الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الفساد والتمييز الطائفي في جيش النظام

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:20:22:03

تم نقلي أثناء خدمتي العسكرية من الكتيبة الطبية في الفرقة الرابعة إلى مركز أغرار الفرقة الرابعة، طبعًا كما قلت لك: إن قائد الكتيبة تخلص مني ومن الشخص الثاني بحكم حدوث مشكلة وتقارير وقصص، طبعًا بعد شهر جاء استدعاء إلى ضابط الأمن [الموجود] في مركز الأغرار [بخصوصي]، وضابط الأمن في مركز الأغرار أيضًا علوي، لكن كان عنده قليل من الجانب الأخلاقي و[ذلك حسب الناس و] تربيتها، يعني ليس بالضرورة أن نفرز الناس على أساس إنه طائفي وسيء وجيد، لا.

طبعًا [الضابط] صاحب سطوة مثله مثل [كل] الضباط العلوية و[لا يسأل] عن قائد المركز، وهنا أيضًا [يظن نفسه أنه] أنا ربكم الأعلى إلا قليلًا ففي مركز الأغرار لا يحدث شيء إلا من بإذنه ويريد أن يعرف به  وقصص كهذه، [لكنه] كان خلوقًا نوعًا ما في بعض الجوانب، فعندما سألني: ما هي تهمتك؟ قلت له: إن القصة ربما يكون لها علاقة بمشكلة صارت معي في الكتيبة، بالإضافة إلى القصة أنني رحت في وقت سابق إلى حرب العراق وشاركت في حرب العراق، وسنأتي على ذكرها لاحقًا بالتفصيل، ومن الممكن أن يكون هذا [سبب] الاستدعاء، لأنني متعود [أن] يستدعوني بشكل عام بسبب موضوع العراق، فبعثني وقتها وقال لي: طلبوك في مكتب الأمن، قال لي: أتذهب؟، هو طبعًا هنا أعجبه موقف موضوع العراق، يعني هو شخص عنده قليل إنه من النخوة، أو أنه اعتبر الناس التي ذهبت (إلى العراق) أن عندها شيئًا من الرجولة والنخوة، فإنه اعتبره شيئًا إيجابيًا [وليس] سلبيًا، ولم ينظر لي أنني [صاحب] فكر جهادي وأريد [أن] أفجر وأريد... [هل] فهمت علي؟ أخذها من مبدأ أنه في [يوجد] فيها رجولة يعني، فكأنه احترمني قليلًا، فقال لهم:  وحتى إنه أوصاني وقال لي: حتى إنه اُذكر لهم اسمي، وقل لهم: اسألوا عني العقيد مازن يونس -كان اسمه-، أنني أنا شخص نظامي وليس عندي مخالفات، يعني قدّم لي [معروفًا] هذا الإنسان، وبالنسبة لشخص غيره ما الذي يلزمه [أن يفعل ذلك]، فهو لا يهمه لأنه ثقيل (مدعوم) يعني كان عنده علاقات شبه مباشرة مع ماهر الأسد يعني أو معرفة خفيفة نستطيع [أن] نقول، فكانت هي مصدر سلطته أصلًا، تخيل أنت على التراتبية كيف كانت!

ذهبت إلى مكتب الأمن، وعلى الباب أعطوني ورقة تحويلي إلى الفرع 227، ومن على الباب أيضًا [تم] تحويلي إلى فرع المنطقة -نسيت رقمه- 329 أو 229 لا أعرف، ربما 291، فرع المنطقة هذا [موجود] في القصور، في حي القصور في دمشق، أنا لا أعرف الحي كثيرًا، لكنني سألت إلى أن وصلت.

