الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مرحلة الثمانينات بين الملاحقات الأمنية والإقصاء

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:16:09:18

عائلة الدغيم عائلة كبيرة نسبيًا مقارنة بالعوائل الأخرى أو القرى الأخرى وتُعتبر إحدى أكبر العوائل في محافظة إدلب كتجمّع سكني واحد فهم جميعًا يسكنون في قرية جرجناز وفي حي واحد تقريبًا هو الحي الجنوبي، وبلغ عدد الإحصائيات تقريبًا ما قبل الثورة -لا أعرف بعد الثورة بصراحة الإحصائيات- لكن ما قبل الثورة بلغت 6000 نسمة يعني من قبل الثورة. العائلة كما ذكرنا كسائر أبناء القرية يهتمّون بالتعليم والتحصيل الدراسي والعمل ويسافرون إلى ليبيا ولبنان وبعضهم مغترب في دول الخليج وبعضهم يعمل في الزراعة، وفيها أعضاء هيئة التدريس كما قلنا وهم إخوتي الاثنان، وفيها قضاة اثنان أيضًا من العائلة كان أحدهم محمود الدغيم وكيل النيابة في منطقة معرة النعمان وأحدهم القاضي محمد نور الدغيم، وكان هناك أيضًا عدد كبير من المدرسين لكن من حيثية معارضة العائلة للنظام فهي قديمة، بداية يعني كعائلة محافظة متديّنة ترى أن اغتصاب حافظ الأسد للسلطة أو الطائفة أقلّية بالعنف والسلاح للسلطة أمر يستدعي المعارضة، الأمر الثاني كما ذكرنا أن هناك طلاب علم من العائلة هم كوادر مؤثرة في الإخوان المسلمين مثل حسن خطاب، وحسن علي الدغيم، وحسين علي الدغيم، ومحمود الدغيم، وأحمد الدغيم، ويحيى الدغيم، وعندما بطش النظام السوري بالإخوان المسلمين طالت الاعتقالات أبناء العائلة مثلًا الشيخ حسين الموسى وهو من عائلة خطاب الدغيم  كان إمامًا في إحدى القرى داهمه الأمن العسكري ليلًا وكان وقتها من يسمّى العميد عاصي وهو رمز للرعب والإجرام داهمه ليلًا واقتاده إلى فرع الأمن العسكري مُكبّلًا وعذّبوه عذابًا شديدًا، وحسين علي الدغيم وهو كان في وقتها طالبًا بالسنة الثالثة في جامعة الأزهر، جاء للقرية فتم اعتقاله في القرية بحجة أنه من الإخوان المسلمين وأيضًا سِيقَ إلى فرع الأمن العسكري ومن ثم إلى سجن تدمر وأيضًا عُذّب عذابًا شديدًا لكن تمّ الإفراج عنه لأنه لم يعترف أو يبدو أن النظام لم يأخذ جميع الموقوفين إلى سجن تدمر وإنما اكتفى بأن سجَنه في أحد الفروع في محافظة حمص فأطلق سراحه فهرب من البلاد وقيل إن النظام تركه حتى يُوقِع أخاه حسن يعني حتى يأتي حسن من الخارج ويتم القبض عليه، لكن حسين نفسه هرب إلى لبنان ومنه إلى الأردن وهرب من النظام السوري وأنقذه الله، بالنسبة لحسن خطاب أيضًا هرب إلى لبنان وهرب إلى الخليج ومن ثم إلى الإمارات وعاش فيها كل هذه السنين ثم جاء إلى الأردن، وجود هذه الكوادر.. من وقع في قبضة النظام السوري؟ وقع أحمد الدغيم، ومن فراش النوم أخذوه وداهموا بيته وقاموا بضربه في منزله أمام زوجته واقتادوه في عام 1982، ومن الذين أيضًا وقعوا في الاعتقال شقيقه محمود الدغيم أيضًا اعتقلوه وهذان الرجلان تعذّبا عذابًا شديدًا في سجن تدمر الصحراوي وخرج أحدهما لديه مشكلة في التوازن، ومحسن الدغيم أيضًا تم اعتقاله وأما رضوان الدغيم فتمّ اعتقاله أيضًا ونتيجة التعذيب مات عام 1987 وسلّموا جثته لأهله وأنا حضرت جنازته، يعني هؤلاء تقريبًا أبرز المعتقلين، ويحيى الدغيم أخو رضوان الدغيم استطاع الفرار خارج سورية، وجود هذه الكوادر المؤثرة واعتقالهم وقصص التعذيب التي كانت ترِد إلى العائلة يعني كان هناك سخط كبير على النظام بل إن العائلة تقريبًا كانت لسنوات الثمانينات تعيش فترة حداد، وأهالي القرى فيما قبل ليسوا كما اليوم بعد تنوع الحياة وتعددها، يعني كانوا يعتبرون المصيبة شاملة يعني مثلًا صناعة المعمول وكعك العيد لعدة أعياد لم يصنعوا مثلًا المعمول وكعك العيد حدادًا، يعني مثلًا الزفاف لبس العروس للأبيض هذه كلها كانت تُعتبر من مظاهر الفرح التي انكمشت مع اعتقال هؤلاء  الشباب، وأنا أذكر أن والدي كان يمنع، أنا لم أحضر عرسًا في حياتي لهذا السبب السبب أن العائلة لا تشجّع حضور الأعراس أو الحفلات في النفس حدادًا على أرواح الشهداء والمعتقلين الذين سقطوا أيام الثمانينات، لذلك أنا لا أذكر أني حضرت عرسًا يعني مطربًا وآلات موسيقية وكذا لم أحضر عرسًا في حياتي بتوجيه الوالد والأسرة أن هذا ينافي الوفاء للمعتقلين والشهداء الذين سقطوا على يد النظام المجرم.

أبرز أمرين تعرضت لهما العائلة بسبب الأحداث، الأمر الأول عدم قبول أي ابن من أبنائها نهائيًا في الكلية الحربية أو البحرية أو الجوية، يعني شباب القرية عندما يذهبون والعائلة عندما يذهبون للتطوع بالجيش بأي حجة يتم صرفهم، حجة وجود شامة على الركبة أو حجة وجود إصبع أطول من أصبع يعني تحت أي حجة لم يُقبل أي ضابط إلا كما قلت لك قبل الضابط يوسف الدغيم عام 2009 أو 2008 يعني بعد أحداث الثمانينات بحوالي 25 عامًا حتى تم قبوله برتبة ملازم أول وعندما تخرج إلى [رتبة] نقيب انشقّ عن النظام السوري، والأمر الثاني الذي لم يكن أي أحد من العائلة فيه هو الأمن يعني ولا إنسان عندنا عنصر أمن لا مساعد ولا رقيب ولا حتى رئيس مخفر، أنا لا أعرف أن أحدًا تطوّع في الأمن الجنائي أو الأمن السياسي أو أمن الدولة وكان عندنا رئيس مخفر مدني يسمّى أحمد الدغيم رئيس مخفر في منطقة جنديريس، يعني هي وظيفة لا تُعد نهائيًا من المفاصل أو الوظائف السيادية، حتى الوظائف الإدارية في الدولة كان يواجه شباب العائلة صعوبات بالغة يعني أذكر لك قضية الفرز مثلًا الفرز العسكري عندما ذهبت إلى الخدمة العسكرية تم فرزي إلى الصحراء وهذه تُعتبر مثل العقوبة رغم أنه مثلًا دفاع جوي يعني كان حول المدن أكثر ضباط الدفاع الجوي الذين يخدمون كانوا حول المدن مثلًا أنا تم فرزي إلى الصحراء بسبب قرابة هذه العائلة.

 تقريبًا باعتبار شيوع الفساد وما يسمّى الرشاوى في تلك المنطقة كان كل الناس على خط ظلم واحد، يعني يستحيل أن تمشي أي معاملة حكومية، مثلًا أضرب لك مثالًا الحصول على مادة الإسمنت كان شبه معجزة، وعن طريق الوساطات والمحسوبيات حتى يحصل الإنسان على مثلًا  ليس على رخصة الإسمنت هذه رخصة الإسمنت تحتاج تدخّلًا وميزة أمنية أما حصول المواطن على مادة الإسمنت في الثمانينات والتسعينات كان حقيقةً يُعتبر من الجهد الكبير يعني هو كان يُشترى دائمًا من السوق السوداء، والحصول على مادة السماد أعرف أن الحصول عليها كمزارعين يعني كان على أساس الجمعية الفلاحية هي التي تكفل وصول الأسمدة إلى المزارعين أعرف أنه يعني مثلًا هناك من شيوخ العشائر أو وجهاء العائلات من يدفع للواسطات للحصول على سماد ليبيعه في السوق السوداء، يعني بصراحة كان الفساد يضرب أطنابه بل إن أي إنسان حتى في معاملة الزواج يريد مثلًا أن يثبت عقد الزواج يعني يجب أن يحسب حساب كلفة مادية كرشاوي وما يسمى فنجان قهوة وفطور وغداء وكذا كأوراق رسمية يعني هو يحسب حساب إخراج القيد كم يكلّف والشهادة كم تكلّف والتحليل الطبي كان يكلف يجب أن يحسب أيضًا كلفة مادية [للرشاوي] يعني أبدًا هذا أمر مقطوع فيه، والسائقون ووسائط النقل يوميًا أي سائق من القرية يريد أن يخرج يجب أن يحسب حسابًا أن يدفع مثلًا 25 ليرة عند الشرطة المدنية على مفرق معرة النعمان هذه قولًا واحدًا، سيارته نظيفة أو ليست نظيفة وفيها جهاز إطفاء أو ليس  فيها جهاز إطفاء، سواء أكان مُخالفًأ أو غير مُخالف فيجب أن يدفع هذه الرشاوى يعني قولًا واحدًا، كانت الرشوة سمة عامة في المجتمع السوري كان فقط التحدي لشرعنتها يعني أنا أعرف من حديث المشايخ دائمًا يعني يميزون بين الرشوة والغلول، الرشوة هي ما يُدفع لإحقاق الباطل وأبطال الحق وهذه حرّمها العلماء قطعًا يعني خصوصًا للقضاء، أما الغلول فهو ما يُدفع لموظف الدولة للحصول على الحق وهذه كان المشايخ يُبيحونها عندنا في منطقتنا.

تقريبًا قرية جرجناز كما قلت لك التناغم فيها يعني تقريبًا مقبول والتماسك مقبول لكن بقية العوائل لم يكن فيها رموز للإخوان المسلمين فكان تعامل النظام مع تلك العوائل ربما أخف وطأة، لم يكونوا يتمتعون بتلك الامتيازات عند الدولة أو لا نقول إنهم موالون أو كذا، لكن لم يكونوا يتعرضون للمضايقات مثل عائلة الدغيم، يعني مثلًا لو قام أحد أبناؤهم بالذهاب إلى الكلية الحربية يتم قبوله، وأنا أعرف عدة ضباط كانوا من بقية العائلات، ومثلًا لو قام أحدهم بالتقدم إلى وظيفة مثلًا كنت أعرف أحد أبناء العائلات الأخرى استلم رئاسة مجلس محافظة إدلب أو مثلًا أمين سر مجلس المحافظة وهو مهندس، يعني بكدّه وعرق جبينه وهو رجل عصامي استلم [المنصب] ردحًا من الزمن، ومثلًا أعرف أحدهم كان مدير مؤسسة اتصالات، وأحدهم كان يترأس البلديات عندنا في القرية لعدة سنوات، وربما كان أحدهم عضو قيادة شعبة أو عضو قيادة مجلس محافظة أو هكذا، يعني لم يكونوا يواجهون صعوبة الارتباط أو ما يسمى سمعة أنهم أقرباء الإخوان المسلمين لأنه بالأساس لم يكن عندهم أقرباء في الإخوان المسلمين لكن من حيث النقمة العامة فيلحقهم شيء من النقمة العامة، يعني تأخر مشاريع الصرف الصحي والمياه والهاتف، يعني ربما بقية القرى كانت تصل إليها الخدمات قبل قرية جرجناز.

إذا قلنا إننا مجتمع زراعي وأن الدولة تدعم  الزراعة لتحقيق مستوى أعلى في الدخل القومي وأن الزراعة شيء مهم في أي بلد يحترم نفسه خصوصًا محصول القمح الذي يُعتبر موسم استراتيجي ونحن مناطقنا مناطق زراعة قمح وزيت زيتون وشعير وأعلاف وعدس، الحقيقة دعم الدولة شبه معدوم، أنا كما قلت لك كان والدي وغيره يشترون الأسمدة من السوق السوداء إن كان يصحّ [لهم ذلك] وأحيانًا ينزلون إلى السوق يشترون السماد وهذا السماد يكون مخصصًا للجمعيات الفلاحية ونتيجة الفساد والرشاوى يباع لبعض المتنفّذين ثم يباع في السوق، يعني ترتفع النسبة على الفلاحين، كما قلت لك الإسمنت أيضًا، والجرّار، الحصول على الجرّار كان شبه معجزة، كيف يأتي الجرار؟ أحيانًا يُضطر الفلاحون للذهاب إلى قرى أخرى مثلًا للاستعانة بالآليات الزراعية وهذا سبب لا يفهمه الفلاح، قضية الاستيراد وإنما هو في النهاية فهمناه، الوكالات الحصرية والمحتكرون لعملية الاستيراد والتصدير، يعني نستطيع أن نقول إن المزارع لم يكن مدعومًا نهائيًا من الدولة فهو يعتمد على غيث السماء في إنشاء محصوله وشراء الأسمدة والبذور وهو يخزّن بذوره، يعني أصلًا الفلاح يبيع الموسم ويترك البذار للموسم القادم، لكن نتيجة هذا الإهمال طبعًا من الجمعيات الفلاحية لم يكن هناك تطبيق لما يسمى الدورة الزراعية، الدورة الزراعية الضرورية  أن تزرع سنة بقوليات وسنة حنطة وسنة تترك الأرض بدون فلاحة، لم تكن هذه تُطبّق نتيجة إهمال الدولة والجمعيات الفلاحية في المنطقة.

 بالنسبة للخدمات بصراحة على وعيي وصلت الكهرباء إلى جرجناز عام 1979 كما حدّثنا أهلنا، لكن أنت تعلم أنها ليست بذلك الشيء الجيد يعني دائمًا كانت تنقطع لساعات طويلة وإذا حصل عطل يستلزم أيامًا طويلة لإصلاحه وشبكات متردّية ليست تلك الشبكات الحديثة، وبالنسبة للهاتف الآلي وصل قريتنا عام 1996 يعني الاتصال المحلي والدولي وهو مقبول، بالنسبة للاتصال الخليوي وصل قريتنا عام 2007، وبالنسبة لمشروع الصرف الصحي تنفّذ في بلدتنا عام 2004، وبالنسبة لمشروع المياه تنفذ عام 2000 يعني هذه هي الخدمات. تستطيع أن تقول إنه لم تكن هناك سياسات عقابية مقصودة للقرية لكن كان هناك إهمال نتيجة الفساد والرشاوي وتأخر تنفيذ المشاريع والفساد المعروف يعني هذا هو [السبب].

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/08/05

الموضوع الرئیس

أحداث الثمانينيات

كود الشهادة

SMI/OH/215-02/

أجرى المقابلة

إدريس  النايف

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

الثمانينيات

updatedAt

2024/04/26

المنطقة الجغرافية

محافظة إدلب-جرجناز

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة