نشاطات الشباب السوري في يد مؤسسات نظام الأسد
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:19:01:02
نحن تكلمنا آخر الأمر عن موضوع الشبيبة (اتحاد شبيبة الثورة) ولكن لم نفصّل فيها، في المرحلة الثانوية انتقلت من مرحلة طلائع البعث لمرحلة الشبيبة، نحن كنا برابطة وكان اسمها رابطة العباسيين تضم خمس مناطق هي: جوبر والقصاع وباب توما والدويلعة والعباسيين، وهذه الخمس مناطق كانوا يجتمعون بمنطقة الأشلة بباب توما، وبكل منطقة يوجد مكتب أو مركز للشبيبة، في مرحلة الشبيبة كانوا يُربون الشخص على الولاء والبراء، فأنت بغض النظر عن ترتيبك أو تصنيفك أو وضعك، وقربك من الأشخاص القائمين [يضمن لك] أن تكون ضمن هذه الهيكلية.
بمرحلة الثانوية يكون الشباب شعلة تتوقد، كل منهم يحدد هوايته أو المسار الذي سيسير عليه، شباب تلعب رياضة أو كرة القدم وألعاب قتالية أو ألعاب فردية أو حتى العزف والغناء وأنا أتكلم [عن الوضع] ضمن المدرسة التي كنت فيها، ففي تلك الفترة كان هناك شغف وطاقة موجودة ضمن المدرسة.
كانت هناك عملية انتخابات ضمن المدرسة أو ضمن الصف الواحد لتعيين عريف الصف أو عريف المدرسة، ولكن بموضوع الشبيبة كانوا يُعينون شيء اسمه أمين وحدة، كنا شقين ضمن المدرسة: القائد الفعلي ضمن المدرسة والقائد المعين من قبل الشبيبة.
وأنا أذكر أول اجتماع حضرناه بمدرسة في الزبلطاني، كانوا يستهدفون فئة من الشباب ويهمشون فئة ثانية، شاب اسمه ريمون سعود كان يستلم قيادة المركزية، فتكلم وقتها في الميكرفون قال: كل شاب وصبية يجلسون أمام بعضهم، ثم طلب من كل رفيق أن يضع يده على كتف رفيقته، وكان هناك شاب من بيت غزال من جوبر ضمن الوحدة وكان مسؤولًا عن الوحدة في جوبر، فاستبعد فئة من المجتمع هي الفئة المحافظة التي لا تقبل بهذه التصرفات، النقطة الثانية كما قلت موضوع المعسكر كانت هناك ضغوطات على الصبايا المحجبات ضمن المعسكر لخلع الحجاب، والنقطة الأهم في هذه الضغوطات هي شهادة المعسكر لا تحصل عليها إلا إذا انضممت لحزب البعث، فأنت عملياً لا تعرف ماذا يحدث معك، وأنا كشخص آخر الأمر يهمني أن أحصل على شهادة المعسكر، والانضمام لحزب البعث ليست من الأولويات لدي، بعدما رفضنا الانضمام لأول مرة ولثاني مرة وثالث مرة أُجبرنا على التوقيع على ورقة الانتساب للحصول على شهادة المعسكر، وكنت مجبراً، ومهما كان لديك تجارب معينة يجب أن تنضم لحزب البحث.
وأذكر في معسكر العاشر وقعت على ورقة الانتساب لحزب البعث في تلك الفترة، وبعدها كما قلت لك، التجمعات أو شلتنا في الثانوية، أثناء حديثنا بالصدفة عن موضوع الأحزاب وغير الأحزاب أو نشاطات الشباب الفلسطينيين توجهنا للشبيبة، وأخبرونا أن حزب البعث هو عنده كل شيء وهو الأفضل، يدعم الشباب ويُؤهلهم ويُنمي المواهب، شعرنا وكأننا من قارة ثانية، نحن ضمن رابطة العباسيين ولا مرة رأينا هذا الشيء الذي تكلموا عنه.
بعد فترة كانت [هناك] مباراة كرة قدم بين فريق مدرستنا وفريق مدرسة ثانية وهذا ضمن أنشطة المركز، وبالفعل بعد نهاية المباراة أحضروا لنا الجوائز واحتفلوا كثيراً وجلبوا لنا ميداليات ولا أدري ماذا جلبوا أيضاً، وبدا الأمر وكأنك تلعب في الدوري السوري وأخذت البطولة!!
وصاروا يطلبون منا الحضور إلى الرابطة، وللأمانة كنت أنا ورفاقي نسهر في باب توما أو في البيوت العربية وعندما نشعر بالملل نمر على الرابطة لغايات شخصية وغايات شبابية، عندما يكون هناك فتيات أو نساء، ونحن كشباب كنا قسمين، قسم يذهب إلى مدرسة البنات وقسم يذهب إلى النادي الرياضي، وبالنسبة لنا ولرفاقنا كنا نلعب كرة قدم في الصباح وبالمساء نذهب إلى النادي الرياضي، فكنا نعوض هذا النقص في الشبيبة وهذه الميزة الوحيدة التي كنت أجدها في الشبيبة مع الأسف.
ومن المضايقات التي كانت تحصل كمثال، أنت ممنوع عليك التجمع أو [التجهيز] لرحلة ضمن المدرسة إلا بالتنسيق مع الشبيبة وهذا مثال، وممنوع حتى على مستوى نادي كرة قدم باسم المدرسة أو حتى بغير اسم ولكنه [يُعتبر] تجمعًا، وأتذكر أننا أردنا نفس فريقنا الخاص بالصف أحببنا أن نشارك ببطولة محلية كانت تحدث، ونحن أخذنا موافقة من الشبيبة، فاعتبر أننا أتينا كجمعة محلية ولا تحتاج لكل هذا الأمر.
هذه التفاصيل هل كانت مطلوبة أم لا؟ نحن لا نعرف، ولكن الشاب المستلم تنظيم البطولة طلب منا هذا الأمر، والأمر الثاني حتى إذا أراد فريقنا أن يتمرن بعد الدوام [الرسمي] فهذا الأمر يحتاج لموافقة من الشبيبة، حتى أنهم كانوا يحضرون لنا فريق ثاني ليلعب معنا، لأن مدرستنا كان فيها باحة كبيرة وكانت جديدة في ذلك الوقت، وأصبحت صالة رياضية فيما بعد، فيجلبون لنا مدارس أخرى ليلعبوا معنا ولكن ضمن إطار معين حتى موضوع البطولات الرسمية كان يحصل حرمان للكثير من الشباب من أن يلعبوا معنا، وكان هناك شاب معنا وكان حارس منتخب سورية في تلك الفترة ضمن فريقنا، ومنهم ضمن أندية معروفة، وكان فريقنا قوياً، لكن وضعوا شروطًا معينة عند مشاركاتنا في البطولة الرسمية، فممنوع مشاركة هؤلاء الشباب، وكان هناك بعض الشباب يتم فصلهم من المدرسة ضمن آليات أو قواعد [كانت] تحدث.
فهذه هي مرحلة الشبيبة التي نحن صراحة ما كنا نعرف عنها غير هذا الأمر، والنشاطات كانت مدبرة والفعاليات كانت مثل أنك أتيت لتضيفني فنجان قهوة فأنت تعمل عرس، [فيمكن القول] أنها كانت مصطنعة ضمن مكان معين.
أنهينا هذه المرحلة وانتقلنا لمرحلة ثانية، المرحلة الثانية: مرحلة الرياضة هناك من يتكلم عنها أفضل مني، ولكن مع الأسف كانت مرحلة صعبة جدًا لأي شاب سوري كان يطمح ليُمثل المنتخب أو يُمثل نادي معين، وأن تُمثل منتخب سورية كانت مرحلة يحلم ويطمح لها كل شاب، لكن تجد دائمًا صراحًة الناس المميزة لا يُستدعون للمنتخب، والكثيرون لا نعرفهم ويتم استدعاؤهم ويذهبون للمعسكرات. لم أكن مميزًا أو خارقًا لأكون ضمن المنتخب، لكن الشباب ضمن فريقنا.. كنت ألعب في نادي الوحدة أو نادي المحافظة، في هذه المرحلة وأنا صغير كنت أسمع الشباب المميزة تقول: أنا حلمي ألعب في المنتخب، وعندما أكون في المنتخب ستكون [هناك] معسكرات ومدربين أقوياء، وسأرفع مستواي، بالمقابل من ذهب للمنتخب يقول لك: يوجد رحلات، يوجد لباس، فهذه هي المقارنات التي كانت تحدث.
يمكن القول أن تدمير الجيل كان على جميع الأصعدة، مثلًا في الرياضة أنت لا تُحضر جيل.. مثلاً تجد أحدهم ليس في المدرسة ولكن عنده موهبة رياضية، في المدرسة مثلاً تجد أن أي أحد لديه موهبة أو لديه شغف فهو دائما مدمَّر.
أذكر عندما كنت في الإعدادية تم نشر قصة شاب في مدرسة الصناعة كانت قريبة علينا، اخترع مثل ذبذبات راديو ومن حينها اختفى هذا الشاب، وهذا الأمر صار عندما كنت في [المرحلة] الإعدادي، وحكى لنا هذه القصة مدرس مادة العسكرية واسمه عماد سعد وسرد هذه القصة لنا كطلاب، فلا تتخيل كمية الخوف التي عمت المدرسة، أنه فقط لأنه هكذا فعل؟
أعتقد عماد كان مسيسًا لأن عمه كان وزير التربية، وربما كان له هدف من سرد هذه القصص، فأنت كان لديك هذا الهامش أو لا يوجد هامش أصلًا عندك، بل هو طريق واحد مرسوم لك ويجب عليك أن تستمر وتعمل فيه.
بعد معسكر العاشر كانت هناك معسكرات الصاعقة، وكانوا يُقنعونا بضرورة هذه المعسكرات وأنها تُفيدك في الجامعة وتعطيك علامات فيها وتعطيك ميزات. أتذكر وقتها محمد اقتنع بفكرة المعسكر وأنه سيقدم على هذا المعسكر، وكنا جالسين في البيت وقالت أمه بالحرف: سأغضب عليكم إذا ذهبتم وقدمتم على هذا المعسكر، كنا كطلاب نهتم بعلامات نحصل عليها بأي طريقة، وبنفس الوقت أنت ترى أن هذه الأماكن تعطيك علامات بشكل عالي جداً ولا داعي لأن تدرس والمقعد الجامعي صار لك، وكان أهلنا يعلمون بالأمر لكن لا يتكلمون بشيء، وصلنا لمرحلة أننا لن ندخل بهذا الطريق الذي رسموه لنا.
الضريبة التي اقتنعنا جميعًا بها أن شهادة البكالوريا (الثانوية) فقط للديكور فقط لا غير، ولم نهتم بالدراسة، ولم يعد هناك داعي لأن ندرس ونتعب على أنفسنا، وتوجهنا لشيء آخر وهو القطاع الخاص لإيجاد مهنة ونُطورها ونجمع الأموال لنرتب مشروعنا، فكانت لديك عدة خيارات للعمل، وأنه كل شب يسأل عن طريق أبيه أو أحد معارفه يعرف مشروعًا معينًا فنذهب ونشتغل معه، مثلًا أنا عملت في الخياطة وفي تجارة المواد الغذائية، وكان هناك شاب آخر لديهم محل طوابع أمام النفوس صرنا نعمل فيه أيام الذروة، اشتغلنا بالأعياد وصرنا نبحث عن أي مكان يمكن أن نجمع فيه المال لنا كشباب، وأن موضوع الدراسة هو موضوع مرفوض بالنسبة لنا، عملنا في كل المجالات مثلا ألعاب الأطفال، استثمرنا مرة كافيتريا، كنا نُوزع الأدوار بيننا، من أجل أن نذهب جميعاً باتجاه العمل الخاص.
وأذكر في سنة البكالوريا كنا نفكُر أنا ومحمد وطارق أننا سنأخذ معملًا بمنطقة حسياء لنبدأ العمل بمجال الخياطة ونشق طريقنا، خاصة أنه كان لدي صديق تاجر من الأردن، طارق كان يعرف كيفية القص، ومحمد كان مخه تجاريًا كونه لديه مستودعات غذائية، فالناس كانت تدرس البكالوريا ونحن نُخطط كيف سنشتري هذا المعمل؟ كيف أُقنع والدي ليسحب لي قرضًا على اسمه ويرهن البيت، ومحمد وطارق أيضًا كيف سنقنع أهالينا أننا قادرون على إعادة هذه الأموال، هذه من الصعوبات أو الحواجز التي كانت توضع أمامنا، فلم نستطع متابعة الدراسة فانتقلنا إلى الطريق الثاني.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2023/08/28
الموضوع الرئیس
أوضاع ما قبل الثورةكود الشهادة
SMI/OH/216-05/
أجرى المقابلة
إدريس النايف
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/04/14
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-جوبرشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
حزب البعث العربي الاشتراكي
اتحاد شبيبة الثورة - النظام