ما بعد "حفلة الاستقبال" في سجن تدمر
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:24:06:23
كنت [قد] تكلمت عن الفترة الأولى، عندما أُدخلنا إلى السجن بطريقة همجية بكل ما تعنيه الكلمة، ثم إلى حفلة الاستقبال، حيث الضرب والركل، وكل أنواع التعذيب الذي يُمارس على النزلاء الجدد، ثم ما حصل معنا أننا أُدخلنا بعد هذه الحفلة الضخمة الصعبة القاسية إلى مهجع الورشة كما قلت، وهو مهجع صغير ليس بالكبير لاستقبال النزلاء الجدد بداية، وأيضًا له مهمة ثانية كما قلت: أنه لتجميع الإخوة الذين سيتم إعدامهم عندما يحين تنفيذ الإعدامات. طبعًا بقينا في سجن أو في مهجع الورشة حوالي 8 أيام، تعودنا على حياة السجن، لكن كان تعلُّم هذا الأمر تحت الكرابيج وبالركلات وبالرفسات وبكل بكل أنواع الإهانة والضرب، أيضًا في يوم قبل أن نُنقل إلى المهاجع الثانية الحقيقة، أُخرجنا في 3 أو 4 يوم من وجودنا في هذا المهجع، لا ندري إلى أين؟ وإنما فُتح الباب، فقدم رئيس المهجع، قدّم الصف كما يُقال: استرح، استعد، المهجع جاهز للتفتيش حضرة الرقيب، وفُتح الباب، [وقيل لنا:] أُخرجوا إلى الخارج أيها المجرمون، كما هي ألفاظهم القذرة أيضًا، فخرجنا جميعًا لا ندري لماذا؟ فصفونا الحقيقة على الحائط، وإذا به أمامنا حلاقة، حلاقة الشعر وما أدراك ما حلاقة الشعر! فكنا الحقيقة ننظر إلى آبائنا وأجدادنا عندما كانوا يحلقون شعر الخواريف، وكانوا يأتون بهذا المقص، وكيف يخرج الخاروف يعني بحلاقة عجيبة الحقيقة، وإذا بنا وكأننا الحقيقة أصبحنا كالخواريف بين أيدي هؤلاء المجرمين، الحقيقة كانت حلاقة عجيبة رهيبة، طبعًا أشكالنا صارت مشوهة بالكامل، عندما كنا بين أيدي السجانين الذين يحلقون لنا، طبعًا السجانون كانوا مشرفين، والذين يقومون بالحلاقة كانوا هم من الجيش، فراري جيش يسمونهم من العلويين، من الذين أخذوا إلى سريات التأديب، طبعًا الحلاقة سأتكلم عليها إن شاء الله في حلقة كاملة بإذن الله تعالى، لكن عندما حصل معنا هذا الأمر لم نكن نحن ندري أننا خارجون لكي نحلق، حلاقة الشعر كانت مخيفة جدًا، نصف الشعر يُنتزع انتزاعًا بالماكينة اليدوية، وليست الكهربائية، لم يكن عندنا هناك أو لم يكن موجودًا الحلق بالماكينات الكهربائية، وإنما كانت اليدوية، فيُنتزع نصف الشعر انتزاعًا ويُقتلع، والنصف الآخر يمكن أن يُحلق، لكن بشكل عام آخر شيء [تكون] الأشكال مخيفة. وأما حلاقة الذقن فما كان أحد منا عنده شعر في ذقنه، لأننا ما زلنا أطفالًا [فنحن لم نتجاوز الـ] 17 سنة، فماذا يحلقون مع كل هذا؟! الحقيقة أُخضعنا للحلاقة، فحلقوا لنا ذقوننا علمًا أنها لم تمتلك شعرًا بعد، حتى إذا ما انتهى، وكل هذا الأمر كان مشبعًا بالضرب والركل والرفسات، وآخر شيء يوجد نعيمًا، سمّعونا أن هناك نعيمًا، فيجب [أن] تأكل النعيمًا وهي الكرابيج التي تشتغل بظهرك، أو ممكن [أن] يرموك أرضًا، طبعًا لا توجد دواليب لكن الضرب بالركل والرفس والكرابيج يعني، طبعًا أخذت معنا حوالي تقريبًا نصف ساعة أو ساعة تقريبًا، حوالي ساعة من التعذيب الحقيقة، حتى إذا ما دخلنا إلى المهجع ونظر كل منا إلى الآخر بشكله المضحك، لم نعتد على رؤية بعضنا بهذا الشكل، نحن نعرف كل واحد عنده يعني الشوارب إلى حد معين ظاهرين قليلًا معلمين بوجهه، شعره مقبول -ما شاء الله- مُظهِر شكله، أما الآن لا شاربًا ولا شعرًا، الجروح ملأت الوجوه، وجوه فعلًا فعلًا مرعبة ومخيفة، ومضحكة بنفس الوقت، فينظر أحدنا إلى أخيه ويضحك في نفسه، كل منّا يضحك على الآخر لهذه الرؤية التي يراها، لكننا كنا فعلًا متألمين لهذا الحال الكبير الذي تسلط به علينا هذا المجرم بطواغيته وبعناصره وبجنوده الخبثاء. طبعًا بعد أيام قليلة تم إخراجنا إلى مهاجع ثانية، ووُزعنا إلى مهجعين، في كل مهجع وُضع منا 10، نحن كنا 20 شخصًا، فوضعوا 10 بـ 10، دخلت أنا أتذكر المهجع الأول الذي دخلت إليه، كان رقمه 26، مهجع 26 طوله حوالي.. طبعًا هذا في مهاجع الباحة الـ 6 التي تمتاز بطولها، طول المهجع 20 م تقريبًا، يُقتطع منها متران تمامًا للمطابخ: الحمامان والمطبخ، هدول و18 م للمنامة، بعرض تقريبًا حوالي 5 م، وارتفاع شي حوالي 4 م، أو 4 ونصف أيضًا، فدخلنا وإذا به أمامنا وجوه مخيفة وكأنها أشباه، مهجع مملوء بالبشر كلهم قرعان، أيضًا تبدو عليهم علامات البؤس والتعب والضعف والإنهاك، والخوف، لكن تشعر منهم الأنس، فدخلنا عليهم وكلنا أطفال، فاحتضنونا وتحلّقوا حولنا، وعطفوا علينا، وسمعنا منهم من الكلام الطيب [ما سمعناه]، وقالوا: لقد سمعنا بضرباتكم ودواليبكم وحفلة استقبالكم، وفعلًا هم كانوا قريبين منا في الباحة الـ 6، وقالوا: الحمد لله أن استقبالكم كان لطيفًا، فكان لطيفًا جدًا لم تأكلوا من الضرب الكثير، كما كان لغيركم، فقلنا: عجبًا! كيف لم نأكل من القتل الكثير، ويعدّ أحدنا الـ 100 والـ 200 و300 كرباج (سوط)؟ قال: نعم، كثير من شبابنا الذين أتوا من قبلكم كانت حفلات استقبالهم يموتون تحتها، وإذا ما ماتوا تحتها، عندك من الـ 1000 كرباج، عندهم مجال، لكن يبدو أنهم عطفوا عليكم لصغر سنكم فقتلوكم 200 و300 و400 كرباج، يعني أمر عادي، فخففوا عنا بهذا الكلام، وأحاطونا الحقيقة بكل عطف وحنان، وسمعنا منهم من الكلام الطيب. طبعًا يومًا بعد يوم تعودنا على الوضع، كان رئيس المهجع من شباب حلب -رحمة الله عليه- من الشباب الشجعان، كله حماس وشجاعة، وقوة إلى الآن ما زلت أتذكر اسمه، اسمه: محمد جمال عيار، تم إعدامه -رحمة الله عليه- كان من شباب طلاب الشريعة، لكنه كان قامة علمية وفكرية، وقوة جسدية عنده، ومن الشجاعة والمتانة ما كان يتحمل من الآلام والمتاعب والقتل الكثير عن إخوانه في كل يوم، وكان أيضًا عندنا من القامات: العلماء والمفكرون والأطباء والمهندسون [حوالي] 200 شخص، لكن ما كنت أنظر إلى أحد منهم وأراهم مثلي، كنا نحن صغارًا، لم يكن يوجد عندهم صغار، كلهم علماء، فالحقيقة هنا يعني وجدنا شيئًا من الراحة عندما عاشرنا هؤلاء الشباب بعلمهم وبقيمهم وبأخلاقهم، وبتربيتهم لنا، فكنا معهم كالأبناء، الحقيقة أنا وغيري من الشباب نقول حتى الآن: إن الله أكرمنا -سبحانه وتعالى- أكرمنا بدخول هذا السجن لنكون مع هؤلاء الشباب، فيشرفوا على تربيتنا، بل ويربوننا على أيديهم، وهكذا فعلًا نشأنا على العلم والدين والقيم والأخلاق مع ثلة طيبة من العلماء والأساتذة والمفكرين والأطباء والمهندسين من كل الطبقات الاجتماعية، ومن كل المدن السورية. طبعًا في مهجع 26 أنا بقيت حوالي 4 سنوات ونصف مع هؤلاء، كانت الغالبية العظمى منهم كان من أهل حمص، أهل حمص كان لهم الحقيقة النصيب الأكبر من سجناء تدمر، حيث كان يعني يسيطر على الفروع العسكرية آنذاك غازي كنعان، وهذا كان مجرمًا كبيرًا -الله ينتقم منه- وربنا انتقم منه، الحمد لله أن أهلكه، فكان لهم النصيب الكبير من حفلات الإعدام، أعدم شبابهم يعني أكثر من 90% من شباب حمص تم إعدامهم على حبال المشانق، سأتكلم إن شاء الله تعالى أيضًا على هذا الأمر. في كل يوم الحقيقة كنا نجلس مع هؤلاء الشباب، ولا ينتهي اليوم عندنا، لماذا؟ لأنه عندك أناس كثر كم تحتاج أن تقعد مع هؤلاء الشباب وتتعلم منهم! هذا أستاذ لغة عربية وهذا أستاذ رياضيات وهذا أستاذ فيزياء وكيمياء، وهذا شريعة كل واحد عنده من العلم الذي يمكنك أن تستفيد منه في الوقت الذي لا يصلح المهجع لإعطاء الدروس، لأنه مكشوف على الشرطة، فعندنا نافذة نسميها شراقة، حتى يراقب الحرس المهجع من أي حركة [أو] أي ابتسامة [أو] أي تصرف [أو] أي اجتماع، كل هذه الأمور ممنوعة بالكامل، وبالتالي عندما كنا ننتقل من أخ إلى أخ ننتقل بالخفاء، وحتى عندما نجلس مع بعضنا يجلس كل منا وقد أدار ظهره لأخيه، حتى إذا ما رآنا هذا المجرم من الشراقة لا يشعر بأننا نجلس مع بعضنا ،أو أننا نتكلم مع بعضنا، أو أن أحدنا يعطي درسًا للآخر، هكذا كنا نتعامل، في الداخل كنا نتعامل كأسرة واحدة وكعائلة واحدة، وكإخوة مع بعضهم، كل أشكال المودة والمحبة والتضحية والفداء فيما بينهم، بالرغم من أن العدد كبير جدًّا لا يمكن أن يتسع لهؤلاء، لك أن تقدر ذلك عندما أقول: إن كلًا منا كان يملك حصته من المنامة [بمساحة] شبر وإصبعين، ليس لك أن تنام إلا [بمساحة] شبر وأصبعَين يعني يجب أن تنام على جانبك حصرًا، لأنه لا يتسع معك، ويجب أن تنام فترة 12 ساعة، من الساعة الـ 6:00 مساءً حتى الـ 6:00 صباحًا، فأنت عمليًّا معنى ذلك كم عندك اكتظاظ! الحقيقة يوجد اكتظاظ كبير جدًّا، ولك أن تتخيل مدى الصعوبات التي ستعترضك في الليل والنهار جراء هذا العدد الكبير، سواءً كان من الطعام وسواءً كان من المنامة وسواءً كان من التفقد وسواءً كان من التنفس، وسواءً كان من الخدمات التي يمكن أن تحتاجها أنت في النهار، سواءً كان من الدخول إلى الحمامات، عدد كبير ولا يمكن يعني [أن] يتسع هذا الأمر، فكل هذه الأمور الحقيقة، ملابسات الحياة اليومية كانت قاسية جدًّا أمام الظروف الحياتية التي سنعيشها مع بعضنا، مع العدد الكبير في كل مهجع من المهاجع. طبعًا مهجع 26 كان صورة مصغرة عن كل مهاجع سجن تدمر، فما ينطبق على مهجع 26 وما ينطبق على الباحة الـ 6 ينطبق على كل المهاجع في السجن، وينطبق على كل الباحات في السجن، إلا ما كان من حفلات الإعدام التي اختُصت بها الباحة الـ 6 والتي هي أطول باحة تقريبًا، طولها حوالي 80 م، يعني هي جاهزة حتى يُنصب فيها عشرات المشانق، ويتم فيها حفلات تعذيب. طبعًا ما ينطبق على مهجع 26 في حياته اليومية وما فيه من ملابسات ومن بعض الأمور التي لا بد من ممارستها ينطبق على كل المهاجع، وما ينطبق على الباحة الـ 6 أيضًا من الباحات الـ 7 ينطبق على كل الباحات، إلا ما امتازت به الباحة الـ 6 لطولها وموقعها لأنها كانت من أجل تنفيذ حفلات الإعدام، كما سنتكلم عنها إن شاء الله تعالى في حلقات لاحقة، طبعًا وجدنا أنه يبدو أن المستقر الأخير عندنا -نحن كشباب من بانياس- في مهجع الـ 26 مع هذه الثلة الطيبة، والتي بلغت تقريبًا حوالي 200 شخص، كان عندنا بداية عندما تم استقبالنا وُزِّعنا في مجموعات للطعام، وتم توزيعنا كل شخص في مجموعة، حتى يبدو لا نبقى متقوقعين على أنفسنا، بل حتى ننفتح على الآخرين، أيضًا إعطاء كل واحد منا مكانه في النوم من أجل أن ينام، أيضًا هناك بعض الأمور التي دُربنا عليها وعُلمنا عليها من خلال الحركة اليومية أو التنظيم الإداري لحياة المهجع، وخاصة أن العدد كبير، فلا بد من إدارة ولا بد من تنظيم، ولا بد من ترتيب في كل المجالات. في مجالات النوم كان هناك مسؤول، في مجالات الطعام كان هناك مسؤول، في مجالات الدخول إلى المطبخ أو الحمام كان هناك مسؤول، في إدخال الطعام كان هناك أيضًا لجنة من أجل [ترتيب] كيفية إدخال طعام، لأن إدخال الطعام كان أيضًا عندنا عقبة كبيرة جدًا تحتاج إلى تحمل، وتحتاج إلى رجال كي يخرجوا ويدخلوا الطعام، عندنا أيضًا من أجل التنفس أيضًا عندنا كوادر، كل هذه الأمور كانت تحتاج إلى رجال عندهم من العلم والكفاءة في الإدارة حتى لا نجعل من فوضى إذا ما حصلت الحقيقة ذريعة لهؤلاء المجرمين حتى يقتلوننا. كانت من الأمور الصعبة جدًا والتحديات القاسية أمام رئيس المهجع، وغالبًا ما كان يناله النصيب الأكبر من التعذيب من أجل الصوت، يعني عندنا 200 شخص، 200 شخص هؤلاء فيما لو تكلموا يعني بهمس قليل جدًا جدًا جدًا فإن صوتهم سيخرج، وبالتالي هذا كان من السبع الموبقات التي يمكن أن تقع في السجن، حتى إذا ما جاء الحرس من على السطح وسيتسبب للمهجع إما بالعقوبة الجماعية وإما بالعقوبة أيضًا الفردية التي سينالها أو ستطال رئيس المهجع، طبعًا كانت كما قلت: أكبر المشاكل عندنا في سجن تدمر كانت الصوت، وكان سيأكل ضربًا أكثر شيء فيها مَن؟ رئيس المهجع. عندك أمور الطعام وأمور التفقد، وأمور التنفس، يمكن لنا أن نتكلم الحقيقة عن بعض المحطات اليومية، إذا ما أردنا أن نتكلم عن برنامج السجن الذي الآن أصبحنا نزلاء في هذا المهجع، وكما قلت: ما ينطبق عليه ينطبق على غيره، وبالتالي كل المهاجع وكل السجن بباحاته وشبابه سينطبق عليهم هذا النظام، فدعنا نضع المحطات اليومية بداية، المحطات الأسبوعية التي ستعترض المساجين، المحطات الشهرية، والمحطات السنوية، وبالتالي نكون قد أحطنا بصورة كاملة على الأمور التي كانت تعترض هؤلاء الشباب في حياتهم، ونتكلم عنها إن شاء الله تعالى بشكل كامل، المحطات اليومية: كانت هي بداية الإفطار أو الاستيقاظ، نتكلم من الاستيقاظ والذي سيكون الساعة الـ 6:00 صباحًا، ثم تناول الفطور، ثم عندنا التنفس الصباحي، ثم عندنا التفقد، ثم عندنا التنفس المسائي، ثم عندنا الغداء أو قبل التنفس المسائي، الغداء بعد التفقد، ثم عندنا التنفس المسائي ثم عندنا النوم الساعة الـ 6:00 مساءً النوم، يعني ننام الساعة الـ 6:00 ونستيقظ الساعة الـ 6:00، فترة النوم عندنا 12 ساعة، أحيانًا في الصيف يعني ننام قبل المغرب بساعتين، وعندنا فترة النوم، عندنا ما يُسمى: الحرس الليلي، والحرس الليلي هذا من أصعب المهمات على الإطلاق. هذه المحطات يومية، وما أدراك ما تلك المحطات! الحقيقة محطات مؤلمة جدًا من أصعب ما تكون، عندما نخرج نستيقظ صباحًا، تصور أن عندك 200 شخص وممنوع الدخول إلى الحمام ليلًا، وبالتالي عندك صلاة الفجر، إذا ما تأخر الشباب عليها، أوصلوا تيممًا، أو فاقد الطهورين -دعنا نسميها- بفراشهم، لكن يريدون [أن] يخرجوا إلى الحمام صباحًا، 200 لا يجب [أن] يصدر منك صوت، ولا يجب أن يكون هناك فوضى، ولا يجب أن يكون هناك أي شيء مريب، وبالتالي هذه عقبة كبيرة جدًا لا يمكن ضبطها أمام مهجع [يضم] 200 شخص، فهذه عقبة كبيرة جدًا، عليها أخ مسؤول، عليه أن يكون جاهزًا أو أحيانًا يكونان اثنين مع رئيس المهجع من أجل أن يضبطوا هذا الأمر، حتى لا تكون أو تشكل ذريعة أمام هذا المجرم الذي يمكن أن يراقب، وبالتالي سيوقع علينا العقوبة النهارية، وهو ينتظر هكذا أمرًا، طبعًا إذا نجحنا وانتهينا من هذه المحطة الأولى تأتيك المحطة الثانية، والتي تكون في الساعة الـ 6:30 إلى الـ 07:00 هي الإفطار، إدخال الإفطار، الإفطار وما أدراك ما الإفطار؟ عندما تسمع بقضية الفطور لـ 200 شخص ممكن [أن] تتخيل مباشرة أنه يأتي كميات كبيرة جدًا لأنه عدد كبير، وبالتالي إذا ما جاءك من الزيتون مثلًا أو من اللبنة أو من المربيات أو من هذه الأنواع التي بالعادة تُقدَّم فطورًا تقول: إنه قد يأتينا 20 كيلو لبن مثلًا لـ 200 شخص، أو 10 كيلو مثلًا زيتون لـ 200 شخص، أو 200 بيضة مثلًا لـ 200 شخص كل واحد بيضة بيضة، قد يتبادر إلى ذهن الإنسان، من الشاي أيضًا لأنك إذا أردت أن تأتي نحن المهاجع لا يوجد فيها شيء، ممنوع عليك أي شيء لا أقلام ولا دفاتر لا ولا [أي] شيء، لا يوجد بابور (موقد قديم للطهي) ولا غاز ولا يوجد أي شيء، هذه الأمور كلها ممنوعة عليك بالكامل، فهم من يأتونك، حتى بالشاي يأتون بأطباق كبيرة، وبالتالي أنت أمام محطة الفطور، معنى ذلك من سيأتي بالفطور؟ رئيس المهجع يقدم الصف عندما يشعر أن الباب سيُفتح يكون [اثنان] جاهزين ليخرجا حتى يأتيا بالفطور للشباب ويكونان طبعًا من الشباب القبضايات الشجعان، لأن الفطور كنا نسميه غزوة، غزوة من طرف واحد، يعني هؤلاء الشباب سيخرجون واحدًا منهم سيحمل طبقًا فيه لبنة أو فيه زيتونًا، والآخر عليه أن يحمل طبقًا نصفه شاي، لا يجوز أن ينسكب شيء من الشاي أبدًا، مع تناول تناول الركلات والرفسات والكرابيج، تأتي السرية مباشرة هي للقتل الحقيقة، لكن تأتي، وبالتالي أنت تريد أن تخرج شبابًا شجعان يكون عندهم صلابة وثباتًا وقوة وشجاعة حتى يحملوا هذا الإفطار ويدخلوه لإخوانهم، وطبعًا كانوا ينجحون بفضل الله سبحانه وتعالى، لكن كانوا يأكلون ضربًا كثيرًا، وغالبًا أحيانًا يتم إذا لم يكن يوجد عندنا شخص مُعلَّم للخروج إلى الضرب -غدًا نحكي ما معنى المُعلَّم للخروج إلى الضرب- لكن عندهم أوامر، يريدون أن يقتلوا ويتسلوا، فكان أحدهم يرفس أو يركل الأخ الذي يحمل طبق الشاي، وبالتالي يضطر هذا الأخ [أن] يسكب شيئًا من الشاي على الأرض، وبالتالي تكون الذريعة قد وقعت، نحن نجلب لكم الشاي وأنتم تسكبونه لإخوانكم؟ تفضل إلى الضرب، فطبعًا يتناوبون عليه وينهالون عليه، وممكن [أن] يأكل 50 و100 و200 كرباج، وأحيانًا يصل به إلى أن تُكسر يده أو رجله، وبالتالي لا يستطيع القيام، حتى إذا ما انتهوا من قتله وأصبح ملقىً على الأرض يقوم اثنان ليدخلوه إلى المهجع، فيخرج اثنان ليحملوه إلى المهجع غير واع بأي شيء، طبعًا هذه الأحداث تتكرر بشكل دائم للأسف.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/11/08
الموضوع الرئیس
الاعتقال في سجن تدمركود الشهادة
SMI/OH/159-09/
أجرى المقابلة
خليل الدالاتي
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/08/09
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-سجن تدمرشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
سجن تدمر