصر وما حصل في تونس لماذا لا يحصل لدينا؟ وليحصل عندنا ماذا نفعل
وكيف يجب أن نعمل؟ والى آخره ولا أحد يجرؤ ليتكلم إلا أمام أحد يثق به جداً جداً.
على مستوى أنا شخص كشخص من الشعب السوري وانخرطت في الثورة السورية في القرية التي
أعيش بها بدأت تتشكل مثل تلك المجموعة ومثلاً نحن ست شباب متنوعين واحد موظف هنا وطبيب
هناك ومهندس هناك، وكنا متعودين أن نجلس ونسهر سويةً ونشارك في مبادرات اجتماعية يغلب عليها
الطابع الاقتصادي أكثر، نشارك بها سويةً، هناك جو من الثقة موجودة بيننا وهذه الثقة بدأت تُأهلنا
لنجلس مع بعضنا أكثر، فمثلاً وقت العيادة كنت أهمله كثيراً كنت أداوم الصبح وبعد الظهر، وبدأت
أذهب من العيادات بشكل أبكر لأفسح المجال لهذه الاجتماعات، وثانيًا مضامين حديثنا بدأت تتغير فبدل
أن نقول.. كنا تلك الاجتماعات نمضيها إما بدراسة ظواهر مجتمعية أو نُساهم في حل المشاكل
الموجودة في البلد أو خارج البلد، واحد بحاجة عملية، طفل بحاجة لجهاز سمعي بدأنا نُوسع مضامين
هذا الحديث باتجاه الحديث السياسي، يا جماعة ماذا مصر بسرعة صار عندهم نحن يجب أن يحصل
لدينا وهذا النظام كثيرًا ما أذاق الناس من ظلم واعتقال وإلى آخره، وصرنا في متابعة حثيثة لكل تطور
من التطورات وبعد ذلك بعد أيام أو أسابيع قليلة، بدأنا نتحدث عن الوضع السوري أكثر، أنه أين يجب
أن تخرج أولاً هكذا رأيكم أين يجب؟ وإذا كان لا يجب فأين ستخرج؟ يجب أن تكون دمشق ولكن
ستخرج من دمشق أو في مكان ثاني.
نحن كل ما نتكلم يُخيل لنا دمشق، والطبيعي أن يبدأ التحرك من العاصمة وهي عاصمتنا ومكان الثقل
وهناك النظام تتزعزع أركانه أكثر، وكنا في خلافات، وحين نناقش دمشق لن تتحرك وفي ظروف
تمنعها من التحرك وصار سابقاً ولم تتحرك وإلى آخره..
ثانيا، أوك إذا لم يحصل التحرك من دمشق أين سيحصل التحرك؟ وفي نفس الوقت إذا حصل التحرك
من دمشق أو غير دمشق نحن ما الذي سنفعل؟ ودورنا أين؟ الرئيس التونسي هرب وصار السيناريو
التونسي والرئيس المصري تنحي في بداية شباط وكان السيناريو أن سلم لمجلس عسكري، وبرأيكم في
سورية إذا صار كيف ستكون الأمور؟ وإذا حصل هل هناك تنظيمات جاهزة ناضجة بحيث تمنع البلد
من الانفلات، وأخذنا نناقش كيف ستكون صيرورة الأحداث فيما لو حصل هذا الربيع السوري
المنتظر؟ وهذا على مستوى القرية.
وعلى مستوى مثلاً مكان عيادتي المسائية، كنا نحن كل يوم خميس نعمل دعوةً عند أحد من الشباب
وكنا 15 أو 20 شابًا ونفس الأمر الذي عنا في البلد، عادة نُعالج قضية ما، مثلاً شارع قد حُفر في
منطقة أو الجامع الفلاني بحاجة لمازوت للتدفئة أو دار الأيتام الفلانية مرسلين أنهم بحاجة لمساعدة من
أجل ملابس للطلاب في الشتوية، وفلان الفلاني لديه عملية جراحة قلب وليس معه مال وفلانة الفلانية
لديها عملية عقم، وهكذا يغلب عليها الطابع الاجتماعي والناس الموجودين مثلاً أنا موجود، يوجد كم
شخص مغتربين في الكويت موجودين وشخص أستاذ مدرسة موجود، شيخ جامع وممرض معنا في
المشفى وهكذا مجموعة، ونفس التطورات التي حصلت على مجموعة القرية صارت على مجموعتي
في البلد التي افتحتت فيها العيادة المسائية في الحراك، ونفس الشيء بدأت تتطور النقاشات، من نقاشات
محلية يغلب عليها الطابع الإنساني أو الاجتماعي الممتد اقتصادياً أحياناً، إلى أنها أصبحت نقاشات
سياسية بحتة، نتابع ما يجري في مصر وتونس ونحن أين الآن؟ ونتبادل أطراف الحديث، كل شخص
من المعلومات التي يسمعها، ومثلاً أنا أقول يا جماعة وأنا ذاهب إلى المشفى رأيت شخصًا كاتب على
الزفت، أي دكتور ألم تسمع في المسيفرة أيضًا في كتابات على الحيطان وجاء المخفر والمنطقة
ومعتقلين بعض الشباب وإلى آخره، والثالث يروي قصة والرابع كذلك، وبعدها نصل أنَّ سورية ماذا
عنها؟ وهذا ليس في اجتماع واحد، هذا في جلسات متعددة حتى في الفترة الأخيرة أصبحنا نجتمع يومياً،
أولاً كل خميس وبعد ذلك مرتين ثلاث في الأسبوع وبعد ذلك يومياً حتى لو جزء منا لم يستطع
الحضور كنا نحضر
وأماكن الاجتماعات سابقاً كنا نعملها في بيت كل واحد منا، وعذراً عادة كان يرافقها صاحب الدعوة
يعمل عشاءً ونحن نتعشى ونسهر وندردش ونحل مشاكل، وهنا أصبحت الاجتماعات يومية أو كل
يومين على الأكثر مرةً، وليس في داعي أن نعمل لها الترتيب الروتيني أنَّه يجب فلان قبل أسبوع يقول
يا جماعة الأسبوع القادم الاجتماع عندي، ويذهب يجهز عشاء، أغلبها وجزء كبير منها تحصل في
العيادة أو عند صديقي الثاني الذي قد فتح مكتبًا عقاريًا، نخرج إليه ونروح، أي سورية؟ ما الوضع في
سورية ؟سنبقى نتفرج على التونسيين والمصريين انتهوا الجماعة، نحن؟ يا جماعة لا يوجد شيء، هل
سمعتم عن تحرك في الشام (دمشق) أو حلب؟ ننتظر أن نسمع من أجل أن نذهب والله يا أخي لا شيء،
وحصلت دعوات افتراضية في بداية شباط أي 5شباط / فبراير كان هناك دعوة نسمع عنها في
"الفيسبو;" ولا أحد رفع التلفون اتصل بنا لأنه لا يعرفنا أصلاً، ولا نحن من يُنظم لنتصل به، والخوف
الموجود في درعا موجود في باقي المناطق، وكانت تأتي دعوة افتراضية عبر "الفيسبوك" وبعد ذلك
صار في دعوة في حلب للتجمع في ساحة سعد الله الجابري، وطبيعي مثل تلك الدعوات إما أن لا أحد
يتجاوب معها خوفاً من أنَّه من هذا الذي يدعي ممكن يكون أمن؟ أو الذي يتجاوب معها يرى العدد قليلًا
والأمن على قدر المتجمعون عشرات المرات وتنتهي بشوية ضرب واعتقالات والسلام، ولم يكن هذا
الحراك مجديًا بمعنى الكلمة.
لذلك هنا أعتقد بعد 10 شباط بدأ يغلب الطابع المحلي على الطابع العام، بمعنى يا شباب إذا كنا سننتظر
يحصل تحرك في مكان ما مركزي مثلما حصل في ميدان التحرير في مصر، نحن نحلم وهذا لن
يحصل لأسباب متعددة، والأسباب كثيرة، فكيف نحن نفكر أنَّنا نكون الشرارة وليعمل أهل دير الزور
في دير الزور وأهل دمشق في دمشق وأهل درعا في درعا ولنكن نحن من عندنا يحصل التحرك،
والنسيم للربيع العربي موجود في كل مكان.
