الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

بدء المظاهرات المسائية في مدينة حماة ومنع الوصول الى ساحة العاصي

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:03:02

أعتقد أن حدثاً ما في إحدى المدن السورية وقت المغرب أو العصر أو شيء كهذا، ولم يكن يوم الجمعة، و كنا يوم الجمعة نقوم بالهتافات والتضامن والبيانات العامة، كانت في التضامن وبرأي الناس و موقفها مما يجري على مستوى سورية، وحصل حدث كبير على مستوى سورية في إحدى المدن، والناس يجب أن يخرجوا الآن، ولا يجب أن ننتظر إلى يوم الجمعة لنعبر عن رأينا و رفضنا و إدانتنا للشيء الذي حصل، لا أذكر ما هو، وهنا بدأت المسائيات نوعاً ما، صار هناك كل يوم مسائية تخرج وأعدادها أقل من يوم الجمعة، وتخرج في عدة مناطق، ولكنها تخرج أكثر في المنطقة الأساسية، ومازالت في المناخ وما حولها (الحميدية والأميرية وتلك المنطقة حولها) صارت تخرج، وصارت تنضج أكثر، وكان الأمن يحاول أن يمنع المسائيات، فكان يوزع العناصر والدوريات على كل مداخل شارع سعيد العاص التي تؤدي إلى ساحة العاصي من جهة الحميدية والشرقية والمناخ والصحة، وهذه المنطقة التي يحصل فيها تجمع، وحين نأتي أو نذهب من الأحياء الأخرى كنا نسلك طرقاً ملتفة لنصل إلى تلك الأحياء؛ لأنَّ الطرق المباشرة فيها دوريات وفيها أمن، فكان العناصر يقضون السهرة كلها جالسين، وكان الجو قد أصبح دافئاً و ربيعياً في بداية آذار، ويقضون وقتهم على الأرصفة جالسين، والناس تتظاهر، وكانت المسائيات جيدة بالرغم من قلة العدد، ولكن كنا نعبر بها أكثر عن رأينا، والدنيا عتمة (مظلمة) لا تظهر الملامح، نهتف أكثر، نقف أكثر، نتكلم عما يحصل، وشخص يقف على رصيف عال، وهو ملثم، ويتكلم، ويأخذ راحته (يتكلم بحرية) عما يحصل، وما يجب أن نعمل، وسابقًا في مدينة مثل حماة، لا توجد هناك تنسيقية تمشي(تتابع) الأمور، كانت هناك مجموعات مختلفة من الشباب، الحدث الذي حصل في المسائيات أننا صرنا نتفق ماذا سنفعل مع أشخاص لا نعرفهم، ولا نعرف أسماءهم أحياناً، ولكن نقول علناً: في هذه الجمعة، يجب أن نفعل كذا، ويجب أن نعمل كذا، يجب أن نخرج، ونقول. ونتفق في المسائية على هذا الأمر، ونطرح الأفكار، ونتجول يوم الخميس، كانت مسائية الخميس ضرورية، ونحاول أن نخرج فيها على أحياء أكثر، نتجول في الأحياء ونهتف: "قولوا للحموية .. بكرا مليونية". وهو تشجيع من أجل أن ينزل الناس يوم الجمعة، ويتظاهروا. وصارت المسائيات تكبر شيئاً فشيئاً، ونخرج يوم الجمعة، فبدأت هذه الأمور تنضج، ولكن الجمعة التي بعدها والتي بعدها كان من الصعب الوصول إلى ساحة العاصي، وكانت قوات الأمن تقف عند مداخل شارع سعيد العاص التي تؤدي إلى ساحة العاصي، وتواجهنا من هناك، ونحن نحاول أن نصل بأي ثمن، وتحصل اشتباكات (هم بالرصاص ونحن في الحجارة)، ونشعل دواليباً من أجل أن يقلل دخانها من تأثير القنابل الدخانية، وتفاجأت في أول مرة أنَّها ليست مسيلة للدموع فقط، ولكن تأثيرها مؤذ، وتُحدث اختناقاً.

وفي الجمعة العظيمة، صار هناك اشتباكات، وفي التي بعدها، مررنا، واستطعنا الوصول إلى ساحة العاصي، وفي المسائيات، تحصل اشتباكات أحياناً، وكنا نقف على أطراف الحي وقوات الأمن على الشوارع الرئيسية، نقف أمامهم، ونهتف ضد النظام، وتحصل اشتباكات بسيطة، هذه الجمع لا أذكر أسماءها وترتيبها و تواريخها بدقة؛ لأن الجمع كانت متشابهة، وكانت الأعداد تزيد وهناك اشتباكات ومسائيات، وبقيت فترة، وهذه كانت تنضج، وتزيد الأعداد، وتزداد معرفتنا أكثر بآليات التظاهر والتنظيم والاشتباكات التي كانت تحصل. وفي الاشتباكات، كان هناك إصرار دائم لنصل إلى ساحة العاصي، وحين نرى النظام كيف يحاول قدر الإمكان أن يمنعنا من الوصول إلى ساحة العاصي يزيد إصرارنا، فمعنى ذلك أن وصولنا إلى ساحة العاصي يؤثر على النظام، ويوصل رسالة أقوى، كانوا يضربون غازاً، وتحصل أحداث فرعية، وتتحول هذه الشوارع إلى ساحة حرب، نحن كشباب في تلك الفترة (مواليد الثمانينيات 85 و86 و81 و83 ) نشأنا على صورة الانتفاضة الفلسطينية وضرب الحجر وحرق الدواليب و أغنية "ثوري ثوري"، رأيناها واقعاً في النهاية في مدينتنا وضد عدو حقيقي للحرية ومستبد، فجادت قريحتنا بالمقارنات وبكل تلك الأمور. وعاصرنا الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) و [واستشهاد الطفل محمد]الدرة وكل ما يحيط بها، فكانت تلك الانتفاضات بشكل أو بآخر ماثلة أمامنا، تحصل كثيراً، فكنا نرى على التلفزيون حين يضربون (الجنود الاسرائيليون) قنابل الغاز يهجمون عليهم، فيأخذ الشبان الفلسطينيون القنبلة، ويرمونها مرة أخرى، وليست لدينا خبرة في هذا الأمر، وأول مرة يضربون فيها قنبلة غاز، وهم ليسوا أول مرة يضربونها، ولكن أول مرة كنت قريباً منها، ركضت، أريد أن أحملها هي ليست ثابتة تدور، وتخرج غازاً، لا أعرف كيف أراها، وأنا مصرّ أن أمسكها، والمفروض أن أبتعد عنها قدر الإمكان، فامتلأت، ولم أستطع أتنفس، ورجعت. وفي إحدى المرات، كنا جالسين أنا وأصدقائي نحاجر(نرمي الحجارة) فضربوا الكثير من الغاز، فانسحبنا، حين يضربون غازاً ننسحب، وندخل إلى الأحياء في الداخل إلى أن يزول تأثيرها من الجو، ونهجم والحالة هي كر وفر، وكنا جالسين، فخرج شخص، كان متقدماً كثيراً، كان قد استنشق غازاً ومنظره...، كان يسعل، ولم تبق سوائل من عيونه وأنفه إلا وخرجت، فضحكنا على المشهد، وأصابنا ما أصابه تماماً بعد قليل، كنا نحاجر، وأنا في الحجر أضربها يميناً فتأتي شمالاً (ساخرًا)، وهذا الذي جعلني أول مرة حين نضرب أصيب أصدقائي والناس، أضرب فالناس ينظرون لأنني أضرب، وصرت أضطر أن أقف في الأمام وفي الصفوف المتقدمة؛ لأنني كيفما أضرب لا أصيب الناس، والمهم المشاركة، ليس المهم أين يصيب الحجر، وكنت أضرب وأنا منفعل فإذا بهم قد ضربوا الغاز، وحين يضربون الغاز لا يضربون أمامنا، تأتي وراءنا، والشباب كلهم منسحبون و راجعون إلى الوراء، نظرت فلم أر أحداً ورائي، أنا وأمامي الأمن، فهجموا، ويريدون أن يمسكوني فاضطررت أن أرجع، وحين رجعت دخلت بمعمعة الغاز، وكان لدي خوف؛ لأنَّه في إحدى المواجهات، أحد الأشخاص فقد وعيه تقريباً جراء الغاز، فبدل أن يهرب باتجاه المتظاهرين ركض باتجاه الأمن في شارع سعيد العاص، وأمسكوه، وضربوه كثيراً، وصوّرت[ بمقطع] فيديو، وهي منتشرة، وهي مصورة من أحد البيوت، كان يسحلونه في الشارع، ويضربونه، أذكر في وقتها، أننا رأيناه في اليوم الثاني، و لم نرَ مشهد السحل؛ لأنَّه كان هناك أمن متجمعون عليه، ونحن بعيدون، ولكن رأيناها كيف يضربونه- وأخذوه طبعاً- خلال الفيديو الذي تصور، أحد السكان صوره، وعرضوه على "الجزيرة"، وكان عزمي بشارة موجوداً يحلل، فرأيناه، تم عرضها، وتفاجأ، و كانت هناك صدمة لدى الناس التي تحلل، فما هذه الطريقة التي يضربون بها هذا الإنسان؟! أنتم أمسكتموه، فما هذه الطريقة الوحشية؟! كان هناك توحش غير طبيعي في ضربه، وهذه الصورة ماثلة في ذهني، وبسبب خوفي من أن أكون فاقداً الوعي أو لا أعرف إلى أين أركض كان آخر شيء رأيته متظاهرين، فأغمضت عيني، وبقيت أركض، وأنا مختنق وأسعل، ووقفت وأنا أصيح: بصل بصل. فكل شخص هناك كان يضحك عليّ وعلى منظري، كان وجهي أحمر وأنا أسمر، كيف أكون أحمر، وتخيل كيف يكون الإنسان مختنقاً، ويصيح: بصل وخل. فأصبح أصدقائي يتندرون، ويقولون: خل وبصل. والخل والبصل كانا يخففان آثاره والكولا كذلك، وكانوا في نفس النهار يضربون صديقي، وحاول أن يحملها، فلم يستطع حملها، ووقعت في فتحة المجرور، وصارت تدخن، فانحصر، وتحصل مواقف طريفة كثيراً. حين كنا نهرب، وندخل باتجاه الأزقة في منطقة المناخ أو الأميرية أو الحميدية، ويضغط علينا الأمن....، هناك ظاهرة جيدة، فقد كانت هناك حاضنة جميلة جداً، النساء من الشرفات أو أبواب البيوت يفتحون الأبواب، ويمدون خراطيم مياه، ويفتحونها، ويبقى خرطوم نازل من أجل الناس كي تغسل وجهها، وتشرب. وهذه المواجهات تبدأ بعد صلاة الجمعة مباشرة، تستمر تقريباً 3 أو 4 ساعات أو 5 ساعات حسب جلدنا وجلد الأمن، وبعد الساعة الرابعة أو الخامسة الأهالي ينادون للشباب؛ لأنهم خارجون من وقت صلاة الجمعة إلى الآن، وهم يواجهون، لا نعرف ماذا يخرج: حلويات، طعام، "سندويش" للناس، الأهالي تخرجهم، وحين يكون هناك ضغط كبير علينا الأبواب كلها تفتح، والناس يحذرون وليس المتظاهرون وإنما سكان الأحياء انفسهم: لا تغلقوا أبواب الأبنية، أبقوها كلها مفتوحة من أجل هؤلاء الشباب إذا هربوا؛ كي يجدوا مكاناً يدخلون إليه، و يختبئون فيه، وهذا الاحتضان كان جميلاً، وساعد في أن تكبر نواة التظاهر في هذه المنطقة، وننتقل إلى مناطق أخرى، وتحمل أهل هذه الأحياء كثيراً أصوات الرصاص وكل ما فيه من ترويع للأطفال الذين كانوا في البيوت، وتحملوا الغاز، وكان الغاز يُضرب على الشارع، ويدخل إلى البيوت، ونحن نهرب، ولكن الناس في البيوت أين ستذهب؟ هناك أطفال وعجائز وهناك مصابون بالربو وأشخاص لديهم أمراض مختلفة، وهذا الغاز يدخل إلى البيوت، تحملوا كثيراً ومع ذلك لم نر مرة تأففاً من الأهالي، أو أنهم قالوا لنا: تظاهروا في مكان آخر، على العكس كانت تفتح الأبواب لهؤلاء الناس (المتظاهرين).

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/03/01

الموضوع الرئیس

المواجهات مع قوات النظام

كود الشهادة

SMI/OH/35-08/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

أيار 2011

updatedAt

2024/03/21

المنطقة الجغرافية

محافظة حماة-مدينة حماة

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة