اعتقالي في مدينة الحسكة - 2
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:10:17:18
أخذونا إلى القامشلي، وجميعنا [اعتقلنا]على إثر وشاية من معتقل؛ ضغطوا عليه ليتكلم عن الذي يعمله لصالح الثورة، وهو تكلم وذكر هذه الأسماء، وحصل هذا الأمر. وسلوم كان معتقلاً قبلنا، عندما دخلت إلى السجن (إلى الزنزانة) كان الطقس بارداً، كان البرد قارساً، وبردت جداً في ذلك الوقت، وأصبحت أطرق الباب؛ حتى يحضروا البطانية. وسمعت صوتاً من جانبي يقول: عندي بطانيات، تعالوا خذوا من بطانياتي، عندي بطانية زيادة. ثم عرفت أنه سلوم، وسلوم عرف صوتي. وكان يريد إيصال البطانية لي من عنده، لا يوجد عنده زيادة، ولكن يريد أن يستغني عن البطانية من أجلي. ثم أعطاني إشارة، وقال: مهما يقولوا لك فهو غير صحيح. اعتقلوني من أجل كذا وكذا فقط لا غير. كان يوصل لي رسالة؛ حتى إذا كان هناك أحد ما يسمعنا؛ لأن زنزانته بجانب زنزانتي، هو لم يتحدث عن أي شيء. وفعلاً، من خلال التحقيق اكتشفت أن سلوم لم يعترف بأي شيء عن العمل الذي عمله معي. كان رجلاً؛ لأن جميع القضايا التي يعرفها سلوم لم يسألوني عنها أبداً، ولا الآخرين، ليس سلوم فقط، حتى عبود وقصي. ثم رحلونا إلى القامشلي. واكتشفت فيما بعد أن هذا الترحيل إلى القامشلي؛ لأنهم خافوا (إن بقينا) في الحسكة أن يصبح هناك اختراق [نتيجة] لضغط الناس والمحيط؛ لأن الثورة كانت في بدايتها، والناس مندفعة، خافوا من أن يهجم الناس على فرع الأمن السياسي؛ لأنه خلال اعتقالنا، انتقلت المظاهرات من حي غويران: إلى وسط المدينة، تقاطع حي القامشلي، شارع القضاة التي هي منطقة متنوعة يوجد فيها أحياء متعددة. وكانوا يحاولون إبعادها عن المظاهرات، علماً أنها كانت تحصل، ولكنها طيارة (تحصل بدون مقدمات ظاهرة، وتستمر لمدة قصيرة). ولكن لأول مرة تثبت المظاهرة في هذه المنطقة؛ من خلال إطارات حرقوها على التقاطع، وقطعوا السير، و [أقاموا]اعتصاماً في هذه المنطقة، وعصياناً وبدؤوا يصرخون:" ياسر الفرحان لن ننساك، وعبود الفلس لن ننساك، وسلوم المنفي لن ننساك، وقصي (لن ننساك)" واستمرت بهذا الشكل. فيما بعد، حصل اعتصام في نقابة المحامين، في مركز النقابة، في القصر العدلي يوجد مكتب ومقهى للنقابة. ذهب عدد من المحامين إلى مكتب النقابة، واعتصموا في البهو، ورفضوا الدخول إلى المحاكم؛ وخرج المحامي العام إليهم، وطلب منهم الدخول إلى مكتبه، وإيقاف الاعتصام، وإعطاءه فرصة حتى يعالج الموضوع. وكان سبب اعتصامهم؛ هذا زميلنا محام، ونحن لا نقبل أن يعتقل بهذه الطريقة. وطبعاً، المحامي العام كان موقفه جيداً: كانوا في ذلك الوقت يأخذون إذناً كل أربعة أيام من النيابة العامة لتمديد التحقيق، وكان كل مرة يعطيهم الإذن مع طلب الاستعجال. وهو وعد المحامين وقال لهم: لن أعطيهم إذناً ثانياً، وسوف أقول لهم: نحن تحت ضغط اجتماعي. والكلام ذاته قاله لي تيسير واصل (رئيس الفرع) عندما استجوبني. قال لي: لا يوجد أحد من أصدقائي إلا وتوسط لك: الأكراد، وآغواتهم(أعيانهم)، وشخصياتهم، وأثرياؤهم، وأصدقائي من المسيحيين، وكل تجار البلد. جميعهم جاؤوا إلي، يقولون: إن هذا ابن أبي ياسر، وهذا إنسان يهمنا، ولا يجب إيذاؤه. وشيوخ العشائر جاؤوا إليَّ أيضاً، ولم يتركوني إلا كذا. فطبعاً، كان هذا بطريقة توبيخية بمعنى: ماذا تريد من هذا الأمر؟! ولماذا تتصرف بهذا الشكل؟! وما هذا الذي تفعله؟! أنت ماذا ينقصك؟! فعلاً، كان دخلي عالٍياً من تجارتي. ومكانتي الاجتماعية [التي اكتسبتها] من أسرتي وعملي في المحاماة كانت مريحة أيضاً. وكنت أقول له: أنا لا أقبل قتل الناس في المظاهرات، ولا أقبل ما حدث لأطفال درعا. ودخلنا في نقاش طويل. حتى قال لي في النهاية: يوجد لديكم "أجندات"، ويقومون بخداعكم. ونحن نعرف دوافعكم، أنتم مرتبطون. وبدأ يتحدث على المعارضة وقال: (مسميًا شخصًا من قيادات المعارضة أنه) لا يسافر من مكان إلى آخر؛ إلا إذا أعطوه تذكرة" بزنس كلاس"! حتى إنه يعيد التذكرة إذا لم تكن" بزنس كلاس". في الوقت الذي أنت مثل الكذا- وكان يشتمني- ترمي أموالك ورزقك، وتضحي بنفسك وأسرتك لأجل هذا الشيء. وكنت أرفض، كنت أقول (في نفسي): قناعتي أنهم يحاولون تشويه صورة المعارضة أمامنا. ونحن كنا نفكر في ذلك الوقت أننا نحن الثورة، ولكن الموجودين في الخارج يعبرون عنا، وكنا حريصين أن يمثلنا المجلس الوطني، وحرصنا على هذا الشيء، ورفعنا (لافتات) وكتبناها في منزل أخي مضر أكثر من مرة؛ حتى تخرج كما خرجت في محافظات أخرى، وكنا حريصين على سماع خطابهم، وأن نمشي في مظاهراتنا بنفس هذا الخطاب، ونجعلهم يتبنون خطابنا في مظاهراتهم. وأصبحت فيما بعد عضواً في المجلس الوطني باسم مستعار مع القاضي عبد الحميد عواك، في فترة لاحقة لفترة اعتقالي. شاركنا في التصويت معهم، وكنا سعداء عندما أصبح جورج صبرا رئيساً للمجلس الوطني، نحن الذين يقولون[عنا]: إننا إسلاميون، ويقولون: عندنا جداول أعمال، ويقولون: كذا. نحن كنا حريصين أن يكون جورج صبرا المسيحي رئيساً للمعارضة السورية. ولا يوجد هذا الإسلام و"الفوبيا"(الرهاب)، وجميعنا (نعيش في) مجتمع محافظ، نحترم معتقداتنا، ونحترم معتقدات الآخرين، وليس عندنا مشروع إلا انتصار الثورة السورية؛ حتى نبني دوله مدنية.
فيما بعد أخذوني من القامشلي إلى السجن المركزي في الحسكة. وفي السجن المركزي ـ أودعونا في قسم يودعون فيه المجرمين الذين يقومون بالعصيان، وضعوني معهم. وعرفت عندما وصلت إلى السجن أن الأمور محلولة: سوف يتم الإفراج عني. وكنت سعيداً بنفسي؛ لأنني ثبت على موقفي، ولم أمسكهم (لم أقر بأفعال تساعدهم على إدانتي) شيء. كان عندي قناعة أنني قادر على خداع المحقق، وأجعله يقتنع بأن التقارير الموجودة عنده كاذبة؛ وأنا شخص حقوقي أفهم في سيكولوجيا التحقيق، وكيف يفكر المحقق. علماً أن عيوني معصوبة طوال الفترة الماضية؛ لم أكن أراه، ولكن رغم ذلك كنت أفسر نبرة صوته وحركته. ومرة واحدة كشف عيني. وتيسير واصل (رئيس الفرع) كشف عيني؛ حاول أن يدخل معي في نقاش، مثل: النصيحة. وفي النهاية وصل إلى نقطة : أنت أفهمني ماذا تريد؟ وهو يصرخ ويضرب على الطاولة. قلت له: هذه سوريا ليست للأسد. "الأسد أو نحرق البلد" هذه لا تنسجم معنا؛ نحن نريد تداول سلطة، سوريا أكبر من الأسد. وهنا فقد توازنه، وبدأ يصرخ ، ونادى السجان، وبعدها بأيام رُحِلت إلى السجن، عرفت أنه يوجد ضغط اجتماعي عليهم، وعرفت أنه يريد إيصال رسالة أيضاً: أنه بالنسبة له لا يوجد شي، وأنا اطلعت على ضبطي. وكان القضاة متعاونين: القضاة الذين عرضت عليهم كانوا متعاطفين مع هذا الموضوع. ولاحظت أنهم لا يدونون أقوالي؛ كانوا يكتبون في الضبط الشيء الذي ينفعني. وفيما بعد، عندما خرجت من السجن، وكان أكثر شيء يعذبني في السجن هو عائلتي في الخارج: يعني أنت تفكر وأنت في السجن لا يوجد تواصل بينك وبين الناس. وأكثر شيء كان يعذب الناس: أين أنا؟ وخرجت إشاعات أنه تمت تصفية ياسر الفرحان؛ والناس عاشوا حالة صعبة في ذلك الوقت لأنه تمت تصفيتي. وخرج خبر في ذلك الوقت ،لا أعرف مصدره، وانتشر، وضجت الدنيا به ، وكان هناك قلق شديد خلال ذلك، وعندما ظهر اسمي على (قناة) الجزيرة اختطاف المحامي ياسر الفرحان م_ن الشارع، وهو في طريقه إلى مكتبه، وتم أخذه إلى فرع الأمن السياسي_ فإن هذا الشيء نفعني. وأنا هنا أوجه نصيحة لجميع الناس الذين خافوا من إعلان خبر اعتقالهم. الناس الذين خافوا على أبنائهم المعتقلين من(إعلان) خبر اعتقالهم: بالعكس هذا الموضوع يشكل حماية، وهذا الموضوع ساعدني، وشكل لي حماية. وشكراً لخالد زيني في المجلس الوطني؛ هو الشخص الذي اتصل بالجزيرة، وجعلهم يكتبون بالخط العريض لمدة أربع وعشرين ساعة خبر اعتقالي. وصدرت بيانات من أجل ذلك. وكل الناس الذين يخضعون أحياناً للاعتقالات يجب أن يكونوا صبورين، ولا يمسكوا(يقروا) على أنفسهم شيئاً. يجب الثبات على الموقف، وعدم إعطاء أي شيء.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/10/14
الموضوع الرئیس
الحراك السلميكود الشهادة
SMI/OH/3-22/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/06/27
المنطقة الجغرافية
محافظة الحسكة-مدينة القامشليمحافظة الحسكة-مدينة الحسكةشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
المجلس الوطني السوري
فرع الأمن السياسي في الحسكة
نقابة المحامين في الحسكة - نظام
سجن الحسكة المركزي