الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

المظاهرة الأولى ودوافع مدينة حماة للثورة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:06:21

ذهبنا إلى مسجد السلطان، وكان هناك حضور أمني كثيف واضح، وأشخاص ليسوا من الحي، وليسوا من المنطقة، والسوق مغلق بطبيعة الحال لأنه يوم جمعة، وأي وجه جديد في المسجد سوف يكون واضحًا، وكان هناك الكثير من الوجوه الجديدة، ويوجد شباب في عيونهم اتقاد وحماس، ويوجد أمن، ولا يخفى رجل الأمن على المواطن السوري عندما يكون في أي مكان، وكان لهم وجود كبير. وبالتأكيد لديهم علم لأن الدعوة انتشرت على الإنترنت، فكان هناك تعميم لخطيب المسجد، وقام بتنبيه أبناء الحي والمصلين أنه عندما تنتهي الصلاة عليكم التوجه الى منازلكم مباشرة وعدم النظر الى الوراء نهائيًا، ومهما سمعتم من جلبة لا يجب عليكم التجمع وعليكم الذهاب الى منازلكم، ولا تسمحوا للناس الذين يريدون إثارة الشغب والإخلال بالأمن وكل هذه العبارات المعروفة. وفعلًا، فشل الموضوع، ولم يحصل تجمع على باب المسجد نهائيًا، ومن يريد أن يخرج، ويهتف سوف يكون وحيدًا وعيون الأمن كلها تراقبه وسيارات الأمن مجتمعة، ففشل الخروج من مسجد السلطان، وانفضّ الناس والشباب، وذهبت نحو مسجد عبد الله مسعود، ولم يكن هناك مظاهرة أيضًا، فعدت يائسًا ومصابًا بالخيبة والغضب على الناس وكل شيء، ولماذا لا تتحركون؟ وهذا هو حماس الشاب لدرجة أنه حتى باقي أصدقائي الذين كانوا في مسجد السلطان خرجوا قبلي، لم أتواصل معهم، وذهبت إلى منزلي وأنا منزعج جدًا، وجلست لمدة ساعة في المنزل، ثم اتصل بي صديقي، وقال لي: كانوا في مسجد السلطان، وهم خرجوا قبلي، وذهبوا، وجلسوا في مقهى المأمورية، وهناك جاءهم اتصال من أحد الأصدقاء، كان موجودًا في مسجد عمر، وأخبرهم أن المظاهرة خرجت من مسجد عمر، فذهبوا باتجاه المظاهرة، وخرجوا من مقهى المأمورية الموجودة في بداية شارع أبي الفداء، وهي تقريبًا منطقة ساحة العاصي وما حولها والدباغة، دخلوا في حديقة أم الحسن حتى يصلوا إلى بداية شارع الحاضر؛ لأن الشاب عندما تحدث معهم قال لهم: إن المظاهرة متوجهة إلى ساحة العاصي من شارع سعيد العاص في منطقة الحاضر، فتوجهوا إلى هناك. ومن بعيد رأوا المتظاهرين، وكانوا بحدود 200 شخص تقريبًا بحسب تقديراتهم، والأمن يتجمع، وكان خروج المتظاهرين من مسجد عمر بن الخطاب مفاجئًا بالنسبة للأمن.

أعتقد أنه كانت هناك مجموعات تنسق للخروج من مسجد عمر بن الخطاب، ومن الجيد أنه لم يتم نشرها على الإنترنت؛ لأن الأمن بالتأكيد سوف يسبقهم، وكانت مفاجئة للأمن، وخرجت المظاهرة، وكان العدد 200 شخص تقريبًا، وينضم أشخاص من الشارع، وهم من بعيد ذهبوا باتجاهها وقبل أن يصلوا، قام الأمن بفضّ المظاهرة، فاتصل معي صديقي، وقال: تعال بشكل ضروري إليّ. وسكنه قريب، فذهبت إليه، وشرح لي ما حصل، وهو كان سعيدًا ومتحمسًا، وكننا نندب حظنا السيئ الذي جعلنا نتوجه الى مساجد أخرى وبنفس الوقت لم نعلم بهذه المظاهرة حتى وقت متأخر، وفي نفس الوقت ظهر خطأ اعتقادنا أنها ربما لا تخرج من الحاضر، وهذه كانت فكرتي بصراحة: أن المظاهرة من هناك لن تخرج، وقمت بالتحليل التاريخي والاجتماعي والنفسي للمنطقة، فكنت أنا على خطأ، وباقي الأصدقاء كان رأيهم على صواب أنها ربما تخرج من الحاضر. فأصبح عنواننا للجمعة القادمة هو مسجد عمر بن الخطاب، وسوف نتوجه له بشكل أوتوماتيكي؛ لأن المظاهرة خرجت منه، وأي شخص في حماة يحب التظاهر أو لديه هذا الحماس والقرار بالتأكيد سوف يتوجه الى هناك.

سبق هذه الجمعة (جمعة العزة)، وهي كانت في 25 آذار/ مارس 2011، وفي هذه الجمعة وخلال أيام الأسبوع لم نكن نهدأ، كنا نحرض هنا وهناك ومع الناس الذين نعرفهم، وطبعًا ليس مع الناس الغرباء؛ لأنه كان هناك تحفظات أمنية، وأعتقد أن دوريات الأمن من أيام الثورة المصرية ونهاية الثورة التونسية كانت في الشوارع، وكثّف وجوده في غالبية المدن السورية، فكنا نتوجه للناس الذين نعرفهم بالتحريض، ونقول لهم: لماذا لا تخرج حماة؟ وحماة لديها ألف سبب حتى تخرج، يجب أن نصرخ على الأقل، ولم تكن لدينا مشكلة في إقناع الناس أن هذا النظام فاسد، ويجب الخروج عليه، وأنه يجب علينا الخروج وإسقاطه، وكان الناس لديهم قناعة بأن هذا النظام مجرم وفاسد، وهذا النظام لا يصلح للاستمرار، ولكن كان الخوف هو الذي يمنعهم، فربما في أماكن أخرى في سورية كانوا يقنعون الناس بسوء هذا النظام، ولكن في حماة كانوا يعرفون هذا الأمر نتيجة التجربة، ولكن كان هناك خوف مضاعف، وأنا أعتقد أن الخوف هو الأصعب، يعني مواجهة الخوف وجدال الخوف لدى الناس أكثر صعوبة، فكنا نواجه هذه الصعوبة، وفي وقتها أصدر النظام عدة قرارات، وهي ليست قرارات، وإنما موضوع السماح بالعمار بغض النظر عن البناء المخالف، ويمكن للناس البناء في أراض زراعية حول حماة في البساتين أو طوابقًا فوق الأسطح، و أزمة السكن وغلاء العقارات معروفان في سورية بشكل عام وفي حماة، فكان الناس يتجهون نحو هذا الأمر، ويبدو أن النظام درس هذا الموضوع، ويوجد الكثيرون يقومون بالبناء، وأصبحت هناك حركة لبيع الذهب من النساء من أجل بناء المنازل، فمنهم من يعمر طابقًا وبالذات للشباب المقبلين على الزواج، وهذا خلق حركة قليلة في البلد نوعًا ما، والناس تريد استغلال هذا القرار، ونحن قلنا لهم: في أماكن أخرى يقولون: يا حموية، يا كذا.. النظام يلهيكم بالتعمير. ونحن كنا نحاول تحريضهم لنحدث ردّ فعل عندهم، ونقول: هل تقبلون بهذا الكلام؟! وكنا نبالغ بكلامنا، ونقول لهم: انظروا ماذا يحصل. أين حماة؟! وما شابه ذلك، فالتحريض له أساليبه بشكل أو بآخر. وخلال الأسبوع استمررنا بهذا الشكل بالإضافة إلى الحديث عن المظاهرات، والناس كانوا يتابعون التلفزيون كثيرًا في هذه الفترة حتى تشاهد مقاطع حول ما يحصل في درعا، وكانوا يعيدون ذلك أكثر من مرة، ويشاهدون القنوات والمقاطع المصورة بالهواتف بشكل بسيط، ويشاهدون بنوع من الدهشة وعدم التصديق، وهل هذا فعلًا يحصل في سورية؟! ولكن هناك خوف من اتخاذ القرار، وخوف من أننا نريد الخروج، ولكننا خائفون، يعني كانت مشاعر مختلطة في ذلك الوقت، وما هو موقف النظام؟ وكان بعض الناس الذين-هذا ما كنا نستشفه- يتصورون الموضوع بأنه اذا خرجت مظاهرة فيمكن أن يخرج الطيران، ويقصفها، وهذا الخوف كان موجودًا، ولاحقًا حصل هذا الشيء كثيرًا، وخرج الطيران، وقصف المدن والمدنيين، وقصف المظاهرات، ولكنها الخطوة الأولى، وكم كان هذا النظام يشكل رعبًا، ولكن من الجيد أن حماة خرجت، وسجلت مظاهرة، وهذا الشيء يشجع الباقي، وسورية كلها هكذا، فأي منطقة تخرج لأول مرة فتتبعها سلسلة من المظاهرات.

المجتمع الحموي هنا ليس واحدًا، والمجتمع الحموي يمتلك ذاكرة واحدة و التي هي ذاكرة الانتقام أو تحقيق العدالة، واذا تعذر تحقيق العدالة فهي الانتقام، ولا يوجد منزل إلا ويوجد فيه ضحية من ضحايا النظام في الثمانينيات، وهذه هي الذاكرة الجمعية، والسبب الخفي للجميع بشكل أو بآخر، ولكن الأسباب الأخرى كانت تتوزع على فئات، والبعض كان لديه دوافع اقتصادية بحتة، ونحن كشباب كان لدينا دوافعًا اقتصادية كبيرة، ونحن نتخرج من جامعات ومستقبلنا مجهول، وينتظرنا خياران: إما خيار البقاء في البلد ورحلة عمل طويلة وبحث طويل وانتظار طويل في مكاتب التوظيف أو في انتظار المسابقات لتوظيف الدولة، أو السفر إلى الخليج أو لبنان أو أي مكان، وبالذات الخليج لأنه لم يكن هناك أي مكان يستوعب حملة الشهادات والغربة وكل ما يجر هذا الأمر، ولا يوجد هذا المستقبل الجيد، هذه بعض شرائح الشباب، وقد يكون هناك شرائح أخرى لديها أسباب طائفية بشكل أو بآخر، ولكن لم تكن ظاهرة أو الحامل الطائفي ليس محركًا قويًا، والسياسة حتمًا، يعني من لديهم أسباب سياسية هم الناس الذين كانوا يعملون في السياسة والمنتمون الى أحزاب مختلفة والمعارضة بشكل خاص لديها هذه الأسباب.

الوضع في نهايات العشرية الأولى في سورية، كان الوضع الاقتصادي نتيجة السياسات التي كان يتبعها النظام في البداية للانفتاح غير المدروس والخصخصة والكثير من الخطط، أعلن عنها للتطوير والتحديث، ولكن تبين فشلها، وهي استيلاء أقارب النظام على الاقتصاد، وهذا أثر كثيرًا فيما بعد، ففي البداية شهدت مدينة حماة طفرة بالعمل في عام 2001 حتى عام 2003 ، ولكن بعد عام 2007، بدأ الوضع الاقتصادي ينكمش كثيرًا والأعمال تقل أكثر، فكان الوضع الاقتصادي ثقيلًا على الناس وبشكل عام من لديه عائلات، وفرص العمل للشباب بشكل عام تكون قليلة، وأما من لديهم عائلات لم يكونوا قادرين على تأمين احتياجاتهم ؛ لأن أولادهم في الجامعات، ويوجد الكثير من المتطلبات، وأولادهم يدرسون، فأصبح هناك إرهاق للعائلة، والسبب الاقتصادي أيضًا كان سببًا قويًا للتغيير، وهذه هي الأسباب بشكل عام، ولكن بالتأكيد الدافع الأول لدى الناس هو رؤية العدالة بعد المجازر.

يوجد مشهد معتاد كان في مدينة حماة صباحًا، حيث تجد أبناء مدينة حماة وبعضهم من حملة الشهادات يمسكون زوادتهم (طعام يتخذ للسفر)، ويذهبون الى الكراجات؛ حتى يعملوا في ورشات البناء والدهان خارج البلد، بالمقابل تجد الكثير من الموظفين وبالذات من الريف الغربي لمحافظة حماة ذاهبين لوظائفهم، فالمدينة بالدرجة الأولى أغلب اعتمادها على المهن، وحماة هي مدينة صغيرة، وليست مثل المدن الكبيرة التي يوجد فيها حركه صناعية وتجارية كبيرة، فالمهن البسيطة بالإضافة الى الوظائف الحكومية، هذا هو مصدر رزق الناس، وفي حماة وعموم سورية آلية التوظيف لدى النظام كانت بحسب درجة الولاء له، فكان هناك خلل في هذا التوازن، وكان ذلك مشهدًا واضحًا في مدينة حماة صباحًا، وكل يوم صباحًا إذا دخلت مثلًا إلى دائرة حكومية في حماة، ولكن من النادر أن تسمع اللهجة الحموية، وإنما تسمع لهجات مختلفة من الريف الغربي والشرقي بشكل عام والشمالي أو الجنوبي، وتسمع الكثير من اللهجات، ولكن من النادر أن تسمع اللهجة الحموية، وكان النظام دائمًا يسعى لإحداث هذا الشرخ، ونجح به، بالنهاية، التراكمية مع الزمن سوف تصنع هذا الشيء (الشرخ بين الريف والمدينة).

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/03/01

الموضوع الرئیس

الحراك السلميجمعة العزة

كود الشهادة

SMI/OH/35-03/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آذار 2011

updatedAt

2024/03/21

المنطقة الجغرافية

محافظة حماة-مدينة حماة

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة