بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 أنا اسمي محمد جمال شحود من مواليد 1970 في بلدة جرجناز في ريف معرة النعمان الشرقي، تبعد بحدود 13 كم عن بلدة جرجناز. معروف في الوسط العام جمال شحود، شغلت عدة مناصب في بداية الثورة السورية، كنت مديرًا لأكبر المدارس الموجودة في مدينة معرة النعمان على زمن النظام، بعد ذلك في بداية الثورة السورية كنت أول مدير تربية في التربية الحرة لمحافظة إدلب، بعد ذلك كنت معاونًا لوزير التربية في الحكومة السورية المؤقتة، أيضًا بعد ذلك كنت وزير التربية في حكومة الإنقاذ، وبعد ذلك كنت مستشارًا لرئيس الحكومة لشؤون التربية والتعليم العالي، بعد ذلك كنت مديرًا للثقافة ومديرية الثقافة، وبعد ذلك أصبحت مدير العلاقات العامة في رئاسة الحكومة.

  ولدت في بلدة جرجناز- كما ذكرت- الواقعة في الريف الشرقي لمعرة النعمان، جرجناز كلمة أثرية آرامية قديمة تعني في تفسيراتها أنها الأرض المرتفعة، وفعلًا جرجناز منطقة مرتفعة، وكل القرى الموجودة بعد جرجناز عندما تذهب إليها تشعر أنك تذهب باتجاه  ماشي نزول (تسير في أرض منخفضة)، أو يقال أن سبب تسمية جرجناز بداية هو: أنه كان الحاكم الآرامي في تلك المنطقة اسمه جورج ناز هذا كما وردنا في الروايات، وهي بلدة أثرية قديمة تعمل بلدة جرجناز في المجال الزراعي حيث تزرع كل المحصولات وخاصة القمح والشعير والأشجار المثمرة كالزيتون والعنب والفستق الحلبي والتين.

 يعمل أهلها أيضًا في تربية المواشي وتربية النحل، يعني مررنا بفترة من الفترات كانت جرجناز تنتج مئات الأطنان من العسل، وكان رئيس جمعية النحالين على مستوى سورية كلها من جرجناز، فلا يوجد أحد من جرجناز إلا وعمل في تربية النحل، على الأقل تربى النحل للاكتفاء الذاتي وأنا منهم، وهناك من قام بتربية النحل كمشروع استثماري مشروع إنتاجي يستطيع أن يؤمن حياته.

 هذه البلدة من الناحية الاجتماعية فيها عدة عوائل كأي بلدة، عدد سكانها قبل الثورة وصل إلى 20ألفًا أو21 ألف نسمة ممتدة بين الشمال والجنوب على مسافة تصل إلى 50 دونمًا تقريبًا 50 ألف متر مربع، يقطعها طريق عام رسمي يذهب من مدينة معرة النعمان باتجاه سنجار، ويتابع إلى البادية، وقد يصل إلى العراق. 

 أهل جرجناز يعني عدد سكان جرجناز كما ذكرت 20 ألفًا أو21 ألف نسمة، يوجد في جرجناز من 4000 إلى 5000 شهادة جامعية؛ وبالتالي يعني عدد السكان الذين يحصلون على الشهادة الجامعية بحدود الربع (25%)، ومن يحصل على الشهادة الثانوية بحدود النصف أو أكثر من النصف، المتعلمون أو أظن أنه لا توجد أمية أو نسبة الأمية في جرجناز قد تنحدر إلى 5% أو أقل من 5%، هذه البلدة الترابط الاجتماعي السكاني الموجود فيما بينها هو ترابط أزلي قديم، كل العوائل الموجودة قد لا تكون تنتمي إلى بعضها في القرابة، لكن تنتمي إلى بعضها في الانتماء الاجتماعي، تبادر جميعها في الملمات سواء كانت في الأفراح أو في الأتراح، و على سبيل المثال: أذكر أنه عندما كان سابقًا على زمن النظام ينادي أحد على أحد مكبرات الجوامع أنه توجد مثلًا معضلة في مكان ما تجد أن القرية تهرع كلها من أجل المساعدة أو الوقوف على هذه المشكلة من أجل حلها.

 بدأت الدراسة الابتدائية كأي طالب موجود في مجتمع ما ومجتمع ريفي في البلدة، يعني بلدة جرجناز يوجد فيها مدرسة ثانوية منذ العام 1963، ربما تكون أقدم ثانوية موجودة في المنطقة موجودة بعد معرة النعمان في بلدة جرجناز، درست المراحل الدراسية في بلدة جرجناز، بعد ذلك انتقلت إلى جامعة حلب إلى كلية الآداب وقسم اللغة العربية، تخرجت ولله الحمد بعد أربع سنوات، وذكرت أنني كنت من الطلاب الذين قُبلوا في مجال الدراسات العليا، الطلاب الخمسة الذين قُبلوا في الدراسات العليا في جامعة حلب بعد التخرج أنا كنت منهم.

  الأعمال التي شغلتها بعد أن تخرجت من جامعة حلب هي أنني عملت في مجال التدريس وبعد ذلك سافرت إلى المملكة العربية السعودية إلى المدينة المنورة أيضًا لأعمل في مجال التدريس، قبل السعودية سافرت إلى لبنان، وعملت فترة في مجال التدريس وإلى الأردن، بعد أن عدت من المملكة العربية السعودية وبعد غربة ثماني سنوات سافرت إلى الجزائر، هذه البلدان التي زرتها كلها استفدت من خلال مسيرتي فيها بزيادة الجعبة الثقافية والاطلاع على ثقافات شعوب أخرى، استفدت من هذه الثقافات، اطلعت على ثقافات شعوب موجودة في السعودية أيضًا كشعوب أوروبية أو شعوب شرق آسيوية، اطلعت على مساحة حرية الرأي ومساحة الاطلاع الفكري التي يعني تقوم بها أو تمتلكها باقي الشعوب، فكنت -لله الحمد- مطلعًا على ثقافة أكثر من 20 جنسية أو عرقًا من من 20 دولة، من خلال رحلتي في مجال السفر الذي كنت أعمل فيه إن شاء الله  تعالى في مجال التعليم.

 بداية الثورة السورية أنتم تعلمون أنه كان هناك حراك ثوري في البداية في تونس، أنا زرت تونس مرورًا، وزوجتي من الجزائر هي جزائرية الأصل، فكنت أذكر عندما سقط النظام الجزائري التونسي في برهة بسيطة بحدود ال20 يومًا أو 23 يومًا، وكنت أرى من قسوة وشدة هذا النظام في تونس فقلت: من الممكن للنظام السوري عندنا ألا يأخذ عشرة أيام حتى يسقط. بصراحة لأنه كانت هناك قبضة أمنية وهناك شدة في تونس أكثر من سورية بكثير.

 مقدمات الحراك الثوري: أنا في بلدة اشتهرت بالحراك الثوري على مستوى سورية بشكل عام، كانت ثاني بلدة تخرج بالمظاهرات في محافظة إدلب بعد درعا مباشرة، شاركت في أول مظاهرة خرجت في بلدة جرجناز، وكنت من المشاركين الأوائل -لله الحمد- أنا  وأحد الزملاء كان معي، كنا نحمل إجازة جامعية كشخصين من هذه البلدة، كنا نتمنى لهذه المظاهرات أن تتطور، وعملنا على ذلك حقيقة و وسارت المظاهرات حتى وصلت إلى مدينة معرة النعمان، وكانت تخرج مظاهرات قد يصل عدد المشاركين فيها إلى 20 ألفًا وأحيانًا إلى 30 ألفًا أو 50 ألفًا، في معرة النعمان كمدينة كان كل الريف التابع لمعرة نعمان سواء في الريف الشرقي أو الغربي  ينزل إلى المظاهرات، هذا عدا عن الحراك الثوري.

 الحقيقة من خلال اطلاعي على ثقافات شعوب أخرى وسفري كان قبل الثورة دعني أقول بـ 15 عامًا وجدت أننا كنا نرى العالم من خرم إبرة صغير، حتى أذكر أنني في مدينة الرياض بعد وجودي في المملكة العربية السعودية لمدة خمس سنوات ذهب زميل من زملائنا إلى هناك، وما زال يتحدث عن المفاهيم الموجودة في كتاب التربية القومية الاشتراكية، أنا أريد أن أشرح له أكثر فأحد الزملاء قال: دعه، فهو ما زال يرى العالم من خرم الإبرة الذي كنا نراه منه، ستتوسع ثقافته وسيتسع أفق الرؤية عنده بعد مرور عام أو عامين على وجوده في هذه البلاد، وسيرى بنفسه وعينه كيف أهالي هذه البلاد أو الذين يرتادون هذه البلاد يفكرون.

 الحقيقة معظم البلدان العربية محكومة بالقمع والسلطة الأمنية، لكن هناك تفاوت، [بالنسبة] لرد فعل الشارع السوري فإن الشارع السوري هو في الأصل شارع مثقف ثقافة أدبية وثقافة عامة ناهيك عن أنه مثقف ثقافة سياسية، وأنا لدي أمثلة كثيرة أسوقها على هذا المثال، أنت تجد... وأنا أضرب مثالًا دقيقًا جدًا: رعاة الأغنام الذين يرعون الأغنام في البادية تجد أن الواحد منهم يحمل معه جهاز راديو صغير يعمل على البطارية، ويستمع إليه بأذنه، ويستمع إلى نشرة أخبار بشكل عام، [بالنسبة]للمجتمع السوري 90% من المجتمع السوري ينتظر موعد نشر الأخبار ليستمع إليها، علمًا بأنه لم تكن هناك أحداث، لكن يحب أن يطلع ويعرف ماذا يجول في العالم حوله.

 المجتمع السوري مجتمع مثقف من الناحية المالية ومن الناحية الاقتصادية ومن الناحية الاجتماعية ومن الناحية -دعني أقول- التنموية، عندما بدأت ثورات الربيع العربي في تونس وفيما بعد يعني أنتم وجدتم أنه بدأ الحراك في ليبيا وبدأ الحراك في مصر، انتهت الثورة التونسية خلال أيام وغادر النظام، النظام المصري طال قليلًا لكنه في النهاية سقط، النظام الليبي كان يترنح فقامت الثورة السورية.

 نحن اشتركنا في صفحة عنوانها: "الثورة السورية ضد بشار الأسد" قبل قيام... منذ بداية الحراك الثوري الذي كان في ثورات الربيع العربي، وصل عددنا في هذه الصفحة إلى 70 ألفًا، طبعًا هناك أشخاص دخلوا بأسماء وهمية، أنتم تعلمون القمع الأمني وقمع...،بكل أسف كنت داخلًا باسمي أو ليس بكل أسف بل بكل ثقة الحمد لله كنت داخلًا باسمي الرسمي، حتى الآن اسمي على "الفيسبوك" جمال شحود، و"السكايب" جمال شحود، و"الإيميل" جمال شحود، يعني لم أظهر حتى باسم مستعار أو أكون متخفيًا؟! أنا ظاهر باسمي وبشخصي وبلغتي وبكل شيء، كان الشارع محتقنًا ومهيأ للتغيير( يريد التغيير)، النظام الأمني الموجود لم يكن من الأنظمة التي تدرس طبيعة الرد بأنه يجب أن ينحني أمام العاصفة وفيما بعد يعود ليقف، كان الرد ردًا قاسيًا جدًا حتى أني بحكم وجودي في البلاد هنا كنت أعمل بالتجارة إلى جانب عملي كمدير لأكبر مدرسة في مدينة معرة نعمان كان لي تواصل مع رجال أمن ومع ضباط مسؤولين في النظام، فأذكر حتى الآن أن هناك ضابطًا رفيع المستوى برتبة عقيد أو غير ذلك في أحد فروع الأمن في مدينة إدلب في محافظة إدلب تعرف علي من خلال ضابط آخر قال له: الأستاذ جمال يعمل في مجال التدريس قال لي: أستاذ جمال عندكم زيادة في الرواتب وهذه زيادة جيدة، لكن- هكذا يقول لي بالحرف الواحد- القيادة عندنا قررت تأجيل هذه الزيادة كي لا يقال: إن القيادة انحنت أمام الثورات التي ظهرت في الدول الأخرى وسارعت لإعطاء الناس زيادة في الراتب. قلت له: ما الضير؟ يعني لو أعطيتهم وقالوا كذلك، هم لا يريدون أن يقال: إن هذا الشعب قد استجابت  القيادة لمطالبه أو قد سارعت لتلبية مطالبه أو إرضائه أو دعني أقول: إعطاؤه... يعني ولو أن الإرضاء لم يكن من أجل المادة كان الإرضاء من أجل الفكر، كان الإرضاء من أجل الحرية السياسية، كان الإرضاء من أجل رفع قانون الطوارئ، كان الإرضاء من أجل منع الاعتقال التعسفي وإخراج المساجين وإعطاء فسحة للناس بالفكر بالكتابة بالتعبير عن آرائهم.

 تصور أنهم أرادوا أن يزيدوا الرواتب بنسبة معينة ليقول: نحن قررنا تأجيل هذه الزيادة كي لا يقال: إن القيادة انحنت أمام ثورات الربيع العربي وهم يعني اختاروا المواجهة. هذا الشعب يعني لا يستطيع أن يواجهه أحد، لا تستطيع أن تواجهه قيادة فبدأ الحراك الثوري -أنتم تعلمون- من درعا، والحقيقة أول ما بدأنا في المظاهرات يعني لم يكن هناك شيء تستطيع أن تعبر به إلا أن تقول: "بالروح بالدم نفديك يا درعا" و"الله سورية حرية وبس" لأنه كان الشعار هناك مطلق أمام أذناب النظام وعملاء النظام: "الله سورية بشار وبس" كان الرد: "الله سورية حرية وبس" ليس "بشار وبس" اتصور يعني حتى النظام لو أن النظام لم يكن نظامًا ديكتاتوريًا ونظامًا قمعيًا ما الضير بأن الناس ينادون بالحرية، يجب أن يكون هو من أنصار هذه الشعارات، هذه الشعارات التي بدأت في بداية الحراك: "الله سورية حرية وبس" و"بالروح بالدم نفديك يا درعا".