وخرجنا من القرية إلى المكان الذي كنت قد فتحت فيه العيادة، ونذهب إلى مشفى درعا الوطني وهناك
في مجموعة من الأطباء طبيعة شخصياتنا وعلاقتنا مع بعض، فرضت أن نكون أصدقاء وتلك الصداقة
لم تكن فقط في المشفى، وكانت صداقة في الأفرع الأمنية بمعنى نحن نفس الأشخاص الذين يدعونا إلى
الأفرع الأمنية سواء في السويداء أو درعا، وحين أُدعى أنا مثلاً بعضهم أراهم في الفرع وبعضهم بعد
ما أذهب أسألهم هل دعوك السويداء؟ أي والله دعوني وأنت دعوك أي والله دعوني وهذه اللمة فرضت
نفسها، وحين نذهب إلى المشفى أيضاً نمشي الجولة على السريع حتى نرى وقتًا نذهب ونجتمع في
غرفة الأطباء، وهناك ليسوا على نفس الدرجة، الأطباء مقسومين قسمين قسم مع النظام ويُباهي بعلاقته
مع النظام ولم يصل إلى هذا المركز إلا بدعم النظام، وقسم منهم ليسوا بهذا المستوى ولا بتلك
المؤهلات ليكونوا بتلك الأماكن، إنما علاقتهم مع النظام الأمنية هي التي أهلتهم ويُوجد قسم تبنى ثورات
الربيع العربي وأصبح متابعًا لها وفي التلفزيون في تلفزيون صغير في غرفة الأطباء، أخذنا دائماً نضع
على تطورات ثورات الربيع العربي وهذا يُواجه بامتعاض من الطرف الآخر بأنَّه لا أخي لماذا تضعوا
على مثل تلك الأخبار؟ نحن الله يحمينا من تلك الأمور ونحن بلد جيد ونعيش بأمن واستقرار وأمورنا
عال العال ونحن لو كل الدول تعيش الظروف التي نحن نعيش بها لا أحد يتحرك أبداً، في حين نحن أننا
لا بل كنا نُتابع ما يجري في الربيع العربي حتى نعكسه على بلدنا ونضع سورية ضمن مسبحة ذلك
الربيع الذي يحصل فيها تغيير، ونفس النقاشات التي حصلت على مستوى القرية أو على مستوى مدينة
الحراك وأيضًا على مستوانا الطبي كأطباء كنا نحن خمس أو ست أطباء بدأنا نُنسق مع بعضنا.
الانقسام بين الأطباء هو ولاء للنظام ووقوف ضد النظام، ولا يحكمه التوزع المناطقي ولا العشائري
ولا الطائفي لأنَّ درعا تقريباً بشكل كامل ليس فيها هذا البعد الطائفي الكبير، لدينا إخوة مسيحيين عشنا
معهم في السراء والضراء ولدينا بعض العوائل التي أصولها شيعية ولكن حين سكنوا في درعا أصبحوا
من أهل درعا، وبالعكس أعرف بعض العوائل الذين أصبحوا سنةً أكثر من السنة أنفسهم، وكان لديهم يد
طويلة في مجال العمل الخيري والإنساني ولهم يد طويلة في مواجهة التمدد الإيراني الذي تحدثنا عنه
سابقاً، وحين بدأت الثورة وبدأ يُوجد مصابون كثير منهم ساهم بأموال لعلاج الجرحى وإجراء عمليات
جراحية لهم.
إنما البعد المسيطر هو بعد ولائي للنظام، وكان هو مع النظام لأنَّ في الأساس النظام ولي نعمته وبعد
تطور الأحداث عرفنا أنَّ جزءًا من هؤلاء الأطباء أو الموظفين الذين لعبوا دورًا استخباراتيًا فكانوا
يزودون النظام بتقرير عن أعداد المراجعين للمشفى وتقارير عن الجرحى والشهداء، بالنسبة لنا شهداء
أو إذا كان لدينا إصابات أو جرحى من أصناف أخرى وكانوا يُزودون بتقارير عن نشاط الكوادر، سواءً
الكوادر الطبية أو التمريضية أو الإدارية وأنا مثلاً في إحدى مرات الاعتقال، طلع معي مُحقق ابن
حلال أسعده الله أينما كان، وفي هذا التحقيق أتى وأغلق الباب وكنت جالسًا ومعصوب العينين ويدي
مقيدتين لوراء ظهري، وقام الرجل بفك الكبل وأزال العصبة عن عيني وحكا بكل احترام وتقدير وبدأ
يسألني أسئلة روتينية ليسألني في التحقيق وسجل لصالحي التقرير وفي نهاية الموضوع سألني سؤالًا:
أنتم كيف خرجتم في الاعتصام لنقابة الأطباء؟ من الأطباء الذين كانوا موجودين، وقلت لا أعرف
وطبعاً نحن الذين كنا وراء الاعتصام، وقال: ألا تعرف من الذين عملوا الاعتصام؟ قلت: لا أعرف،
وقال: ولا تعرف من الذين كانوا في الاعتصام قلت: لا أعرف، قال من الذي اتصل عليك وقال: تعال
اذهب إلى الاعتصام أنا معكم ولكن كذا كذا؟ أنا لم أُجب بشيء أبداً، وقال: ألا تعرفهم؟ قلت: لا، فأشغل
الكومبيوتر وظهرت لي الشاشة والشاشة كانت كلهم شبابنا المنسقين يوم الاعتصام، فقال: هذا من؟
وأشر لي على الدكتور سفيان الزعبي، وهذا صديقنا وأنا عيادتي في الطابق الثاني قلبية وهو عيادته في
الطابق الثالث غدد صم، فقلت: لا أعرفه قال: ولو! ألا تعرفه قلت: لا أعرفه، قال: هذا من درعا وأنت
من درعا ألا تداوم في المشفى الوطني قلت: أداوم قال: هذا ألا تعرفه، فقلت: انظر الدكتور سفيان شعره
أبيض وأنا رجل الآن منتهي من الشام (دمشق) وأتيت إلى درعا وممكن أعرفه في الشكل ولكن لا
أعرفه من اسمه، وسفيان نحن وإياه ليل نهار تنسيق وإلى آخره، وقال لي بعد ذلك: أنت واحد ابن حلال
في ذلك التحقيق لم تعطِ معلومات عن أحد، فقال: أحذروا من الذين حولكم ديروا بالكم من الذين حولكم
وأقرب الناس لكم، وأشار لي على شخص موجود في الاعتصام ونحن نعرفه وهذا المحقق لم يضف
معلومةً جديدة، لكن جعلنا نتأكد مليون بالمئة والذي لديه شك 99,99 أتت هذه الواحد بالمئة بالمئة
لنكمل وتأكدنا، وقال ديروا بالكم من هذا الشخص وهو يكتب بكم تقارير. وفي هذه النقاشات بدأت
الأمور تمتد ونحن صحيح يُسيطر علينا حالة من الخوف وعدم الثقة، ولكن حين صارت حركات الربيع
العربي تنتج جعلت المعنويات تعلى، وبدأ حاجز الخوف مازال ولم ينكسر في سورية، لكن بدأ يوهن
بمعنى صار لدينا الجرأة في الاجتماع في غرفة الأطباء أن نتكلم وصرنا أحياناً ونحن نتكلم مع بعضنا
يأتي أحد يغمز، لا سأتكلم ماذا سيحصل ليكتب تقريرًا وبدأت حالة الخوف تذهب والناس أوشكت على
الانفجار.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/12/17
الموضوع الرئیس
إرهاصات الثورة السوريةكود الشهادة
SMI/OH/130-13/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2/2011
updatedAt
2024/05/06
المنطقة الجغرافية
محافظة درعا-محافظة درعامحافظة حلب-مدينة حلبشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية