الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

فاعلية حمص في الثورة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:10:08:03

النظام وصل إلى صيغة بعد درعا: اعتقد أنه يستطيع أن يجهز على الثورة، ولكن حمص أبت ذلك، وفشلت خطة النظام. كان الحراك فيها مستمر والتضحيات كبيرة؛ وهذا جذب اهتمام العالم كله: شكل الخطاب والوعي الموجود عند أبناء حمص، والإصرار دائماً في مظاهراتهم السلمية المتكررة التي تحولت من أسبوعية إلى يومية؛ بسبب، طبعاً، غباء النظام وجرائمه: عندما كان يرتكب جرائم قتل بحق المتظاهرين، ويطلق عليهم النار؛ كانوا يحملون أبناءهم، في اليوم التالي، في جنازة تتحول إلى مظاهرة، وبهذا الشكل امتدت المظاهرات في حمص أفقياً، وشملت كل الأحياء.

طبعاً، غذى النظام نزعة طائفية، ولدها في مناطق معينة في حمص، وشكل لجانه الشعبية، وبدأ يضغط على المتظاهرين خلال ذلك؛ حتى اضطروا إلى حمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم. وأنا آسف أن أصف الواقع كما هو: تعامل النظام معهم على أنهم سنة، ودفع أبناء الأحياء الأخرى إلى تشكيل هذه اللجان(الشعبية)، وبدؤوا يتصيدون المتظاهرين، وبعد اعتقالهم رجالاً ونساءً، يراهم أبناؤهم مقتولين على الطرقات، وعليهم أثار التعذيب: فقء العيون، التمثيل بالجثث؛ وهذا ولد هذا الدافع: أن يدافعوا عن أبنائهم وقيم ثورتهم، وهذا الموضوع وضعنا أمام تحديات: نحن يجب ألا نتخلى عن حمص.

الذهاب إلى حمص:

كنت في زيارة إلى دمشق، وكنا نعيش الثورة بكل لحظة في حياتنا، أعمالنا وأشغالنا كلها وضعت جانباً، وبدأت كل لقاءاتنا مع كل الأطراف، سواء كانت في محيط العمل، أو في العلاقات مع الأوساط التي انخرطت في الثورة، وقيادات الثورة، والشخصيات الاجتماعية، والأصدقاء، والمعارف. كان كل الحديث عن الثورة، وخلال ذلك حدثت بعض الأصدقاء في دمشق أن نذهب إلى حمص، كان عندنا علاقات قديمة، وصداقات متينة مع عوائل عريقة في حمص، وشخصيات مهمة في حمص، وبالتالي كانت الفكرة التي طرحتها عليهم: أن نذهب إلى هناك، ونلتقي مع هؤلاء الناس الذين لهم علينا حق وواجب، ونطمئن على أحوالهم، ونرى كيف يمكن أن نساعد أبناء المحافظات الأخرى، [نحن] أهالي حمص، وهذا الكلام كان في شهر أيلول، كنت في دمشق. وكان يوجد لقاءات لأجل الثورة، وكان أيضاً هم الثورة حاضر في كل الجلسات التي تحصل. وطبعاً، أصدقائي لم ينصحوني، وقالوا: الوضع صعب جداً، والوصول إلى حمص صعب أيضاً؛ الطرقات كانت مغلقة، والأخبار عن حمص أنها مدينة شبه مهجورة، يعني كان الناس، أهلها، موجودون فيها، ولكن كثير منهم نزح عنها. وأنا لم أستطع مقاومة هذه الفكرة، التي كانت بالنسبة لي خارج الوعي. يجب أن أذهب إلى حمص. وفعلاً، ركبت سيارتي الشخصية، وفوجئ أصدقائي أيضاً؛ لأنني غادرت إلى حمص فجراً. وأنا في مدخل حمص بدأت الاتصالات مع الأصدقاء، الذين أثق فيهم هناك، وكانوا حذرين جداً: كان الخوف يملؤهم: يعني كيف دخلت حمص؟ وكيف سوف أصل إليهم؟ لأن أي خطأ في مسار الطريق- الطرقات سالكة، ولكن أي خطأ في مسار الطريق بسبب الحواجز التي كانت موضوعة وتغيير مسارات الطرق- ممكن أن يأخذك إلى مكان تتعرض فيه للقتل. حكى لي أحد أصدقائي الذين ذهبت إليهم، قال لي: عندي موزعون، وأحد الموزعين أخطأ الطريق، وذهب في حي" النزهة"، وخلال ذلك صادروا بضاعته، وأحرقوا سيارته، وبدؤوا بضربه، ولولا أن لياقته البدنية ساعدته في تخليص نفسه سريعاً، وهرب؛ كان يمكن أن يقتل. وتكررت هذه الحوادث لذلك- الحمد لله- أنا وصلت ووجدتهم في انتظاري، وبدأنا جلساتنا. الجو تغير، أهالي حمص الظرفاء الذين دائماً يتكلمون في الحياة، ويتكلمون في العمل، ويتكلمون بحالة من الحيوية والترف، وحالة من الفكاهة الدائمة التي لم تكن تغادر وجوههم، بدؤوا يناقشون قضايا السياسة وهم الوطن بطريقة لم أشهدها من قبل، يعني: كانت العلاقات قائمة على أساس اجتماعي، وعلى أساس علاقات العمل، بعيدة عن هذه الأوضاع، وكان الجميع حتى الناس الصامتون الذين لم ينخرطوا بشكل فعلي ومباشر في الثورة لهم ذات الموقف، وكان الكل يفكر: ماذا يجب أن نفعل أيضاً من أجل التخلص من هذا الكابوس؟ أحدهم وصف لي وهو يعمل على آلة حاسبة بطريقة كانت معتادة عند أهل حمص، كان يحسب أرقاماً، وفي النهاية أعطاني الناتج وكان عدة "تريليونات". قلت له: ما هذا؟ ماذا تحسب يعني؟ رقم لا أتخيله، قال لي أنا أحسب كم مرة قلنا فيها " ارحل". يعني كان يضرب عدد نقاط التظاهر، في عدد الناس الذين خرجوا في هذه النقاط، وفي عدد الأشخاص الذين هتفوا في هذه النقاط، وفي عدد الأيام التي تكررت فيها. يقول: كم مرة يريد أن نلعن أباه حتى يفهم أن هذا الشعب لا يريده؟! كل الناس تخرج مظاهرة مكونة من مئتي شخص، يقومون بإضراب أو اعتصام؛ وفي اليوم الثاني تأتي الحكومة وتناقشهم، أو تسقط الحكومة بسبب هذا الشيء إلا عندنا: الشعب السوري خرج (بالملايين) بهذا الشكل، والنظام متشبث، و[قابع] على دماء وأشلاء أبنائهم!

مظاهرات حمص:

كانت هذه الزيارة مثل السحر، وبالعادة أنزل في فندق السفير، وفعلاً أردت الذهاب إلى فندق السفير، ولكن الأجواء لم تعجبني أبداً: كانت الأجواء نتنة؛ عرفت فيما بعد أن مفرزة أمنية موجودة في الفندق، وكان أصدقائي يحجزون لي بالعادة، ولكن أنا أصررت على حجزي، وقالوا لي: لا تذهب إلى "السفير". وفعلاً رأيت الوضع: كانت مفرزة أمنية موجودة في "السفير"، ووجوه نتنة موجودة هناك. وأخذني أحد الأصدقاء إلى شقة له في محيط "السفير" في منطقة في الإنشاءات، وأمضيت الليلة. كانت الأجواء خالية، حمص في سكون تام، لا تسمع أي شيء، وحتى الإنارة مطفأة، والنوافذ مغلقة، والستائر مسدلة. لم أر حمص أبداً في هذا السكون! كانت حمص مليئة بالحيوية ليلاً: يعني كنا نذهب من فندق السفير إلى المنطقة المحيطة (شارع الحمراء وشارع البرازيل)؛ ترى الناس تضج بالحياة والحركة والحيوية. والوضع كان مختلفاً تماماً: الناس قبل الغروب كانوا يخرجون ساعتين أو ثلاث ساعات لقضاء بعض الأشغال الضرورية، ثم يذهبون إلى المنازل، وخلال ذلك، فتحت النوافذ؛ وإذا بي أسمع صوتاً من بعيد، صوتاً مثل السحر، صوتاً جذبني إلى خارج هذا العالم، صوت هتاف، معناه غير واضح، ولكن مثل صراخ اللبؤة وهي تزأر لأجل أطفالها، مثل الذئاب التي تصرخ في غابة تنشد كرامتها. كان الصوت قادماً كما يبدو من بابا عمر. وأنا أعرف المنطقة في حمص، دائماً أذهب إلى هناك. فعلاً، كان الصوت من بابا عمرو: صوت الثوار؛ بدؤوا يهتفون مساء بمظاهرة ليلية، وبعد ذلك بقليل، صوت آخر من منطقة محيطة، ونزلت، ومشيت في الشوارع، وخاطرت خلال ذلك، وقلت: أريد أن أعيش هذا الوضع، وجذبني الصوت، وأنا أمشي وأفكر في هذه الحالة وإذا صوت نساء[يعلو] أيضاً، يبدو أنهن يتضامن مع المتظاهرين من الشرفات التي لا يظهر عليها الأشخاص، صوت واحد متعدد الأطراف من نساء يهتفن: " الله أكبر الله أكبر"، وكأنهن يدعين للمتظاهرين بالسلامة، ويعلن تأييدهن لهم، وبعد ذلك زخات من الرصاص. قلت: بدأ النظام يقتحم على المتظاهرين شوارعهم، وقدرت أننا خسرنا عدداً من الشباب شهداء، قلت: كم خسرنا الآن؟ كل يوم نسمع أخباراً من مظاهرات بابا عمرو تحديداً ومن غيرها نحن نخسر، ويكسب هؤلاء الرجال الجنة، الذين عندنا قناعة أنهم مازالوا مخلدين. ولكنه كان مؤلماً بالنسبة لنا؛ شباب سوريون بعمر الزهور نخسرهم مبكراً، [لأننا] كنا ننتظر حتى يساهموا في بنائها لاحقاً. بعد ذلك، أصبح صوت آخر يأتي يبدو أنه بدأ اشتباك: يبدو أن الثورة كانت مضطرة للدفاع عن نفسها.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/10/14

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في حمص

كود الشهادة

SMI/OH/3-19/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/05/06

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-بابا عمرومحافظة حمص-محافظة حمصمحافظة الحسكة-مدينة الحسكة

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة