تفاصيل مجزرة داريا الكبرى- 1
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:14:05:06
نحن الآن في شهر آب/ أغسطس 2021، والمجزرة كانت قبل 9 سنوات و3 أيام بالضبط، حدثت (المجزرة) في يوم السبت، حيث خرجنا ظهرًا تقريبًا من بيت أبي فراس الذي كنا موجودين فيه، والذي من المفترض أن يكون مكانًا آمنًا، وانتقلنا بسرعة،ووصلنا إلى بيت أشخاص كنت أعرف بعضهم من قبل، وهم إخوة بيوتهم بجانب بعضها، فكانوا يجلسون في الخارج، والجميع مترقب ومتخوف، و فهمت أنهم أرسلوا بعض النساء إلى مكان آخر، وهم بقوا حتى يروا ماذا سوف يفعلون، وكنت أنا وأبو فراس وأخو أبي فراس وشخص آخر، ومعنا شخص رابع لم أعد أذكره، وهناك التقيت مع أكثر من شخص من الشباب الذين أعرفهم، من الذين يعملون في الطبية والتنسيقية، وكان الناس يذهبون ويأتون وكل شخص يحاول أن يجد مكان آمن له؛ لأن الجيش دخل إلى المدينة.
أحد أصدقائي هو قريبي أيضًا اسمه محمد شحادة (أبو يزن)، استشهد لاحقًا في الحصار، كان موجودًا هناك مع صديقه، ونحن نجلس في الخارج ويتكلمون في أكثر من موضوع فالعدد كان كبير أكثر من عشرة، فيأتي شخص من شباب الطبية يكون قريبًا لهم، ويتكلم معهم عن الذي سمعه، ويأتي شخص آخر وتنتقل الأخبار، وكانوا يتكلمون في أمر ما وقالوا: “الأولاد الموجودون في الداخل” وكان هناك طفلان مصابان في الداخل، يبدو أنه أُطلق النار على السيارة التي كانا موجودين فيها، فاستشهد والأم والأب، ويوجد طفلان (طفل وطفلة) عمرهما بحدود 10 سنوات أو أقل، أصيبا في وقتها ولا يوجد أحد يرعاهما، وبسبب الوضع كانا موجودين هنا، لاأعرف كيف وصلا إلى هنا، أو ربما أحضرهما أحد من شباب الطبية، ووضعهما عند أقاربه في هذا البيت الذي كنا فيه ، ومن خلال الحديث اكتشف أبو يزن قريبي أن هذين الطفلين هما أولاد خالته، فخالته استشهدت قبل يوم، فهو يعرف (أنها استشهدت) ولكنه لا يعرف ماذا حصل، وكان التنقل خطرًا جدًا في أحياء المدينة، فكانت لحظة صعبة، حيث دخل ليتأكد منهما، وكانا بالفعل أولاد خالته، وبنفس الوقت لا يستطيع أن يفعل شيئًا حتى يساعدهما، والحمد لله انتقل الأولاد فيما بعد إلى مكان آمن، و عولجوا و سمعت أنهم سافروا إلى أمريكا من أجل العلاج، وفيما بعد عرفت أن أبا يزن كان أستاذًا، وكان يدرس الاقتصاد، ولا أعرف إذا كان متخرجًا في ذلك الوقت، وكان يعطي دروسًا في الثانوية التجارية في داريا، واستمر في التدريس إلى فترة معينة حتى أصبح لديه خوف أكثر من الاعتقال، فتوقف، فأذكر في وقتها أن زميلته في المدرسة، وهي من خارج داريا كانت تطمئن عليه، وقالت له: أنا سوف أخرجك، فهي جاءت من صحنايا، وتواعدا في مكان معين، وأظن أنها لا تلبس الحجاب، يعني الموضوع أكثر أمنًا، ولم يتم التدقيق عليه (الأمن) وبصراحة، هذا الدور كانت تلعبه النساء والفتيات كثيرًا في الثورة، إما أن يقوموا بإيصال أغراض، أو يقومون بمرافقة شخص لإعطاء المزيد من الأمان. لاحقًا وجدنا أنه لايوجد مكان معين لنبقى فيه؛ لأن العدد كبير ولا يوجد مكان آمن نذهب إليه، فكل شخص ينظر إلى أين سيذهب...،فأكملت طريقي أنا وأبو فراس وأخوه على غير هدى، والموجودون أيضًا فيما بعد علمت أنهم تفرقوا، وقبل أن أكمل الحديث عن المكان الذي ذهبنا إليه، الفكرة أنه في ذلك اليوم الجيش اقتحم، والجيش الحر انسحب، والناشطون المطلوبون ليس لهم مكان، وكل شخص يجب أن يدبر حاله (يتدبر أمره)، وكثير من الجيش الحر في وقتها طمر سلاحه في أماكن مختلفة؛ لأنه حصل خلاف لاحقًا، [كانوا يقولون]: نحن تركناه هنا من أخذه؟ ويوجد البعض منهم حلقوا لحاهم؛ فمن أطلق لحيته كان يظن أنه سوف يكون أقل شبهة إذا كان بدون لحية، أصبحوا في أماكن مختلفة، يوجد أشخاص يدخلون إلى أبنية غير مسكونة، ويحاولون الاختباء في السقيفة، وهناك أشخاص دخلوا إلى بناء معين، وبدأ الأهالي يخرجونهم [ويقولون لهم]: من أجل الله لا تورطونا إذا جاء الجيش سينتقم من البناء كله. ويوجد جزء كبير منهم قضى النهار كله، وحتى أنه قضى الليل كله في البساتين والكروم فوق الشجر، وتوجد قناة للمجاري لا تجري فيها المياه اختبأوا فيها، وطمروا أنفسهم بأوراق (الأشجار) وإذا سمعت من شباب الجيش الحر فإنهم سيحكون لك قصصًا عجيبة، كيف اختبأوا، والذي يحصل أنه يوجد أشخاص أصيبوا ويوجد أشخاص نفدوا (نجوا)، وكان الجيش يمر أحيانًا، ولكنه لا يجرأ الدخول إلى منطقه البساتين، فكان يطلق النار على الأرض (البساتين) فكان بعض الأشخاص يصابون، الجيش لا يعرف أن هناك أحدًا ما، ولكن من باب الاحتياط، فأشخاص أصيبوا وأشخاص نجوا، وبعض الأشخاص حاولوا الاختباء عند أقاربهم، أو يذهبون إلى حي يعتبرونه أكثر أمنًا، وتوجد الكثير من الحالات نفدوا (نجا أصحابها)، يعني أقاموا بين المدنيين، ونفذوا (نجوا)، كان صديقي قد أصيب قبل المجزرة بيومين بإطلاق النار الذي كان يحصل أو بالقصف، يعني الإخوة (في العائلة) جميعهم أصدقاؤنا، لكن أصغر الإخوة أصيب، و أخوه الأكبر منه كان يعتني به، فجلسوا فترة في نفس هذا البيت في بيت الدكتور حسام الذي كنا فيه، وعندما أصبح خطر انتقلوا إلى مكان آخر، فذهبوا إلى شقة في بناء عال (أربع أو خمس طوابق)، وصل الجيش إليهم، وكان هناك بناءان بجانب بعضهما، وتوجد بينهما فسحة صغيرة، و صديقي كان يحكي لي، -ليس هو المصاب وإنما أخوه- يقول لي: كنت انظر إليهم من فوق، وأقول أنها النهاية؛ لأن أي شخص مصاب فإنه إما سيكون من الجيش الحر أو ناشط. فسيقول الجيش لنا : لماذا لم تأخذوه إلى المستشفى أو تسعفونه؟ وقال لي: لحسن الحظ في وقتها يوجد شخص في الشارع، وهو خطيب جمعة، ومحسوب على الحزبيين (حزب البعث) وهو رأى الجيش وقال لهم: لا يوجد أحد هنا (لايوجد أحد من الثوار أو الناشطين) وإن الأمور بخير. وهو لا يعرف في الأصل أنه يوجد أحد في البناء، فلم يفتشوا البنايات، يوجد أشخاص استخدموا هويات مختلفة (هويات ليست لهم) فنجوا. يبدو [أن القوات التي دخلت] كانت من جهات مختلفة، كان يقال حينها أنهم من الحرس الجمهوري والمخابرات الجوية، ويوجد الكثير منهم مدنيون، ويبدو أنهم مخابرات مختلفة، وحتى أنك تسمع أشخاصًا[ يقولون]: في ذلك الحي دخلوا (الأمن) ولم يسيئوا إلى أحد، يعني يدخلوا ويفتشوا البيت بشكل عشوائي ثم يذهبون. أذكر أن شخصًا كان دوره أساسيًا جدًا في الجيش الحر في وقتها، في التنسيق بين داريا وأماكن أخرى، قال لي: في يومها صباحًا- كان في منزله وكان قريبًا من مطار المزة في منطقة اسمها الخليج، كان يجلس في البيت، ويلبس الشورت (سروال قصير)، وعندما جاء الجيش خرج إليهم، وألقى عليهم التحية بشكل عفوي حتى لا يثير الشبهات، وكان يستخدم اسمًا وهميًا، والقليل جدًا من يعرف اسمه الحقيقي، وقال لي: تعاملهم كان بسيطًا جدًا. لكن في مناطق أخرى، كانوا يدخلوا يقوموا بالتفتيش، ويميزون فإذا شكوا بشخص كانوا يسحبونه (يأخذونه)، ولكن لا يتعرضون للنساء والأطفال، وفي مناطق أخرى كانت هناك وحشية وكان هناك قتل وإعدامات ميدانية، كان أخي طبيبًا، وكان في عيادته في اليوم السابق (في يوم الجمعة) وكان مكان منزله قريبًا من الدوار الذي وصل إليه الجيش، وشعر أن ذهابه إلى هناك غير آمن، فنام في بيت أختي الذي كان أقرب إلى البلد، وفي يوم السبت عندما جاء الجيش دخلوا إلى هذه المنطقة، وأنزلوا كل الأشخاص الموجودين في الأبنية، فأنزلوا أخي وصهري وأولاده، والبعض منهم كان في الأصل في القبو، والبعض منهم في الأعلى، ولكنهم لم يجمعوا الجميع، تركوا النساء في القبو، وأخرجوا الرجال أوكل شخص له عمر معين، وطلبوا منهم الوقوف بجانب جدار، كان عمر ابن أختي في وقتها 12 سنة تقريبًا لم يتعرضوا له بالذات، ولكنه فيما بعد أصبح لديه مشكلات نفسية، وحتى إنهم خرجوا من البلد بسبب الصدمة الشديدة، كان الجيش على وشك تصفية أخي، ولكن يبدو أنهم عرفوا أنه طبيب، وهم بدؤوا يسحبون أشخاصًا إلى طرف يقومون بقتلهم، وأشخاص يتركونهم، وهذا المشهد تكرر في أماكن مختلفة، حصلت الكثير من الإعدامات الميدانية في منطقة في الحي القبلي بجانب مسجد أبو سليمان الداراني، نحن نسميها مجزرة القبو، يوجد مجموعة كبيرة من آل السقا وغيرهم، حيث جمعوهم في القبو وقاموا بإطلاق النار عليهم جميعًا، ويوجد شخص واحد منهم فقط استطاع نفد (نجا)، وله شهادة يتكلم فيها عن الموضوع.
عندما ذهبنا للاختباء كانت الفترة بين الظهر والعصر، فبقيت أنا و أبو فراس و أخوه، بقينا نحن الثلاثة فقط، ومشينا، وكان هناك مكان آخر يعرفونه، يعرفه الشباب، وأنا لم أكن أعرفه، وقالوا: ليس لنا إلا أن نذهب إلى... يعني ذكروا اسمًا معينًا مثل الرمز، فذهبنا إلى هؤلاء الشباب الذين نعرفهم، ثم عرفنا أن هناك قبو، والمنطقة كانت متطرفة (نائية)، قام الفريق الطبي بتجهيزه مثل مستشفى ميداني سري، هو عبارة عن قبو غير مكتمل، فهم اقتطعوا مسافة منه وقاموا ببناء جدار عادي، و يوجد مدخل وضعوا عليه أخشابًا ليكون مدخل سري، فأي شخص يدخل سيظن أن القبو ينتهي هنا، هو بناء مسكون في جزء منه، ولكن أغلبه غير مسكون، وحتى القبو غير مسكون، يوجد قسم قاموا بتعميره في القبو، وقاموا بتمويه المدخل، فاذا كان هناك عملية (طبية)أو شخص يحتاج إلى نقاهة طويلة يأخذونه إلى هناك؛ حتى يقبض عليه الأمن، قاموا بتحضير هذا المكان قبل المجزرة، لا أعرف متى، ويبدو (أن أصدقائي) عندما شعروا أنه لا يوجد ملاذ آخر اختاروا الذهاب إلى هذا المكان، وعلى اعتبار أنني كنت معهم فذهبت معهم، في البداية جلسنا في الخارج، وكان يحكي لنا الرجل صاحب المكان -حيث كانوا قد نسقوا معه المكان السري- ما سمعه، وقال: إن الجيش يقترب باتجاه الغرب، وهي منطقة في الجهة الغربية، وإن أفضل شيء أن ندخل، وهو سوف يبقى في الخارج، يسكن في بيته بشكل طبيعي، وفعلًا نزلنا إلى المكان، وكان عبارة عن غرفتين صغيرتين، الغرفة أقل من أربعة في أربعة (أمتار) يقسم بينهما خشب، والغرفة الثانية فيها شخص كان مصاب واستشهد، ويبدو أن ذلك حصل قبل يوم فجثته متصلبة أو متيبسة، وتوجد بعض المعدات و لا يوجد شيء آخر، وجلسنا على الأرض، وكنا ثمانية أو تسعة أو عشرة أشخاص، و البعض منهم أطباء وعاملون في الفريق الطبي في ذلك الوقت، ويوجد شخصان أو ثلاثة أشخاص، وهم ضباط منشقون من خارج داريا، ولكنهم كانوا موجودين في داريا، وكنت أنا و أبو فراس، يعني أعرف أغلبهم، والبعض لا أعرفهم أو أعرفهم بالاسم فقط، وأغلق علينا، ووضع ألواح الخشب بطريقة معينة، وطلب منا عدم إصدار الصوت، هذا الكلام من قبل العصر إلى المغرب، و بصراحة كانت لحظات نشف فيها الدم في جسمنا، كنا نسمع أصوات إطلاق نار بعيدة في الخارج، تكون رشًا أحيانًا وعادية أحيانًا أخرى، وجاءت فترة سمعنا أصوات خطوات ليست لعدد كبير، إنما لأكثر من واحد، و الضباط المنشقون معهم مسدسات، وكانوا يمسكون بسلاحهم في حال حصلت مواجهة، فكانت مرحلة عصيبة فعلًا [استمرت] لعدة ساعات(حتى المغرب).الذي حصل أنني عندما خرجت من القبو الذي كان فيه المستشفى الميداني صباحًا كان الجيش في وقتها بدأ الاقتحام، يعني عمليًا الدفاعات انتهت من مساء الجمعة، ولكن الاقتحام على حد علمي بدأ منذ صباح يوم السبت، وبدأ من قطاعات مختلفة وتواتر مختلف، وكما ذكرت حتى طريقة التعامل مختلفة، أحيانًا يكون هناك تفتيش فقط، وأحيانًا تكون هناك إعدامات ميدانية واعتقالات. ربما يكون هناك إعدامات في يوم الجمعة، ولكن على حد علمي كانت كلها يوم السبت يومها كانت هناك منطقة عند الترب (المقابر) يوجد محل مشهور اسمه الزردة، كان النظام قد أقام حاجز بالقرب منه وكان يوقف الناس، وكان هناك الكثير من الناس يخرجون، يعني في يوم الجمعة والسبت، وكانوا يسمحون لبعض الناس بالخروج، وبعض الناس يوقفونهم بشكل عشوائي، وينزلون بعضهم من السيارة، ففي ذلك المكان، حصل الكثير من الإعدامات الميدانية وبشكل عشوائي، يعني أشخاص ليس لهم اسم (مطلوب) أو لهم نشاط معين، فالإعدامات بدأت من يوم السبت صباحًا أكيد، وأنا في هذه الفترة في الساعة 10:00 صباحًا، ذهبت إلى هذا المكان في المنطقة الجنوبية فكنت بعيدًا وكنت أسمع أن الجيش يقترب، ويقتحم، ولكنني لا أعرف التفاصيل، ولكن في هذه الفترة من الصباح حتى المغرب كانت فترة المجزرة المركزة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/08/28
الموضوع الرئیس
مجزرة داريا الكبرىكود الشهادة
SMI/OH/34-29/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
آب 2012
updatedAt
2024/08/12
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-مدينة دارياشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الحرس الجمهوري
إدارة المخابرات الجوية
كتيبة الفيحاء في داريا
كتيبة سعد ابن أبي وقاص في داريا