الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

استشهاد الناشطين

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:53:04

أهمية المظاهرات:

كنا نهتم كثيراً بالمظاهرات، وهي أكثر ما يعبر عن الثورة السورية، وهي كانت أجمل محطاتها بصراحة، وخلال مشاركتنا في المظاهرات بدأنا نستنشق هواء حراً، وبدأنا نشعر أن هذا البلد لنا وليس لعائلة أو طائفة. وبعد أن استنشقنا هذا الهواء الحر؛ [أصبحنا] لا نستطيع العيش بدونه، وبالتالي كسرنا كل الحواجز، وخرجنا من قيد العبودية الذي كان يفرضه علينا النظام. وكان الناس عندما يخرجون في مظاهرة وبالذات في مدينة مثل الحسكة[التي] لا يوجد فيها أي شبر محرر، بالتأكيد يكونون قد حلقوا في عالم الحرية، وكسروا حواجز الرعب والخوف، وبدؤوا بتحد صارخ لنظام الأسد وأجهزته الأمنية، وأي شخص متظاهر هو مشروع شهيد، أو مشروع معتقل، فما بالك بالمنظمين لهذه المظاهرات!

تنظيم المظاهرات:

طبعاً، الجميع كان يشترك في التنظيم، ونحن كنا أحد هذه الأطراف كجزء من الكل، وكنا نبدأ يوم الأربعاء-عندما تعتمد صفحة الهيئة السورية اسم الجمعة- طباعة الأوراق اللازمة، كنا نطبعها على نوعين: على لافتات كان بعض الشباب يخطونها مثل قصي عساف، وعبود الفلس، وكنا نطبع رسائلنا على أوراق صفراء، وكنا نطبع مئات من هذه الأوراق يوم الجمعة. ثم بعد ذلك، عندما أصبحت أيام التظاهر يومية، كنا نطبع كل يوم، وكنا نضع فيها كل الرسائل التي نحتاجها، وكنا نوزعها على المتظاهرين، وكانوا يرفعونها بشكل جماعي؛ بحيث تشاهد على مد البصر، والشارع ممتلئ بالشباب الشجعان الذين عندهم غيرة وحمية وإخلاص، وكانوا يهتفون بصدق، وكانت هذه الرسائل تخرج بشكل واضح، ولا أحد يعرف، و لم نكن نكتب عليها اسم اللجنة العربية أو أسماءنا الشخصية، ولا أحد يعرف مصدرها، ولكن كان يهمنا أن هذه الرسائل التي تتضامن مع: حمص، وبابا عمر، ومع المعتقلين، والشهداء، والتي كانت تحمل رسائل دولية، رسائل إلى الأطراف الدولية، والمحافظات السورية. كنا أيضاً نعبر: كيف نريد أن تكون سوريا في المستقبل: دولة مدنية ديمقراطية. كنا نقول فيها أيضاً: أننا نريد سوريا دولة موحدة، وكنا نطالب فيها بعلم واحد، وكنا ضد رفع أعلام سواء تحمل صبغة دينية أو قومية. وكنا نقول في هذه الأوراق التي كان يحملها المتظاهرين: إذا لم يوحدنا علم، كيف نجتمع في وطن؟! وكنا دائماً نعطي رسائلنا بالتضامن مع الناس الذين كانت مجتمعاتهم تحاربهم، مثلاً قلنا: إن أهالي غويران يتضامنون مع أختهم الثائرة هديل كوكي، وقلنا: إن المسيحيين في غويران يشاركون، علماً بأنه في ذلك الوقت رغم أننا كنا قد حضرنا لمشاركة عدد من الإخوة المسيحيين في المظاهرة، جاءهم تحذير: أنه سوف يكون هناك قمع كبير ضد المتظاهرين، وسوف يتم استهدافهم بشكل مباشر؛ واعتذروا عن المشاركة، ولكن نحن أصررنا على أن نبقي الإعلان كما كنا قد حضرنا، حتى لو لم يشارك الأصدقاء من المسيحيين الذين كانوا مع الثورة قلباً وقالباً، وعذرناهم. ولكن الشباب الموجودين حملوا هذه اللافتات، وقالوا: المسيحيون موجودون في هذه المظاهرة. وفي أحد المرات حملوا الصليب مع الهلال. وكانت رسائل واضحة تعبر عن الحالة الوطنية العامة، وكنا دائماً نهتف ضد الطائفية والعشائرية التي كانت تجمع أو تقوقع بعض الأطراف، وكنا نعرف شيوخ العشائر: كانوا مع النظام خلال ذلك، وكنا نهتف للحرية.

تعامل النظام مع المتظاهرين:

في الشهر السابع، ثبتت المظاهرات، وأصبحت يومية، ثم بعد ذلك بدأ النظام يطلق النار على المتظاهرين، وعندما بدأ يقتل المتظاهرين كانت تحصل جنازة في اليوم التالي، هذه الجنازة تتحول إلى مظاهرة، ثم بعد ذلك، أيام العزاء ثلاثة أيام، كل يوم يوجد مسائية يعني: مظاهرة، وفي التأبين يوجد مظاهرة أيضاً، وشيئاً فشيئاً أصبحت المظاهرات كل يوم، إلى أن صرنا نخرج في مسائيات بشكل طبيعي من دون أن يكون هناك جنازة، بشكل يومي، وعندما بدأ النظام يقتل المتظاهرين. أتذكر أيضاً: كان النظام يضغط حتى لا تخرج جنازة رسمية، وعندما استشهد- رحمه الله- عبد الرحمن النامس، ضغط على أهله، ودفنوه في القرية بصمت، ولم تقام له جنازة. ونحن في ذلك الوقت أقمنا جنازة رمزية يعني: شاركنا، وحملنا تابوت، وأصبحنا نهتف لعبود- رحمه الله- ضد النظام في ذلك الوقت.

وفي جنازة الشهيد عبد الحميد العواك (هو ابن عم القاضي عبد الحميد عواك)، في صيف عام 2011، ولا أتذكر التاريخ تماماً، ولكنني أتذكر الشهيد عبد الحميد عواك، استشهد في صيف عام 2011، وخلال ذلك أصر أهل عبد الحميد بالذات: أن تخرج الجنازة بشكل علني. وهو استشهد بإطلاق نار: كان موجوداً في مظاهرة واستشهد. وعبد الرحمن النامس كان في مظاهرة أيضاً، وتم إطلاق النار عليه، واستشهد، وعلى إثر هذه المظاهرة؛ حاول بعض الشباب أن يردوا الأمن عن المتظاهرين، وأتذكر سلوم المنفي: قاوم الأمن في ذلك الوقت، واستطاع حماية المتظاهرين حتى يبتعدوا قليلاً عن الشارع العام ويدخلوا في الحارات؛ لأن الأمن كان يطلق النار بكثافة، وهو تصدى لهم، وبعدها تمت ملاحقة سلوم، وتم اعتقاله.

إسعاف الجرحى:

عبد الرحمن النامس -رحمه الله-: كنت في المظاهرة، وبعدما تفرقت انشغلت مع عدد من الجرحى. ثم بعد ذلك فوجئت بأن عبود الفلس أحضر لي شخصاً، وقال لي: أدركه سوف يموت! فأخذته، وكان عندي مزرعة، وليس عندي عدة جراحة كاملة، لا يوجد لدينا مشفى ميداني، ولكن كنا نأخذ الإصابات التي يصاب بها الشباب الناتجة عن سلاح صيد، أو رصاص مطاطي، أو إصابات بسيطة. نأخذهم إلى بعض الأصدقاء من الأطباء، وكان عندي عدة جراحة صغيرة، ولم يكن لدينا وسائل للعلاج. وعندما أحضر عبد الرحمن- رحمه الله- كان واضحاً أنه مصاب بطلق ناري، وفوراً هرعت حتى أحضر طبيباً جراحاً، يجب أن يكون طبيباً جراحاً. وذهبت في سيارتي إلى أحد الأصدقاء، واتصلت معه على الهاتف، وقلت له: أنا أنتظرك. وكان طبيباً جراحاً بالفعل، ونزل. وكان معي في السيارة عباءة وشماغاً، ولبس العباءة والشماغ؛ لأننا ذاهبون لمعالجة مصاب، ولا أريد أن يعرفك أحد كطبيب. وهذا الطبيب أكن له كل الاحترام والتقدير، في ذلك الوقت لم يتردد أبداً، وجاء معنا، ودخل على عبد الرحمن. كان الوقت يمضي من لحظة وصول عبد الرحمن إلى لحظة وصول الطبيب: كان الزمن عشرين دقيقة تقريباً؛ لأنه بمجرد أن دخل إليّ ركبت سيارتي، وذهبت باتجاه الطبيب، وعلى الطريق اتصلت به، واستمر الطريق ذهاباً وإياباً من خمس عشرة إلى عشرين دقيقة. وعندما رأه الطبيب مباشرة قال: هذا جرحه عميق؛ يوجد طلق ناري اخترق أحشاءه من صفحته، وبالتالي يجب أخذه إلى المشفى مباشرة. وأخذه الشباب إلى المشفى، ولكن لم يستقبلوه، وذهبوا إلى ثلاثة مشاف، ولكنهم رفضوا استقباله، حتى وصل أخيراً إلى مشفى، وجد فيه من يستقبله، واستشهد - رحمه الله- خلال ذلك.

الاعتقال:

اعتقلت بعد ذلك في الأمن السياسي، بعدها بعدة أشهر وليس مباشرة، في بداية عام 2012. وكان من ضمن الأسئلة التي كانوا يسألونها لي خلال الاعتقال هو: هل تم إسعاف عبد الرحمن النامس إليك؟ وأنا لم أنكر، وقلت: أي شخص يأتي إليَّ - أنا عندي شركة أدوية، إضافة إلى كوني محامياً - وهو يحتاج علاجاً [أساعده]، وهذه مسألة إنسانية، وبالتالي عندما جاء إليَّ عبد الرحمن النامس، كان وضعه صعباً، وقلت للشباب أن يأخذوه إلى المشفى، وفعلاً أخذوه إلى المشفى- ولم أقل لهم: إن طبيباً جاء [لعلاجه] حتى لا يؤذوه، وكتمت هذا الموضوع، هذا الجزء لم أتكلم عنه أثناء التحقيق. عندما استشهد عبد الحميد العواك رفض عمه (القاضي عبد الحميد العواك)، طلب الأمن: بعدم إخراجه في جنازة معلنة في النهار، وطلبوا منه أيضاً كما طلبوا من أهل عبد الرحمن النامس: أن يتم دفنه في القرية بصمت. طبعاً، أبو عبد الرحمن مغلوب على أمره، ولكن عمه- سامحه الله- أيد طلب الأمن. وعندما استشهد عبد الحميد عواك أقمنا له جنازة من الجامع الكبير في غويران، وشارك فيها الآلاف من الناس، والجنازة كانت مشياً على الأقدام، من الجامع إلى المقبرة، وكانت المسافة عدة كيلومترات، استمرت جنازته قرابة ثلاث ساعات، إلى أن انتهينا من إجراءات دفنه. وخلال ذلك كان هناك هتاف ضد النظام بشكل واضح وصريح، وتحولت الجنازة إلى مظاهرة، وكانت حدثاً في الحسكة. وكان هناك عدة إجراءات ملحوظة في ذلك الوقت منها: إصرار أهل الشهيد على أن يجروا كشفاً طبياً، طلب عبد الحميد من المحامي العام أن يجروا كشفاً طبياً، ويجب على القاضي أن يكشف على الجثة، ويحددوا المسؤولية، وأنه أصيب بطلق ناري، وتم هذا تحت إصرارهم. وأرادت إحدى الجهات الأمنية الزيارة والتعزية، ولكن وصلهم كلام: إنه غير مرغوب فيكم. وكان هناك أيضاً جنازة ملفتة للنظر في الحسكة: جنازة عبد القهار اللجي، وهو طالب يدرس في حمص، من الحسكة، ووالده شخص مرموق ومحترم، استشهد في حمص، وهو ينشط مع المتظاهرين من أهالي حمص، وهو بالذات استهدف قنصاً؛ لأنه كان شخصاً بارزاً في التنظيم للمظاهرات والحراك الثوري الذي كان يجري في حمص. وأحضره أهله، وقمنا بدفنه في الحسكة، وخرجت له مظاهرة كبيرة أيضاً، وأيام العزاء كلها كانت هتافاً ضد النظام، وكان كل الشباب الثائرين يتجمعون بالمئات في منزل العزاء، وما كان لافتاً في الموضوع: اللافتات التي وزعناها على أوراقنا التي كنا نقول فيها: "قالها وفعلها ابن غويران يا حمص، حنا معاكي للموت". فعلاً ماتوا من أجل حمص.

أيضاً هناك جنازة رمزية لشخص آخر من الحسكة، أصله من تدمر، وهو ابن أسعد الأسعد التدمري، من عائلة كريمة، اعتقله النظام، واختفى. ثم قالوا: إنه تمت تصفيته في سجون النظام، ولم يسلم النظام جثته، ولكن نحن أقمنا له جنازة رمزية، وأقمنا له تشييعاً رمزياً، وأقام له أهله عزاءً، ونحن ذهبنا لزيارتهم، وجاء أثناء ذلك الشباب إلى منزل العزاء (عدد من شباب غويران)، وأقاموا له هتافاً عند باب منزل العزاء أشبه بتأبين.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/03/02

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي

كود الشهادة

SMI/OH/3-17/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/05/06

المنطقة الجغرافية

محافظة الحسكة-مدينة الحسكة

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة