الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تفاصيل مجزرة داريا الكبرى -2

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:11:07:04

يعني القبو يوجد فيه نافذة ضيقة تطل على الشارع، ونحن نخفض صوتنا بشكل كبير حتى إذا أحسسننا بأي صوت من الخارج ويمكن أن يكون صوت أي شيء، وأصلًا لا أحد يستطيع أن يتكلم، وحتى إنه لا يوجد شيء وحتى ماء لا يوجد، وكلما سمعنا صوتًا نخاف. والذي حصل بعدها أننا سمعنا صوت إطلاق نار في الخارج، وجاء صاحب البناء (أحد أصحاب البناء) وهو يعرف الأغلبية وليس الجميع، فدخل وكان شاحبًا أكثر منا، ودخل وعانق كل شخص بشدة وكأنه أخوه الذي لم يره منذ 1000 سنة، وعانق الجميع الذي يعرفه والذي لا يعرفه، بقدر ما هو متوتر كان سعيدًا؛ لأننا نجونا، وبدأ يقول ويتحدث أنهم مروا من جانب البناية ولا أعرف ماذا سألوه، ثم أكملوا طريقهم، وبدؤوا يطلقون النار في البساتين، وهو مرتعب كما نحن مرتعبون، وأتذكر عندي صورة التقطتها مع أننا كنا مطمئنين أننا نجونا، ولكن الشحوب والوجوم واضح علينا، وهنا في القبو لا توجد تغطية، وأصلًا نحن جميعنا أغلقنا هواتفنا، وعندما خرجنا فإننا خرجنا في وقت المغرب، وأنت هنا بدأت تسمع الأخبار، والهواتف تعمل، أو شخص يأتي [ويقول]: يوجد 30 شهيدًا ويوجد 60 شهيدًا ويوجد 120 شهيدًا. وتشعر بأن الأرقام تتصاعد بطريقة أنت لا تستوعبها، يعني سابقًا ستة شهداء كنا نعتبرهم مجزرة، وفي يوم السبت الأسود وأنا لست متأكدًا من العدد، كان 20 أو 30 وكان عددًا كبيرًا جدًا، وأنت عندما تسمع الأرقام تحس بأنك لا تستوعب، وتقول: من المؤكد هذا غير معقول. وبدأت الاتصالات من أكثر من شخص وأخبار وأنه يوجد عدد كبير من الشهداء، ولكن أنت لا تستوعب، ونحن بقينا قليلًا في المكان حتى أخذنا أخبارًا بأنه لا يوجد جيش قريب، وقررنا أن نتفرق، وأصبح الجو معتمًا بين المغرب والعشاء، فذهبت مع شاب من الطبية أو شابين أحدهما من الطبية وأحدهما من تنسيقية الإسقاط، وذكرت أنه كان يوجد معنا شهيد في الغرفة فأخذوه حتى يوصلوه إلى مكان الدفن أو على الأقل يتركونه بالقرب من المقبرة، ونحن ركبنا في سيارة نقل صغيرة سوزوكي لها صندوق من الخلف ولكنها قديمة، ركبنا فيها ثلاثة أشخاص ومعنا الشهيد في صندوق السيارة والشهيد متيبس، وبصراحة كانت مخاطرة ولا يمكنك إشعال أنوار السيارة بسبب القنص، وهو يعرف المنطقة ويحاول أن يدخل من طرق فرعية، وقررنا الذهاب إلى جامع أبو سليمان؛ لأننا سمعنا أنه يوجد الكثير من الشهداء عند جامع أبو سليمان الديراني، وهو جامع مشهور في جنوب المدينة. 