 طبعًا [ماذا] كانوا أشو يعملون؟ كنا نأتي صباحًا، لا يسألونني أي شيء، يتركونني حتى الظهر، [ويقولون لي:] اذهب وتعال غدًا، طبعًا أنتظر مع أشخاص موقوفين أيضًا، وحتى نسمع ضربًا ونسمع صراخًا، أفهمت عليّ كيف [كان الوضع]؟ يعني فرع أمن! يعني كان الموقف مرعبًا يعني حتى أنا وقتها لم أُخبر أهلي، وبماذا أخبرهم؟! أقول لهم: والله استدعاني فرع المنطقة بسبب مشكلة مع.. يعني ماذا يستطيعون أن يقدموا لي، [وبأي شيء] يخدمونني! فلا حول لهم ولا قوة، فإنني جنبت أهلي أن أقول لهم من أجل ألا يخافوا علي فقط بدون داع، لأنني لا أعرف [هل سأبقى] هنا بقيت أذهب وأعود لكنني كنت أذهب وأعود من أول يوم فارتحت قليلًا لأن الأمر فيه عودة، وليس ذهابًا دون رجعة.

 بعد ذلك  بدأوا يحققون [معي] طبعًا كلها كانت ادعاءات [من قبل] ضابط أمن الكتيبة الطبية، حتى -نسيت اسمه- -والله نسيت اسمه الآن- والموضوع [أنني] أعامل زملائي بطائفية ومناطقية وأصلي جماعة وأشجع الناس على الصلاة، هذه كانت تهمتي، طبعًا أنكرت معظمها لكنني لم أنكر أنني أصلي، ولم أنكر أن العيادة السنية كان هناك أشخاص يصلون فيها لكن لم نكن نصلي جماعة لأننا نعرف أنها ممنوعة وأنه خلص ونحن في الآخر لا نريد كما يقولون [أن] نقاتل الناطور [وإنما] نريد العنب (نريد أن نصل إلى غايتنا)، أنه إذا كنت أنت [تريد أن] تصلي إذهب وصل في مكان لا يراك فيه أحد، والأمر بينك وبين ربك يعني ماذا تريد من غيره! كان هناك تهديد ورعب، وأنك لن تخرج من هنا إذا لم تتكلم وبتطلع ولا أعرف ماذا! وأنا لا يوجد شيء مخبأ [لدي] يعني نكرت تلك التهم لأنها لم تحدث وأنا لم أشجع الناس، يكفي [من] يريد [أن] يصلي فليصل ومن لا يريد [أن] يصلي فلا يصلي، [أما] قصة [صلاة] الجماعة ففي حياتي لم نصل جماعة، لكن هكذا كانت الادعاءات، وأنني [أعامل] زملائي بمناطقية يا أخي: اذهبوا وشاهدوا زملائي، [أنا] لا أعرف.

 المهم بعد تهديدات وصراخ وقصص واذهب وتعال، آخر شيء قال لي بالمختصر هذا المحقق –كان مساعدًا ربما، قال لي: الضابط المسؤول عنك الذي بعث التقرير، قال لي يبعث كثيرًا يعني نحن لم نأخذه كثيرًا على محمل الجد، ولو [أننا] أخذناه على محمل الجد فأنت لن تر الضوء، لكن نحن نعرف يعني أن سوالفه كثيرة لكنهم أعطوني تهديدًا، وقال لي: إذا سمعنا عنك [أنك] صليت وقتًا طبعًا هو أثناء التحقيق [قال لي:] إذا [كنت] تنكر أو لا تنكر، أنا لم أنكر موضوع الصلاة، قال لي: سنستدعي [شهودًا] [والذين] سيستدعونهم كانوا رفاقي وهؤلاء لن يحصل لهم شيء، في الأول ولا في الآخر، أفهمت علي كيف [كان الوضع]؟ فقال لي: إذا سمعنا أنك صليت وقتًا لوحدك أو مع [أي] أحد كان فإنك لن تر الضوء، في الجيش لا يوجد صلاة، هكذا قال لي بالحرف الواحد، قال لي: في الجيش لا يوجد صلاة لا لوحدك ولا مع غيرك، وعلى هذا الأساس تم إخلاء سبيلي، طبعًا كنت كل يوم على مدار 4 أيام أذهب وأعود، وبعد ما أخلوا سبيلي طبعًا لم أكن أذهب [لبيت] أهلي حتى لا يخافوا، يعني كنت أرجع إلى مركز الأغرار، طبعًا كل يوم أُخبر ضابط الأمن الموجود عندي [بالذي حصل] لأنه كان يسألني بشكل متكرر: ماذا قالوا لك، وما الذي حصل معك؟

طبعًا بعد أن انتهينا من عندهم، عادوا وحولوني إلى مكتب أمن الفرقة الرابعة، والفرقة الرابعة مميزة، عندها مكتب [أمن] خاص بها اسمه مكتب الأمن، والفرق الأخرى لا [يوجد] فيها مكتب الأمن، فقط هنا مكتب أمن الفرقة الرابعة، هذا يعني [أنه] شغلة كبيرة (له مكانة مرموقة) أمنيًا، ثم [تم] التحقيق مرة ثانية لكنه [كان] سريعًا هنا فقط قعدت ما الذي حصل هناك مع كتابات وإلى آخره وتواقيع وقصص، وفي الآخر انحلت القضية ورجعت. [وهنا] لماذا أقول لك إن الضابط الذي كان موجودًا، [الضابط] الثاني كان خلوقًا؟ قال [لي]: يا أحمد، أنا قلت له: ما الوضع الآن؟ [هم] قالوا لي: كذا وكذا، أنا بمعنى أريد أن أرى إذا يعني أريد وأن أجس نبضه إذا وصلك خبر أنني أصلي ويكون قد أخبرهم بذلك، أفهمت علي كيف [كان الوضع]؟ فقال لي: ألست تعلم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟ قلت له: صحيح، قال: فقط لا تخرج إلى الساحة وتصلي، يعني اختبئ، فوجدتها منه كبيرة كثيرًا، علمًا أنه كان قادرًا أن يعمل غير هذا، فهو نفسه لا يصلي وهو علوي حتى [إنه] كان يشرب [الخمر] مثلًا، لكن كان يوجد لديه جانب رجولي وأخلاقي، مثلًا كان من الأمور الإيجابية قليلًا فيه أنه كان يصوم رمضان، وعندنا في الجيش نسبة الصيام خفيفة كثيرًا، [وليس] مثل الحياة المدنية أن معظم الأشخاص صائمين، لا هناك يوجد ناس لا يصومون أساسًا، ويوجد ناس تحت ضغط التدريب والشغل والحر والحرارة فهم لا يراعونك أبدًا كون الدنيا رمضان، فليس لهم علاقة، فتُضطر [أن] تفطر فيشيع جو الإفطار، يعني يصبح الذين يصومون قلة، تخيل يعني الذين يصومون هم قلة، هذا (الضابط) كان يصوم وكان إذا علم أن شخصًا مفطرًا يعاقبه، يعني أصبحت القصة مزاجًا، لكن هذا الإنسان عنده القليل من الجوانب مثلًا الأخلاقية العامة، فنحن لا نحكم على أن كل علوي سيء أو شبيح، لا، لكن أن كل علوي كان في موقع قوة، نعم، كان كل علوي موجود في موقع وله منصب صاحب قوة، كانوا دائمًا لا يسألون عن الضباط الأعلى منهم رتبة من الطوائف الثانية، [وهذا] الشيء متعارف عليه وعادي، وحتى العناصر العاديون تجد أحدهم إذا أمضى فترة في الجيش ربما يكون من حلب [أو] من دمشق [أو] من الدير تجده بعد فترة صار يتكلم باللهجة العلوية خاصة إذا تكلم مع شخص جديد لأنه إذا تكلم كذلك فهذا يعني أنني مدعوم ويُخاف مني وانتبه على نفسك (احذر)، وإذا أردت أن تُرعب شخصًا تكلم معه باللهجة العلوية، فبمجرد أنه علوي يجب عليك أن تفزع، وفعلًا الناس تخاف وتفزع، يعني شيء شبه مبرر، وصحيح ضعف نفس أنهم يتخذون أساليب ملتوية لكن هكذا ربوهم، فتخيل صارت اللهجة بحد ذاتها عندما تحكي فيها مصدر قوة ودعم، هل يجرؤ أحد أن يسألك أنت من أين؟ إلا إذا كان علويًّا أصليًا وكشفك أنك لست علويًا، هنا يتهجم عليك، لكن متى ما عرفت أنه ليس علويًا فإنك تستطيع أن تحكي أي لهجة علوية فيصدقك وينفذ أوامرك ويخاف منك، هذه كانت السياسة الدارجة يعني شيء مضحك مع الأسف، يعني مع الأسف ربطوا هذه اللهجة بالسلطة، وأي واحد صاحب سلطة يجب أن تكون هذه لهجته، لأنه لا يوجد أحد في موقع سلطة إلا وهذه لهجته فعليًا.

 بعدها في الجيش تخيل بما أنه صارت عندي مشكلات ويستدعيني الأمن وكذا، صارت الناس تتجنب قليلًا اللقاء معي خصوصًا من الضباط ومن يعني كان يوجد مساعد يحب الرشوة ولا يعطينا شيئًا وهو من حقنا إلا عندما نعطيه [رشوة] وأنا كنت لا أتعاطى معه وأبقى على غرضي القديم أنه فليفعل ما يشاء لا يهمني ذلك، لكن المقصود يعني صرت إذا أردت [أن] تعطيه أصبح يتهرب منك لا يريد أن يتعامل معك أبدًا، لأنك شخص تذهب إلى الأمن وتأتي، فربما ذكرت اسمه أو سيرته بأمر ليس له علاقة به! فمجرد علاقته بك أصبحت تهمة، هل تتخيل أن شخصًا مرتشيًا صار يخاف أن يتعامل معي خوفًا [من أن] أذكر اسمه بطريقة غير مباشرة أو بمكان آخر! فعلًا يوجد رعب حقيقي.

 مع الأسف [كانت] الطائفية تتمثل أكثر شيء في المؤسسة العسكرية، علمًا أنه كان لدي رفاق من هذه الطائفة نفسها، أصدقاء عاديون، كان يوجد رقيب أول مثله مثلي (كنا متشابهَين)، ونعيش مع بعضنا وكنا نمزح ونضحك ونأكل وليس بالضرورة كما قلت لك، لكن التمييز تراه فعلًا هناك، تمييز تراه ويعود لكل واحد وأخلاقه وتربيته في المحصلة، يعني عندك ناس مثلًا كانوا مضطهدين من العساكر من السنة وأمضوا [فترة عملهم] وهم يُداس على رقبتهم وعندما صار لهم سلطة فظعوا [كثيرًا] يعني يُسلَم واحد سجن كل يوم يريد [أن] يقتل المساجين ويضربهم و[يعاقبهم] حتى لو لم يأمره [أحد]، فكما قلت: يعني الذي كان يخدم عسكرية يعني مقدار النجاة بمقدار ما سلمت أخلاقك، ليس بمقدار ما أخذت شيئًا مكتسبًا لأنه لا يوجد [شيء] مكتسب فيه خير، كانت مؤسسة فاسدة 100%، ويعني ظهر بعد ذلك ما الهدف منها وما هو عملها لاحقًا بعد الثورة، يعني كُشف هذا الشيء بشكل واضح جدًا لأن الجيش كان لا يُقاتل أحدًا، لا إسرائيل ولا غيرها ولا ينتصر على أحد.

المؤسسة العسكرية من أكثر المؤسسات فسادًا، فموضوع السرقة لا يخفى على أحد من الكبير للصغير أنه من إيرادات مثلًا من قائد الكتيبة أو قائد الفرقة يسرق من شيء معين والذي تحته (دونه مرتبة) يسرق من شيء غيره وهكذا، سلسلة، فهي كانت سلسلة تصل في الآخر أنه مثلًا على مستوى الأكل أنه دائمًا العسكري جائع فهو لا يصله من الجمل أذنه (إلا القليل)، يعني الأكل الذي هو من أبسط الأمور كان دائمًا هناك اقتتال عليه ومحسوبيات، وإذا كنت تعرف شخصًا في المطبخ يخرج لك كمية زائدة حتى تشبع وإذا كنت لا تعرف أحدًا [تبقى جائعًا] سرقة عينك عينك يعني بوضوح، ومثلًا حصة الضباط كانوا يبعثونها لهم مضاعفة، وهذا أصبح المتعارف عليه، يعني إذا أردت أن ترسل غداء للضابط ترسل له نصف دجاجة! إنما ترسل له دجاجتين جيدتين.

وأذكر مرة من المرات -على سبيل الفكاهة- جاءنا الغداء وكان يأتي معه أحيانًا فواكه، فأحضروا 3 موزات ونحن كنا 4 عساكر، فذهبنا لنراجعهم بأننا 4 وأعطيتمونا 3، فقالوا لنا: كل 4 عساكر حصتهم 3 موزات، يعني اخترعوا هذا الأمر، وهم بالأصل سرقوا الباقي بكل بساطة، يعني منطقيًا كل شخص حصته موزة أقل شيء مثلًا.

السرقة في كل شيء، في المحروقات وفي قطع التبديل والغيار، حتى إنهم كانوا يعتبرون العساكر هم مصدر [الرزق] يعني مثلًا العسكري كيف كان ينزل إجازة؟ كان يرشوهم وينزل، من باب أنها مصروف لهم، فكان يدفع نقودًا وينزل ليزور أهله، والذي لا يدفع لا يرى أهله، وعلى مستوى مثلًا نحن كان عندنا شخص مستلم الذاتية التي هي أغراضك الأساسية، فأنت مثلًا يحق لك في الجيش بدلة مثلًا كل فترة يحق لك بدلة جديدة ولكنه ليعطينا البدلة الجديدة يأخذ حقها، فعندها أذكر أن بدلتي القديمة تمزقت وفي الآخر مل وأعطاني بدلتي يعني، فتأخرت أشهرًا يعني بقيت ببدلتي القديمة ولم أكن أريد البدلة الأخرى وليست القصة أنني لا أريد أن أعطيه، أو كذا ولكن لماذا؟ يعني ماذا أريد بالبدلة الجديدة يعني نحن بالأساس هنا [في] هذه الفترة أتينا لننذل ونُهان ونخرج بأقل الخسائر، لن نحرر [بلدًا] ولن نحارب أحدًا ولا هكذا، فكيف تقضي [هذه المدة] بملابس جيدة أو لا؟ هذا الموضوع يرجع لكل شخص، لكن المقصود أن حقوقنا الأساسية حقك إذا أراد أن يعطينا إياها عليك [أن] ترشوه، فكيف إذا أردت أمرًا خارج القانون؟ رشى عظيمة.

كل شيء فيه رشى، كانوا يكسبون من الباصات التي تأتي لتأخذ مثلًا دورات الأغرار، كانوا يدفعون لهم كثيرًا ويجمعون (النقود) من الناس، فقد كانوا يدفّعون الناس، ومرابح الباصات كانت معروفة، وكل ما سنحت لهم الفرصة فهم ينزلونها لأنها فيها مرابح من البنزين والمحروقات ومن الأكل ومن قطع الغيار والتبديل يعني حتى مثلًا معروف إذا رحت إلى الجيش حاول ألا تستلم سيارة إذا فرزوك سائقًا، لماذا؟ لأنه عليك أن تصلحها على حسابك طوال [فترة] عسكريتك، وهذا أمر متعارف عليه، كان يوجد سائقون مستلمون مثلًا السيارة الصحية هي التي نأخذ فيها المرضى ونأتي، الشخص أمضاها عند المصلحين على حسابه، مصلحين مدنيين، طبعًا توجد رحبة إصلاح لكن إذا أراد أن يقدم عليها فيجب أول شيء أن يعاقبه الضابط لماذا تعطلت معه؟ وبعد ما يبعثه عليها هناك سيُضطَّر للدفع حتى يصلحوها بشكل جيد، وربما في الآخر تطول [المدة] ولا يصلحونها ويرجع هنا الضابط [فيعاقبه] مرة ثانية أو [أنه] يريد السيارة فسُيضطر [أن] يصلحها على حسابه، فصار أنه لا يأخذها على الرحبة نهائيًا، مباشرة [إذا كان] يستطيع [أن] يصلحها يتصل على أهله ليبعثوا له نقودًا ويمضيها تصليح سيارات، يعني [هذا الأمر] أنا كنت شاهدًا عليه كثيرًا وأمضيناها بين دفع (للسيارات) وبين المصلحين، في مناطق الصبورة ويعني كان المنطقة -نسيت اسمها- حوالي دمشق كانت الفرقة الرابعة تقريبًا، في منطقة الصبورة يعني على طريق الزبداني قدسيا [كنا] كثيرًا ما نذهب إليها ونصلح، هذا على مستوى أن هذا سائق، وقس على كل شيء، قس قس قس، كله رشى وسرقة، يعني أحيانًا مثلًا ينزل الأغرار إجازة، مثلًا يأتون عند أهاليهم، فيوجد أشياء ممنوع [أن] يدخلوها فعلًا، -الأغرار يعني- بعضها مواد مؤذية أو [حادة] كالسكين هذا طبيعي [أنها] ستكون ممنوعة، لكن مثلًا يوجد بعضها [غير مؤذية] كالمونة، فممنوع [أن] تأخذ المونة، أنت الآن لازلت غرًّا، هكذا القانون، يوجد ناس تجلب معها مونة فالعساكر يصادرونها، وما الذي سيحصل فيها بعد ذلك؟ يتقاسمونها طبعًا، يعني على أساس أنهم صادروها لبيت مال المسلمين! فصار الأمر أنه أنت عندما يعجبك أمر مثلًا أنت كعسكري حتى لكنك تفتش الغر فإن أعجبك شيء إذا بقيت هكذا ونفسك فيه [فإنك] تأخذه، الاستيلاء على أي شيء كان، ممنوع أو [غير] ممنوع تصرخ فيه صوتان وتحكي كلمتان علويتان [فإنك] تأخذه بكل بساطة، فمجال الفساد أقول لك: كان متاحًا للكل، وليس محصورًا بالرتب العالية، لا، لا كل شخص حسب سلطته، ماذا تستطيع أن تسرق فلتسرق، وماذا تستطيع أن تنهب فانهب، وبقدر ما تستطيع أن تكذب اكذب، وبقدر ما تستطيع أن تكفر فاكفر، وبقدر ما تستطيع أن تبالغ وتكذب وتمسح جوخ (تستميلهم) فامسح جوخًا، هكذا كان الجو وهكذا كانت المؤسسة العسكرية.

 وطبعًا هذا الشيء يوجد منه في كل مؤسسات الدولة، لكن في المؤسسات العسكرية كان مضخمًا ومبالغًا فيه، يعني أنا مثلًا كنت في الكتيبة الطبية أو حتى في مركز الأغرار، [وكنا] مستلمين دواء يعني يوجد دواء نحن استلمناه ونعطيه مثلًا لمرضًى معينين أو في حالات معينة، فبشكل أوتوماتيكي عندما تأتي نوعيات جيدة من الدواء يُؤخذ منهم عدد من النسخ للضباط [وتُقدم على أنها] تشكيلة دواء، فهذا دواء التهاب جيد مثلًا، وهم الذين يبعثون [عناصر ليأخذوها] ولا نذهب نحن لكي نرشوه، فمثلًا يرسل من يقول لنا: ابعثوا لنا تشكيلة دواء [ويُعتبر] أمرًا عسكريًا، أفهمت علي المقصود؟

إذا دخل عليك مساعد ليس له سلطة عليك لكنه يريدك أن تعطيه عددًا [من الأدوية] يعني إذا وجد عندك بيضة مسلوقة زائدة [فإنه] يأخذها مثلًا إذا أعطيته إياها، يعني طماعًا، فتحس أنهم يدربونك على ألا تشبع، كل شيء تحس أنه فرصة تريد [أن]  تستغلها ومكسب، وهكذا يعني شيء مخجل، يعني على مستوى الدواء يتقاتلون عليه وابعث لفلان وفلان، وهذا أعجبه [الوضع] وهذا لم يعجبه! مثلًا حبوب وجع الرأس -السيتامول- كم كان سعرها في ذلك الوقت؟ ليرتان سوريتان! هكذا يدنّون أنفسهم على أمور (لا قيمة لها) كعلبة متة، وعلبة دخان، وأمور [بسيطة] هذه هي السياسة العامة، يعني ممكن [أن يكون] مثلًا ضابط طويل عريض وتجلب له مثلًا كوبًا [من] المتة أو علبة متة، وهذا [أمر] عادي، يعني فإذا خالفت في أمر معين [فإنه] يمرره لك بمقابل، يعني مصلحة متبادلة.

مع الأسف كانت تجربة [لا أريد] لأحد [أن] يخوضها لأنه بالأساس معظم الذين خرجوا منها خسروا أخلاقيًا، لا يوجد أحد لفترة من الفترات ممكن [أن] يندمج قليلًا في هذه الدائرة، أو يستغل سلطة معينة صارت معه في فترة معينة، فقليل من ينجو صدقًا، يعني في المؤسسة العسكرية يُخرجون منك أسوأ ما فيك كابن آدم، ما هو أسوأ شيء ممكن [أن] يخرج [منك]؟ يخرج هناك، ففعلًا بعد ما يُسرح [العسكري] يحتاج فترة ليتعافى، وليتعلم كيف [تعيش] الناس، وكيف الناس مثلًا تداري بعضها، طبعًا في المقابل يوجد أصدقاء وأشخاص لديهم مواقف أخلاقية عظيمة، هذا الشيء لا يمنع، لكن أنا أحكي عن الجو العام، ويوجد ناس أبطال، يوجد ناس مثلًا يعني مستعدون أن يذهبوا إلى السجن ولا يخبروا عن رفاقهم أنهم خالفوا مخالفة معينة، [ومثل هذه الأمور] حدثت كثيرًا، لكن كما قلت لك: تتبع لأخلاقهم وتربيتهم عند أهاليهم، وبغض النظر عن ملتهم، يعني كل واحد حسب تربيته من أي ملة كان، ومن أي عرق أو طائفة، لكن كان الشيء المعروف والثابت أن مراكز القوة دائمًا في يد العلوية، هذا الشيء المفروغ منه.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/03/10

الموضوع الرئیس

النهج الطائفي لنظام الأسد الفساد في مؤسسات نظام الأسد

كود الشهادة

SMI/OH/219-04/

أجرى المقابلة

إدريس  النايف

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2007-2009

updatedAt

2024/04/14

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سورية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

الفرقة الرابعة دبابات (مدرعات) - نظام

الفرقة الرابعة دبابات (مدرعات) - نظام

شعبة المخابرات- الفرع 227

شعبة المخابرات- الفرع 227

الشهادات المرتبطة