المظاهرات الأولى في مدينة معرة النعمان
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:10:31:06
بعد هذه الأحداث السريعة التي حصلت[لي] في لبنان، تم إنشاء قناة بردى، وهذه القناة السورية الثورية كانت تنشر دائماً صوراً لجدران كتب عليها: "جاءك الدور يا دكتور" وكانت دائماً تدعو لقيام الثورة في سورية. وطبعاً، كنت في وقتها مثل أغلب الشباب الذين كانوا مضغوطين(يعانون)، وكانوا مستائين من الوضع. فتحمست؛ لأننا بعد الذي رأيناه في مصر وتونس، حاولنا نقل التجربة إلى سورية. وبصراحة، قررت النزول إلى سورية، والمشاركة في الثورة لمدة 4 أو 5 شهور، حتى تتم إزاحة الرئيس، وعندها أتقدم للشهادة الثانوية التي خرجت من أجلها. في تاريخ 11 آذار/ مارس، اتصلت بأهلي، وقلت لهم: إنني سوف أنزل(أعود) إلى سورية، ولا أستطيع الاستمرار بالعمل في لبنان. وسألوني عن الأسباب، وقلت لهم: إن هناك مشاكلاً بيني وبين رئيسي في العمل. وطبعاً، لم يكن يوجد مشاكل أبداً، ولكنني كنت أحتاج إلى سبب حتى أنزل(أعود) إلى سورية، وعندها لم يكن يوجد أبداً بوادر لقيام ثورة في سورية إلا أنها كانت انتقالاً للربيع العربي، وليس أكثر.
في 11 آذار/ مارس، ذهبت إلى سورية، وكنت أنتظر ساعة الصفر من أجل
انطلاق الثورة، وبقيت في المعرة حتى خرجت المظاهرات الأولى في درعا، والتي
رأيناها، وتابعناها مثل أي أحد تابع لحظة قيام الثورة السورية، وتابعنا المظاهرات
حتى الجمعة الأولى التي كانت في معرة النعمان، **** في 25 آذار/ مارس 2011**.** تمت
دعوة الأهالي للخروج في مظاهرة نصرة لدرعا التي خرجت في الثورة، وقمعها الأمن
بالرصاص، وحتى أنهم (الأمن)حاولوا اقتحام المدينة، وفي المعرة قالوا لنا: إنهم سوف
يخرجون في مظاهرة بعد صلاة الجمعة. بشكل عام، كانت الدعوة قيلاً عن قال، بمعنى أن
فلاناً من الناس قال: إن مظاهرة سوف تخرج في المعرة. وبعض الأشخاص يقولون: لن
تخرج؛ لأننا بعيدون عن درعا، ولا يوجد هذا الشيء أبداً.
من هنا، بدأت انطلاقة أخي الكبير جمعة، في الثورة. وقال: أنا سوف
أذهب إلى الجامع الكبير، وأرى الوضع، وأخبرك. وقلت له: سوف نذهب إلى الجامع، ونخرج
في المظاهرة معاً. وأخذ الدراجة النارية مباشرة، وذهب إلى الجامع؛ فلم أدرك
الصلاة، وذهبت راكضاً إلى الجامع، ووصلت إلى ساحة الجامع الكبير، وكان الناس
موجودين في الجامع، يصلون، ولم أدرك الصلاة، وكان رجال المخابرات - سيماهم في
وجوههم- موزعين، وكان كل شخصين يقفان في زاوية، وتقصدت المرور من جانب شخصين من
الأشخاص الموجودين، وسمعته بالحرف الواحد يقول: "أي شخص تشك به ضع المسدس في
ظهره مباشرة، ولا تتكلم معه، واسحبه إلى طرف". وهذه الكلمة سمعتها مباشرة، ثم
نزلت إلى الجامع، وعندما انتهينا من الصلاة أخبرت أخي بالقصة كذا وكذا. والمخابرات
موجودون في الخارج، والناس -كما ذكرت- كانوا يترقبون خروج المظاهرة الأولى، ولا
أحد يعرف كيف سوف يخرجون، وماهي الهتافات الأولى التي سوف يهتفون بها. وعندما خرج
الناس من الجامع التفوا جميعهم حول الساحة، ولم يكن هناك أحد داخل الساحة، وجميعهم
توقفوا خارج الساحة، وبقيت الساحة فارغة. وفي هذه الأثناء، خرج شخص كان يضع "
شماخاً " على راسه، وبدأ يصيح: "بالروح بالدم ..نفديك يا درعا"
وعندما صاح الصوت الأول والثاني كان الناس خائفين، وبعدها بدأ الناس يجتمعون حوله،
واجتمع تقريباً 15 شخصاً، وبعدها بدأ يزداد العدد، حتى وصلوا إلى حوالي 50 شخصاً.
وفي هذه الأثناء، خرجت مسيرة مؤيدة مقابلهم، وبدؤوا يهتفون: "بالروح بالدم
نفديك يا بشار" وكنت أنا وأخي نقف حتى ذلك الوقت على الرصيف، ولم نستطع
المشاركة في المظاهرة، وأمسك أخي بالهاتف، وبدأ بتصوير المظاهرة الأولى، وهذه
المظاهرة ارتفعت (تم مشاركتها) على مواقع "الإنترنت"، وحتى أنها
خرجت(عُرِضت) على القنوات، وبعد أن خرجت المظاهرة في ساحة الجامع الكبير حاول
الناس المشي في شارع الكورنيش الذي هو الشارع الرئيسي في المعرة. وعندما اتجهوا
إلى شارع الكورنيش كانت سيارات الأمن قادمة، وبدأ الناس يتفرقون، ويدخلون في
الشوارع الفرعية، ويهربون من الأمن. وكنت أنا وأخي جمعة نمشي على الرصيف مثلما
يمشي الناس الموجودون، ونشاهد المظاهرة من بعيد، وعندما تفرق الناس رأينا رجالاً
من الأمن يلحقون بشخص مدني، وكان هذا المدني من كفر نبل، وكان هذا الشخص يمسك
بعمود من الحديد، وهو متشبث به، ويقول لهم: أرجوكم لا تأخذوني، لقد أخذتم قريبي
منذ عدة أيام، وحتى الآن لا أحد يعرف عنه شيئاً. وكان
هناك عنصر من الأمن يقول له: سيادة المقدم دعنا نتركه، ونحن عندما عرفنا أنه ضابط
قمنا بانسحاب" تكتيكي" مباشرة، وعدنا إلى منزلنا.
بدأت المظاهرات في المعرة تأخذ منحى آخر في الجمعة التي تلتها.
طبعاً، هذه المظاهرة كان صداها كبيراً داخل معرة النعمان، لأن أشخاصاً من أهالي
المعرة خرجوا ضد نظام الأسد، وكانت الهتافات هي: "الله.. سورية.. حرية..
وبس" و"بالروح ,,بالدم.. نفديك يا درعا" لم تكن هتافات ضد النظام
أبداً بشكل مباشر. وفي هذه الجمعة، وفي كل جمعة، يخرج الناس في المعرة في نزهات
إلى البساتين الموجودة حول معرة النعمان. وفي هذه الجمعة، كانت الأعداد قليلة
جداً، وجميع الناس بقوا في منازلهم خوفاً من أن يحصل شيء ما؛ لأنهم كانوا يسمعون
دائماً ما حصل في أيام الثمانينيات والإخوان، وكانت هذه الشماعة تخيف الأهالي
دائماً، وهي السبب الذي منع الكثير من الناس من الخروج في بداية المظاهرات.
المقاطع المصورة التي كان يتم تصويرها في تلك الأثناء كانت ترفع عن
طريق يحيى محناية (أبو أنس)، وكان لديه تواصل مع القنوات، وكان له أصدقاء في دول
أخرى، مثل: قطر وغيرها. فلم يكن هناك تنسيق أبداً لقيام تنسيقية للإعلاميين أو
تنسيقية للثورة حتى يقوموا بتنسيق المظاهرات، وهذا الأمر لم يكن موجوداً أبداً في
الجمع الأولى في معرة النعمان. وكان كل شخص يرفع الفيديوهات (يشاركها على "
الإنترنت") على حدة، أو يذهب إلى يحيى محناية، وكان يذهب إليه من يعرفه بشكل
شخصي، ويحاول أن يرفع المقاطع المصورة من عنده، وتم رفع 3 مقاطع فيديو، كان من
بينها المقطع الذي صوره أخي جمعة. بين الجمعة الأولى التي خرجت فيها المظاهرات في
معرة النعمان والجمعة الثانية شهدت المعرة هدوءاً نسبياً، وكان يوجد ترقب من يوم
الجمعة فقط، وكان يوجد خوف من أن تحصل في يوم الجمعة مظاهرات. وبالفعل، هذا الأمر
تم التنسيق له من قبل الأمن السوري.
في الجمعة الثانية، خرجت مظاهرة في ساحة الجامع الكبير أيضاً، ولكن
المظاهرة كانت أكبر، وكان العدد كبيراً، والأمن كان محتاطاً من هذا الأمر، وأخرج
مسيرة ضخمة. كانت مقابل المظاهرة التي خرجت ضد النظام، ولكن كان مدير منطقة معرة
النعمان موجوداً، ورتبته عقيد، وهو من الرستن، وهذا الضابط خرج في المسيرة المؤيدة
للنظام، وأصبح يقول: نحن سوف نحل كل الأمور، وسيادة الرئيس يحاول تهدئة الأمور في
درعا، ويحاول حلها. وفي هذه اللحظة، كان هناك سيارة، أطلقت 3 أعيرة نارية في
الهواء، لإفزاع الأهالي وإخافتهم فقط، واتجهت مباشرة باتجاه طريق أريحا. ولم يعرف
أحد في البداية لمن تكون هذه السيارة، وحتى الأمن لم يكن يعرف لمن تكون هذه
السيارة، وقامت سيارات الأمن بمطاردة هذه السيارة، واتجهت هذه السيارة باتجاه طريق
أريحا من معرة النعمان إلى حنوتين، وتم إلقاء القبض على السائق في بينين، وكان هذا
الشخص هو أحد الشبيحة الموجودين في ريف معرة النعمان الشرقي، من عائلة مبارك، وهم
من عشيرة كبيرة جداً، موجودون في أبو دالي، وهم مؤيدون بشكل كبير للنظام. وطبعاً،
هو كان مدفوعاً من قبل المخابرات السورية، ولكن الأمن في معرة النعمان لم يكن قد
علم بهذا الأمر، وكانت هذه هي النقطة الأولى التي سببت حساسية بين المتظاهرين
والأهالي المؤيدين الموجودين. في هذه اللحظة، كنا موجودين في المظاهرة، وكانت
الأعداد كبيرة، وهجمت المسيرة المؤيدة على المظاهرة، وحصل عراك بالأيدي، وذهب
الناس جميعاً بسبب إطلاق النار، فكان السبب الرئيسي هو إطلاق النار، ولكن
الاشتباكات بالأيدي كانت هي السبب الثاني؛ حتى يتم فض المظاهرة. وهذه كانت أول
جمعة يتم فيها هجوم الشبيحة بدعم من الدكتور زاهر اليوسفي، وهو كان شخصاً من
النظام، وهو الذي مول المرتزقة أو الشبيحة، وكان يقدم لهم الأموال حتى يهجموا على
مظاهرة معرة النعمان. وكان الدكتور زاهر اليوسفي من معرة النعمان، وكانت عيادته في
المعرة، وكان هذا هو أول هجوم يتعرض له المتظاهرون ضد النظام السوري، وبعدها تم
إعطاء الشبيحة أو المرتزقة مبالغ مالية طائلة؛ لقطع الطرق الفرعية غرب معرة
النعمان، وشرق معرة النعمان؛ لمنع دخول أهالي القرى إلى معرة النعمان للمشاركة في
المظاهرات.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/02/24
الموضوع الرئیس
الحراك السلميكود الشهادة
SMI/OH/12-04/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2010 - 25/آذار 2011
updatedAt
2024/10/10
المنطقة الجغرافية
محافظة إدلب-منطقة معرة النعمانشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
قناة بردى الفضائية