وفعلًا، وصلنا له من طرقات فرعية وطريق مطول، وكان الجو معتمًا بالتأكيد، ولا أعرف إذا أصبحنا في وقت العشاء ونحن كنا ثلاثة أشخاص، ولا يوجد أحد غيرنا، وبعد أن دخلنا جاء شخص، وهو كان موجودًا، ولكنه عندما رأى السيارة خاف أن نكون من الأمن فهرب، ثم عاد، وهو كان جارًا للمسجد، وأعتقد أن أحدنا يعرفه أو لا يعرفه فتكلموا معه، ونحن بشكل أساسي جئنا حتى نتأكد أنه هل فعلًا موجود ما يتكلم عنه الناس؟ فدخلنا إلى صحن الجامع في الساحة، وكانت توجد جثث ممددة بجانب بعضها، ويبدو أنهم قُتلوا إما في القبو أو في مناطق قريبة من الجامع، والذي استطاع أن يفعله الأهالي هو فقط جمعهم وإحضارهم إلى هنا، وأغلبهم ملفوفون بالحرامات (البطانيات) وبعضهم على صدره مكتوب ورقة مسجل عليها الاسم، وهناك إصابات مختلفة والكثير منهم في الرأس والصدر، والجو معتم ولا ترى جيدًا، وبنفس الوقت أنت خائف من الجيش لأنك لا تعرف أين الجيش، يعني لا نريد البقاء طويلًا، فصورنا مقطع فيديو سريع للتوثيق، وذكرنا التاريخ والمكان والذي يحصل، وخرجنا، وكان الشباب يريدون أن يذهبوا باتجاه وأنا باتجاه، يعني أعود إلى مكان قريب من المنزل الذي يوجد فيه الإنترنت الفضائي، على أمل أنني ربما من خلاله أستطيع أن أتواصل. وفعلًا كان الجو مرعبًا، وفي وقتها الطرقات فارغة والكهرباء منقطعة، وأنت لا تعرف أين الجيش، وأي صوت تحس أنه سوف يخرج لك الجيش، والمسافة ليست بعيدة، أعتقد أنها عشر دقائق أو أكثر؛ لأنهم أوصلوني إلى نقطة معينة إلى شارع الوحدة وبعدها يجب أن أمشي لمدة عشر دقائق، يعني الجامع أبعد، ولكنهم أوصلوني بالسيارة إلى نقطة، ثم ذهبوا. وهي مخاطرة للجميع يعني أن يذهب الجميع بالسيارة وأنا أذهب بمفردي مشيًا، يعني أنت تمشي قليلًا، وتكمن، وتنتظر إذا سمعت صوتًا.

 وفي النهاية، وصلت إلى المكان الذي يوجد فيه الإنترنت الفضائي، واستطعت أن أفتح الإنترنت، وأنا لست متأكدًا إذا كان "الاي دي إس إل" كان مقطوعًا، ولكن على الأقل كان يوجد شيء من التواصل والأخبار تأتي أنه في المنطقة الفلانية ويوجد شهداء هنا وشهداء هناك وفلان استشهد، ورفعت هذا المقطع الذي صورته في الجامع، وانتشر في وقتها، وفي وقتها وصلت أخبار بأنه يوجد أكثر من 100 شهيد في داريا والعدد يزداد، ولا أذكر إذا أجريت مداخلة في نفس الليلة أو في اليوم الثاني صباحًا عدة مداخلات على الجزيرة والعربية عن الموضوع. عمليًا القتل كان مركزًا في هذا اليوم بالذات ويوجد الكثير من الأشياء سمعت عنها، ولكنني حاولت أن أتحدث عن الذي رأيته بشكل مباشر. وأنا عمليًا في اليوم الثاني بقيت في هذا المنزل، وأغلب الوقت كان تواصلًا وكتابة أخبار وملخصات، وكان بصراحة الملخص هو تحديث كل ساعة يعني يزداد العدد وتفاصيل المنطقة، وكنت أكتب وأنا غير مصدق يعني نحن نحاول أن نكون دقيقين وبالتدريج وصلت الأعداد إلى أكثر من 500.

 اليوم الثاني كان هو يوم الأحد، وفي يوم الأحد لا أحد يستطيع أن يتحرك، وأنا موجود في هذا المنزل ومنزل آخر بالقرب منه، وفي يوم الاثنين بدؤوا يقولون: إن الجيش بدأ يتراجع وبقي فقط في أطراف المدينة فأصبحنا نتحرك أكثر قليلًا، ولكن أيضًا التحرك كان حذر جدًا، وأعتقد في يوم الاثنين 27 (آب/ أغسطس) أحضروا سيارة شاحنة برَّاد مغلقة مليئة بالجثث، وأنا لم أكن موجودًا، ولكن يوجد فيديو لعشرات الجثث، والذي فهمناه فيما بعد أن هذه الشاحنة جاءت من مستشفى المواساة أو شيء شبيه أحضرها موظفون معينون، وأدخلوها إلى داريا، وأوصلوها إلى الفرن الآلي بحسب ما قال لي الشباب في وقتها، وقالوا: تعالوا حتى تفرغونها. وأنا لم أكن موجودًا ووصلت عندما ذهبوا إلى التربة (المقبرة)، وهم أفرغوها بسيارات صغيرة، وأخذوا الجثث إلى التربة، ووصلت في وقتها، ولكن صورها الشباب، وكان مشهدًا عجيبًا، يعني أنت تفتح الباب وأمامك جثث على امتداد النظر وأغلبها [إصاباتها] شيء بالرأس وشيء بالصدر وملفوفون وبعضهم بدون ثياب يعني مشهد ثقيل جدًا، وبدؤوا ينقلون الجثث إلى سيارات "السوزوكي"، ويضعون فيها مثلًا 10 جثث ويأخذونها إلى المقبرة لدفنها. وفي المقبرة في البداية في الأيام قبيل المجزرة، كان الدفن في المقبرة نفسها، وبعدها لم يعد يوجد مكان، وكانت توجد ساحة أخرى بالقرب من المقبرة فارغة، ولا أعرف على أي أساس اختاروها أو كيف وبدؤوا يحفرون بها خنادق طويلة على صف واحد، ويضعون الجثث بجانب بعضها؛ لأنه لا يوجد إمكانية لحفر قبر لكل شخص لوحده.

يوم المجزرة نفسها في مساء السبت أخي أحمد الذي استشهد فيما بعد -رحمه الله- كان منزله في بداية المنطقة الغربية من داريا في نهاية المنطقة السكنية، واختار يومها أن يبقى في منزله هو وزوجته، وهو أحس بالخطر وأنه يجب أن يبقى في المنزل، وكان بيتهم في بناية جديدة وهي عبارة عن أربعة بنايات بجانب بعضها يعني مجمع صغير وبينهم فسحة (مدخل مشترك)، وقال لي: في وقتها الجيش توقف هناك، وجلس في هذه الفسحة أو المدخل بين البنايات، وكانوا يقومون بنوبات حراسة، ودخلوا، وفتشوا كل المنازل، وأصبح الأهالي يقدمون لهم الشاي، يعني لم يجبرهم الجيش، ولكن الناس فعلوا ذلك من أجل النجاة بأنفسهم، وقال لي: إنهم يتحدثون بلهجة لبنانية ويلبسون الثياب المدنية. وقال: لا أعرف إذا كانوا من حزب الله، ولكن اللهجة لبنانية واضحة وليست لهجة سورية. وقال لي: إنهم بقوا طوال الليل يتناوبون على الحراسة حتى يؤمنوا المكان، وفي الصباح، ذهبوا باتجاه الجهة الغربية وخرجوا. 

في هذه الليلة نفسها كان معنا شاب وأنا ذكرت أننا كنا في جامع الرحمن، وجلسنا لفترة في غرفة المؤذن أو غرفة الإذاعة ويوجد شاب اسمه رضوان نوح، وهو كان نشيطًا جدًا في المظاهرات والإغاثة والمساعدة، ونحن افترقنا بعد صلاة الجمعة أو في عصر يوم الجمعة، وفي اليوم الثاني، عرفنا أنه قتل، ويبدو أنه أثناء تنقله اعتقله الجيش مع بعض رفاقه وبحسب كلام الجيران أنهم عذبوهم طوال الليل وبعدها قتلوهم. وأتذكر أنه يوجد أشخاص اختبأوا في بناية في حفرة المصعد يعني في بناية قيد الإنشاء، فاختبأوا فيها، وبقوا ليلة كاملة لأنه لا يوجد مكان يذهبون إليه، وتسمع أيضا قصصًا من هذا المبدأ.

في يوم الاثنين بعد المجزرة بيومين، أتذكر في يوم الأحد أنني قد أكون خرجت إلى مكان قريب، ولكن في يوم الاثنين خرجت، وتجولنا، وكان مثلًا: يوجد في المنطقة الجنوبية عدة مستودعات خشب؛ لأنه في داريا يوجد الكثير من النجارين ومستودعات الخشب، وأحد المستودعات قاموا بإحراقه، ولا أعرف إذا كان الأمر مقصودًا، وقالوا: إنهم اتهموا صاحبه بأنه متعاطف مع الثورة، وقسم قال: إنه بسبب القصف. ولكن كان مستودعًا كبيرًا، واحترق كله، وبقيت النار مشتعلة في المستودع حتى يوم الثلاثاء، وأنا صورته في وقتها، وأيضًا تجولت في أماكن فيها آثار القصف، وفي وقتها المدينة لا أقول: كانت فارغة. ولكن الحركة فيها شبه معدومة ما عدا ناحية المقبرة حيث قالوا: إن الهلال الأحمر جاء إلى هناك، وبدأ يوزع الخبز أو مساعدات حتى يتم تصويرهم، ولكن الجيش لم يدخل يعني منذ يوم الاثنين لم يدخل الجيش، وفي الأيام التالية، بدأ الناس يخرجون، ويطمئنون على بعضهم، ويعزون بعضهم، وتشعر بأنها كانت صدمة للجميع، ولا أحد يستوعب حجم الإجرام الذي حصل.

هنا جزء كبير من الناس خرجوا في أيام قبل المجزرة وفي يوم المجزرة، وأغلبهم بقوا لفترة أسبوع أو 10 أيام حتى اطمأنوا ثم عادوا، ويوجد أشخاص خرجوا، ولكنهم خرجوا بشكل مؤقت وعادوا، ويوجد أشخاص وخاصة الأشخاص الذين أصلهم ليسوا من داريا، خرجوا، وفضلوا عدم العودة أو عادوا لأخذ أغراضهم حتى يعرفوا ماذا سوف يحصل في داريا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/28

الموضوع الرئیس

مجزرة داريا الكبرى

كود الشهادة

SMI/OH/34-30/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آب 2012

updatedAt

2024/03/16

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الهلال الأحمر العربي السوري

الهلال الأحمر العربي السوري

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

الشهادات المرتبطة