الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مقتل يوسف الجادر أبو فرات وتشييعه وبداية ظهور جبهة النصرة في جرابلس

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:22:30:00

بدأت تظهر بشكل واضح الاستقطابات والتيار الديني فرض سيطرته العسكرية والإدارية على كامل مفاصل الدولة، وفي مدينة جرابلس بدأ مبكرًا ظهور أو محاولة ظهور تيار مدني تمثل في تلك الفترة بـ "تجمع آفاق الحرية" وأخذوا مقرًا في نادي الشبيبة بالقرب من طريق المحطة، يعني مجموعة من الشباب المثقفين وكان على رأسهم محمد الجادر شقيق الشهيد يوسف الجادر، ومحمد هو فنان تشكيلي ورسام ومن الناس المبدعين والجميلين جدًا، بالإضافة لمجموعة من الشباب الذين يحبون العمل في المسرح، وكان يوجد محاولة مسرح ومحاولة إصدار جريدة، وأنا كنت على مقربة منهم ولم أكن جزءًا من الفعالية وأنا في الريف وتواجدي وذهابي وعودتي فيه صعوبة، ولكن كنت على اطلاع كامل وتواصل مع مجموعة الشباب وفي تلك الفترة كان الكلام عن الفن التشكيلي والرسم واللوحات والمسرح وحتى إنه كان يوجد مشروع طباعة جريدة محلية وتم نشر صور وإذا عدنا إلى ذاكرة المدينة وطبعًا أهل البلد يعرفون بشكل كامل وأغلب جدران مؤسسات الدولة تم رسمها رسومات لوحية كبيرة من الشباب وعلى رأسهم محمد الجادر يعني عن الثورة ورسومات عن إعلام الثورة وتفاصيل ومحاولة التوثيق من خلال الفن التشكيلي.

طبعًا بعد تحرير البلد المظاهرات لم تكن موجودة والأمور العسكرية هي التي سيطرت وتحولت في تلك الفترة وأصبح العمل العسكري هو الأساس، والمظاهرات لم تختفِ ولكنها تقلصت بشكل هائل واقتصرت على يوم الجمعة وكان الأمر محدودًا.

طبعًا لم يتم السماح لـ "آفاق الحرية" بالاستمرار وتمت مصادرة مقرهم بحجة أننا بحاجة مقر لكتيبة، وطبعًا هذا الكلام كان فارغًا وتم النقاش مع الشيخ أحمد (الخلف) ورفض وقال بما معناه "ما هذه المسخرة" وطبعًا هذا الكلام دائمًا يتكرر أن الناس تموت ونحن نرسم!، وتم إغلاقه.

في تلك الفترة انشق العقيد يوسف الجادر رحمه الله، ويوسف الجادر من أبناء المدينة يعني من عائلة من أهم عائلات جرابلس من العائلات الكبيرة في جرابلس، وهم من السكان الأصليين للبلد وهنا يوجد مسألة في هذا الإطار عموم عائلة الجادر أو عمومًا من أهل المدينة الأصليين، ونحن عندنا تفصيل بين الناس الذين جاؤوا من الريف يعني بما فيهم الشيخ أحمد والشيخ أحمد من قرية اسمها تل شعير ولكنه مقيم في جرابلس، والبلد كانت مقسومة إلى قسمين: قسم أساسي هم أهل البلد الأصليون، والقسم الثاني هم أهل الريف الذين جاؤوا إلى المدينة وأهل المدينة الأصليون بحكم مدينة بالإضافة كما ذكرت سابقًا التواجد الأرمني في المدينة وقربها من الحدود وعملهم في التجارة، فكان لهم طبيعة مختلفة وأكثر مدنية وأقل تشددًا دينيًا بشكل واضح عكس الريف، ويوسف الجادر ابن هذه الحالة، وهو كان رجلًا مدنيًا يعني إذا عدنا إلى تاريخ يوسف الجادر هو كان عازف آلة موسيقية وأخوه فنان تشكيلي وله هوايات في التمثيل، وهذا الشيء ذكره لي أخوه يعني عندما كان في المدرسة وهو من عائلة تميل إلى هذا الطابع بينما في الطرف الثاني كان واضحًا التشدد الديني والتزمت والنظرة باتجاه هذه الأمور نظرة سلبية وأضف إلى ذلك الصراع العائلي داخل المدينة بين أهل البلد الأصليين وجزء من أهل الريف وبالتحديد الشيخ أحمد والذي نتج عنه في مرحلة لاحقة مقتل أحد الأشخاص من أقارب الشيخ أحمد وقتله شخص من عائلة الجادر، وهذا استمرار لحالة الحساسية والعداء، وجزء منه مصالح اقتصادية من أجل البوابة، وجزء منه محاولة السيطرة على البلد، ولم يعد يوجد دولة فأصبحت عبارة عن عائلات تتنافس للاستحواذ على السلطة الوهمية للأسف.

يوسف الجادر لم يكن متواجدًا في البلد ومن أول يوم لانشقاقه وبحسب معلوماتي عندما دخل من إدلب إلى تركيا؛ وأعتقد من شمال اللاذقية دخل إلى سورية، ومر مرورًا بجرابلس ولم يقم في جرابلس وتوجه مباشرة إلى مدينة الباب، وكانت الاشتباكات على أشدها في مدينة الباب، وتوجه مباشرة وله كلمة مشهورة أنه أنا لن أجلس في جرابلس وانا سوف أؤدي الدين لأهل الباب، وكان له مساهمة في تحرير جرابلس، ومن ثم بعد انتقال العمل العسكري إلى داخل مدينة حلب كان في مقدمة المقاتلين الذين دخلوا مدينة حلب فكان تواجده في المدينة قليلًا ويأتي زيارات إلى أهله وزوجته وأولاده لا أكثر وتعرض في إحدى المرات، وأنا شاهد عيان عليها، وهو كان لديه سيارة مرسيدس، وهو ضابط في الجيش، فوصلت الوقاحة من إحدى المجموعات إلى اختطاف سيارته على الرغم من أنه ضابط منشق، يعني كان يوجد نوع من العشوائية فتدخل الوجهاء وأعادوا السيارة، ولكن هذه الوقاحة وأضف إلى ذلك كما ذكرت الخلاف العائلي، وهذه الجهة لا تريد أن يظهر أشخاص من الطرف الثاني أو خارج إطار توجههم السياسي أو الديني، ولكن أبو فرات أكمل مشروعه الشخصي بعيدًا عن هذه الاستقطابات في المدينة ونجح بعكس ما فشل الآخرون الذي انزووا في منطقة معينة واستحوذ على قلوب كل السوريين، بينما الآخرون فشلوا حتى في استقطاب قلوب أهل البلد رغم الحظوة التي كانت لدى جزء كبير من الناس، والشيخ أحمد كان له وجدان لدى الكثير من الناس وقبول، ولكنه غاص في تفاصيل الحياة اليومية، وأضف إلى ذلك ركز على توجه معين هو يعتقد أنه الصح وتم إلغاء الأطراف الثانية، ولكنه دفع ثمنه وخسر هذا الرصيد، وفي النهاية أصبح يوجد مطلب شعبي لدى جميع الناس أن يخرج الشيخ أحمد من خارج المشهد، وهذا ما حصل في مرحلة لاحقة.

طبعًا بدأت بعد تحرير مدينة جرابلس بدأت تتشكل الكتائب والأمور الأخرى المثيرة للاهتمام غير النمط الديني من خلال أسماء الكتائب بدأت تتشكل كتائب على أساس قروي وعشائري أو عائلي وكل عائلة أو قرية تشكل كتيبتها الخاصة أو اللواء في مراحل ثانية، ولم يكن هناك أي تنسيق نهائيًا وبدأت كل عائلة تشكل مجموعات وكتائب، وجزء كبير من هذه الكتائب وهمية وعند بداية الاستحقاق الحقيقي في مدينة حلب كل أهل البلد كانوا يعرفون من كان يقاتل هناك ومن كان يجلس في المقرات ويدعي أنه كتائب جيش حر وعلى قصص سخيفة ومشاكل داخل البلد ومحاولة الاستحواذ على البوابة الحدودية التي كانت نقمة بدلًا من أن تكون نعمة وخاصة في مراحل لاحقة.

