الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

أهمية حراك الشارع، واستئصال "داعش"

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:43

نحن تحدثنا بخصوص العام 2015 عن واقع العمل السياسي والخارطة الفصائلية في المجمل، وعلى التوازي كانت المجالس المحلية، وكانت تتثبت في الغوطة فكرة أنه في كل بلدة يوجد مجلس محلي يمثل السلطة وله معارضة، وكان حراك الشارع في الغوطة يرعبنا جميعًا، والصيغة التي كنا نتمنى أن نصل إليها في سورية، أن يخاف من هو في السلطة من الشارع ومن غضب الشارع، تلك [الصيغة] عشناها، فقد كان هناك حراك شعبي، وخصوصًا في قطاع الغوطة حيث لم تكن السيطرة الكبرى لـ "جيش الإسلام"، وكان هذا الهامش مفتوحًا، بحيث أنه يوم الجمعة عندما تكون المظاهرة بسبب غلاء أو أزمة أو تعرض أحد المكاتب الأمنية لأحد الناشطين، تقوم المظاهرة وتُسقط، وليس لديها  خطوط حمراء على أحد، من أكبر اسم إلى اصغر اسم، وكان حراك الشارع يقول كلمته. وعلى صعيد البلدات مثلًا في العام 2015 كان مسلسل انتخابات المجالس المحلية، والغوطة كان فيها سنويًا تقريبًا انتخابات مجلس محلي لكل بلدة، وهناك بلدات تغيرت خارطتها السياسية، فمن كانوا في المجلس (المجلس المحلي - المحرر) سقطوا في الدورة التالية، وهناك دورات بقي فيها الأعضاء أكثر من دورة، ولكن في النهاية كان الاحتكام لمشروعية الانتخاب، إما الانتخاب المباشر أو انتخاب الهيئة العامة أو الشورى التي تعيّن المجلس. وهكذا كانت المشروعية الأساس في المجالس المحلية هي المشروعية الانتخابية، وهذا ما عاشته الغوطة منذ العام 2013 وما بعد، وتكرس يومًا بعد يوم، وبعض البلدات كانت سباقة، والبعض الآخر تأخر قليلًا، ولكن كل الغوطة عاشت تجربة تداول إدارة المجالس المحلية، أو على الأقل الاحتكام إلى المشروعية الانتخابية في المجالس المحلية.

وفي إحدى الاجتماعات مع "القائد العام للغوطة" (زهران علوش – الشاهد)، كان يشكو خائفًا من هتافات هُتفت ضده في بلدة ثانية، فهذا دليل على أن صوت الشارع مؤثر، وفي اجتماع مع قائد "فيلق الرحمن" (عبد الناصر شمير – المحرر) كان مرعوبًا بسبب قضية تعرض لناشط قام بها مكتبه الأمني. ونحن كفعاليات، أنا كان يرعبني أن يخرج أحد ويقول (...)، أو أن تخرج مظاهرة وتطالب بإسقاط الأمانة العامة (الأمانة العامة في الغوطة الشرقية – المحرر) والهيئة السياسية (الهيئة السياسية في الغوطة الشرقية – المحرر)، وحينها أعتبر أنها النهاية ويجب أن نذهب وننتحر، فهذا معناه أن هناك شيئًا لا يعجب الناس. في الحقيقة كان هناك خوف لدى كل هذه النخب التي كان ينُظر إليها [على أساس أنها تمثّل] القائمين على الغوطة، كان لدينا خوف حقيقي من المظاهرة ومن حراك الشارع لأنه كان يتحرك بحريته فعلًا. وفي الوقت نفسه أذكر في إحدى نقاشاتنا عندما كنا نضع الثوابت والمحددات لعمل الهيئة العامة (الهيئة العامة للغوطة الشرقية – المحرر)، وكان النقاش مع أبي عمار دلوان (ياسر دلوان رئيس المكتب السياسي الداخلي في "جيش الإسلام" – المحرر)، قال "إن [بند] حرية التعبير سيجعل الناس يخرجون ويهتفون ضدنا"، فقلت له: "فليخرجوا ويهتفوا ضدنا ويسقطونا، فليسقطونا وهذا معناه أنه لدينا شيء خطأ". وبالتالي علينا أن نصل إلى اليوم الذي لا يخاف الشارع فيه من السلطة، وإنما السلطة هي التي تخاف من الشارع.

