الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

خروج رياض الترك من سورية والحديث عن شخصية رياض حجاب

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:22:16:13

رغم الصعوبات الكبيرة في تأمين البيوت، ولكن بقي رياض الترك عضوًا في الأمانة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي يمارس مهامه ضمن اللجنة الداخلية، وكنت أنا كعضو في الأمانة أتواصل معهم ولدينا اجتماعنا الأسبوعي كأمانة مركزية، وكان رياض الترك يلتقي بهم في مكان واحد؛ لأنَّ المتخفين هناك كل شخص لديه بيته الخاص والمستقل، وفي وقت الاجتماع يلتقون في مكان. تجمعت كل القضايا لتقول: يجب أن يخرج رياض الترك وخروجه يحتاج لمهمتين: المهمة الأولى ضمن الأراضي السورية من دمشق إلى الحدود التركية؛ لأن خروجه عن طريق لبنان غير ممكن على الإطلاق، وطبعًا باتجاه الأردن مستحيل في الأساس، ونحن نتكلم عن منتصف صيف 2018، والطريق الوحيد الآمن هو باتجاه تركيا، وكان مطلوبًا من الداخل أن يجري الترتيبات لإيصاله إلى باب الهوى على الحدود التركية السورية، وكان مطلوبًا منا إعداد الموضوع لإدخاله إلى تركيا ومنها إلى فرنسا، لأن الهدف كان واضحًا أن يصل إلى ابنته. وتولى في الداخل فريق من العاملين مع الثوار ولديهم خبرة على الأرض، ويعملون في النقل، ونُقل أبو هشام (رياض الترك) من دمشق أولًا باتجاه حلب، ثم من حلب اتجهوا غربًا باتجاه إدلب إلى باب الهوى، وكان هذا الطريق ليس مستقيمًا، وبقي لفترة ثلاثة أيام، لتذهب إلى المكان يجب أن ترى الشروط الأمنية وأين الدوريات والذين كانوا يمرون كانوا خبراء بالموضوع كيف يجتازون الدوريات، ونحن طلبنا بوضوح من السلطات التركية والفرنسية، من السلطات التركية نريد السماح لرياض الترك أن يمر، وكان الموقف التركي إيجابيًا جدًا ومرحّبًا، وقدم خدمات في هذا الاتجاه كبيرة أذكر منها: أنَّ رياض الترك لم يكن معه جواز سفر، وكيف سيركب بالطائرة من الجنوب إلى إسطنبول؟! ولا يوجد إمكانية لأن يأتي بالسيارة رجل كبير [ويقطع] مسافة كبيرة جدًا، وقدم الأتراك هذه الخدمة، أعطونا وثيقة سمحت بأن يأخذ الطائرة إلى إسطنبول، وهناك كانت الأمور معدة بالصلة مع الفرنسيين، والفرنسيون رحبوا بذلك، وأعطوه وثيقة laissez passez (دعه يمر) وانتقل، نام رياض ليلتين في إسطنبول، ثم خرج إلى باريس، وحين التقيته أنا في الجنوب عند معبر باب الهوى كنا ننتظر أبا هشام، وكنا قد أصبحنا بعيدين عن بعضنا منذ ثماني سنوات، والسنوات الثماني مع التقدم في السن يبدو أنها كانت فادحة، جرت فيها تغيرات، وأنا لا أعرف رياض الترك يمشي على عكازة، وفجأة ظهر أمامي بأقصى درجة من الهرم ويتكئ على عكازة، وكانت صدمة كبيرة لي، وبالنسبة لنا رياض الترك ليس رفيقًا وأمينًا عامًا، ولكثرة الاجتماعات السرية والظروف الصعبة فإنك تشعر بالأخوة، ونشعر بين بعضنا نحن الذين نواجه هذا القدر بشكل صعب وصفه لأنَّه غير سائد، فذُهِلت وشهقت، ولكن كان علي أن أعود لنفسي، وكان لقاء حميميًا جدًا، ولكن في لحظتها بدأت أكتشف أنَّ رياض الترك الذي كان قائدًا وموجودًا بيننا بكل أهليته الجسدية الآن هناك شيء تغير وربما سيتغير أكثر، وبانتقالنا إلى باريس في أول لقاء كان الأساس أن يخبرنا ما يحصل، لأنه من خلال الاجتماعات التي أجريناها عبر "سكايب" معهم نتكلم في القضايا الضرورية، وخاصة أن تلك اللقاءات تنقطع مباشرة إما لا يكون هناك "نت" أو تُقطع الكهرباء، وبالتالي نكون في الاجتماع، ويذهب، واهتمامنا كان بالشيء السياسي، حول ماذا سنتحدث، وكان اعتمادنا أن نأخذ صورة ماذا يجري هناك؟ وكانت أول كلمة قالها رياض: إن النظام لم يعد موجودًا هناك، وفي سورية لا يوجد نظام، وهناك مجموعة عصابات وكل عصابة تتصرف بمكانها، والصلات بين المناطق تكون عبر المجموعات والعصابات، ودولة بمعنى الدولة وبمعنى أن هناك أحدًا له حقوق وله قانون وهناك مؤسسات ترعى ذلك غير موجود، وأيضًا في المقابل لا يوجد هيبة لأي شيء في الدولة لأنَّ اختراقها بالمال صار من أسهل ما يمكن، يمكنك تهريب ما تريد بأي مكان، وبإمكانك أن تخرج من الحواجز كما تريد، فالحالة هي حالة انهيار كامل والذي يوقفها أن هناك حجزًا في الإرادة في النقل والتغيير إنما الحالة منتهية، وبشار الأسد لا يحكم سورية، وحزب البعث غير موجود في الصورة، والأجهزة تعمل لحسابها كل جهاز في أجهزته المحلية.

 ثانيًا: خلال تلك الفترة نشأت مليشيات بين المدنيين أيضًا، وترتكب في كل الأماكن [تجاوزات]، وطالما أن لها غطاء بعلاقة مع هذا الجهاز أو ذاك فهي موفرة كل العناصر لها، موضوع أي إجراء سياسي لا آمال له، وبدأنا نسأل عن النماذج التي تخرج في البرلمان وطريقة تداولهم هناك شيء مسفّ، فصحيح أنه هو عدوك ومن الطرف الآخر، ولكنه في النهاية سوري، فهل أصبحت المؤسسات السورية المنتخبة بهذا الشكل؟! فكان كلامه أنَّ النظام والمتعاملين معه والناس هم بهذه السوية؛ لأنَّ الذي استمر مع النظام من رجال الأعمال وبعض الشخصيات الثقافية خلال السنوات الأولى بدأ يكتشف أكثر فأكثر أنَّ الانهيار قادم، ولا أمل أبدًا من أن هذا النظام إلا أنه ذاهب إلى السقوط، فبدؤوا يذهبون إلى هذا الشكل أو ذاك إلى السفر والخروج والانكفاء.

 خلال وجوده انتشر الخبر فورًا، وبدأت وفود تأتي لتسلم على أبي هشام، وأذكر أول الوفود السياسية أتى وفد الإخوان المسلمين، وأتوا من إسطنبول ومن ألمانيا ومن كندا، وطبعًا لقاء لأنه سابقًا في 2003 حين خرج أبو هشام إلى أوروبا كانت هناك لقاءات في لندن بينه وبين قيادة الإخوان المسلمين، وجاءت وفود الجاليات، وهذا اللقاء كنت أحضره وكنت موجودًا فيه، وكان هناك وفد للجاليات من إيطاليا وألمانيا وبلجيكا ولديهم رابط بينهم كاتحاد لتلك الجاليات الأوروبية من اليونان وإسبانيا، كان هناك رابط بينهم، وأتوا إليه، وطرحوا مشروع يريدون منه أن يكون معهم، ويرعى معهم هذا المشروع؛ لأنَّ الجاليات كانت مهملة من المؤسسات السياسية، وهي لديها قدرة على البذل والتضحية، والآن يعتقدون أنَّ لديهم دورًا خاصًا فيها على اعتبار أنَّ القناعة السياسية لدى الأطراف الأوروبية شعوبًا وحكومات ترددت في دعم قضية الثورة السورية بعد قصة الإرهاب والفساد التي ظهرت بها فيعتقدون أنَّهم كمجالس للجاليات لديهم دور في تصحيح هذه الصورة، وتصحيح الصورة في إطار البرلمانات الأوروبية والحكومات الأوروبية ومنظمات المجتمع المدني الأوروبية تكون قضية مهمة، وجرى توافق على هذا الموضوع، وهو كان يستمع فقط ويستفسر حول القضايا، والناس يطرحون في تلك اللقاءات الأولى. 

أيضًا من الوفود التي بدأت تأتي معارفه أو سوريون يسمعون به وأحبوا أن يتعرفوا عليه من فرنسا بشكل أساسي ومن الدول الأوروبية أيضًا، أعضاء الحزب وأعضاء إعلان دمشق المعنيون بالذات يحضرون ويقابلونه كإنسان وكمسؤول كان هناك في إطار قيادة إعلان دمشق وبقيادة حزب الشعب في الداخل أيضًا، كانت الأسابيع والأشهر الأولى كلها في تلك اللقاءات المفتوحة، ورياض الترك كان خارجًا ليس ليذهب إلى التقاعد، وهو يعرف ونحن نعرف أنَّه خارج من ساحة عمل إلى ساحة عمل أخرى ويتوفر فيها الأمان والرعاية الصحية لرجل يمر بعقد الثمانينات من عمره، وفعلًا بدأنا ربما في شهر شباط/ فبراير أو آذار/ مارس اللقاءات بشكل حزبي ومنظم، ونعرض عليه أوراقنا وأعمالنا، وتقابله اللجان الحزبية التي تأتي من هنا وهناك وكذلك أيضًا في إطار إعلان دمشق، ونظمنا اللقاء الشهري والذي كان مصرًا على حضوره على عكازته، نخرج إلى أي مقهى أو إلى أي مكان ونجلس فيه، وبدأ إعلان دمشق يستعيد نشاطه أيضًا لتقييم المجريات الجديدة والتي هي دراماتيكية في إطار قوى الثورة والمعارضة ومؤسساتها، وكان رياض الترك كما عرفته قبل ثلاثين سنة هذا الدؤوب والحريص على حضور الاجتماعات في وقتها، وأن يكون فاعلًا بها وله دور، وكان كل الآخرين في إطار الحزب وإعلان دمشق يميلون للإصغاء وأخذ رأيه، حتى عندما لا يتكلم عن موضوع كان يُطلب رأيه وموقفه الشخصي، وبخروجه كان حاملًا هيبة رياض الترك ودوره كسياسي تاريخي، وكان حاملًا صورة الداخل والاحتياجات اللازمة. 

حقيقة ليس تفاؤلًا، عنده هذه القاعدة ثابتة الآن لأنه يقول: لا يوجد نظام في الداخل. عنده النظام انتهى، لكن العلة الآن عندنا نحن السوريون كيف نعد البديل، البديل ليس موجودًا وغير واضحة معالمه، النظام انتهى وممسوك من قبل الخارج، ويترقع ترقيعًا، ولكن البديل لازال لم يتشكل لا في إطار السوريون شكلوه ولا الإرادة الدولية وصلت لتوافق لتقوم بقرار في التغيير.

 آخر نقطة سأتكلم عنها اليوم هي أنه طالما ذكرت شخصية عزيزة على قلبي هي رياض ترك سأذكر شيئًا عن شخصية محترمة في ذاكرتي وحبيبة إلى النفس، ولم أكن أعرفه أبدًا، والثورة هي التي عرفتني به، وهو الدكتور رياض حجاب، وتكلمت كيف تعرفت عليه في سياق الثورة، وكان بالنسبة لي ابنًا لها بالفعل، عندما كان يقول مسؤول كبير ولديه كل هذه المعروضات أمامه والاحتمالات يقول: أضع نفسي تحت تصرف الثورة. أنا كسياسي أعرف معنى ما يقول، وفعلَا حين بدأنا نتعامل بشكل مشترك في إطار الهيئة العليا للمفاوضات عرفت أنَّ الرجل لديه مصداقية عالية في ذلك ومتمسك بأهداف الثورة كما يجب، ولفت نظري إلى أنَّ الوضع الشعبي يعرف ذلك عنه وله موقع في داخل السوريين، وحين بدأت التطورات تجري في اتجاه سلبي ضد المؤسسات وما جرى في الائتلاف (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة) بعد مؤتمر الرياض 2 كانت في كل الغرف نداءات وافتقاد: أين رياض حجاب؟ لأنَّ رياض حجاب بالنسبة لهم هو أحد شخوص الثورة حتى لو كان منضمًا لها من النظام، وبالنسبة لنا نحن الذين عملنا معه هو جاد في تمسكه في تلك الأهداف، ويتمتع بخبرة هي خبرة الإدارة والعمل السياسي، العديد من الذين يعملون في مواقع القيادة في مؤسسات الثورة لا يتمتعون بها على الإطلاق، والذي يميز رياض حجاب أن لديه نزاهة وتعففًا عن كل المغريات، وكان في قلب السلطة وفي أعلاها والمغريات في متناول اليد، والحقيقة تلمس أن لديه تعففًا عن تلك المغريات التي يقع بها "زيد أو عبيد"، وبعد ما خرجنا عندما اعتذر عن الذهاب إلى "الرياض 2 " وأنا اعتذرت لم تكن أي صلة بيننا، رغم أنَّنا حين تركنا وخرجنا كان هو المنسق العام، وأنا كنت نائب المنسق العام، والحقيقة ليس بيننا عمل إداري بين منسق عام ونائبه، ولكن هناك عمل داخلي بين شخصين لديهما تقريبًا نفس المواقف من الثورة، ولديهم حجم توافقات كبيرة حول المجريات اللازمة، لذلك الأطراف الدولية أيضًا التي عمل رياض حجاب أيضًا كشفت هذا الجانب الخاص به وهذا الاقتدار وهذه الثقة من السوريين به، وأذكر أنَّه بعد ما خرجنا حدثني عن رسالة أرسلها له مايكل راتني المندوب الأمريكي لدى المعارضة السورية يقول فيها (شهادة راتني): إنَّ الهيئة العليا للمفاوضات أنتم تمثلون شعبكم تمثيلًا حقيقيًا والذي يكون ممثلًا حقيقيًا لشعبه لا أحد يستطيع إنهاء دوره، يمكن أن يغيب، ولكن هناك أدوار تنتظركم في المستقبل، شعبكم هو الذي ينادي بها. وكانت شهادة مهمة ولو من جانب أمريكي، وهو أحد الأطراف التي لم تقدم ما يجب للشعب السوري ومؤسساته، ولكنني أقول فيها: الأطراف الدولية الأخرى رأت في رياض حجاب رجل مسؤولية بكل معنى الكلمة مثلما نحن رأيناه، أيضًا أذكر بعدما تركنا هيئة التفاوض الصلات السياسية لم تنقطع، وفي لقاء مع وزير الخارجية التركي حصل كان مع الدكتور خالد خوجة ومع أشخاص آخرين كانوا في إطار الهيئة العليا للمفاوضات، ولمسنا مدى تقدير السلطات التركية الشخصي لرياض حجاب ودوره، وأنا بالنسبة لي رغم أهمية الدور الدولي والشهادة الدولية بالنسبة لي ما ألمسه من رياض حجاب ومن مواقف السوريين منه وما سلكه الرجل لم يخرج من هيئة التفاوض ليجلس في المنزل، والرجل معجون في أهداف الثورة، وربما أحيانًا الأسباب المرضية الكبيرة الموجودة عنده تأخر الأشياء، ولكن شهادتي به ممكن أن يعتبرها بعض الناس مجروحة لأنَّني معه في مؤسسة واحدة وميدان واحد، ومشتركاتنا بكل اعتزاز كبيرة جدًا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/07/29

الموضوع الرئیس

الواقع السوري إثر الثورةالنشاط السياسي

كود الشهادة

SMI/OH/56-67/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2018-2019

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة إدلب-باب الهوىمحافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية

الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

حزب الشعب الديمقراطي السوري

حزب الشعب الديمقراطي السوري

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية - الرياض 1

الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية - الرياض 1

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الشهادات المرتبطة