التحضير لمظاهرة مدينة عامودا الأولى وانطلاقتها
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:11:41:00
في 1 نيسان/ أبريل 2011، كانت "جمعة الشهداء"، وقبلها بأيام كان هناك زخم، وكانت هناك روح ثورية دبّت في نفوس الشباب في عامودا، وحصل هناك تواصل بين الشباب في عامودا وقامشلي وبقية المناطق. في كل حارة، كانت هناك تنسيقات متفرقة بين مجموعات من الشباب ممن يجمعهم الانتماء للحارة والانتماء للقاعدة الحزبية والأحزاب الكردية، ويجمعهم مشروع التحرّر، وتجمعهم أفكار التغيير. كانت هناك مجموعات من كل حارة، وكان هذا التحضير تقوم به مجموعات متنوعة مختلفة من حارات متعددة من مدينة عامودا، والمجموعة التي كنت فيها كانت عبارة عن 12 شخصًا، ومعظمهم من خريجي الجامعات ومن الموظفين والمعلمين وشباب لازالوا يدرسون في الجامعات وبعض الأصدقاء. قمنا في الحارة بتحضير اللافتات والاستعانة بأحد الأصدقاء في كتابة اللافتات، وكنا نركّز على شعارات محددة، وكان التركيز على السلميّة والحريّة ووحدة الشعب السوري، وأنَّ هذا الحراك هو حراك للشعب، يهدف إلى التغيير والحريّة والديمقراطيّة.
وفي ذلك اليوم، قمنا بإخراج هذه اللافتات من منزلنا؛ لأننا كنا نخشى من المداهمات ووصول الأخبار إلى أفرع الأمن، كانت هناك ثلاثة أفرع أمن في عامودا: فرع أمن الدولة، وفرع الأمن العسكري، وفرع الأمن السياسي، وهناك مديرية للناحية، ومخفر للشرطة في مركز مدينة عامودا، حيث كانت هناك خشية من أن يكون تعامل النظام قاسيًا مثل بقية المناطق، على اعتبار أنها أول تجربة لمظاهرة رسمية، بمعنى أنها ليست طيارة، وتخرج بعد صلاة الجمعة، وتواكب بقيّة التظاهرات في المناطق السوريّة، وتكون ذات الإسم وشعارات متناسقة. وقمنا بأخذ الاحتياطات للحفاظ على سلامة اللافتات وضمان التنسيق بين تلك المجموعات، أخذناها من منزلنا إلى منزل الصديق إدريس حوتة، وهو مؤسس لتنسيقة عامودا، وكان في هذه التنسيقية: عبد الرحيم تخوبي وكمال جنو ومحمود حني وإدريس حوتة وإسماعيل شريف وفاروج جنو ومسعود خليل ومصطفى ملا سعيد وآخرون من الأصدقاء الأعزاء، ومن واجبي أن أذكرهم الآن.
وأثناء تحضيرنا في صلاة الجمعة، قمنا بنقل اللافتات إلى إحدى سيارات الأصدقاء ووضعها في صندوق السيارة الخلفي، وذهبنا إلى الجامع الكبير لأداء صلاة الجمعة، فالذي يصلي كان يأتي إلى صلاة الجمعة وخطبة الجمعة، والذي لا يصلي ينتظر عند باب الجامع الرئيسي. وكانت التنسيقية مجموعة متنوعة من شباب من انتماءات مختلفة، وكان معظمهم مستقلين، ولكن من الناحية الفكرية فقد كان منهم الليبراليون والعلمانيون والمتدينون الملتزمون، وكان منهم المتنور والمنفتح على كل هذه الأفكار. ومع خطبة الجمعة، كنا ننتظر وفود بقية المجموعات من جوامع أخرى أو من أحياء أخرى في نقطة محددة عند باب الجامع الكبير، وبعد الانتهاء من الصلاة....أنا أذكر تجربتي، فإعلان القيام على نظام الاستبداد في دمشق كان عبارة عن لحظة حاسمة، وأن تقطع [علاقتك] مع كل ما يمتّ للاستبداد بصلة، وهذه اللحظة هي لحظة عدم العودة وحساب المجهول، و دعوت الله في السجود أن يوفّقني لما يحب ويرضى، وأن يوفق زملائي وكل من يخرج في التظاهرات ضد هذا النظام، وكان نوعًا من الخشوع وإعلان نية القيام على هذا النظام لتحقيق الحق والوصول إلى دولة القانون والمواطنة والديمقراطية. وعندها خرجنا، كانت هناك أعداد تفوق 150 شخصًا، كانوا موجودين عند باب الجامع، وعندما خرجنا من الجامع كان عددنا يتجاوز 75 شخصًا، وفي اللحظة التي تسبق فتح اللافتات، كان هناك أشخاص ينتظرون على جوانب الطرقات، وكان الشباب ينظرون إلى بعضهم البعض، من سيطلق العنان لصوت الحرية؟ وكانت الصرخة الأولى من صديقي إدريس حوتة، حيث أعلنها حريّة، وكأن الجميع بانتظار هذه الكلمة، وبمجرد انتهائه من قول كلمة حريّة حتى كانت الحناجر تهتف للحريّة وبصوت عال وحماس. عندها انتابتني أحاسيس ومشاعر جياشة؛ لأنني أبحث عن تحرّر من قيود الاستبداد وإعلان صفحة جديدة في مواجهة طغيان نظام البعث الذي استمرّ لأكثر من عقود. وكانت الشعارات في ذلك الحين هي: "حرية حرية"، "وبالروح بالدم نفديكِ يا درعا"، حيث كان هناك الكثير من الشهداء، فكان هناك شهداء في درعا وفي بانياس وفي دمشق وريفها. وكانت عبارات التضامن وتلبية نداء تلك المدن، وكان التركيز على السلمية.
طبعًا، كانت الشعارات: "حرية" و"آزادي"، وآزادي تعني الحريّة في اللغة الكردية، كانت [الشعارات تعلن] أن هذه الثورة لكل السوريين. وفي 20 أيار/ مايو، أُطلقت تسمية على عموم مظاهرات سورية، وهي: "جمعة آزادي". وكانت الشعارات باللغتين العربية والكردية، ومما كنا نراهن عليه هو أن هذه الثورة ستعبّر عن مختلف مكونات الشعب السوري بمختلف انتماءاته القومية والطائفية والإثنية والإيديولوجية، وكنا أكثر من 150 شخصًا، تجمّعنا أمام الجامع. وبعد ذلك، وكنوع من التعبير عن التحرّر من القيود ذهبنا بحماس إلى السيارة، وكانت هناك مجموعات أخرى، أحضرت لافتاتها، وكان لديهم نفس التفكير، قاموا أيضًا بوضع اللافتات في زوايا لا يعرفها أحد، وأدركنا فيما بعد أن هناك أشخاصًا كانوا يراقبون أطراف الشوارع ومفترقات الطرق ليعرفوا من أي زاوية قد يهاجم النظام، فقد يكون هناك غاز مسيل للدموع، وقد يكون هناك إطلاق رصاص حي، ولكننا فيما بعد وجدنا أن هناك أعيانًا من عامودا، وكانوا قد تواصلوا مع مديرية الناحية، وحذروهم من الاقتراب من الشباب، وأنه لا مناص من خروج الشباب وتظاهرهم، وكان هناك نوع من الخشية؛ لأننا لا ندرك ما سيحصل، وكانت هناك مشاعر الخوف والحماس، وكانت مختلطة ببعضها البعض، وخاصة بعد أن رأينا القتل المباشر في المحافظات الأخرى من قبل شبيحة النظام وقوات الأمن التابعة للنظام.
ومثلما ذكرت: عامودا مجتمع تنتشر فيه المعلومة بشكل كبير بين الناس والأحياء والشباب، وكان هناك -أدركنا ذلك فيما بعد- تدافع بين المجموعات الشبابية ليعدّوا العدّة للتظاهر، فالثورة كانت متّقدة، ولكن الانتظار من أجل المشاركة في الحراك الشعبي لبقية المحافظات كان لاعتبارات ذكرناها وهي: التعقيدات والتناقضات الموجودة على الساحة السوريّة، ومدى استفادة النظام من أي حراك غير مدروس، ونضوج هذا الحراك، وتوسّع رقعة التظاهرات. كل هذه الأمور جعلت هذه التظاهرات تتأخر، وكانت هناك مطالبات للتظاهر قبل 1 نيسان/ أبريل، وحصل ذلك، ففي 27 شباط/ مارس، تظاهر مجموعة من الشباب، وكان في كل مجموعة من المجموعات الشبابية شخص يتواصل مع أصدقائه في المجموعة الأخرى، وكان هناك تنسيق غير معلن وغير مدروس [هدفه] أننا سنقوم بالتظاهر.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/02/08
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في مدينة عاموداكود الشهادة
SMI/OH/24-05/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2011 نيسان/ أبريل
updatedAt
2024/04/22
المنطقة الجغرافية
محافظة الحسكة-عامودامحافظة الحسكة-منطقة القامشليشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا البارتي - أحمد سينو
حزب يكيتي الكردستاني في سوريا