الشارع في المجمل كان يحركه حسّه العام، على سبيل المثال أمام ظاهرة اعتداء على ناشط كانت تخرج المظاهرات، وكان الإعلاميون نشطين في الغوطة وكانوا يغطون الأحداث، وخلال مجموعة فعاليات كانت المجالس المحلية تصدر أحيانًا بيانات ضد تجاوز فصيل أو خطأ في مؤسسة. وهكذا كانت الغوطة رغم كل شيء، ورغم جو الحرب، كانت تعيش جو الحرية، وكان فعلًا حراك الشارع بمثابة الضوء الأحمر، فإذا كان حراك الشارع ضد تصرف أو مؤسسة أو مجموعة إذن هناك خطأ يجب معالجته ولا يمكن تجاوزه، وكان حراك الشارع في المظاهرة يتزامن مع حملة إعلامية ومع حديث الناشطين، ولم يُمنع أحد من نشر شيء، بل كنا ننشر ونشتم، وأنا في منشوراتي الشخصية كنت مرة أتعرض لهذا وأخرى لذاك، وهناك منشورات كانت تتعرض لأدائنا وأداء غيرنا، وبالتالي الغوطة عاشت هذا الجو، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، وعلى التوازي كان تداول الإدارات، ففي كل بلدة عندما يكون هناك مجلس محلي كان يُنظر له كسلطة قائمة، ولا بدّ من وجود معارضة له، وكان يحدث في بعض الأحيان حراك شارع محلي له علاقة بمشكلة تتعلق ببلدة، وكنا نسمع ببلدة مثلًا تخرج مظاهرة لتسقط المجلس المحلي، ولا أحد يتعرض لها، وهذا المجلس المحلي عندما تسقطه [المظاهرة] لسبب ما إما أن يعالج هذا السبب، أو يلجأ فعلًا للشرعية الانتخابية.

هذا الجانب من الحياة العامة في الغوطة كان واضحًا وملموسًا، وبالمقارنة مع ما وجدناه في الشمال عندما التقينا مع ناشطين من تلك المناطق، كانت المجالس المحلية هي تعيين الأمر الواقع الذي يستمر سنوات من أولها وحتى آخرها، أما الغوطة فقد عاشت تبديل وسقوط ونجاح أشخاص بالانتخاب، وعاشت بقاء أشخاص على رأس سلطة مجلس محلي أو مؤسسة، ولكن بشرعية الانتخاب، فالفكرة هي شرعية الانتخاب. وفي إحدى المرات في المجلس المحلي [قال أحدهم:] "جيد، أنتم ترشحون أنفسكم وتنجحون، ولكن كفى"، وكان يقصد بذلك أنه ليس لديه مأخذ [علينا]، و"لكن كفى، تنحّوا جانبًا، ولتترشحوا مرتين فقط"، وهنا بدأ يتطور الطرح أكثر، وهذا الكلام وصلنا إليه في بعض بلدات الغوطة، وتمّ تطبيقه عندنا، ففي الانتخابات الأخيرة في مجلسنا المحلي كنا ضامنين الثقل الانتخابي المباشر، واستطعنا أن نأتي بفريق وأن تتغيّر الوجوه، بالرغم من وجود فريق متكامل قائم على العمل ينجح انتخابيًا، ولكن في النهاية لا بدّ من تغيير الوجوه، ويكفي [الشخص أن يكون عضوًا] في دورتين، و"الله يعطيه العافية".

لقد كنت مؤمنًا بتداول الإدارة، وكنت سبّاقًا منذ أيام المكتب الطبي الموحد والاستقالة الطوعية وعدم الترشح وتداول الإدارات. طبعًا بالتوازي في العام 2015 كانت مواضيع الطاولة المستديرة للفعاليات الطبية، ودائمًا القضايا هي نفسها: مشكلة الحصار وتنظيم العمل الطبي، ولكن حينها بدأت تُطرح فكرة إلغاء بعض النقاط الطبية والاعتماد على مراكز مركزية، على سبيل المثال نعتمد في القطاع الأوسط مركزين أو ثلاثة، وفي قطاع دوما نعتمد مركزين، وفي قطاع المرج نعتمد مركزًا، وتلك النقطة الطبية في قرية صغيرة مثل حزة أو حزرما نلغيها. وأنا كنت من المعارضين بشدة لهذا الكلام، وقلت [لأحدهم]: "فلتسمع أنت والآخرون، عليك أن تحسب حساب المريض الذي يريد أن يبدل ضمادًا وهو من قرية صغيرة، كم سيكلفه الطريق ليبدل الضماد ويذهب إلى المركز الكبير؟". في الوقت الذي كنت قد تركت إدارة المشفى (مشفى الكهف – المحرر) وأخضعتها للشرعية الانتخابية، وكان قد أصبح فيها تغيير إدارتين بعدي في مشفى الكهف الذي أسسته، وكنت أعمل في مشفى الكهف وأغطي الجراحة فيه، ولدي ولاء مطلق له وأعتبره جزءًا مني، وكذلك لدي ولاء مطلق لمركز  "إنقاذ روح" و"إحياء نفس"، وهما مركزان أحدهما في حرستا القنطرة والآخر في زملكا، وكنت أغطي فيهما العمل الجراحي. وأعتبر فريقي ليس فريقًا محليًا في بلدة، وإنما فريق كبير في أكثر من مركز، واستطعنا أن نبني شراكات أساسها الفكر والمصداقية، فكل لون يلاقي ما يشبهه.

سار العمل الطبي على هذا المنوال، وعانى ما عاناه، وفي الوقت نفسه كانت هناك الحلول الإبداعية أو حلول التغلب على الحصار وعلى ظروف الحرب، وأيضًا وسائل التطوير كانت قائمة، وقد حضرت عملية تصنيع طرف صناعي، وتصنيع طاولات عمليات، وتصنيع المثبتات الخارجية للكسور، وأقمنا ورشة لتصنيع زجاجات تفجير صدر من "المطربانات" (الأوعية البلورية). وفي الغوطة لا يمكن لأحد أن يدعي أي فضل لنفسه، فالفضل هو فضل جماعي لمجتمع مقاوم، وأنا هذه الكلمة أصرّ عليها، ومن الظلم حتى في إنجازاتنا السياسية والمدنية وبناء المؤسسات وتأسيس المؤسسات التي كان لنا فيها دور مركزي، أن ندعي الفضل لنا فيها، وإنما أنا أضع الفضل فيها لمجمل هذا المجتمع الذي أفرزنا وأفرز غيرنا من الذين عملنا معهم.

الفكر المتطرف أو خطاب التطرف يجد دائمًا التربة الخصبة بوجود أمرين: الظلم الكبير والتخلف، وفيهما نجد البؤرة المناسبة للتطرف، والغوطة فيها الفقر والحصار، وهي مجتمع ريفي مُهمَل منذ ما قبل الثورة. وفي فترة من الفترات كان هناك لقاء عالٍ بين "جبهة النصرة" وبين "جيش الإسلام"، وكانت هذه الفصائل ذات الخطاب الإسلامي الأيديولوجي، وخصوصًا السلفي، كان هناك تنسيق بينها، ولم تحارب بعضها البعض، أي "النصرة" ("جبهة النصرة" – المحرر) و"جيش الإسلام" و"أحرار الشام" ("حركة أحرار الشام الإسلامية")، ومن ملاحظاتي بخصوص "أحرار الشام" أنه في الوقت الذي كان صراعهم على أشده مع "جبهة النصرة" في الشمال، كانوا في الغوطة حلفاء، ولذلك كنت أقول لأصدقائي في "أحرار الشام": "أنتم لديكم أزمة هوية، أو أنكم تمثلون علينا، فلا يعقل أن يكون هنا في الغوطة حليفك جبهة النصرة وفكرك جبهة النصرة بينما في الشمال ترتكبون المذابح بحق بعضكم البعض".

في عام 2015 كان العداء الصريح العلني باتجاه "داعش"، وكانت "داعش" تكفّر الجميع، واغتالت الشيخ رياض الخرقي أبو ثابت رئيس الهيئة الشرعية لدمشق وريفها (كانت العملية في 7 أيار/ مايو 2015، وتوفي متأثرًا بجراحه في 24 أيار/ مايو 2015 – المحرر)، واغتالته عبر عملية استهدفته هو وقائد "فيلق الرحمن" (عبد الناصر شمير – المحرر)، حيث فجّر نفسه شاب انتحاري، فأُصيب قائد "فيلق الرحمن" وأُصيب الشيخ أبو ثابت، وخضع لعملية جراحية معقدة، وبعد ذلك بعدة أيام استشهد. واستؤصِلَت داعش في العام 2015، ومن جملة التصفيات والاغتيالات التي تمت في دوما [اغتيال] الشيخ أبو أحمد عيون (عبد العزيز عيون ولقبه "أبو شجاع الأزهري"، وهو القاضي العام السابق في الغوطة الشرقية، واغتيل في 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 – المحرر)، وكان من المشايخ المعارضين بشدة لزهران علوش في دوما، وكان يجهر بمعارضته ويصل إلى درجة التخوين، اغتيل والكل نفى عن نفسه القيام بالاغتيال، ولكنه اغتيل في دوما.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/08/16

الموضوع الرئیس

واقع الغوطة الشرقية عام 2015حصار الغوطة الشرقية

كود الشهادة

SMI/OH/52-34/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2015

updatedAt

2024/12/02

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-الغوطة الشرقيةمحافظة ريف دمشق-مدينة دوما

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

حركة أحرار الشام الإسلامية

حركة أحرار الشام الإسلامية

جبهة النصرة

جبهة النصرة

تنظيم القاعدة

تنظيم القاعدة

جيش الإسلام 

جيش الإسلام 

الأمانة العامة في الغوطة الشرقية

الأمانة العامة في الغوطة الشرقية

مشفى الكهف في الغوطة الشرقية

مشفى الكهف في الغوطة الشرقية

المكتب الطبي الثوري الموحد في الغوطة الشرقية

المكتب الطبي الثوري الموحد في الغوطة الشرقية

تحالف أُسر المختطفين لدى تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش

تحالف أُسر المختطفين لدى تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش

فيلق الرحمن

فيلق الرحمن

الشهادات المرتبطة