سامي (المصري) مع مجموعة من الشباب الذين كانوا معه من البداية؛ وأنا وسامي من نفس القرية، وهو من سكان مدينة دمشق ولكن أصله من نفس القرية، فكان مقيمًا في القرية وكنت ألتقي معه بشكل دوري، وسامي رفض مثل جزء كبير من الشباب رفض الدخول في المشاكل التي كانت دائرة في البلدة، فقرر التوجه إلى حلب ومواصلة العمل العسكري في حلب وهو كان مع مجموعة جيدة من الشباب، وشاركوا في معارك اقتحام مدينة حلب في الأحياء الشرقية وحتى تحرير نصف مدينة حلب وكان له مشاركة هائلة مع الشباب في مناطق الهلك والميدان بالإضافة إلى مناطق صلاح الدين، وهم من أولى المجموعات التي شاركت في تلك المناطق، وروى لي سامي المصري أنه عند اقتحام أحد محالج القطن في حلب؛ وأنا صدمت في الحقيقة في ذلك اليوم أنه بعد اقتحام المنطقة وتطهيرها من عناصر النظام كان هناك محالج قطن للدولة، فقال لي إنه طلب مني قائد القطاع مع مجموعتي أن نحرس هذه المحالج، وكانت أية طلقة رصاص يمكنها أن تحرق كل المستودعات، فقال لي: حاولنا قدر الإمكان ألا تحصل أية مشكلة ولكن بعدها قمنا بتبديل النوبة وانتقلنا إلى منطقة ثانية وتفاجأت بعد يومين أنني جئت إلى المنطقة ولم أجد أي شيء وتم نهبها بشكل كامل.

مع استمرار المعارك أنا صباحًا توجهت إلى مدينة جرابلس إلى مقر الكتيبة، فجاء اتصال هاتفي وأنا أقصد مقر كتيبة سامي المصري، وكنت متواجدًا مع الشباب في الكتيبة فجاء اتصال هاتفي أنه أُصيب سامي ولكن لم نعرف حجم الإصابة بسبب شحن الجو وتوتر الناس، ولكن خلال ساعة جاء الخبر أن سامي استشهد وخلال ساعتين جاءت الجنازة وكان مشهدًا مهيب وهو استشهد في مدينة حلب خلال المعارك.

في مراحل ثانية في المعارك كانت نوعًا من السخرية على الكتائب التي كانت متواجدة، وسامي قتل بسبب عدم وجود ذخيرة، وهو كان مع شاب صديقه يجاورون شارعًا مرصودًا بقناصة فقال لصديقه أنت اقطع الشارع وأنا سوف أغطي عليك وأنت اركض وأنا سوف أحاول التغطية عليك بالرصاص، وقطع الشاب، قال له الشاب: أنا سوف أغطي عليك حتى تقطع الشارع، فقال له: لا داعي لذلك لأنه لا يوجد ذخيرة كافية وأنا سوف أركض بسرعة وإن شاء الله لن يحصل شيء، ولكن للأسف في منتصف الشارع وبسبب حرصه على الذخيرة أصابته طلقة برأسه واستشهد.

كانت جنازة مهيبة وأنا لا يمكن أن أنسى ذلك اليوم، وكل البلد ومنبج وكل المنطقة وطبعًا كان سامي له اسم في كل المنطقة وحتى في منبج وكل ريف حلب الشرقي، وكانت جنازة مهيبة وبدأت سلسلة فقدان هذه الكوادر ابتداء من سامي، وبدأت قوافل الشهداء في مدينة حلب، وبالمقابل كتائب الجيش الحر الأخرى المتواجدة في المقرات.

أبو الفرات بالتحديد في كانون الأول استشهد، وأما سامي استشهد في الخريف وهو كان أول شهيد في معارك حلب، وكما ذكرت بدأت قوافل الشهداء تباعًا وللأسف من الكوادر الأساسية بدأ نزيف الكوادر الأساسية.

أبو فرات كل أهل جرابلس خلال تحرير مدرسة المشاة رغم بعدها عن مدينة جرابلس، ولكن وجدان الناس وقلوبهم كان معه وبدأ نجم أبو فرات يلمع ليس فقط في جرابلس وليس فقط في حلب وإنما في كل سورية، وكان يومًا صاعقًا ولا يمكن نسيانه، وكان يومًا ماطرًا مطرًا شديدًا، وكان الطقس باردًا في الشتاء، ونزل الخبر كالصاعقة، وكان يومًا من الأيام السوداء.

وصل جثمان أبو فرات مساءً وكان يومًا ماطرًا جدًا وحتى الناس الذين خرجوا في التشييع يعني كان الطقس ماطرًا بشكل شديد، وخرجت جنازة لا تليق وكان يليق به أكثر من ذلك بكثير، وطبعًا جاءت وفود من "لواء التوحيد"، وجاء عبد القادر الصالح وجاءت وفود من كل الريف الشمالي، ولكن توقيت الجنازة والمطر أنا أعتقد لو كان التوقيت ظهرًا ولا يوجد مطر لكان الناس سوف يخرجون بمئات الآلاف في تشييع أبي فرات لأنه استحوذ على قلوب كل الناس بما فيهم حتى الطرف الثاني، جزء من الطرف الثاني ولأول مرة يقدم خطابًا بهذا الشكل الذي أحرج الطرفين، أحرج المتشددين من هذا الطرف وأحرج الطرف الثاني الذي يتهم الثورة هذه الاتهامات الباطلة، ولكنه استشهد مبكرًا للأسف وخسرنا خسارتين الخسارة الأولى هي قيادي مهم على مستوى سورية وعلى مستوى البلد شخص بحجم أبي فرات ونحن التيار المدني خسرنا بدرجة أقل ولكن كانت خسارتنا وأتذكر أحد الأشخاص أنه قال: تمت إزالة الغطاء عنا، وأنا لا أنسى هذه الكلمة وقال لي بعد استشهاد أبي فرات أزيل الغطاء عنا، ونحن كنا قادرين أن نتكلم ولكن أزيل الغطاء عنا، والحقيقة هذا ما حصل في مراحل ثانية.

مع دخول عام 2013 بدأت ظواهر جديدة في المدينة، وهي وجود أناس غرباء عبارة عن عناصر وهم ليسوا من المدينة وليسوا سوريين، وأحد بيوت الشبيحة هو عبارة عن فيلّا وهو منزل الوزير السابق شريف الكوش، فتم الاستيلاء عليه من الثوار وتم منحه لهؤلاء المهاجرين، يعني هم أناس ليسوا سوريين ولا يحتكون بأهل البلد نهائيًا وليس لهم وهم ينامون في هذه المقرات ولكن لم يكن لهم أي احتكاك ولا يتدخلون بالمدنيين ولا تحس بوجودهم إلا فقط وجودهم الفيزيائي، ولكن لا يتدخلون في أمور أخرى ولكن كان هذا مؤشرًا واضحًا أنه بدأت الأمور تأخذ منحى آخر يعني معداتهم وتسليحهم، وتم في مرحلة لاحقة السيطرة على الثانوية الزراعية وهي خارج المدينة وجعلوا منها مقرًا وبدأ شيئًا فشيئًا يستقطبون مجموعة من الشباب، ولاحقًا عرفنا أنهم "جبهة النصرة" وهم خلايا "جبهة النصرة" وبدأ الشباب وحولوا المقر إلى مركز دعوة ومركز تسليح، وحتى إنهم صنعوا ذخائر وأسلحة ومتفجرات وبدأوا التوجه إلى مساجد بعض القرى والمدن وإلقاء خطب عن الجهاد، وأنا كنت خارج السياق، ولم أكن نهائيًا أحاول الاحتكاك مع هؤلاء الناس ونحن حذرنا ولكن يبدو أن الأمور تجاوزناها وأنا في تلك الفترة كنت أعمل مراسلًا لتلفزيون أورينت وأعد تقارير عن المدينة.

بالنسبة للبوابة الحدودية بدأت إعادة العمل في البوابة الحدودية والأمور التجارية وحتى للسفر والتنقل بين سورية وتركيا، وكان التنقل سهلًا في تلك الفترة وخاصة لأبناء المنطقة الحدودية، وأذكر أنني كنت أستيقظ صباحًا وأذهب إلى البوابة وأدخل إلى عنتاب وأعود بدون جواز سفر لأنني أعرف بعض الشباب على البوابة، وأنا أتحدث عن البوابة الحدودية وليس من الحدود، والناس كانوا يدخلون من الحدود ولا يشدد الأتراك على هذا الموضوع وبالعكس كان يوجد نوع من السماح، ولكن لم يكن يوجد نزوح إلى تركيا كما هو في الوقت الراهن وكان أغلب الناس موجودين في البلد، وأنا كنت أعد وأعمل تقارير وكنت أنتقل إلى عين العرب، يعني أعد التقارير من جرابلس وأعد تقارير من عين العرب.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/01/13

كود الشهادة

SMI/OH/11-06/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

عسكري

المجال الزمني

أواخر 2012 وبدايات 2013

updatedAt

2024/04/22

المنطقة الجغرافية

محافظة حلب-مدينة جرابلس

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة