مرافقة المصابين في المشفى ومجازر ما بعد معركة كتيبة المدفعية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:07:33:21
[تركز] عملي مع الشباب في المشفى [أن] أقضي حتى الـ 06:00 صباحًا ويأتي أحد الشباب مكاني، وأذهب حتى الـ 06:00 مساءً وأعود أنا من الـ 06:00 مساءً إلى الـ 06:00 صباحًا، والمعركة شغالة (مستمرة) على طرف الميادين 2 كيلو متر، ولأول مرة أعرف أنَّ هذا الكم الهائل من الكلاب، كانت الميادين مدينة تعج بالكلاب؛ نتيجة للمعركة في البادية، وكنت أفكر وأنا عائد صباحًا [أنه] حتى هؤلاء (الكلاب) خائفون، والمدينة شبه فارغة، فيها عدد من العوائل ولكن تقريبًا لايوجد أحد، لأن معركة [كتيبة] المدفعية طالت قليلًا، وكان الرد قاسيًا والقصف (من النظام) على المدينة أعنف من أية مرة أخرى، تحديدًا لأن النظام شعر أنَّه حُصر وهذه النقطة الأخيرة، فكانت وتيرة القصف أعنف من الفترات الماضية.
أتت قناة "الدنيا" بخبر أنَّ مستشفًى خاصًّا حوله الإرهابيون إلى مستشفًى ميداني، وكان الخبر الذي يأتي بهكذا الشكل، بعد يوم أو يومين نتوقع قصف المكان، فنحن نعيش في المشفى ونحن مترقبون لحظة القصف، ومعي شاب اسمه صلاح يبقى مرافقًا لشباب آخرين، نقول له: في الليل نسأله إذا قُصف المشفى ماذا نفعل؟ قال لي: نموت! نقول له: لم نختلف! ولكن إذا لم نمت، كيف يمكن أن نخرج؟ وفي واحدة من هذه الأيام وصلت إلى البيت [عند] الـ 06:30 صباحًا تعبان جدًّا وأريد النوم، وعندي عائلة أختي كانوا راجعين على قرية اسمها بقرص، وجالسين معي في البيت، فقط أختي وبناتها الصغار، لأن زوجها سافر وأتى بهم إليَّ، فنمت ودخلت إلى المنزل والدنيا حارة (الجو حار) والجو يبقى حارًّا فترة طويلة، فشغلت المكيف وقلت: الدنيا (هذه الأيام) في أواخر الشتاء وسيكون [الجو] باردًا [إن نمت مقابل] المكيف وسأضع الفراش عكسه، ونمت، وعند الـ 09:00 صباحًا استيقظت على صوت مرعب، بلور (زجاج) البيت والغرفة التي أنام بها -ونحن لم نصلحه حين تم ضربه- وواجهة الصالون (غرفة الاستقبال) عندنا كلها بلور وكل البلور مع الألمنيوم (معدن فضي اللون) سُحب، فنزلت بنات أختي -الأطفال- وأختي إلى الطابق الأرضي ونزلت أركض، وعرفت أن الضربة عند جامع القدس عند معمل الكنسروة (أغذية معلبة)، وذهبت أركض وهذا أول قصف للطائرة أنا أذكره -إذا كان هناك شيء قبلها لا أذكره- ولكن في الميادين في وسط البلد في مكان مدني هذه أول مرة أرى ذلك، وركضت مثلي مثل كل الناس، ووصلت فرأيت مشهدًا لطفل مؤلمًا جدًا، فالجسم جسم طفل ولكن لا يوجد رأس، لم أستطيع أن أقاوم المنظر أبدًا، فرجعت إلى البيت أركض، وسألتني أختي: ما الذي حدث؟ لم أقل لها [ما حصل]، قلت: والله لا أعرف، ولكن المشهد فوق أن أصفه؛ ناس في الشوارع وناس أشلاء وهناك طفل بلا رأس، صدقًا إلى تلك اللحظة لست مقتنعًا أنَّ هناك كائنًا في الدنيا يقتل طفلًا! والذي أراه على الإعلام أعتقد [أنه] مشهد، ولكن عندما رأيت المشهد بعيني أنَّ طفلًا يموت بتلك الطريقة بدون ذنبّ، تبين فعلًا [أنه] يوجد، والأمر يتكرر وصار الموضوع مألوفًا عندهم، ولربما يكون القصف أساسًا ليموت أطفال!
اليوم التالي أو الذي بعده لا أذكر، قُصفت الميادين مرة أخرى بطيارة ميغ، وبعد دقائق من القصف عادت الطائرة وضربت مرة ثانية، فأحدثت مجزرة مرعبة في مدرسة عبد المنعم رياض؛ لأنها قصفت المرة الأولى وتجمعت الناس حتى تسعف [المصابين]، فقصفت الناس مرة ثانية في نفس المكان!
وذهبنا إلى هؤلاء الناس ورأيت منظرًا لطفلة رضيعة، حملوها وهم معتقدون أنَّها دمية فتبين أنها بني آدم (إنسان)، وبدأت الناس تصيح وتكبر: خذوها (إلى المستشفى) -والحمد لله الطفلة كانت على قيد الحياة- هذه المواقف تصنع علامات فارقة في نفسيتي، فبعدها قررت ألا أخرج إلى مكان فيه قصف، إذا كان الأمر يتعلق بالإسعاف؛ فهناك العشرات ممن يسعفون، فأذهب إلى المشفى للتبرع بالدم، ولكن لا أذهب لمكان القصف، وحافظت على هذا الكلام حتى عام 2019 في اعزاز؛ لا أذهب لكي لا أرى منظر الدماء ولا يغيرني، وكل المقاطع المصورة المتعلقة بالقتل لا أراها، وإصدارات "داعش" لا أراها، حين أرى أنني مهتم بشيء أقرأ أو أسمع عنه، هذان الموقفان لايزالان محفورَين في مخيلتي، [بالإضافة] لمفخخة اعزاز 2019 لأنني أُجبرت على رؤية ذلك.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/05/25
الموضوع الرئیس
المواجهات مع قوات النظامكود الشهادة
SMI/OH/79-17/
أجرى المقابلة
بدر طالب
مكان المقابلة
الباب
التصنيف
مدني
المجال الزمني
تشرين الثاني/ نوفمبر 2012
updatedAt
2024/11/12
المنطقة الجغرافية
محافظة دير الزور-مدينة الميادينشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
قناة الدنيا الفضائية
كتيبة المدفعية - الميادين - نظام