اعتصام وزارة الداخلية بدمشق في 16 آذار 2011 والتنسيق لمظاهرة جمعة الكرامة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:09:19:06
بعد مظاهرات 15 آذار/ مارس، عدت برفقة بعض الأصدقاء الذين كانوا معنا في المظاهرات إلى مدينة حمص، في وقت متأخر في ذلك اليوم، وكان في انتظاري صديقنا المعتقل عبد الكريم الصبح، وقدم ما يشبه تقريراً عن مجمل النشاط، وما حصل في الإعلام العربي والدولي، وكان مطمئناً ومريحاً لنا أن خبر المظاهرة انتشر بشكل جيد، وتحدثت السيدة سهير أتاسي إلى وسائل الإعلام، ولا سيما على قناة الجزيرة. وقام صديقنا عبد الكريم الصبح أيضاً برصد ردود أفعال الناس حول التظاهرة التي حصلت في 15 آذار/ مارس. وسرّنا جداً انتشار خبر المظاهرة بشكل كبير، وانتشر شعبياً بشكل جيد. وكان الناس ينظرون بعين الإعجاب فعلاً إلى هذا النشاط، وسمع عبد الكريم الصبح -كما نقل لي- وعود الناس واستعداد الناس للمشاركة في التظاهرات، وكنا في صدد انتظار ما سيحصل في اعتصام وزارة الداخلية في دمشق، في اليوم الثاني، ولكن كنا أيضاً نحاول تشجير (استثمار) النجاح الجزئي الذي حققناه في يوم 15 آذار/ مارس؛ من أجل الإعداد لحشد جيد لمظاهرات ما أطلق عليه "جمعة الكرامة"، أطلق على المظاهرات المزمع تنظيمها يوم الجمعة "جمعة الكرامة".
في اليوم التالي، في الحقيقة، الحالة السحرية الجميلة التي عشناها ليلة 15 آذار/ مارس، أصبنا بعدها فوراً مع صبيحة اليوم 16 آذار/ مارس بانتكاسة كبيرة، بفعل الحملة القمعية الأمنية الكبيرة التي شنتها قوات الأمن في صفوف المتظاهرين، في اعتصام المتظاهرين أمام وزارة الداخلية، اعتصام "يوم المعتقل" في 16 آذار/ مارس، واعتقل يومها على ما أذكر حتى الآن حوالي 32 ناشطاً وناشطة، وبينهم- مع الأسف- أطفال، وهم أبناء أحد الناشطين الموجودين في الاعتصام، وضرب الراحل الكبير الدكتور الطيب التيزيني، وضربت الناشطة سهير الأتاسي، وسحلت على الأرض، وضرب ناشطون آخرون وناشطات أخريات، وجرى اعتقالهم بشكل همجي، وسحبهم إلى فروع الأمن. ولكن في الحقيقة، كانت هناك فائدة إيجابية أيضاً من هذا الاعتصام، وهي أن المكان بحد ذاته ساهم بأن يسمع الكثير من السوريين، وأن يروا، ويشاهدوا بأم أعينهم الجانب السلمي للاعتصام، والجانب الهمجي في تعامل قوات الأمن مع الاعتصام.
وعلق وزير الداخلية بتصريح صحفي آنذاك مباشرة على وسائل إعلام النظام، بمعنى أن هناك تعاملاً كان قد أجبر النظام على القول بأن: هناك معارضة في سورية، وأن هناك معتقلين في سورية. وقدم وزير الداخلية وعوداً آنذاك بالتعامل بشكل قانوني مع الاعتصام، بالتعامل بشكل قانوني مع الاعتصام وبالتعامل بشكل قانوني مع المعتقلين، ومحاولة الإفراج عمّن أنهى أحكامه منهم، بمعنى أن الاعتصام أجبر قوات النظام، وأجبر النظام على التعامل بعلنية معه، ومع الناشطين، ومع المعارضة، والاعتراف بوجودها في الحقيقة، والاعتراف أيضاً بأنه نفذ حملة اعتقالات في صفوف الناشطين.
هذا اليوم كان يوما مميزاً بالتأكيد، ولكننا شعرنا بالأسى على المعتقلين الحقيقة؛ فقد اعتقل عشرات الناشطين والناشطات الذين قد يشكلون قاعدة أساسية في عمل المعارضة الثورية، ولا سيما الناشطين الشباب منهم.
في اليوم التالي لبدء الاعتصام فوراً، وهو اعتصام وزارة الداخلية 16 آذار/ مارس عام 2011، وانتشار أخبار هذا النشاط على وسائل الإعلام العالمية، وحتى أنه تم ذكر أسماء الناشطين. وأتذكر أن "هيومن رايتس ووتش" أصدرت بياناً، وذكرت أسماء المعتقلين [واحداً واحداً]، بالإضافة إلى منظمات دولية أخرى، ووسائل الإعلام تداولت خبر اعتقال كل هؤلاء الناشطين في يوم الاعتصام باهتمام بالغ؛ مما ساعدنا في الحقيقة على أن نحشد المزيد من الناشطين المترددين بالمشاركة في الحراك، وهذه الاعتقالات عموماً لا تسبب إرهاباً للناشطين بقدر ما تسبب تحفيزاً لهم، فهي تنمي شعور التحدي لديهم.
وفعلاً، حدثت هناك عدة اجتماعات، أحدها في منزل الصديق المعارض المعروف محمود عيسى في مدينة حمص، [كان الاجتماع] حول كيفية التحرك لاحقاً، وكان هناك اختلاف على موضوع المشاركة في مظاهرة، في الشارع ضمن الناشطين الذين كانوا موجودين في هذا الاجتماع، أتذكر أنني كنت وعمر سليمان، وزكي الدروبي. دخل الناشط والصحفي زكي دروبي في ذلك الوقت على هذه الاجتماعات بقوة، بالإضافة إلى مجموعات أخرى من الشباب والشابات الذين دخلوا على هذا الاجتماع، بمعنى أن النشاط الذي سبق يوم 18 آذار/ مارس (مظاهرة 15 و16 آذار/ مارس) دفع ناشطين كثيرين للانخراط في العمل مجدداً، بعد أن كانوا محجمين عن هذا النشاط، وبدأت التحضيرات لمظاهرة يوم 18 آذار/ مارس بالكثير من الأمل على أنه سيكون هناك حشد كبير. والحشد الكبير الذي كنا ننشده بالتأكيد هو عشرات الناشطين ليس أكثر، وتحرك كل شخص منا باتجاه مجموعات أصدقائه، والناس الذين يثق بحسهم الواعي، وبقدرتهم فعلاً على أن يكونوا مبادرين، وأن يكونوا مستعدين لتقديم التضحية. ففي وقتها جددت التواصل مع الشهيد الناشط ماهر نقرور، وهو أحد أبناء الطائفة المسيحية في مدينة حمص، ممن كانوا قلة يشاركون في الشأن العام، ومع عبد الرحمن أورفلي أيضاً الذي أصبح فيما بعد واحداً من قيادات الجيش الحر في مدينة حمص القديمة، واستشهد في نهاية العام 2012، بالإضافة إلى ناشطين آخرين وناشطات أخريات.
في الحقيقة، كنا نحاول تحفيزهم على المشاركة في مظاهرة 18 آذار/ مارس في مدينة حمص، وجرى الاتفاق على أن تكون المظاهرة تنطلق من جامع خالد بن الوليد، ولماذا تنطلق من الجامع؟ وليس من أي مكان آخر. في الحقيقة، لأسباب كثيرة: أولاً لأنها تؤمن -صلاة الجمعة تحديداً- مكاناً فيه وقت ممتد، يحضر الناس فيه بشكل متقطع، من دون أن يثيروا أي مشكلة، ويتواجدون في مكان واحد تمهيدا للانطلاق، بمعنى أننا يمكن أن نستفيد من نصف ساعة على الأقل، و التي هي زمن صلاة الجمعة أو خطبة الجمعة، ويمكن الحضور خلال هذه النصف ساعة، بمعنى أنها تتيح لك هذا المكان (مكان الاجتماع) دون أن تعرضك لمخاطر كثيرة، ونقطة أخرى أنك تصبح محمياً من الناس إلى حين أن تقتحم قوات الأمن هذه المظاهرة، وضمن هذه الجموع تستطيع أن تؤمن وقتاً (دقائق) تستطيع أن تهتف فيها، وتعبر عن مطالبك، وتسمع عدداً كبير من الناس مطالبك المحقة، وخطابك الثوري، وخطابك المتحدي المعارض للنظام. وهذه الأسباب التي كانت تدفعنا في الحقيقة باتجاه المساجد، وليس لسبب آخر. فقد سمعنا الكثير من الاتهامات على هذا الصعيد، وكلها باطلة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/07/29
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في حمصكود الشهادة
SMI/OH/4-08/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
آذار 2011
updatedAt
2024/08/14
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-مدينة حمصمحافظة حمص-جامع خالد بن الوليدشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
قناة الجزيرة
هيومن رايتس ووتش