الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تأسيس مركز مزايا النسائي في كفرنبل

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:11:26:09

بالنسبة لخالد، ذكرت أنه منذ بداية خروجه في المظاهرات أخذنا قرارًا واحدًا، وأصبحنا معًا بغض النظر عن رأي باقي أفراد العائلة. 

أثناء إزاحة الحواجز في النزوح الثاني لكفرنبل، وبسبب الخوف من القذائف والطيران نزح كل أهالي الضيعة، وأنا لدي قبو مساحته مائتي متر في وسط كفرنبل، فكان الناس ينزلون إليه، ويلتجئون فيه من القصف والطيران. وكنت أرى نسبة كبيرة من الناس يتجمعون في القبو (نساء وأطفال)، ونمضي فترات طويلة في القبو، ويكون في القبو كل اثنتين أو ثلاثة من النساء مجتمعات معًا، ويتكلمن عن قصة، والأولاد يلعبون، ويركضون، مثلًا: هذا الطفل مريض، أو هذه الأم ولدت حديثًا، ولا نجد طبيبًا لنأخذ ابنها الصغير إليه، فقد كان هناك مآسٍ في القبو بالنسبة للناس المجتمعين فيه. 

أصيب خالد في ذلك الوقت بقصف الطيران في قدمه، وكان هناك شظايا، وعندما خرجت من القبو، ورأيت أن خالدًا قد أصيب، وهو يلبس الجلّابيّة، وقدمه معصوبة، وفي يده الكاميرا رغم كل شيء، وكان يعرج على قدمه، فارتعبت؛ وقلت له: ماذا بك؟ فقال: لا شيء، لقد أصبت عندما كنت أغطي القصف. وعندها بقي خالد لفترة ما يتردد عليّ بشكل يومي من أجل أن أعالج قدمه، وأقدم له الأدوية، من ضمن الحديث الذي دار بيننا: أن الناس في هذا التجمع جالسون، وكنا نقدم لهم الطعام والخبز، ونقدم لهم البسكويت، فكنت أشعرهم بأن المنزل منزلهم، وأنا أخجل، لأنه يجب إكرام الضيوف بطريقة أفضل من تلك، ولكن لم يكن باستطاعتي أكثر من ذلك. فقلت له: يوجد أطفال صغار انقطعوا عن التعليم، ويجب أن نخضعهم لدورة إسعافات أولية، مثلًا: نجعل ممرضة تدربهم؛ لأن دورة الإسعافات الأولية كانت أهم شيء في ذلك الوقت، فإذا كان هناك مصاب أو مريض فنحن لا نعرف كيف نتدبر أمرنا، وكانت العيادات المفتوحة أو السبيل للوصول إليها صعب. 

فكرنا بشيء تطوعي بما أن التجمع موجود، يجب أن نعمل عليه (نطوره)، وخاصة بعد أن أزاحوا الحواجز. وهنا يوجد بعض الأمور التي أريد أن أنتقدها: أنني مشيت في شوارع كفرنبل، ووصلت إلى الحواجز، ومررت بجثث بقيت لفترة في الشارع (أكثر من يوم أو يومين)، وقد يكون ذلك لأنني امرأة، وقلبي ضعيف، أو لسنا مواكبين لظروف الحرب، فشعرت أن هذا الأمر سيئ جدًا، فلماذا نجد جثثًا في الأرض؟ ولماذا تبقى لفترة طويلة؟ من المسؤول عن ذلك؟ وهل يجب أن نوصل هذه الجثث إلى مكان ما أم يجب دفنهم؟ وماذا يجب أن نفعل بهذه الجثث؟ ولكن هم في النهاية بشر، بغض النظر عما حدث. وهنا شعرت بالاستياء، فأين الناس؟ ولماذا لا يوجد إجراءات من أجلهم؟ أيًّا كانت هذه الإجراءات. ولماذا الجثث حتى الآن فوق الأرض؟

حصلت الكثير من الأحداث، كنت بعيدة عنها لأنها قريبة إلى مرحلة نصف حرب (تشبه أحداث الحرب)، كنا مختبئين، وكان تعاملنا فقط مع النساء والأطفال أكثر. وذهبت هذه المرحلة، وجاءت المرحلة الثانية، وهي مرحلة الطيران ونقص الخدمات: الكهرباء، و"الإنترنت"، والهواتف، والماء، والكثير من الخدمات توقفت عندنا؛ لذلك نحتاج إلى تعويض، حتى في موضوع التعليم، وأغلب الأطفال لا يذهبون إلى المدرسة؛ لأن الطيران بدأ بالقصف المروحي والبراميل، وكان أهالي الأطفال يخافون أن يرسلوا أبناءهم إلى المدرسة. وكانت الأقبية، فتم طرح فكرة من إيثار علام، وهبة رحال كانت معي، وكنا كادرًا مؤلفًا من ثلاثة، واتفقنا على أن نفعل شيئًا لهؤلاء الناس، بما أن لدينا وقتًا وطاقة للعطاء. فقلت لهم: أنا أقدم للصبايا مبادرة، ونعلمهم دورة" كوافير"(تزيين الشعر)، وأعرف أن الصبايا في ذلك الوقت كانت نفسيتهم متعبة جدًا، وكن منقطعات عن الجامعات وعن المدارس، ويجب أن نقدم لهم جوًا لطيفًا حتى نساعدهم. وقالت إيثار: أنا أرتب الوضع، وأقدم دورة إنجليزي للأطفال الصغار، حتى ولو أنه لم يكن لديّ قدرة أو برنامج تعليمي، ولكنني سأعمل على هذا الموضوع (سأحضره). وقالت هبة: أنا سأعلمهم اللغة العربية. بمعنى أنها ستحاول تعليم طلاب الصف الأول، والثاني، والثالث. وسنقدم دورة محو أمية للنساء الكبار الموجودات. وهذه كانت الفكرة التي طرحناها. 

جاءت بنت، وتطوعت، وقالت: إنها ستقدم دورة إسعافات أولية، وتشاركنا لمدة شهر واحد فقط، ولا تستطيع أن تقدم أكثر من دورة أو دورتين؛ لأن عليها التزامات وعمل. فكانت هذه الدورات هي الأساسية لدينا بالإضافة لدورة صوف بسيطة: مثلًا بنات يمسكن مخرزًا، ويحاولن أن يصنعن سلسلة أو سوارًا أو شيئًا بسيطًا، وأنا اعتبرتها تعليمًا في وقت فراغ وملل، وفي وقت يجب أن نكتسب به معرفة وخبرة، وفي وقت يجب أن نسمع فيه بعضنا.

 وكان يوجد عدة أهداف لهذا العمل؛ لأن لدي وقت فراغ أيضًا، ويجب أن أكون قريبة من هؤلاء الناس. وجمعتنا المحبة، ويجب أن نبقى على قلب واحد، وما يمكننا أن نقدمه فلنقدمه لبعضنا، حتى لو كان في العلم، ونسقنا دورات، وبدأنا كتنظيم، فقد جلبنا مقاعد من روضة قريبة علينا، وأنزلناها، ونظفنا المكان. طبعًا، المكان لم يكن فيه أبواب أو نوافذ، وإنما جدران فقط؛ لأنه قبو، وفرشنا الأرض بالإسفنج والسجاد، وبدأت النساء يأتين بسبب القصف، وتجمعنا، وقسمنا الدورات. والذي فوجئت به هو العدد الهائل الذي جاء من أول طرح على أول دورات بدأنا بها، وهي دورة" الكوافير"، ومحو الأمية، والإسعافات الأولية. وكانت الأعداد -في الدورة التي قدمتها- تبلغ أكثر من خمس وسبعين بنتًا وامرأة. طبعًا، أنا لا أستطيع أن أعطي لهذا العدد الهائل؛ لأنه من الخطأ أن تبدأ دورة (تدريب) لخمس وسبعين شخصًا [معًا]، ويجب أن يكون العدد سبعة أو ثمانية حتى يستوعبوا [الدرس] ولكن كانت الغاية هي أن أجمعهم، وكانوا فرحين لأنهم يأخذون دورة (يتلقون تدريبًا)، ويملؤون وقت فراغهم، ويكسبون الوقت. وفي نفس الوقت، كنت أرى بنات يبدين اهتمامًا بمهنتي؛ لأن مهنتي لن تتوقف بسبب ظروف الثورة؛ لأن الناس لن يتوقفوا عن حب بعضهم أو عن الزواج. أو أن النساء لن يتوقفن عن التزين، أو لن تتوقف البنت عن وضع الكحل والحمرة، وهذا الموضوع كان بالنسبة لنا مهمًا، ربما لدى غيرنا يكون عاديًا، ولكن من المهم جدًا أن يكون في الحياة ألوان ومتابعة واستمرارية، وألا نتوقف عن الحياة، حتى لو كان هناك طيران وخوف وقتل. 

بقيت لفترة ثلاثة شهور مع البنات (الكادر الذي كان معي) نعمل، ونحن سعيدات جدًا، والبعض اتهمنا بالجنون، وبأننا متفرّغات، والبعض اتهمنا بالغموض، وهذا أمر جديد بالنسبة لكفرنبل، أن يحصل فيها تجمع نسائي كبير بشكل يومي ودروس خارج نطاق الحكم أو خارج نطاق النظام والدولة، وأننا نقوم بشيء مخالف للقانون؛ لأننا من قبل كنا نحتاج إلى موافقات، ويجب أن تكون [الواحدة منا] من الحزب، ومنتمية إلى الاتحاد النسائي؛ حتى تقوم بهذه الأمور. كانوا يقولون: هل أنتم مجانين؟! وهذا الصالون، وهذه الدورات التي تقومين بها تدرّ عليك الكثير من المبالغ المالية، فلماذا تقومين بها بشكل مجاني، وقد أغلقت منزلك، وضيعت وقتك هنا، والناس الآخرون يقولون: ماذا تفعل النساء في القبو، وكن يتجمعن كل يوم. وطبعًا، هذا الشارع أصبح مثل المظاهرة تقريبًا، وبشكل يومي هناك نساء خارجات ونساء داخلات لمدة خمس ساعات. 

 في إحدى المرات، تجمعت في القبو مائة وخمسون امرأةً وبنتًا في ذلك الوقت، ولكنني كنت سعيدة جدًا؛ حيث أصبح هناك أحد يسمعني عندما أتكلم، ولأنني أعمل. وهذا هو التوجه الذي طلبته، وهذا هو المكان الذي أحتاجه، وأريد أن أساعد من هذا المكان.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/10/29

الموضوع الرئیس

النشاط النسوي في كفرنبل

كود الشهادة

SMI/OH/114-07/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2012

updatedAt

2024/04/07

المنطقة الجغرافية

محافظة إدلب-كفر نبل

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

مركز مزايا للنساء

مركز مزايا للنساء

الاتحاد النسائي العام

الاتحاد النسائي العام

الشهادات المرتبطة