الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الأوضاع السياسية قبل وبعد الاحتلال الفرنسي

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:30:07:22

هيثم خليل المالح، ولدت في حي ساروجة الدمشقي المعروف، في 15 آب/ أغسطس   1931والدي - رحمه الله - ساعاتي يُصلح الساعات ويبيع الساعات، ووالدتي خياطة نسائية، بعدما أصبح عندها أولاد بعد الزواج تركت العمل وتفرغت للبيت لتربية الأولاد. نحن عادةً في الشام لدينا عادة جميلة، في فترة عطلة المدارس الأهل يضعون أولادهم في المحلات التجارية أولاد صغار.

 كان عمري يمكن عشر سنين، أرادت والدتي وضعي عند خالي اسمه حمدي الخياط، تاجر في سوق الحرير في دمشق القديمة، تطمئن عند خالي، أمسح وأكنس وأُنظف الغبار، ولد صغير لكن تلك الأيام الشيء الجميل ما كانت توجد عملة ورقية كانت العملة فضةً وذهبًا، كان خالي يُرسلني ومعي 10 ليرات دهب، كانوا يضعوها في ورق ويسمونها فشكة، فأحمل الذهب وأُوصله للناس الذين يتعامل معهم، تعاملت مع الذهب والفضة وأنا طفل صغير، يبدو نظرًا لأمانتي وحيويتي، فبدأ جيران خالي يُغروني أن أذهب للعمل عندهم، فيسألوني كم يعطيك حج محمود؟ تعال نُعطيك أكثر.

 استمريت عند خالي فترة من الزمن، بضع سنوات - الله يرحمه - ثم تركت خالي وعملت عند شخص من أسرة الخطيب في نفس الحي في منطقة قديمة، وبقيت معه بضع سنوات، ثم فكرت أن أكون تاجرًا لوحدي، فنجرت بسطةً صغيرة من الخشب ووضعت فيها حاجات النساء من الإبر والدبابيس والشكالات ومن هذه الأشياء، حين رأتني أمي قالت لي: ما هذا يا بني؟ فقال لها أبي: اتركيه، لا أزال أذكر -الله يرحم أبي- والدي كان يضع كل ثقته في ولم يُراجعني في مسألة -الله يرحمه-

 أنزل إلى سوق الحميدية وأسير بين الناس وأُنادي على البضاعة التي معي مثل الأولاد الآخرين، كان عدد كبير من الأولاد في سوق الحميدية، مارست هذا العمل لفترة.

 بعد ذلك أنهيت المرحلة الابتدائية وحصلت على الشهادة، كانت للصف الخامس الابتدائي، كانوا يسمونها بالعامية سلتا فيكا (سرتفيكا شهادة المرحلة الإبتدائية)، كان لي قريب -ابن خالتي- عنده مخرطة كنت أمر وأُشاهده وهو يعمل، برادة الحديد والآلات تعمل، وهذا المظهر بالنسبة للأولاد يأخذ بلبهم، فقلت لأمي: - بعد أن أنهيت الابتدائية- أنا لن أُكمل دراستي، وماذا ستعمل؟ مكنسيان، فلما سمعت الكلمة مني -الله يرحمها- صرخت وقالت: لا أُريد أن أسمع منك هذا الكلام ستكمل دراستك.

 في الحقيقة كنت أخاف من أمي أكثر من أبي، أبي كان يُعاملني معاملة رفيق وصديق وليس كأب، لم أشعر رغم الفارق الكبير بيني وبينه أنا بيني وبين أبي أكثر من 55 سنة فرق عمر، الله يرحم والدتي كما قلت حين حصلت على الشهادة الابتدائية طبعًا في تلك الأيام من يحصل على شهادة الابتدائية شغلة كبيرة، كانت توجد أمية نسبة الأمية كبيرة وهذه مناسبة جيدة لنقول أن عددًا كبيرًا من الجمعيات الأهلية افتتحت من أجل محو الأمية، كانت الدراسة مسائية لأن الناس يعملون في النهار ويتعلمون في المدارس الليلية لمحو الأمية.

 وهذا كان حقيقة جهد المواطنين السوريين عملوا جمعيات عملوا جهدًا كبيرًا في المشاريع، مثل مشروع الفرنك (عملة سورية قديمة) كان الفرانك السوري ليس له قيمة لكن من الفرنك أسسوا أعمالًا عظيمة جمعيات كبيرة وأسسوا مشاريع كبيرة، المهم والدتي -رحمة الله عليها- ودائمًا أقول: أنا مدين بما وصلت إليه لوالدتي -الله يرحمها- كانت حريصةً تمامًا على أن أُتابع تعليمي، لو كانت موجودة الآن يمكن تمرض من عملي ومن الملاحقات.

 والدي كان عكسها فيما يتعلق في إعطائي الحرية الكاملة ، أنا والدي ولا مرة اطلع على جلاء المدرسة، مثلا كنت أُحضر له جلاء المدرسة ليمضي حسب الأصول، فكان يسألني: كيف أنت يا بني، فأقول له: جيد، فيمضي الجلاء ولا يقرأ بعدما أقول له: أنا جيد، لا يقرأ - رحمة الله عليه - كان يصحبني في معظم زياراته لأصدقائه، ويحدثني حديث الصديق حتى بعض النكت الغير مألوفة والإنسان لا يسمعها لأن فيها شوية بعض الكلام غير جيد، الحقيقة يتكلم معي لأتحرر من فكرة أني معه، كنت ألعب معه في البيت -رحمة الله عليه- طبعًا هذا الشيء مهم، كنا ثلاثة إخوة في البيت اثنان ذكور أنا وأخي بشير أكبر مني و أختي أكبر مني اسمها مكرم، أخي بشير -رحمة الله عليه- ترك الدراسة بعد الابتدائية وعمل في المحلات التجارية في التجارة، وأُصيب فيما يبدو من خلال عمله أُصيب بمرض السل، ومرض السل لم يكن له دواء و علاجه مُكلف، بقي مريضًا بضع سنوات سنتين أو ثلاثة -الله يرحمه- والدتي الله يرحمها باعت أشياء كثيرة تعرف البيوت القديمة في الشام فيها نفائس، باعت كل شيء عندها بما فيها محل تجاري باعته على دفعات لتأمين العلاج لابنها، توفي -الله يرحمه- سنة 1948 وأنا ما تركته لحظة واحدة كنت آكل معه من صحن واحد، وكانوا يُنبهوني انتبه يا هيثم هذا المرض يُعدي، كان لي ابن خال ضابط في الضابطة الجمركية دائمًا يقول لي: يا ابن عمتي ابتعد بعيد عنه وأنا لم أفعل ذلك، في يوم أمي -الله يرحمها- وأنا آكل معه في صحن واحد غمزتني كيلا آكل معه فرآها كان ذكيًا الله يرحمه، فقال لها: أنت خائفة عليه مني! توفي رحمة الله عليه بمرض السل لم نستطع أن نُنقذه ولم يكن يوجد دواء في ذلك الوقت، على كل حال بقيت وحدي في البيت، كان عمري 16 سنة لما توفي أخي عمره 19 سنة، ووالدي -رحمه الله- كان كبيرًا في السن ولا يعمل تقريبًا أو يعمل بصورة جزئية، وجدت نفسي أمام مسؤولية البيت وأمام مسؤولية الأهل والحمد لله تعاونا على حمل المسؤوليات.

 طبعًا تابعت دراستي ودخلت بالأول قدمت أوراقي إلى كلية طب الأسنان، لكن أحد أصدقائي قال: هيثم مالك وهذه المهنة؟ تنكش أسنان الناس وتشتم رائحة الثوم والبصل، قلت: و ماذا أفعل؟ حقيقة أنا نشأت في بيئة غير مثقفة، والدي يقرأ ويكتب والدي تربية عثمانية قديمة كل ما لديه أنا وعيت على الدنيا وفي بيتنا كتابين فقط كتاب: مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح على المذهب الحنفي ملخص المذهب الحنفي، وكتاب نهج البردة قصائد بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم، فأبي كل جمعة يجلس معنا وننشد القصائد نتعلم قصائد مدح النبي، ليس عندنا مكتبة، وكنت أُحب الكتب كنت أشتري الكتاب من مصروفي، طبعًا الكتب ليست غالية لكن سعرها بالنسبة للجو العام غالي، لو قدرنا فتح مكتبتي سنجد على طرف الكتاب مكتوب مثلا ليرتين ونص ثمن الكتاب 3.50 ليرة 3 ليرات 5 ليرات، هكذا هي كل كتبي اشتريتها قديمًا ومكتوب عليها سعرها على زاوية الكتاب، كنت أقرأ غالبا في الكتب التي طابعها ديني نعم، أنا مثلما قلت لما دخلت الجامعة الحقيقة ليس لدي إمكانيات مالية ولا أهلي عندهم إمكانيات مالية حتى أشتري أمهات الكتب، أشتري كتيبات صغيرة مطروحة في الأسواق قصص تاريخية ومن هذا القبيل، فتعرفت على أصحاب مكتبة في الحلبوني، والجماعة كانوا يثقون بي فأنا أمر آخذ الكتاب الذي أُريد ولا أدفع رأسًا أدفع بالتقسيط، فآخذ مجموعة كتب وأدفع في التقسيط والجماعة يقبلون بهذا الشكل.

 المهم صديقي نصحني أن أدخل كلية الحقوق، سحبت أوراقي من كلية طب الأسنان وسجلت في كلية الحقوق، وبدأنا الدراسة، و الحقيقة كان أساتذتنا نوعيةً ليسوا مدرسين كانوا علماء على مستوى، أنا أعتقد لم يخلفهم أحد في سورية لأن المستوى العلمي كان عاليًا كثيرًا، ومن أساتذتي الذين أحفظ لهم الفضل مصطفى السباعي -الله يرحمه- المراقب العام للإخوان المسلمين، ومصطفى الزرقا كان فقيهًا ومعروف الدواليبي الشخصية السياسية المعروفة رزق الله أنطاكي كان أستاذنا في التجارة، التجارة البرية والبحرية هذا كان من كبار فقهاء القانون التجاري في سورية ومصطفى البارودي، عدد كبير من الأساتذة الذين لهم سوية علمية عالية، وكان عندهم اندفاع كبير ليعلموا الطلاب، لا يهتمون بالوقت حتى خارج الدوام مستعد ليعطي أشياءً كثيرة.

 الحمد لله على كل الأحوال، أنهيت دراسة الحقوق ثم تقدمت إلى الاختصاص فعملت سنة واحدة دبلوم في القانون الدولي العام وخرجت من الجامعة، وأنا أقول خرجت من الجامعة ولا أعلم ماذا سأعمل؟ عملت في الصحافة بعض الشيء فترة، وعملت في التدريس وإدارة المدارس، ثم دخلت في التدريب وتدربت عند أحد المحامين وسجلت نفسي في نقابة المحامين.

 في 1958 الشيخ علي الطنطاوي -الله يرحمه- كنا بالمناسبة كنا نجتمع عند الشيخ علي الطنطاوي أسبوعيًا يوم في الأسبوع طلاب جامعة، كنا مجموعة شباب لن أقول مختارة لكن حقيقة كنا لولب في العمل العام في الجامعة، وكنا لجنة مسؤولي لجنة مسجد الجامعة كنا نُدير العمل فيه ونستقبل أو ندعو كبار الشخصيات الإسلامية التي تأتي إلى دمشق ندعوهم لإلقاء خطبة الجمعة في مسجد الجامعة، مسجد الجامعة كان الحقيقة منبرًا اجتماعيًا وسياسيًا والوحيد في سورية لا أقول في دمشق بل في سورية، كان ملتقى كبار الشخصيات.

 كنا ندير هذا العمل ومجموعة إخوة أذكر منهم الدكتور هيثم الخياط العالم المعروف والدكتور محمد هواري وكلهم لهم نتاج كبير جدًا في بروكسل، هم تابعوا الدراسات العليا في بروكسل في بلجيكا، ولهم اختراعات ولهم حضور علمي عالي، كان معنا سعيد الطنطاوي وسعيد المولوي فقيه في العربية في الأدب العربي، كنا ستة سبعة أشخاص مع بعضنا، الآن كلهم توفوا خارج سورية وأنا باقي منهم في بلد طابعها العام إسلامي، سورية فيها 80% من سكان سورية مسلمين.

 أنا شخصيًا في طفولتي كنت أحضر الدروس في المسجد لكبار العلماء في الدروس في قواعد الإسلام التي أثرت بي، مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه قواعد قرآنية قال تعالى: ((ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)) فالأمر بالمعروف أنا فقهيًا فهمت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو عبارة عن فرض كفاية بمعنى إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ليست الأمة كلها مفروض هي تقبله لكن يجب أن يكون قسم من الناس يتصدون للانحراف ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، هذا جزء و الجزء الآخر هو ما ورد في أحاديث متعددة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأهم هذه الأحاديث سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله، هذا خلاف ما فهمه الناس كلهم، يقولونك ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة كل هذا الكلام غير صحيح، النبي يقول: شخص واحد عليه إذا رأى الإمام أو رئيس أو الملك أو أي شيء عنده انحراف عنده ظلم عليه أن يقف في مواجهته ويقول له: هذا غلط وهذا صواب، ولو أدى الأمر إلى قتله، فالاستشهاد هذا يجعل هذا الإنسان الذي يُقتل في سبيل الكلمة بمستوى حمزة سيد الشهداء في الحديث حمزة هو عم نبي سيد الشهداء حمزة ورجل فيه مساواة تمامًا بحمزة رضي الله عنه، فأنا تشربت خلال مجالستي للعلماء في المساجد وفي غيرها فهمت الإسلام أنه دين كفاح ونضال وإحقاق الحق ودفع الباطل هذا ما فهمته من الإسلام، وبالتالي اعتبرت نفسي صاحب رسالة باعتبار أنا مسلم فأنا صاحب رسالة لإحقاق الحق ودفع الباطل.

 وأنا الحمد لله بعد أن دخلت في القضاء وسبق وقلت كنا نجتمع عند الشيخ علي الطنطاوي في سنة 1958 الشيخ علي قال لي: يا هيثم طالبين قضاة وقدم على القضاء، وأنا لم أفكر بهذه المواضيع، وقدمت على القضاء في ذلك الوقت استمر التحقيق حولي ودراسة وضعي ستة أشهر بالرغم أنني مزكى من اثنين أو أكثر من كبار قضاة محكمة النقض، حتى أُبين كم كانت أهمية اختيار القضاة في سورية، يعني ليس أي واحد يقبل في القضاء لأن القضاء هو حصن الأمة، القضاء هو الذي الإنسان يسعى إليه حين يُظلم، هو الجهة الوحيدة التي تُنصف الناس هو القاضي، بالنسبة لي أنا كانت عندي قناعة يجب أن يكون القضاء محصنًا، لما تقدمت بطلب القضاء وأنا مزكى من علي الطنطاوي من أكثر من قاضي من قضاة محكمة النقض ومع ذلك ست شهور حتى قبلت ودخلت معترك القضاء. طبعًا هذا كله له تأثير في حياتي، وكما تحدثت أنا شخصيتي مستقلة ولا أستطيع أن أعمل في دوائر الدولة أتلقى التعليمات، طبيعتي طبيعة مستقلة، فالقضاء كان بالنسبة لي أتشربه في كياني تشربت القضاء ورسالة القضاء و الحمد لله.

 لكن هناك مسألتين أساسيتين هنا، المسألة الأولى أنا في سنة 1951 في بداية الجامعة اختطفت من الطريق الشرطة أخذوني من الطريق ثم سلموني إلى الشرطة العسكرية و اقتادوني بالسيارة، كان الجو شتاء وليس صيفًا، أخذوني على مبنى الأركان معروف مبنى الأركان محل فندق الشام الآن، وأدخلوني إلى غرفة فيها ضابط اسمه مطيع الجابي وحقق معي حول وضعي ونشاطي، سألني سؤالًا غريبًا جدًا، اتهموني أنني كنت أُلاحق بالجيش كان اسمه زعيم الآن يسموه عميد الزعيم بنود لماذا كنت ُتلاحق الزعيم بنود؟ وطبعًا هذا كلام غير صحيح، واهمين، كون الزعيم كان ساكن في عين كرش ونحن في عين كرش يبدو من هنا حصل التباس، فعلى كل الأحوال فترة من الزمن تبين لي فيما بعد أن الأمن كان يجلس عند مصلح دراجات هوائية بسكليتات في عين الكرش ويراقبني ستة أشهر قبل أن يأخذوني إلى مبنى الأركان وأنا لا أشعر، ما السبب؟ ما نشاطك؟ نشاطي كنت أعتلي المنابر، كنت مندفع شاب صغير دون 20 سنة، مندفع وأعتلي المنابر وأخطب بالناس خاصة يوم الجمعة يكون الناس مجتمعين وبعد صلاة الجمعة آخذ المنبر أخطب في الناس خطبة وأُهاجم الفساد وأُهاجم هذه الأمور التي تشغل بال الشباب.

 نشيط في الشأن العام في العمل العام أُحب بلدي وأُحب أن أُصلحها أُحب الناس تستقيم، فهذا ما عندي و ليس شيء آخر، لا أؤمن بالعنف ولا أؤمن بالسلاح ولا أؤمن بكل هذا، أؤمن بالكلمة الكلمة مهمة جدًا في هذه الفترة.

 يعني نحن الحقيقة عشنا الفترة ما بعد الاستقلال بعد مغادرة الفرنسيين جلاء الفرنسيين عن سورية عشنا تقريبًا قرابة الأربع سنوات أقل من أربع سنوات حياة جميلة جدًا حياة ديمقراطية لا يوجد اعتداء على الناس أو اعتقالات، حوادث جزئية بسيطة تحصل في أي بلد في العالم، لكن الحقيقة كان رئيس الجمهورية شكري قوتلي الله يرحمه سهلًا، الشخص يمكنه الذهاب إلى بيته لا يبقى في المكتب. شكري القوتلي -رحمة الله عليه- كان يسكن في حارة الرئيس معروفة حارة الرئيس بيته القديم الأول بالجسر الأبيض وكثير من الأحيان كان يخرج من بيته للقصر الجمهوري مشيًا على الأقدام ليس معه شرطي أو مرافقة أو أحد، في إحدى المرات كان في الجسر الأبيض اثنين في الربيع اثنين من التجار جالسين خارج الدكان يأكلون الفول المدمس كعادة الشاميين، مر فنهضوا: صباح الخير شكري بيك تفضل، جاء شكري وأخذ قطعة خبز وأكل لقمة وقال: السلام عليكم ، يعني الناس الآن تقول: الرؤساء في أوروبا ليس عندهم هذا، هكذا كنا، حياة من أجمل ما يكون.

أنا مثلًا يوم من الأيام وأنا في الجامعة كنت أُصلي وبيتنا بعين كرش جامع لالا باشا قريب علينا، وأنا ذاهب لأصلي بنطال وقميص وحين رأيت شكري القوتلي يصلي معه بعض الاشخاص مجموعة القصر منهم عبد الكريم العائدي كان أطول واحد في سورية طوله 195 سم أعرفه من الشكل، انتهت صلاة الجمعة كنت اعتليت المنبر، شكري نهض وسيخرج من باب الجامع حين رآني صرت على المنبر رجع جلس شكري مع طاقمه، طبعًا لا أعرف ما حصل؟ لكن أحد حاشيته قال من أين أتانا هذا؟ فألقيت كلمة ولم أكن محضراً لها، ولا افكر بشيء، ولا أعلم بم تكلمت؟ في جزء من الفساد، المهم استمع للكلمة كلها بعد ان انتهيت قام ومشي من الجامع استمع لي، لم يضربني أحد، أنت أسأت للرئيس، وعطلته عن عمله أو من هذا الكلام، مع الأسف نحن عشنا الحقيقة أنا في أيام الجامعة أكثر من مرة زرت خالد العظم رئيس وزارة في بيته في سوق ساروجة أنا وبعض رفاقي، كانت الموضة قديمة إذا لم تكونوا مطلعين كانت شخصيات البلد تلبس الطقم الأبيض في الصيف يلبسون طقم أبيض كتان إيرلندي معروف كتان إيرلندي، يستقبلنا -الله يرحمه- خالد العظم بالطقم الأبيض في الصالون، نجلس في صدر الصالون ويجلس هو على طرف لا يجلس أمامنا بمكان أعلى منا، ونحن أولاد صغار أصغر من أولاده.

شكري القوتلي في المحصلة أنا صفيت تركته شكري القوتلي مات ولا يملك ولا قرش سوري لا عقار ولا نقد ولا حساب مصرفي مات فقيرًا، كان شكري القوتلي وهو في مرحلة النضال السري أنفق ثروته على الثورة أو على العمل ضد الفرنسيين، ثم مات أخوه كان غير متزوج أعزب ورثه شكري القوتلي كان عنده أراضي كبيرة في الغوطة من أثرياء الغوطة، كذلك شكري القوتلي -الله يرحمه- ما كان يتقاضى راتبًا من الدولة، كان يعيش على ماله الخاص، لما يأتيه معتمد الرواتب ليعطيه راتب الشهر يخرج من القائمة أسماء ليعطيها للمعتمد ويوزعها الناس ويوزعها على الفقراء لا يأخذ راتب، جاءه مرة شخص على القصر صديقه قال له: فلان صديقك عليه دين 10000 ليرة وهذا الدائن أقام عليه دعوة في المحكمة وحجز عليه، إذا ممكن تحكي لنا مع القاضي، قال له: أنا أحكي مع القاضي! وماذا سيقول الناس عني إذا حكيت مع القاضي؟ قال له: اذهب لعند فلان خد منه 10000 ليرة قل له: شكري سيعطيك كل شهر 1000 ليرة، وادفع له الدين ليطلقوا سراحه من الحجز، وهذا ما كان، وشكري القوتلي يدفع كل شهر 1000 ليرة وإذا لم يكن معه هذا الشهر يعتذر و يقول: هذا الشهر ليس معي للشهر القادم.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/12/12

الموضوع الرئیس

سيرة ذاتيةالحياة السياسية في سورية قبيل حافظ الأسد

كود الشهادة

SMI/OH/92-01/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

سورية قبل "البعث"

updatedAt

2024/04/14

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-ساروجةمحافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جامعة دمشق

جامعة دمشق

الشهادات المرتبطة