نقل المعدات الطبية والاستعدادات لمعركة طرد قوات النظام من كفرنبل
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:14:16:00
بعد هذه الفترة، وبعد أن بدأت الحواجز تضيّق كثيرًا على المتظاهرين والأهالي قرروا إزالة الحواجز. طبعًا، ليست فئة الثوار، وإنما الفئة الثانية [بمعنى] الانشقاقات التي كانت تحصل من النظام، وتكتل الجيش الحر الذي حصل في ذلك الوقت. وبالنسبة لنا كمنظمة أو تكتل حتى الآن إذا كنا سنموت في ذلك الوقت فنحن مع السلمية، وحتى الآن إذا طلبوا منا أن نرجع إلى الخلف فإننا نرجع، ونخرج، وسنبقى سلميين، حتى لو أننا سنموت مرة أخرى.
الذي أتذكره أنه كلما انشق أحد ما فإنه يخرج، ويعلن انشقاقه، ويكون هناك تنسيق بين الجيش الحر وعدة عناصر أمنية، كان لديهم عدة فروع، [وكانوا يقولون] إذا نحن أرسلنا لكم فاخطفونا (الجيش الحر يعلن خطف عنصر من النظام، ولكن في الحقيقة العنصر اتفق مع الجيش الحر على هذه التمثيلية بغرض الانشقاق عن النظام)؛ كي لا يتأثر أقاربنا بهذا العمل، ونحن نريد أن ننشق، ولكن لا نستطيع أن ننشق هكذا. فكان القليل منهم لديه الشجاعة حتى ينشق عن النظام [بشكل صريح]، ولكن يوجد أشخاص لم يكن لديهم [تلك الشجاعة]، وكان التنسيق [يتم بأن يقول لهم]: اخطفوني، وقولوا: إنني انشققت؛ حتى يبقى في مأمن في الطرقات.
قرروا أن يزيلوا الحواجز. وطبعًا، نحن عرفنا قبل وقت، فهم يخبرون الأهالي حتى يكون لديهم خبر، وحتى يأخذوا احتياطاتهم، وهذه هي مرحلة النزوح الثانية التي حصلت في كفرنبل. ولكن إذا أرادوا أن يزيلوا الحواجز يجب أن يكونوا مهيئين من جميع النواحي، وأقل شيء [من الناحية] الطبية، ولم تستطع صيدلية أن تبيع كميات كبيرة من الأدوية لأشخاص معينين، ولم تكن الأدوية الخاصة بالمضادات الحيوية "والديكلون" والمسكنات، والشاش، والقطن، ومواد التعقيم، وهذه المواد الأولية الخاصة بالإسعافات متوفرة؛ لذلك كان علينا أن نحسب حسابًا [لأي شيء]، وكان يوجد عيادات صغيرة جدًا. رحم الله نهاد البيوش الذي كان ممرضًا، ولكن كان معروفًا عنه أنه أقام عيادة صغيرة؛ لاستقبال أي شخص مصاب، وكان يعالجه بشكل مجاني.
نهاد كان لوحده في العيادة، وكان يوجد عدة عيادات ميدانية، ولكن التي كانت قريبة على حيّنا هي عيادة هذا الشخص الذي أعرفه؛ لأن التواصل كان قليلًا، وفي الأساس لم يكن لدينا "فيسبوك"، ولا مواقع تواصل أخرى، وحتى الهاتف الأرضي قطعوه في النهاية.
قررنا أنه من يستطيع أن يجلب أدوية فليجلب؛ حتى نخزنها، ونضعها في مكان ما، وإذا حصلت إصابات فنحن نعالج [المصابين] بها إذا كنا بحاجتها، قبل إزاحة الحواجز. طبعًا، نحن نعرف في تلك الفترة مع دخول الجيش والأمن للمناطق التي فيها مظاهرات، طرش (نشر) النظام الحواجز في "أوتوستراد" حلب كله حتى الرقة، وهذا الطريق ملأه كله بالحواجز: حواجز للشبيحة، وحواجز للجيش. ولا نعرف ما هو شكلها، ولكن المهم أنه كثف الأمنيات (الدوريات الأمنية) على الطرقات، وأنا أقود سيارة، كان لدي سيارة "بيك أب"، اشتريناها في ذلك الوقت، وكنا نعتبر ذلك ترفيهًا، كانت نوع" زاز دايو" لونها أبيض، وبسبب سوء الوضع المالي وضعنا جهاز غاز مكان خزان البنزين؛ لأن الغاز كان أرخص من البنزين، لذلك كنت أقودها لفترات طويلة، وأقف على الطريق؛ حتى أقوم بتبديل جرة (أسطوانة) الغاز إذا نفذ الغاز، وأكمل طريقي.
وقررت التنسيق مع شباب من مدينة الطبقة، كانوا معنا. وفي ذلك الوقت كانت قبضة النظام مسيطرة أمنيًا بشكل كبير على مدينة الطبقة؛ حيث تجتمع فيها عدة أديان، وتجد فيها اختلاطًا كبيرًا، فيها اختلاط من الناحية الاجتماعية، فيوجد في الطبقة من كل المدن السورية؛ لذلك ليس لديها أبناء أصليون كما قلنا؛ وبالتالي السيطرة الأمنية عليها سهلة جدًا. بمعنى أنهم يخوفون أبناءها فيذهبون إلى مدنهم، ليس لديهم مشكلة، ولكن صار التنسيق في تلك الفترة مع الشباب: أحمد شبلي (أبو البراء)، ومحمد سعيد، ولا أذكر أسماء الشباب الآخرين. وقلت لهم: أنا أريد أن آتي إليكم، ولكن ماذا تستطيعون أن تؤمنوا لنا؟ [فيقولون]: نؤمن لكم أدوات طبية، وإسعافات أولية، وأمورًا كهذه. فقلت لهم: أنا قادمة حتى آخذهم، ويجب أن أذهب إليهم بالسيارة، ولكن لن يوافقني أحد على القيام بهذا الفعل؛ لذلك يجب ان أذهب من دون أن أخبر أحدًا بأنني سأذهب، وأجلب الأدوية، وكانت الحجة أنني سأزور والدي؛ لأن والدي كان مريضًا، فأريد أن أزوره، وأبقى عدة أيام، ثم أعود. وأخذت معي أبنائي: أحمد، ومحمد، ورهف. كانوا صغار، وكان خالد مع الثوار، ونحن كنا لوحدنا، وركبوا معي في السيارة، وذهبنا، وكان كل حاجز يسألني: إلى أين أنت ذاهبة؟ وأحفظ [اسم]القرية التي قبلها أو المدينة التي قبلها؛ حتى لا يظن بأنني قادمة من مكان بعيد، وأقول: إنني آتية من هذه القرية أو المدينة؛ لأن والدي مريض. ويقول: افتحي" التابلو". وعندما لا يجد سلاحًا أغلقه.
نسقنا مع الشباب، ووضعت الأدوية في مقعد السيارة من الخلف، وأخذتها للشباب.
الأمر الثاني: كان يوجد نساء في مدينة الطبقة يقلن لي: يا أم خالد، ماذا تحتاجون؟ مثلًا: قمنا بنسج أعلام ثورة. إذا كانوا يحتاجون إلى قمصان أو يحتاجون إلى بناطيل، أو يحتاجون إلى" إنترنت"، وأي شيء يحتاجونه فنحن جاهزات، هذه خدمة نسائية. حتى أن إحدى البنات كانت قد جمدت لحمًا ودجاجًا وطعامًا، وجهزت لي [ما وزنه] عشر كيلو من هذه المواد مع أرز ولحم، وقالت لي: اطبخي لهم، وأطعميهم. وأنا أخذت الأغراض، وفعلًا، أوصلت الأمانات. وكان ذلك اليوم بالنسبة لي نوعًا من أنواع المغامرة، ونحن لا نفكر أن نخرج عن القطيع، ولكن في هذه المرة خرجت عن القطيع، وتصرفت بشكل فردي، ولم أخبر به أحدًا.
لا أعرف، ولم أكن أفكر في الخطر الذي سيصيبني. ولم أفكر كيف سآخذ الأغراض، ولكنني كنت أفكر متى ستصل الأغراض، فقد يكون هذا تهور، ولكن في النهاية، الثورة تحتاج إلى تهور، وإذا لم نتهور ما كنا لنصل إلى هنا أبدًا. ولم أفكر بأنهم سيمسكون بي، وماذا ستكون خلفية العمل، ولكن كنت أفكر كيف يجب أن أوصل المواد؛ لأننا نحتاجها.
بالنسبة لي، لقد أرسلوها معي، فعندما تسنح لهم الفرصة كانوا يرسلونها، بمعنى أننا كنا على تواصل بهذه الطريقة مع التنسيقيات الأخرى، في المدن الأخرى. طبعًا، لأنني كنت أعيش في مدينة الطبقة استطعت أن أتواصل مع أشخاص فيها.
أذكر أنني عندما كنت أجلب الأدوية في المرة الأخيرة كان أبو خالد معي، ولم يكن عند أبي خالد خبر بأنني سأجلب الأدوية معي. فأخذت السيارة، ووضعت الأدوية تحت المقعد، بعد أن قمت بتبديل جرة (أسطوانة) الغاز، وجهزتها، وكنت أحاول إيهامه بأنني أساعده في تبديلها. وعندما أوصلنا في المرة الثانية -لم أخبره لأن وجهه سيتغير، وهو يخاف جدًا من هذه الأمور، وهو ليس مضطرًا في الأساس لأن يفعل هكذا- وقمت برفع المقعد، وإنزال الأكياس، نظر إليّ، وقال لي: ما هذا؟ فقلت له أحضرت دواء. فاصفرّ وجهه، وقال: كيف تأخذين دواء، وتضعينه تحتي، وأنا معك، ولقد أوقفنا ألف حاجز، ألم تخافي أن يوقفونا ويأخذوننا جميعًا؟ فقلت له: لقد تمت الأمور، ولو أنني أخبرتك فإنهم كانوا سيأخذوننا؛ لذلك لم أخبرك.
والدتي كانت تحب خالد جدًا، وهو من أحفادها المحببين لها كثيرًا، وكان يتواصل مع والدتي كثيرًا من أجل مصلحة، وكان يقول لها: يا جدتي، نحن منقطعون من"الإنترنت" (توقفت الخدمة بسبب عدم الدفع)، أرجو أن تملئي لنا الرصيد؛ لأن الوضع الاقتصادي كان سيئًا جدًا، ولم يبق معهم مال لتعبئة الرصيد. والأمر الثاني: أنهم لا يستطيعون أن يذهبوا إلى محلات "الإنترنت" لشراء باقات، وإذا ذهبوا قد يتم إلقاء القبض عليهم؛ لذلك كان من الصعب عليهم النزول إلى السوق، وشراء أمور كهذه؛ لذلك كانت يتصل بجدته، وهي تحول الرصيد له.
عندما حرروا مدينة المعرة قاموا بفتح "اللابتوب" الخاص بمدير الناحية، وشاهدوا الأسماء المطلوبة من المنطقة لإلقاء القبض عليها عند الحواجز، وكان اسم والدتي من ضمن الأسماء، والتهمة هي تمويل "إنترنت" لخالد العيسى، ووالدتي حتى الآن تضحك، وتقول: هل من المعقول أن تهمتي هكذا؟ فعمري ستون سنة، هل من المعقول أن يضعوا لي تهمة تمويل" إنترنت"؟ وهل هذه التهمة محسوبة إذا حولت لهم "الإنترنت"؟
كانت أمي ترسل لهم- طبعًا، مدينة الطبقة مشهورة بالسمك في سد الفرات- فرخ سمك، لا يقل وزنه عن سبعة كيلو؛ لذلك كانوا يفرحون كثيرًا بالمبادرة من والدتي؛ لأنها كبيرة في السن، وتدعمهم، ولديها فكر ثوري، حتى لو كانت كبيرة في السن. فالثورة ليست ثورة شباب فقط، وإنما ثورة للكبار والصغار والشباب وكل الأعمار، وأما بالنسبة للطبخ فجميعنا لم نقصر معهم، ففي تلك الفترة كان الثوار يمونون على الجميع، وإذا انقطعوا من الحطب فإنه لا مانع من أن يأخذوا حطبًا، وأي شخص قد يقدم لهم الحطب، بمعنى أنهم" شحاذون"، ولكنهم محببون، فإذا طلبوا شيئًا فإنهم يجدونه.
أنا بقيت في موضوع (مسؤولة عن) الطبخ حتى استشهد خالد -رحمه الله- وبقيت أتابع هذا الأمر كل أسبوع مرة على الأقل، كنت أطبخ، وأرسل لهم الطعام. حتى بعد أن أصبح" يو آر بي"، وصار هناك اتحاد مكاتب ثورية. وبعد مزايا، في كل هذا الوقت، كنت أطبخ لخالد كل أسبوع طبقًا، آخذه من البيت حتى يأكل من الطعام الذي حضرته بيدي؛ لأنه لم يكن يجلس في المنزل.
في تلك الفترة، كان وضع الوقود صعبًا جدًا، ولجأنا إلى التحطيب، وكانت المرة الأولى التي أركب فيها (استخدم) موقد حطب في منزلي. وطبعًا، باقي الدول لا يستغربون ذلك؛ لأن الدول الاوربية كلها تستخدم الفحم والحطب حتى تركيا كذلك، فلن يؤلمهم قلبهم كثيرًا من أجلنا؛ لأنهم لا يعرفون أننا في الأساس بلاد فقيرة بالحطب؛ لذلك نتدفأ على المازوت دائمًا.
قمت بتموين مونة الحطب، كانت الكمية 2 طن، وذهبت إلى أهلي في الطبقة زيارة لمدة عشرة أيام، وعندما عدت وجدت أن نصف الحطب مختفيًا، وعرفت أنهم يحتاجونه للتدفئة؛ لأنهم يجلسون في خيم، وليس لديهم مورد آخر للتدفئة إلا أن يوقدوا منقلًا أو موقدًا للتدفئة. وفي النهاية، كلنا نعرف أنهم إذا لم يأخذوا من منزل فلان ومنزل فلان [لن يستطيعوا أن يدفئوا أنفسهم]. ففي النهاية هم صوتنا، وهم أكثر أحد يتعرض للخطر الآن. نحن نجلس في منازلنا، ولكن هم من يجلس في العراء وخارج المنزل.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/10/29
الموضوع الرئیس
النشاط النسوي في كفرنبلكود الشهادة
SMI/OH/114-06/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2011-2012
updatedAt
2024/04/07
المنطقة الجغرافية
محافظة إدلب-كفر نبلشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
مركز مزايا للنساء
اتحاد المكاتب الثورية